المقالات -
الحملات الالكترونية في سباق الانتخابات الرئاسية

: 849
الخميس,17 ابريل 2014 - 05:37 ص
د.عادل عبد الصادق*

تحولت الشبكات الاجتماعية إلى منصة هامة لشن الحملات الالكترونية في السباق الرئاسي سواء أكانت المؤيدة لمرشح ما أو المعارضة له أو الداعية إلى المقاطعة او التي تستهدف شن الحرب النفسية بالعمل على وقف المسار السياسي،

الحملات الالكترونية في سباق الانتخابات الرئاسية
اضغط للتكبير
 ،وهو الأمر الذي نقل الحملات الانتخابية من الحائط والشارع إلى ساحات الشبكات الاجتماعية مستفيدة باتساع قاعدة المستخدمين وبسهولة توظيف الرسالة الإعلامية في عملية التأثير في الناخبين ودفعهم الى المشاركة السياسية.
 

تنافس على عقل وقلب الناخب


تستخدم الشبكات الاجتماعية في شن الحملات الالكترونية لرخص التكلفة وسهولة تكوين ونشر الصور والفيديوهات الدعائية،وإتاحة الفرصة لكسر فترة الصمت الانتخابي وضعف الرقابة على سقف التمويل ،وهو ما يمثل تجاوز لقيود اللجنه الانتخابية المشرفة على الانتخابات،وتمثل الحملات الالكترونية تحولا في مجال الدعاية الانتخابية عبر  قدرة الفاعلين السياسيين في التعبئة والحشد والتأثير في توجهات الناخبين وتغطية عملية التصويت والرقابة وإعلان النتائج واتاحة الفرصه لمشاركة المتطوعين في تنظيم الفاعليات الانتخابية الى جانب الحملات الرسمية للترويج  لحملة داخل عبر الروابط الشبكية و التجمعات الإلكترونية،ولا تميز  العضوية بها على أساس العمر أو الجنس أو الدين أو الموقع الجغرافي،وهو ما يجعلها ساحة مفتوحة للتعبير عن تنوع وجهات النظر وبمدى تمثيلها في الشارع السياسي .
ومدى جذابيتها في نشر الدعاية  عبر عدة طرق منها إطلاق مواقع للانترنت للمرشحين أو قنوات على "اليوتيوت" أو بتدشين صفحة رسمية على الفيس بوك اوحساب على تويتر،ويتم استخدام عدد المشاهدات أو عدد المعجبين للصفحات أو التغريدات والهاشتاج على تويتر كمؤشر على نجاح الحملة الالكترونية
وما يزيد من تأثير ذلك تحول شبكات التواصل الاجتماعي إلى مصدر للإخبار للصحف وللقنوات الفضائية ،وهو ما يزيد من تأثيرها في توجهات الشباب وهم القاعدة الانتخابية العريضة والأكثر استخداما وناشطية وتأثرا بالأوضاع  الاقتصادية والأمنية،وارتباط ذلك بعدم وجود مؤسسات تمثيلية منتخبه تمارس الرقابة والتعبير عن المطالب وهو ما يعزز دور الشبكات الاجتماعية في المرحلة الانتقالية،وفي ظل بيئة جديدة تتميز بوصول عدد مستخدمي الانترنت إلى 40 مليون ووصول مشتركي الفيس بوك الى ما  يزيد على 17 مليون مستخدم ويتابع 35%  من مستخدمي الانترنت  "تويتر". فضلا عن ما يزيد على 90 مليون مشترك في الهاتف المحمول.
ويمتلك الفاعلين في الحملات الالكترونية القدرة على مخاطبة وصياغة اهداف الجمهور  والتلاحم مع مشاكله بدرجة اكبر وأسرع من المؤسسات الإعلامية التقليدية والتي ينعكس نمط ملكيتها على أدائها الإعلامي.
وحظيت الحملات الالكترونية على كثير من الأهتمام من قبل المرشحين والذين يتسابقون على اطلاق حملتهم الالكترونية عبر تدشين المواقع الرسمية والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن برنامجهم الانتخابي وانجازاتهم ورؤاهم للمستقبل والرد على منتقديهم وتغطية نشاطهم الإعلامي من مؤتمرات أو تغطيات لنشاطه في الصحف المختلفة،وتعزز  الحملات الالكترونية من القدرة على التأثير في جمهور الناخبين عبر تعبئة المؤيدين الحالين أو جذب مؤيدين جدد أو التأثير في المعارضين الاخرين.
حدود الفاعلية في التعبئة الانتخابية
تحولت  الحملات الالكترونية الانتخابية الى سلاح في ادارة الصراع السياسي بين الفرقاء السياسيين، وتراوح ذلك ما بين استخدامها كوسيلة للدعاية الانتخابية  أو للعمل على وقف المسار السياسي برمته عبر تنشيط دور اللجان الالكترونية في استخدام الدعاية السوداء، وهو ما يعبر عن دخول اطراف اخرى مجال الحملات الالكترونية بين المرشحين من اجل تحويلها إلى طابع احتجاجي وانتقامي.من قبل نشطاء من "أنصار جماعه الإخوان المسلمين "،الذين لديهم خبرة في  توظيف القدرات التقنية والتسويقية لتسريع الانتشار الكمي للحملات الالكترونية في نشر الشائعات والحرب النفسية والسب والقذف أو نشر المعلومات الخاطئة أو فبركة الصور أو الأخبار أو الفيديوهات لتوظيفها سياسيا لشحن الرأي العام ليس فقط المحلي بل العالمي ايضا ضد العملية السياسية ،ويأتي ذلك مع صعوبة قيام الأجهزة الأمنية بحجب صفحات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي مقارنه بحجب المواقع الالكترونية،وعدم تبني قانون لمكافحة الجريمة الالكترونية.وهو ما يفتح الطريق إلى القرصنة السياسية بين الفرقاء باللجوء إلى الاختراقات  الالكترونية المتبادلة،وهو ما يعبر عن عدم وجود ثقافة الاختلاف واحترام حرية الرأي والتعبير،
ولا ينبغي أن تقاس قوة الحملات الإلكترونية بعدد المشاركين فيها أو عدد الاعجابات على الفيس بوك أو بحجم التغريدات أو الهاشتاج ،وقد يكون جزء كبير منها اقل من السن الانتخابي أو ممن لا يحملون الجنسية المصرية أو وجود اعجابات وهمية أو وجود حسابات مكرره لنفس الشخص . وحيث انه لا يتم ترجمة قوة الحشد الالكتروني هذه بالضرورة إلى أصوات انتخابية او قوة سياسية فعلية في ظل افتقاد الحملات الالكترونية الطابع المؤسسي بما يجعلها تنتهي مع فوز او خسارة المرشح. وقد يؤثر النشاط الالكتروني سلبا في المشاركة السياسية الفعلية في العملية الانتخابية عبر إتاحة فرص للتنفيس السياسي.ويؤثر الحجم الهائل من التفاعلات الاتصالية حول الحملات الالكترونية الى التضخيم من حجم تأثيرها لتُعطي انطباع زائف بانتشارها على نطاق شعبي جارف.
فرص التوظيف السياسي الناجح
تلقى الحملات الالكترونية اهتمام كبير من المرشحين في الانتخابات الرئاسية نظرا إلى صعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية والى المزايا التي توفرها في خدمة الدعاية الانتخابية والى طبيعة الفئة الانتخابية المستهدفة من الشباب والى جانب اطلاق الشعارات الانتخابية مثل اعادة استخدام شعار "واحد مننا " لحمدين صباحي،وشعار "تحيا مصر " لعبد الفتاح السيسي،ويرتبط نجاح الحملات الالكترونية في التأثير في الناخب بقدرتها على الانتقال من الطابع الالكتروني إلى ارض الواقع في شكل فاعليات انتخابية موازيه،ومخاطبة العقل بدلا من العاطفة والالتزام بالمصداقية والسرعة في ردود الأفعال ،والتي تعمل على دعم الالتصاق بمطالب الناخبين الفعلية من اجل كسب ثقتهم وتحفيزهم على المشاركة الايجابية عبر الذهاب الى صناديق الاقتراع،وهو ما يفرض القيام بادارة حملة الكترونية انتخابية ذكية وواعية تأخذ في اعتبارها ، أولا، استخدام  الحملات الالكترونية في الانتخابات لكافة المحفزات الوطنية والاستمالة العقلية والعاطفية لزيادة قدرتها على اقناع الناخبين
وثانيا ، عززت شبكات التواصل الاجتماعي من فرص الرقابة الشعبية والدولية على أداء المرشحين والعملية الانتخابية برمتها،وثالثا، يتوقف نجاح الحملة الالكترونية على المصداقية والتنظيم الجيد وتوزيع الادوار بما يجعل ردود الأفعال ذات طابع تنظيمي وليس عشوائي ،
ورابعا ،أن مواجهة الحملات الالكترونية المسيئة أو المغرضة لا يجب إن يتم التعامل معها امنيا فقط عبر حجب الروابط الالكترونية بل يجب إن يتم التركيز على الحل السياسي بمواجهة الأفكار بأفكار أخرى مضادة وتنوع الادوات الاعلامية،
خامسا ، اهمية تركيز الخطاب الانتخابي المستخدم في الحملة على أولوية القضايا الوطنية والأكثر التصاقا بمعاناة المواطنين كالتعليم والصحة والبطالة وسيادة القانون ومكافحة الفساد،سادسا ،تبني نشر  خطاب إعلامي يرتكز على عدم الإقصاء السياسي وأهمية التوافق الوطني والمصالحة الوطنية وحيادية مؤسسات الدولة في الانتخابات ،سابعا ، أهمية احترام حرية الرأي والتعبير على شبكات التواصل الاجتماعي وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي وهو ما يعمل على ترشيد استخدام تلك الادوات الجديده .
ثامنا،ادراك عملية تحول الحملات الالكترونية إلى وسيلة ضغط ليس فقط من جانب القوى التقليدية بل من قبل قوى جديدة ونشطاء أكثر ذكاء ومراقبة لأداء المرشحين، ولديهم القدرة على النقد والتأثير والحشد والتعبئة.
وتاسعا ،ترتبط نجاح الحملة الالكترونية بمدى تعبيرها عن الواقع وعن أولويات الرأي العام  وهو ما يمنع تعرضها إلى التلاشي وضعف الانتشار والتأثير أو بتحولها إلى ظاهرة إعلامية سرعان ما تنتهي.
عاشرا ،ان عمليات الحشد الالكتروني وراء افكار او مرشحين لا يتم ترجمته بالضرورة الى قوة تصويتية ولكنها قد تشكل غطاء سياسي يستخدم في الدعاية ويمكن توظيفة في مرحلة ما بعد الانتخابات
.وأخيرا ، اهمية ادراك المرشحين ان المجتمع اصبح يمتلك ادوات جديدة للتعبير عن مطالبه وتعزيز قدرته في الـتأثير على عمليات الحشد والتعبئة ومن ثم فان المصداقية واحترام عقولهم مفتاح الاستحواذ على قلوبهم.
*
   الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني  
adelsadek@hotmail.com

نقلا عن جريدة الاهرام في 18-4-2014


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • التهديدات السيبرانية المتزايدة تثير شواغل ملحة حول الاستقرار المالي
  • الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ