الدوريات - مفاهيم استراتيجية
حوكمة الانترنت

: 2394
الخميس,3 يوليو 2014 - 03:48 ص
http://sitcegypt.org/

يمثل الإنترنت مرحلة تاريخية جديدة غيرت شكل العالم، بعد اختراع التلغراف والهاتف والراديو والكمبيوتر هذه التكنولوجيات مهدت الطريق للتكامل والدمج بين وسائط الاتصال. ويوفر الإنترنت البنية التحتية لانتشار المعلومات على نطاق غير محدود

حوكمة الانترنت
اضغط للتكبير

يمثل الإنترنت مرحلة تاريخية جديدة غيرت شكل العالم، بعد اختراع التلغراف والهاتف والراديو والكمبيوتر هذه التكنولوجيات مهدت الطريق للتكامل والدمج بين وسائط الاتصال. ويوفر الإنترنت البنية التحتية لانتشار المعلومات على نطاق غير محدود، ومن خلاله يمكن القيام بعمليات التواصل واكتساب المعلومات، فالإنترنت آلية لنشر المعلومات بشكل فوري. ويُعَرَف الإنترنت بأنه”شبكة الشبكات” فالإنترنت عبارة عن مئات الشبكات المترابطة التي تعمل على ربط مئات الملايين من أجهزة الكمبيوتر، والأجهزة اللوحية، والهواتف في جميع أنحاء العالم. فالإنترنت شبكة عالمية، ولا مركزية، وفي تطور مستمر.

تُشكل القضايا والسياسات المتعلقة بالإنترنت التحدي الأكبر لجمهور المتعاملين، فالإنترنت متوغل في كافة جوانب الحياة اليومية، فعبره يتم التواصل بين الأفراد، والتعبير عن الرأي وتبادل المعلومات، وإنجاز المعاملات التجارية والبنكية، وعليه فقد أصبح الحديث عن كيفية إدارة والتحكم في الإنترنت أمراً ملحاً سواء فيما يخص المعايير التقنية، أو تشغيل البنية التحتية، أو عمليات التنظيم والتشريع، أو القضايا الاقتصادية، أو قضايا التنمية.

يعتبر مفهوم “حوكمة الإنترنت” من المفاهيم الحديثة نسبياً، فهو من المفاهيم الأكثر جدلاً بسبب طبيعة الإنترنت المعقدة، وحتى الآن لا يوجد تعريف موحد، فالتعريف يضيق ويتسع وفقا لرؤية الطرف القائم بالتعريف، فقد يشمل التعريف عملية إدارة وتنسيق الأسس التقنية المتعلقة بالبروتوكولات Internet Potocol ونظام النطاقاتDomain system ، وقد تتسع النظرة لتشمل قضايا مثل الملكية الفكرية، والخصوصية، وحرية الإنترنت والأمن السيبراني.

ظهر مفهوم “حوكمة الإنترنت” لأول مرة على المستوي العالمي في “القمة العالمية لمجتمع المعلومات” والتي انعقدت وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار رقم

56/183 ). وتم تنظيم القمة العالمية على مرحلتين جنيف12-10 ديسمبر 2003، وتونس 18-16 نوفمبر 2005وذلك من أجل فتح حوار ونقاش واسع النطاق بهدف تعزيز وتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومحاولات تحقيق التعاون على المستوي الدولي والإقليمي في هذا المجال.

بدأ الحديث في هذه القمم عن “إنترنت مفتوح” على أساس المشاركة في صنع السياسات والمعايير وبالتعاون مع الأطراف المختلفة المعنية بشبكة الإنترنت، ومن أجل “تعزيز التعاون” بين الأطراف المختلفة. وقد تم وضع العديد من المعايير التي تنص على أن إدارة الإنترنت يجب أن تكون متعددة الأطراف (بمشاركة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية) وأن تقوم قواعد وإجراءات اتخاذ القرار على أسس الشفافية والديمقراطية. وكانت هذه القمة هي أول لقاء يجمع بين ممثلين عن المجتمع المدني، وأكاديميين، وعديد من الأطراف المعنية، لمناقشة أهمية الإنترنت وكيفية تطويره وإدارته. وفي أكتوبر 2004 أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة عمل من أجل وضع مقترح عمل لحوكمة الإنترنت، أوكل إليها مهمة وضع تعريف موحد لمفهوم حوكمة الإنترنت، ووضع قائمة بالقضايا المتعلقة بحوكمة الإنترنت، والتمهيد لإنشاء منتدى لحوكمة الإنترنت، وعرضت نتيجة عمل هذه المجموعة الاستشارية في قمة تونس 2005. حيث عَرّفت حوكمة الإنترنت بأنها “التطوير والتطبيق الذي تقوم به الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتضطلع كل منهم بالدور الخاص بوضع المعايير والقواعد المشتركة واتخاذ القرارات والإجراءات والبرامج التي تشكل تطوير الإنترنت”، وتم الاتفاق على إنشاء “منتدى حوكمة الإنترنت” (IGF) والذي أُنشئ كهيئة لأصحاب المصالح المختلفة، تحت رعاية الأمم المتحدة، من أجل دعم الحوار والمناقشة المفتوحة حول السياسات المتصلة بالإنترنت في اجتماعات سنوية. حيث عقد المنتدى ثمان قمم منذ تأسيسه: في أثينا عام 2006، وريو دي جانيرو عام 2007 ، وحيدرأباد عام 2008، وشرم الشيخ عام 2009 ، وفيلينوس عام2010 ، ونيروبي عام 2011، وباكو عام 2012، وبالي عام 2013

طبيعة الإنترنت

يمكن القول أن الإنترنت غير مملوك لأحد أو يملكه الجميع. فالإنترنت يتكون من أجزاء كثيرة لكل منها مالك وتؤثر طريقة إدارة هذه الأجزاء على تجربة الإنترنت الخاصة بمستخدميه المختلفين. تعتمد شبكة الإنترنت بشكل كبير على البنية التحتية العامة، ويتم تشغيل الشبكات من قبل شركات ومؤسسات توفر الكابلات العابرة للحدود. أما الجزء الخاص بالوصول للإنترنت فيتم من خلال مقدمي الخدمة لقاء رسوم. كما توجد الشركات التي تقدم خدمات محددةعبر الإنترنتمثل ياهو، وتويتر، وفيسبوك، وجوجل وغيرها، والتي تتحكم في الجزء الخاص بتقديم هذه الخدمات، وتخضع هذه الشركات لسلطة الدولة التي تعمل بها. وأخيرا متلقي هذه الخدمات(مستخدمي الإنترنت)

يعتبر الإنترنت نظام معقد وذلك لأنه ينطوي على العديد من القضايا، والفاعلين، وعلى إجراءات وآليات مختلفة .

internetbuild

تعبر طبقة المعايير عن إمكانية الولوج للشبكة (البنية التحتية للاتصالات). وتعبر الطبقة التقنية عن البروتوكولات وتسمية وترقيم الإنترنت (عملية تشغيل الإنترنت). وطبقة المحتويات تعبر عن المواضيع والإشكاليات الناجمة عن استخدام شبكة الإنترنت مثل حقوق الملكية الفكرية، والجريمة الإلكترونية، والسخام (البريد المزعج)، والمكتبات الرقمية وغيرها، وتعكس الطبقة الاجتماعية تأثيرات الإنترنت على نطاق أوسع من القضايا مثل الثقافة والهوية وحقوق الإنسان ومبادئ حيادية الشبكة. [1]

ووفقاً لذلك يمكن تقسيم عملية إدارة والتحكم في الإنترنت، لشق التقني: وهو الذي يسمح للإنترنت بالتشغيل والعمل، ولشق سياسي واقتصادي واجتماعي: وهي القضايا التي تتعلق بالإنترنت مثل الملكية الفكرية، وإنفاذ القوانين، وحرية التعبير، والأمن السيبراني، والتصوير الإباحي للأطفال وكيفية حماية النشء، وهذا التقسيم لأغراض التبسيط والتخصيص ولكن على أرض الواقع يتداخل الشقين في كثير من الأحيان.[2]

وكما يمكن تصنيف المعنيين بشبكة الإنترنت إلي خمسة قطاعات رئيسية. القطاع الأول: قطاع المتخصصين في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية والذي يرى أن عملية حوكمة الإنترنت هي عملية إدارة وتنظيم وتطوير البني التحتية والتقنية للشبكة، والقطاع الثاني: قطاع المتخصصون في مجال الحاسبات الآلية ويهتم بحوكمة الإنترنت فيما يتعلق بالمعايير والتطبيقات الموجودة على الشبكة مثل “لغة البيانات الترميزية” *XmlEXtensible MarkupLanguage” ، وتطبيق “لغة برمجة الحاسوب” “Java” وغيرها، والقطاع الثالث: وهو القطاع المهتم بعملية التواصل في حد ذاتها ويرى أن حوكمة الإنترنت لابد أن تضمن وتسهل عملية التواصل بين الأفراد، والقطاع الرابع: وهو قطاع المدافعين عن حقوق الإنسان ويهتم بتنظيم قضايا مثل حماية حرية التعبير، والخصوصية، وغيرها من الحقوق الأساسية، وأخيراً القطاع الخامس: وهو قطاع السياسيين ويهتم بعملية حوكمة وإدارة الشبكة من أجل استخدامها في تحقيق التنمية والتطوير أو في مواجهة التهديدات المتعلقة بأمن الإنترنت.[3]

الأطر والكيانات التي تعمل من اجل تنظيم الإنترنت

إن النظام الحالي لإدارة الإنترنت نظام معقد؛ حيث يغطي مجموعة من القضايا المتعلقة بالمعايير التقنية وقابلية التشغيل البيني، وقضايا مثل الأمن السيبراني، وحرية التعبير، والتنمية، والخصوصية، والملكية الفكرية، والهيئات التي تتعامل مع هذه القضايا.[4]

قد بدأت شبكة الإنترنت كمشروع حكومي أمريكي، ففي أواخر ستينيات القرن العشرين دعمت الحكومة الأمريكية تطوير “مشروع وكالة الأبحاث الدفاعية المتقدم” ومع إختراع مايعرف بـ)(“TCP/IP”* في منتصف سبعينيات القرن العشرين، تطورت هذه الشبكة لتصبح الإنترنت بمفهومه الحالي. وكانت أول محاولات تنظيم هذه الشبكة متعلقة بالجزء التقني الخاص بالبروتوكولات لذلك في عام 1986 أُنشأ”فريق عمل هندسة الإنترنت”Internet Engineering Task Force(IETF)[5]. واستمرت عملية تطور الإنترنت من خلال البنية التحتية للشبكة المنشئة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية. وفي أوائل تسعينيات القرن العشرين منحت الحكومة الأمريكية سلطة الإشراف على أسماء النطاقات فيما يخص الاستخدامات المدنية “لمؤسسة العلوم الوطنية” National Science Foundation. ومع زيادة استخدام الإنترنت في القطاع الاقتصادي وزيادة دوره كوسيط في المعاملات اليومية للأفراد والشركات والحكومات بدأت “الإدارة القومية للاتصالات والمعلومات” تهتم بتنظيم عمل الإنترنت.

ففي عام 1998 أُنشئت هيئة الإنترنت للأرقام والأسماء المُخصصة(ICANN)، عن طريق مذكرة تفاهم مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وأصبح مقرالهيئة في كاليفورنيا. وهي كيان غير هادف للربح، مفتوح للخبراء بالأساس ومختلف الأطراف المعنية[6]“وتتشكلعضويته من أعداد مختلفة من المجموعات، وكل منها يمثل اهتمامات مختلفة على الإنترنت ويسهم في عملية اتخاذ القرار. وللآيكان منظمات داعمة وتتشكل من ثلاث أنواع : المنظمات التي تتعامل مع عناوين”IP”والمنظمات التي تتعامل مع أسماء النطاقات، ومديرو النطاقات عالية المستوى، ثم هناك أربع “لجان استشارية” والتي تمد الآيكان بالمشورة والتوصيات فقط. وهي: لجنةالحكومات ومنظمات المعاهدات الدولية[7](اللجنة الاستشارية الحكومية كممثلة لأغلب الحكومات الوطنية مكونة من113 دولة والتي تقدم توصيات ومقترحات غير ملزمة للشركة لتشارك في عملية صياغة السياسات الخاصة بالإنترنت)[8]. مشغلوا خوادم الجذر، وتلك الهيئات المهتمة بأمان الإنترنت، كما يوجد داخل الآيكان “جماعةالوصل التقنية”* والتي تعمل مع المنظمات على ابتكار أساسيات تكنولوجيا الإنترنت”[9].

org-chart-1800x1000-04mar14-en

الهيكل الإداري للآيكان مكون من 21 عضوًا: يحق لخمسة عشر عضواً منهم فقط التصويت، وستة من جماعات الوصل ليس لهم حق التصويت. أغلبية الأعضاء الذين لهم حق التصويت (ثمانية منهم) يتم اختيارهم من خلال لجنة ترشيح مستقلة(وفقا لتعريف الآيكان) والباقون أعضاء مرشحون من المنظمات الداعمة. وتؤخذ القرارات النهائية داخل الآيكان من خلال مجلس الإدارة. أما رئيس الآيكان ،فهو المدير التنفيذي للشركة، ويدير العمل داخل الآيكان، ويساعد في عمليات التنسيق والإدارة ويعمل على تطبيق كل المناقشات المختلفة والقرارات التي وضعت من قبل المنظمات الداعمة واللجان الاستشارية. بالإضافة إلي أمين المظالم (ombudsman)المسئول عن مراجعة عمل الشركة والطاقم ومجلس الإدارة وهو مستقل في عمله وفقا للوائح الآيكان” .ولكن ظلت هيمنة الحكومة الأمريكية على الشركة مثارً لخلاف أصحاب المصالح المختلفة، وحاولت الشركة الابتعاد عن سلطة الولايات المتحدة واستجابة لذلك أعلنت الحكومة الأمريكية في 2009 ما يُعرف بـ”تأكيد الالتزامات” وإنهاء المراقبة الأحادية من جانبها وأصبحت الشركة تدار بواسطة مجلس إدارة دولي، ولكن ظل للإدارة القومية للاتصالات والمعلومات ،وهي إدارة تابعة لوزارة التجارة الأمريكية، امتياز الموافقة النهائية فيما يخص التغيرات والتطورات الخاصة ب DNS “نظام أسماء النطاقات”* ، وTLD ”
ويبين العرض السابق إختلاف وتطور آليات تنظيم الإنترنت، فمع بداية ظهور الإنترنت كان هناك مستوى أدنى من المحاولات لوضع معايير مشتركة متمثلة في محاولة تنظيم الجزء التقني (الطبقة الثانية من نمذجة الإنترنت أنظر الشكل رقم (1): “سلطات الرقم” ”IP” internet protocol (يعمل الإنترنت بسبب وجود مجموعة من القواعد تسمى البروتوكولات، فعن طريق هذه البروتوكولات يمكن لأجهزة الكمبيوتر إرسال المعلومات عبر شبكة الإنترنت إلي أجهزة كمبيوتر أخرى، ولكل جهاز رقم بروتوكول مختلف ويستحيل وجود جهازين بنفس الرقم، ومع تطور شبكة الإنترنت يتم تغيير هذه البرتوكولات، وحالياً يوجد نوعين من البرتوكولات المستخدمة IPv4)، IPv6) مثال بروتوكول “جوجل” هو :173.194.39.81 وللتسهيل على المستخدمين يتم استخدام الأحرف “”google ويقوم ال”DNS” الخاص “بجوجل” 8.8.4.4 بتحويل الأحرف لأرقام.
وللآيكان دور كبير في تنظيم البروتوكولات، ويوجد نظام تسجيل البروتوكولات على المستوى القاريRegion Internet Register(RIR)، وعلى المستوى المحلي National Internet Registers(NIR) . ثاني عملية في الجزء التقني هي المتعلقة ب”تسجيل اسم النطاق”Domain name (هو اسم يستخدم على الإنترنت والشبكات لتمثيل جهة معينة الكترونياً، وتستخدمه الجهة للدلالة على اسمها، أو أقسامها أو فروعها، أو للدلالة على خدماتها أو أسماء أجهزتها، أو حتى عناوين البريد الالكترونية الخاصة بها) . ويوجد 3 أنواع لأسماء النطاقات وهما “المستوى الأول لتسمية النطاق” (gTlD) generic Top Level Domain مثال .com، .infoويوجد (ccTLD) “المستوى الثاني لتسمية النطاق”“country code Top Level”مثال “.Uk. ويوجد “المستوى الثالث لتسمية النطاق” sponsored Top Level Domain (sTLD) وهي تعبر عن شركة أو مؤسسة أو مركز، وفي هذه الفترة ظلت الهيئات والمؤسسات تهتم بهذه المجالات الشكلية والتقنية.
ومع تطور استخدامات الإنترنت و”انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات”، بدأ الإهتمام بالقضايا الناتجة عن استخدام شبكة الإنترنت (الطبقة الثالثة من نمذجة الإنترنت انظر الشكل رقم 1). ففي عام 2007 بدأت الآيكان تهتم بالقضايا المتعلقة بالسياسات العامة ومحتوى الإنترنت مثال “السخام” (البريد المزعج) : هو البريد الإلكتروني التجاري غير المرغوب فيه، والاهتمام بالجرائم الإلكترونية وقضايا حماية المستهلك. وقضايا “الأمن السيبراني”: الذي يشمل على سبيل المثال أمن المعلومات على أجهزة وشبكات الحاسب الآلي، بما في ذلك العمليات والآليات التي يتم من خلالها حماية معدات الحاسب الآلي، والمعلومات، والخدمات، من أي تدخل غير مقصود أو غير مصرح به سواء عن طريق قراصنة الإنترنت، أو مجرمين، أو إرهابيين، يستهدفون معلومات خاصة بشركات، أو حكومات، أو مؤسسات عسكرية . كما وجدت قضايا تتعلق بحماية حقوق المؤلف، والعلامات التجارية. ومن ثم بدأت المؤسسات والهيئات المهتمة بشبكة الإنترنت باتخاذ قرارات بشأن المبادئ التوجيهية المشتركة، ومحاولة التوفيق بين البرمجيات ولكنها لا تمتلك سلطات قانونية ملزمة ولا يمكنها فرض المعايير التي تم الاتفاق عليها، كما أنها لا تمثل مجتمع مستخدمي الإنترنت بالكامل.

الجهود المبذولة في مجال حوكمة الإنترنت

يتسم الوضع الحالي للإنترنت بكونه “صناعة” يتم التحكم فيها من أجل خلق منافع اقتصادية، حيث توجد شركات لتسجيل النطاقات، ومزودي خدمة الإنترنت، وشركات للاتصالات توفر البني التحتية لتشغيل الإنترنت (verzon (and AT&T، ومطوري البرمجيات مثل ((oracle, Microsoft, Adobe، وشركات تهتم بمحتوى الإنترنت مثل “جوجل” وشبكات التواصل الاجتماعي، والاهتمام بقضايا الخصوصية وحماية المعلومات والبيانات. كما يتسم الإنترنت أيضاً “باللامركزية” حيث لا يوجد له مالك أوحد، فهو متعدد الأطراف، وتعتمد أجزاء كثيرة منه على العمل الطوعي. وتتعدد الأطراف المعنية بشبكة الإنترنت سواء الحكومات، وقطاع الأعمال، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية (الاتحاد الدولي للاتصالات، اليونسكو التي تهتم بالجانب الثقافي على شبكة الإنترنت، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي). وظهرت محاولات للوصول لاتفاق عام من خلال المؤتمرات الدولية أو الجماعية. ولكن مازال هناك قصور في هذا النظام، نظراً لوجود جماعات غير ممثلة أو أقل تمثيلاً، مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والأقليات، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ووجود معوقات متمثلة في التكلفة “تكاليف الترابط الدولي” (فالتكلفة تحدد إمكانية الاتصال بشبكة الإنترنت وخاصة في الدول النامية، ويتصل بذلك قضية تمويل الجهود الرامية إلى عبور الحواجز الرقمية)، والخبرة واللغة ( فيما يتعلق بالمحتوى المحلي الخاص بكل دولة والمنشور على شبكة الإنترنت)، وأيضا ما يعرف بـ”الفراغ السياسي” وهي ما تقوم به الحكومات الوطنية من تشريعات مختلفة وفي أحيان كثيرة متعارضة مع التشريعات العالمية (مثال لذلك دولتي إيران والصين)، ومع عدم وجود مؤسسات فعالة لوضع سياسات عالمية متخصصة تحدد شكل وإجراءات محددة يتم العمل وفقاً لها.
كان التساؤل هل الحل هو إصلاح الوضع القائم أم التغيير الجذري لعمليات إدارة الإنترنت؟! هناك من يرى أن السمات التي تحدد عملية إدارة الإنترنت صحيحة ولكنها تحتاج لتطوير وهو الرأي الذي تبنته بعض جماعات المجتمع المدني وأخذت تدعو إلي تطوير النظام الحالي بزيادة مشاركة أصحاب المصالح المختلفة، وتوسيع دوائر اتخاذ القرار والدعوة لتطوير “منتدى حوكمة الإنترنت” وأن تمنح له سلطة التواصل مع الأطراف المعنية عبر الحدود، والعمل على زيادة مشاركة الدول النامية وتقديم يد العون لها فيما يخص عمليات حوكمة الإنترنت، وبالتالي دعت هذه الجمعيات إلي إعادة تشكيل أهداف المنتدى، وتطوير طريقة العمل داخله والدفع نحو عمليات المشاورات المفتوحة، والعمل على توفير التمويل للمنتدى بشكل مستمر، والربط بين المنتدى وكافة الكيانات الأخرى التي تهتم بحوكمة الإنترنت من أجل تنسيق العمل فيما بينهم لتعظيم المنافع. في حين يرى دعاة التغيير الجذري أن الوضع القائم أثبت فشله، ما يترتب عليه ضرورة إنشاء مؤسسات وترتيبات جديدة لتوزيع سلطة إدارة الإنترنت وتمكين مختلف الأفراد، ويمكن تقسيم المبادرات التي ظهرت من أجل حوكمة الإنترنت إلي ثلاث تيارات: تيار يهدف لزيادة سيطرة الحكومات، وتيار يدعو لوجود إدارة مركزية لشبكة الإنترنت متمثلة في هيئة أو سلطة عليا، والتيار الثالث والأخير الذي يرفض السيطرة على الإنترنت ويطالب بإنترنت مفتوح.
على الصعيد الدولي ظهرت العديد من المبادرات للنظر في مستقبل الإنترنت. حيث تأسست مجموعة عمل من الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا واقترحت إنشاء هيئة مناسبة في منظومة الأمم المتحدة تعمل على تنسيق وتطوير السياسات العامة الخاصة بالإنترنت على الصعيد الدولي، تندمج في ظلها كافة الهيئات المسئولة عن العمليات التقنية والتشغيلية لشبكة الإنترنت، وتقوم الهيئة المقترحة بالإشراف على عملها. وقدمت الهند اقتراح للجمعية العمومية للأمم المتحدة بإنشاء ما يُعرف بلجنة السياسات المتصلة بالإنترنت (ICRP)، وأن تتكون هذه اللجنة من 50 عضو من الدول ويتم الاختيار بناء على مراعاة التمثيل الجغرافي وأن تكون هذه الدول على قدم المساواة، ويتم إشراك بعض الأطراف المعنية من المجتمع المدني والقطاع الخاص ومن المجتمع التقني والأكاديمي، على أن يكون لهم رأياً استشارياً وبالتالي الغلبة في هذا المقترح تكون للحكومات، وفي النهاية تقوم اللجنة بتقديم توصياتها للجمعية العمومية للأمم المتحدة للنظر فيها.
وتقدمت كل من الصين وروسيا وباكستان وطاجيكستان إلي الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2011 باقتراح”مدونة السلوك الدولية لأمن المعلومات” International Code of Conduct for Information Security ، ليس من أجل إنشاء هيئة جديدة ولكن من أجل اقتراح إجراءات وعمليات وترتيبات جديدة في مجال حوكمة الإنترنت، ويقوم الاقتراح على أن تنظم الأمم المتحدة عملية الإدارة الدولية للإنترنت وتعمل على ضمان عملية التوزيع العادل للموارد، وأن تُمنح الأولوية للقضايا المتعلقة بالأمن السيبراني، واقترحت المدونة 12 نقطة تقوم على أساس الحاجة إلي منع استخدام تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات في أهداف تتنافي مع مبدأ الاستقرار والأمن الدولي وسلامة وحداته والتأكيد على سيادة الدول، ومنع ما يهدد السلم الاجتماعي وبالتالي يسمح بالرقابة على الإنترنت والمحتويات الإلكترونية.

هذان المقترحان يعكسان التوجه من أجل زيادة سيطرة الحكومات، وعدم الاعتراف بنظام مشاركة بقية الأطراف المعنية سواء الشركات أو الهيئات غير الحكومية أو الأفراد، ويمثل هذا الاتجاه التيار الأول في مجال حوكمة الإنترنت. وهو تيار حاول زيادة سلطة الحكومات على الإنترنت وتحويل الإنترنت لما يشبه الشبكة المحلية عن طريق سيطرة كل دولة على مجالها الداخلي تحت دعاوي حماية الأطفال أو حماية الأمن القومي، ويدعم هذا التيار محاولات كثير من الدول السيطرة على أنواع المعلومات والبيانات التي تتدفق عبر الشبكة بحجة أن الإنترنت مورد داخلي يقع تحت مفهوم السيادة التقليدي.

التيار الثاني في مجال حوكمة الإنترنت والذي يدعم فكرة السيطرة من خلال هيئة عالمية تعمل كسلطة عليا، وظهر ذلك الاتجاه في المؤتمر العالمي للاتصالات الدولية (WCIT)، الذي عُقد في دبي ديسمبر 2012، فيما يتعلق باقتراح توسيع دور الاتحاد الدولي للاتصالات (IUT) ليشمل التعامل مع الهيئات الأخرى وأن يعمل الاتحاد كسلطة لتنظيم الإنترنت، لكن أصرت العديد من الدول من بينهم الصين وروسيا وإيران وباكستان والمملكة العربية السعودية على زيادة سيطرة الحكومات وتمديد مفهوم السيادة ليشمل الفضاء الإليكتروني، وإعادة النظر في الميثاق المنشئ للإتحاد عام 1988 بهدف زيادة السلطات الخاصة بالتحكم في قضايا أمن الشبكات ومراقبة “السخام” (البريد المزعج)، ولكن في المقابل عارضت العديد من الدول هذا المقترح وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة وأكدوا على ضرورة الحفاظ على طبيعة الشبكة خارج أي تنظيم.

التيار الثالث والأخير في مجال حوكمة الإنترنت يرفض التدخل في عمل الإنترنت بحجة التنظيم والإدارة ويرى هذا التيار بأنه منذ نشأ الإنترنت وهو يتصف باللامركزية والانفتاح. وأن طبيعة الإنترنت معقدة جداً ولا يمكن إخضاعها لحكومة أو هيئة أو منظمة واحدة. وأن التحديات التي تواجه شبكة الإنترنت الآن ترجع لمحاولة كثير من الدول السيطرة على أنواع المعلومات والبيانات التي تتدفق عبر هذه الشبكة. ويرى هذا التيار أن من أهم المشاكل التي تواجه الفضاء الإلكتروني فكرة الحجب فلقد أصبحت حرية الإنترنت على المحك مع تكرر حالات حجب العديد من المواقع ومحاولات تغير طبيعة الإنترنت، مثل ما قامت به إيران من غلق كلا من موقع التدوينات القصيرة “تويتر” وموقع “اليوتيوب” وفرضت على مستخدمي الإنترنت نظام جديد منشأ ومراقب من قبل السلطات الإيرانية، وفي عام 2012 وضعت روسيا ما يعرف ب”القائمة السوداء” لحجب عدد من المواقع بدعوى تقييد الوصول للمواقع التي تحث على الانتحار أو الاستخدام غير المشروع للمخدرات، ولكن ما حدث أن هذه القائمة تضمنت مواقع أخرى تهتم بالمجالات السياسية والاجتماعية. وقامت تركيا في عامي 2007 و2010 بغلق موقع التدوينات القصيرة “تويتر”. كما طالبت محكمة في باريس موقع التدوينات القصيرة “تويتر” بتحديد التدوينات المعادية للسامية والعمل على وجود آلية لتحديد ما يعرف بـ”المحتوى غير القانوني”، وأوقفت بريطانيا خدمة “البلاك بيري” خلال الاحتجاجات التي شهدتها عام 2011 ، وفي نفس السياق قامت البرازيل باعتقال المدير التنفيذي لشركة “جوجل” عندما رفضت الشركة منع فيديو ينتقد احد مرشحي الانتخابات البلدية وتم الإفراج عنه بعدما امتثلت “جوجل” لذلك الأمر، والهند طالبت كل من مواقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” و”توتير” وموقع “جوجل” بفرض رقابة على التدوينات الخاصة بازدراء الأديان، وفي تايلاند يوجد قوانين تجرم إهانة الذات الملكية. بالإضافة إلي عمليات التجسس التي قامت بها العديد من الحكومات مثل وكالة الأمن القومي الأمريكي في الولايات المتحدة الأمريكية، ومركز الاتصالات الحكومية في بريطانيا.
مشكلة التباطؤ المتعمد لسرعة الشبكة في مجال تبادل الملفات والبث المباشر أو المسجل. ومشكلة إضعاف المنافسة مثل عملية تقييد الوصول إلي خدمات الاتصال عبر بروتوكول الإنترنت وذلك للحفاظ على مصالح الشبكات الثابتة أو النقالة. وأيضا ما يواجهه مطوري المحتوى والتطبيقات من قيود مفروضة عليهم أو من عمليات التمييز ضدهم مما يؤدي لانخفاض فرص الإبداع والتطوير. أيضا مشكلة التدخل في عملية تقديم الخدمات يقلل من جودة هذه الخدمات سواء خدمة الإنترنت ككل أو الخدمات الجزئية (مثل الاتصال عبر الانترنت أو حجب الpeer to peer services). والتدخل من أجل تقييد الخصوصية عبر نوعين من التدخل أحدهم عبر المعلومات التي يحصل عليها مزودي الخدمة عن طريق IP header وذلك لتحديد المشتركين والسياسات الأفضل لهم، وهناك ما يعرف بـ DPI” deep packet inspection” وهو التفتيش بصورة أعمق ويحصل مزود الخدمة من خلالها على معلومات عن المحتوى والبيانات الشخصية وهو ما يتعارض مع قوانين حماية الخصوصية. أيضا هناك مشاكل تتعلق بنقص الشفافية فمزودي خدمات الإنترنت مثلاً لا يميلوا لنشر المعلومات الخاصة بهم أو كيفية عملهم، أو مستوى الخدمات المطالبون بها (التناقضات بين السرعات المعلن عنها والسرعات الفعلية فيما يخص النطاق العريض). وأخيراً المشكلات الخاصة بازدحام الشبكة نتيجة كثرة الخدمات والتطبيقات وعملية تبادل البيانات المستمر وحدوث تهديدات لمستويات الخدمة بسبب ازدحام الشبكة ومشكلة عدم وجود تغطية من قبل النطاق العريض لكل الأفراد. ويعمل التيار الثالث من أجل خلق توازن بين حماية “انفتاح الإنترنت” و ضمان الاستخدام المعقول والعادل من قبل إدارة المرور عبر الشبكة، ووضع حد فاصل بين عملية الإدارة المشروعة وعملية الإدارة غير المبررة.
ومن أبرز التحركات والمبادرات التي تدعم حرية الإنترنت هو “إعلان حرية الإنترنت” Declaration of Internet Freedomالذي يدعم خمس مبادئ أساسية: عدم مراقبة الإنترنت، ودعم إمكانية الوصول للإنترنت بصورة سهلة وسريعة، إنترنت مفتوح المصدر يوفر حرية التواصل وتبادل المعلومات والتعبير عن الآراء والابتكار والتطوير، وعدم حجب التكنولوجيات الجديدة، وعدم وجود قيود على عمليات الابتكار والتطوير، حماية الخصوصية وإعطاء الحق للأفراد للتحكم في كيفية استخدام بياناتهم وأجهزتهم.

وعلى صعيد الأطر الإقليمية والقارية هناك منظمات دولية حكومية وعالمية ترى أن نموذج مشاركة أصحاب المصالح هو النموذج الأمثل لإدارة الإنترنت. فعلى سبيل المثال مرر “مجلس الاتحاد الأوروبي” إعلان “حوكمة الإنترنت” Internet Governance Declaration في سبتمبر 2011، والذي وُضع بمشاركة الأطراف المعنية بهذا المجال سواء كانوا أعضاء في المجلس الأوروبي أو غير أعضاء، وبمشاركة لجان الأعمال، واللجان التقنية ولجنة الخبراء، ونشطاء من المجتمع المدني. وتدور المبادئ العشر في الإعلان حول لامركزية نظام إدارة الإنترنت. وأكد المجلس الاستشاري الخاص بمجتمع المعلومات والمجتمع المدني التابع لـ”منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” على أن تطور الإنترنت طوال الفترات السابقة حدث في ظل عدم وجود تنظيم دولي لمراقبته وأن الدعوة لوجود مثل هذا التنظيم سوف يهدد بتقييد عملية التطور السريع والمستمر للإنترنت. ودعا المجلس لدعم سياسة الحوار بمشاركة الأطراف المعنية من أجل وضع السياسات الخاصة بالإنترنت على أسس من الشفافية والمساءلة، والعمل على وضع “مدونات لقواعد السلوك” codes of conduct مدعومة بآليات مساءلة فعالة. كما صاغت “رابطة الاتصالات التقدمية “( APC )ميثاق حقوق الإنترنت كناتج لورش عمل من دول القارة الإفريقية والأمريكية بالاعتماد على رؤية مفادها ضرورة إدارة الإنترنت بأسلوب ديمقراطي متعدد الأطراف.

موقف مصر من حوكمة الإنترنت

شاركت مصر في منتدى حوكمة الإنترنت منذ بدايته عام 2006، وكانت إحدى الدول المؤسسة “للمنتدى الإفريقي لحوكمة الإنترنت”*، و”المنتدى العربي لحوكمة الإنترنت”*، وطالبت بدعم اللغة العربية لكتابة عناوين مواقع الإنترنت خلال منتدى حوكمة الإنترنت المنعقد في شرم الشيخ عام 2009 ونتيجة لذلك أصدر مجلس أمناء هيئة الآيكان قراراً بفتح الباب أمام الدول الراغبة لاستخدام أسماء النطاقات بالحروف غير اللاتينية. وتم إدراج النطاق “.مصر” في الخوادم الجذرية العالمية للانترنت Root Servers عام 2010

ولكن لا يمكن الحديث عن حوكمة جيدة في مصر دون الأخذ في الاعتبار الممارسات على أرض الواقع، فعند الحديث عن البنية التشغيلية للإنترنت في مصر نجد أنه هناك نحو 17 كابل إنترنت لمشغلين عالميين وهو أكبر عدد كوابل يمر بدولة واحدة. والشركة المصرية للاتصالات- تمتلك الحكومة المصرية 80% من أسهمها- هي المشغل الوحيد للاتصالات الثابتة في مصر، وتمتلك البنية التحتية للاتصالات، ومنها خدمات الإنترنت.”الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات”، هيئة قومية لإدارة مرفق الاتصالات، يحتكر منح التراخيص للشركات المقدمة لخدمة الإنترنت. أن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في مصر مازالت تتسم بالتخلف خصوصا فيما يتعلق بتوسيع قدرات الإنترنت الدولي ذات النطاق العريض فوفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي”دافوس” جاء ترتيب مصر في مؤشر “مدى جاهزية البنية التحتية والمحتوى الإليكتروني” 93 من أصل 144

أيضا هناك مشكلة في مدى تغلغل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في المجتمع المصري، حيث يوجد في العاصمة العديد من مقدمي خدمات الإنترنت على عكس باقي المحافظات التي قد يوجد بداخلها مقدم واحد أو لا يوجد مقدمي خدمة بالأساس، وبالتالي يلجأ المستخدمين لشبكات الهواتف المحمولة، وحصلت مصر في تقرير “المنتدى الاقتصادي” 2013 على الترتيب 69 من أصل 144في قياس “مدى تغلغل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في المجتمع”.

وفي حالات “الطوارئ” والتي تترك لتقدير المسئولين يسمح بخرق القوانين مثال على ذلك ما حدث من انقطاع لخدمة الإنترنت في مصر خلال ثورة يناير 2011 مخالفاً لكل القوانين الدولية، فوفقاً لما نشرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والتي قدرت خسائر مصر بسبب قطع خدمة الانترنت بحوالي 90 مليون دولار والذي استمر لمدة خمسة أيام ، هذه الخدمات المعطلة تمثل من 3% إلي 4% من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يمثل خسارة تقارب الـ18 مليون دولار يوميا ، فضلاً عن ممارسات تقييد حقوق التواصل والتعبير، وخرق سياسات الخصوصية، والبيانات الشخصية، وتسريب المعلومات لطرف ثالث.

وفيما يتعلق بالشفافية والإفصاح سواء من جانب جهاز تنظيم الاتصالات، والذي لا يقوم بنشر بيان بخدمات الاتصالات، وأسماء مقدمي الخدمة، وأسس منح التراخيص مخالفاً للقانون المنظم له. أو من جانب شركات الإنترنت التي لا توضح شروط تقديم الخدمات، وسياسات الخصوصية المتبعة، وتقارير الشفافية، والمبادئ التوجيهية لإنفاذ القوانين، والسياسات المتبعة لحماية البيانات الشخصية لعملائها، أو عدد الطلبات الحكومية للحصول على هذه البيانات، كما أنها لا تقوم بتوضيح سياسة مشاركة معلومات العملاء مع طرف ثالث (مثال شركات التسويق والإعلان).
وفي تقرير “فريدوم هاوس” لعام 2013 تم وصف الإنترنت في مصر على انه “حر جزئياً” بعد حصول مصر على درجة 62 من 100 (0 تمثل الحر، 100 المقيد)، وفيما يخص عرقلة الوصول سواء بسبب البنية التحتية، أو التشريعات والقوانين، ومدى سيطرة الدولة عن طريق ملكية شركات الإنترنت حصلت مصر على 15 درجة من 25، وفيما يخص التقييد حصلت مصر على 12 درجة من 35، وفيما يخص انتهاك حقوق المستخدمين ووجود قيود على الأنشطة عبر الإنترنت وما يتبعها من ملاحقة قانونية والسجن أو آي شكل من أشكال المضايقة حصلت مصر على 33درجة من 40 (حيث أن صفر تعني أنه لا يوجد انتهاك).

التوصيات

 

  • لابد من تشجيع المنافسة في مجال تزويد الأفراد في مصر بخدمات الإنترنت عن طريق إنهاء الاحتكار من جانب الحكومة المصرية فالمنافسة هي أساس تحسين أي خدمة. وتفعيل المادة (2) من قانون 10 لعام 2003 الخاص بتنظيم الاتصالات والتي تؤكد على أن خدمات الاتصالات تقوم على أساس علانية المعلومات، وحماية المنافسة الحرة،، وتوفير الخدمة الشاملة وحماية حقوق المستهلك.، والمادة (85) والتي تعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل مشغل أو مقدم خدمة اتصالات خالف أي شرط من شروط الترخيص الممنوح له أو خالف ضوابط الجودة الفنية أو القياسات المعيارية لجودة الأداء لمختلف خدمات الاتصالات المرخص له بها، ويعاقب بغرامة تعادل عشرة أمثال قيمة الزيادة التي حصل عليها كل من خالف أسعار خدمات الاتصالات المعتمدة من الجهاز، وتتعدد الغرامة بتعدد المستخدمين الذين وقعت المخالفة من أجلهم.
  • ويجب العمل على الأطر القانونية التي تحمي الخصوصية وحماية البيانات عن طريق تشجيع استخدام التكنولوجيات التي تحمي هذه البيانات، ووضع قيود فيما يتعلق بالحصول على البيانات الشخصية وألا يتم هذا إلا وفقا للقانون، ولابد أن تتناسب هذه البيانات والمعلومات المجمعة مع الغرض الذي جمعت من أجله، ولا تستخدم إلا لذلك الغرض، وأن يتم إتلافها بمجرد انتهاء الغرض، وضرورة إعلام أصحابها بما حدث. وعليه يجب إصدار قانون خاص بحماية البيانات وعدم التدخل في المحتويات الإلكترونية. وإنفاذ المادة رقم )73( من القانون رقم 10 لعام 2003 لتنظيم الاتصالات في مصر” والذي يجرم إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصال، أو عما يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات وذلك دون وجه حق. تفصيل القوانين الخاصة بالإنترنت بعيدا عن باقي وسائل الاتصالات بسبب طبيعة الإنترنت المتفردة وذلك لأن تكنولوجيات الإنترنت في تطور مستمر وسريع ولا يمكن أن يحكمهاقانون 2003 لتنظيم الاتصالات. لابد من وجود قوانين صريحة يمكن أن يعتمد عليها المتضررين تنص على أن الإنترنت وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي ولا يجوز وضع قيود على الأنشطة المختلفة عبر الإنترنت.
  • يجب ضمان تمثيل أصحاب المصالح المختلفة (stakeholders) عند سن أي تشريعات على المستوى الوطني والدولي التي تتعلق بالجرائم السيبرانية. وعدم استغلال هذه الجرائم كوسيلة للسيطرة على الإنترنت عوضاً عن ذلك يجب العمل من أجل رفع التوعية بوجود تكنولوجيات حديثة لمكافحة الجريمة السيبرانية، وهي المواقع المشفرة والبرامج التي تعمل على حماية البيانات. ويوجد أدلة لطريقة التعامل مع شبكة الإنترنت بأمان مثال موقع “Encrypt Everything” الذي يرفع الوعي بطرق حماية بياناتك ومعاملاتك عبر شبكة الإنترنت. والعمل على منع ومكافحة تدفق الأموال الجنائية عبر شبكة الإنترنت (غسيل الأموال، تزييف المنتجات الطبية والجرائم المماثلة).
  • فيما يخص حماية النشء والأطفال فهذا لا يستوجب التدخل من جانب أجهزة بعينها، ولكن يمكن ذلك عن طريق وضع معايير لتمكين الأطفال وأسرهم من تحديد المحتوى المناسب عبر الإنترنت وتطوير نظم التحقق من السن وتطبيق دليل حقوق الإنسان للأطفال.
- See more at: http://sitcegypt.org/?p=1679&lang=ar#sthash.N4SUXJ5r.dpuf


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
  • أكاديميات ألهمت نهضة أوروبا الحديثة ...المعارف الفلكية الإسلامية
  • الفضاء الإلكتروني وأثره على الأمن القومي للدول: الحروب الإلكترونية نموذجاً
  • كيف يتم صناعة الفقاعات داخل المجتمع في العصر الرقمي ؟
  • الصراع المسلح في الفضاء الخارجي بين التطبيقات والسياسات والمستقبل
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ