المقالات -
محددات دور الفيديوهات في الصراع السياسي

: 359
الخميس,30 اكتوبر 2014 - 09:59 ص
د.عادل عبد الصادق

قام المحسوبين على جماعه الاخوان او المتعاطفيين معها بانتاج او اعادة تركيب فيديوهات تسيئ الى الجيش المصري في تطور لافت لانتقال المعركة الى حرب الافكار في الفضاء الالكتروني في موازاة ما تقوم به الجماعه او مناصروها بالمظاهرات على ارض الشارع ،

محددات دور الفيديوهات في الصراع السياسي
اضغط للتكبير

 
 
 


مقطع فيديو جديد ودقائق معدودة تتسبب فى أزمة. حدث أصبح يتكرر فى المشهد السياسى وذلك لدوره الهام فى خدمة الرسالة الإعلامية كأحد انماط الإعلام الأكثر تأثيرا بنقله للصوت والصورة والمحتوى.

وهو ما يجعلها الأكثر إغراء فى استخدامها ليس فقط كأداة للتعبير عن الراى بل كسلاح يتم استخدامه ضد المختلفين فكريا، وكشفت الممارسة العملية لها فى الاونة الاخيرة عن سوء استغلال الفيديوهات عبر الزج بها فى اتون صراع سياسى بين الفرقاء من التيارات الاسلامية واللبرالية، سواء التى ينتجها افراد عبر هواتفهم أو تنتجها فضائيات أو يصورها هواة، ليتم توظيفها لتحقيق مكاسب سياسية، ومن اجل الاستمرار فى شن معركة تغيير الصورة الذهنية تجاه الآخر، أو باستعراض القوة إما بالتهديد بالعنف أو استخدامه كوسيلة للتعبير، وهو الامر الذى ادى لتحول الإعلام الى ساحة للصراع مع تنوع القضايا والافكار والشخصيات وفى ظل بيئة اعلامية تزخر بعدد كبير من الفضائيات ومستخدمى الانترنت والمحمول، ونقل محتوى الفيديوهات فى صورة اخبار فى الصحف الورقية، وقدرة الأفراد والفاعلين السياسيين على انتاجها ونشرها من اجل التأثير فى المعلومات التى تشكل الراى لدى الباقين تجاه قضية ما أو تيار أو اشخاص، وهو ما يؤدى الى ردود افعال سلبية أو إيجابية، ولتدور بشأن ذلك معركة إعلامية عبر ساحة القنوات الخاصة والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وقيام النشطاء باعادة بث الفيديو لكسب المزيد من المؤيدين لصفوفهم عبر زيادة المتابعين والمراقبين لمحتواه، وبما يزيد من تأثيره وردود الافعال حوله.
وبالرغم من سيطرة الطابع الفردى فى إنتاج الفيديوهات المعبرة عن أى من الافكار داخل المجتمع فإن سرعة انتشارها واستخدامها من جانب المعارضين والمؤيدين لها عمل على تضخيم مضمونها لتبدو كما لو كانت تعبر عن تيار حقيقى واسع الانتشار.
وفى حين استخدم الليبراليين فيديوهات كدليل على الانغلاق لخصومهم الاسلاميين تم استخدام أخرى مضادة لتبرير معاداة الليبراليون للشريعة أو للدين أو حتى للحرية ذاتها، وكشفت طرق معالجة قضايا مثل الاستفتاء على الدستورعن دور الإعلام فى حالة الاستقطاب الحاد والتشويش على الراى العام، وأخذ كل تيار يبرز مهاراته فى النقد والسخريه وانه الاحرص على الدين أو الاستقرار فى مقابل الفوضي، أو الحرية مقابل الدكتاتورية، وتحدى كل منهما للآخر بقدرته على تحريك الشارع والجمهور من خلال شحنه وتعبئته، وتحول دور الاعلام من التعبير عن مصالح المجتمع للتعبير عن مصالح النخبة، وشن حروب شخصية ومزايدات وطنية ودينية على حساب المناقشة الحقيقية للقضايا الراهنة.
وافرزت سيطرة الطابع الدينى على المحتوى إما ببروز قيادات دينية أو اتجاه الفضائيات الدينية الى الحديث بالسياسة تأثيرا سلبيا يتمثل فى تحول بعض رجال الدين من وسطية الفكر للمغالاة والاثارة.
وبرز دور لقيادات وقوى أخرى جديدة مكنتها مهاراتها فى إنتاج الفيديوهات والوصول لوسائل الإعلام من الظهور وبخاصة من الشباب. وهو ما يكشف عن حالات التفتت داخل التيار السياسى الواحد وبما يؤثر على تماسكه الفكرى والتنظيمي، كما انعكس الثابت والمتغير داخل افكار التيارات السياسية على المواقف والتصريحات تبعا للمرجعية الخاصة وتفاوت الخبرة لديها.
وعلى الرغم من اهمية دور الإعلام فى إثراء الحوار ومناقشة القضايا الخلافية بين الفرقاء فإنه تم استخدام فيديوهات عبرت عن خطاب إقصائى وللتعبير عن وجهة النظر الأحادية وعن امتلاك الحقيقة المطلقة لأى من الاطراف حتى من جانب بعض ممن يوصفون بالليبرالية، وكشفت عملية استخدام الفيديوهات عن التحول فى جزء منها من دور الإعلام فى نقل المعرفة والحقيقة الى سلاح انتقائي سواء بالنظر الى القضية محل الاهتمام أو الى طبيعة المقطع المختار أو الى الاستقطاع منه بما يبرر وجهة نظر من يستخدمه، أو ان يتم استرجاع مقاطع قديمه أو عمل مونتاج لها، وليتم تحميل حادث أو موقف فردى على التيار الذى ينتمى اليه المصدر بصورة جماعية، واستخدمت فيديوهات للتحريض على العنف ومحاولة استنفار وتحريك المشاعر الدينية وتوظيفها سياسيا، وبذلك حدث التحول من دورها كأداة للتعبير عن الرأى الى ممارسة السب والقذف وانتهاك الخصوصية والابتزال اللفظى والاخلاقى، واخرى تم نشرها أو تسريبها لكشف التمكن من خداع الآخر، والتناقض بين ما هو معلن وما هو مخفى.
واصبحت الفيديوهات مادة اساسية فى العديد من البرامج، وظهرت برامج متخصصة للسخرية والتعليق على محتواها ونقل الافكار التى تحتويها أو الشخصيات المعبرة عنها، وذلك من اجل التنافس على اكبر قدر من المشاهدين والمصداقية، وبذلك اصبحت الفيديوهات اعلانا واتهاما وحكما ضد الاخر على النحو الذى انحرف فيه الاداء الاعلامى من نقل الخبر والمعرفة الى اصدار احكام وهو ما يشكل انتهاكا لسلطة القضاء وسيادة القانون.
ولا يمكن فهم ذلك الاستخدام غير الرشيد للفيديوهات بين الفرقاء بمعزل عن طبيعة التغير فى المجتمع والادوات التى اصبح يمتلكها وتصاعد دور الإعلام فى ظل مناخ الحرية، وطبيعة ثقافة الديمقراطية المتاحة، الى جانب اتجاهات الجدل العام حول السياسات الامنية في مكافحة الارهاب في مصر وطبيعة دورالاعلام  فى ادارة الحوار والتنوع وليس لبث الفرقة والصراع.


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي
  • المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
  • قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
  • رحلة الراحل محمد الشارخ حتى تأسيس كمبيوتر صخر
  • الأدلة الرقمية لجرائم الحرب فى غزة
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ