المقالات -
حملة في أميركا لتكسير «غوغل» إلى «غوغلات صغيرة»

: 207
الاحد,21 ديسمبر 2014 - 03:25 م
واشنطن: محمد علي صالح

في عام 1889 قدم السيناتور جورخ هور (ديمقراطي، ولاية ماساشوستس) مشروع قانون لمواجهة التوسعات الاحتكارية لشركة «ستاندرد أويل»، الشركة البترولية الوحيدة والعملاقة.

حملة في أميركا لتكسير «غوغل» إلى «غوغلات صغيرة»
اضغط للتكبير
في عام 1889 قدم السيناتور جورخ هور (ديمقراطي، ولاية ماساشوستس) مشروع قانون لمواجهة التوسعات الاحتكارية لشركة «ستاندرد أويل»، الشركة البترولية الوحيدة والعملاقة.
وكتب في مشروع القانون: «ليس احتكاريا من يسيطر على عمل تجاري بسبب ذكائه أو قدراته، ولأن غيره لم يحسن هذا العمل التجاري مثلما يحسنه هو. لكن، يصير احتكاريا من يستعمل وسائل تمنع آخرين من أن يحسنوا، أو يحاولوا أن يحسنوا، هذا العمل التجاري، في ظروف منافسات نزيهة».
بعد ذلك بعام وفي كونغرس جديد، تابع الموضوع السيناتور جون شيرمان (جمهوري، ولاية أوهايو). ونجح في إقناع قادة الحزبين، وخاصة الحزب الديمقراطي، لإصدار قانون يمنع الاحتكار. (في ذلك الوقت، كان يحدث العكس بالنسبة لسياسات الحزبين: أيد الجمهوريون، بقيادة الرئيس أبراهام لنكولن، تحرير العبيد، وعارضه الديمقراطيون الذين كانوا يسيطرون على الولايات الجنوبية. وحدث نفس الشيء تقريبا بالنسبة لمواجهة الشركات الاحتكارية).
وهكذا، في عام 1890. صدر قانون «شيرمان أنتي ترست»، إشارة إلى اسم السيناتور شيرمان («ترست» كانت تعنى مجموعة شركات تتحالف مع بعضها البعض). وهذه أهم جملة في القانون: «كل عقد، أو عقود، بهدف تحالف شركات، أو مؤسسات، ضد قانون التجارة بين الولايات، أو مؤامرة، داخلية، أو مع دولة أجنبية، تعتبر مخالفة للقانون».
قبل ذلك بعام، كان جون روكفلر، مؤسس وصاحب شركة «ستاندرد أويل»، جند جيوشا من المحامين في سلسلة قضايا في بعض الولايات، وحتى وصل الموضوع إلى المحكمة العليا (التي تفسر الدستور) في واشنطن.
وفي قضية تاريخية: «ستاندرد أويل ضد حكومة الولايات المتحدة»، وقفت المحكمة العليا إلى جانب الحكومة. وفي الحال، وحسب قانون «شيرمان»، أصدر الكونغرس سلسلة قرارات بتفكيك الشركة العملاقة، وتحويلها إلى شركات صغيرة: «ستاندرد أويل أوف أوهايو» و«ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا»، الخ..
وفي عام 1983 أعاد التاريخ نفسه. ورفعت الحكومة الأميركية، عن طريق وزارة العدل، قضية ضد شركة «اي تي أند تي» (القديمة) لأنها احتكرت الاتصالات التلفونية. ووضعت عراقيل أمام شركات أخرى لمنافستها. ومرة أخرى، وصلت القضية إلى المحكمة العليا، التي أمرت، حسب «قانون شيرمان ضد الاحتكار»، بتفكيك الشركة.
كانت «الشركة الأميركية للتلفون والتلغراف (اي تي أند تي)» تأسست قبل ذلك بمائة عام. وكان اسمها السابق هو «مجموعة شركات بيل»، إشارة إلى الاسكندر بيل، مخترع التلفون. ومثل «ستاندرد أويل»، سبب لها نجاحها مشاكل. سيطرت على تلفونات وتلغرافات الولايات المتحدة (وعلى الاتصالات في كثير من دول العالم). وطمعت، ومنعت غيرها من أن ينافسها منافسات حقيقية.
وهكذا، تفككت «ماثر بيل» (بيل الأم) إلى «بيل سيسترز» (أخوات بيل): «بيل فلوريدا» و«بيل أتلانتيك» و«بيل ألاسكا»، الخ... وهي 7 أخوات تتنافس اليوم في مجال الاتصالات. ورغم أن واحدة عادت إلى اسم «اي تي أند تي» («بيل تكساس»)، تظل المنافسة نزيهة بينها.
وفي عام 2001 أعاد التاريخ نفسه، ورفعت الحكومة الأميركية (وزارة العدل) قضية ضد شركة «مايكروسوفت» بأنها خرقت «قانون شيرمان ضد الاحتكار». وذلك لأن «مايكروسوفت» دمجت برنامج «وندوز» التشغيلي مع برنامج «إكسبلورر» للتصفح. وصار مستحيلا تقريبا على شركات منافسة أن تخرق هذا الدمج، سواء للتصفح، أو للتشغيل.
ومرة أخرى، وصلت القضية إلى المحكمة العليا. ومرة أخرى، أمرت المحكمة العليا بتفكيك الدمج.
اليوم، بعد مرور 125 عاما تقريبا على «قانون شيرمان ضد الاحتكار»، تواجه «غوغل» القانون. ليس فقط على مستوى الحكومة الفيدرالية واشنطن، ولكن، أيضا، على مستوى الولايات.
في حالة «غوغل»، صارت «الحرب» في الولايات أهم من التي في غيرها. تجمع وزراء العدل في ولايات كثيرة. وأطلقوا اسم «جالوت» على «غوغل» (إشارة إلى المواجهة التاريخية الدينية بين النبي الملك داود، وكان ضعيفا وأعزل من السلاح، وجالوت العملاق).
لكن، طبعا، إذا وصل الموضوع إلى المحكمة العليا، مع أدلة قوية، سينتصر «شيرمان» على «جالوت».
في الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقتطفات من رسائل إلكترونية بين الولايات لمواجهة «غوغل». وفيها أن شركات عملاقة دخلت «الحرب» ضد «غوغل». منها شركة «سوني» للأفلام السينمائية، وشركة «إم بي إيه إيه» (اتحاد شركات الأفلام السينمائية)، وشركة «مايكروسوفت» (التي كانت احترقت بنار «شيرمان» قبل 5 عاما تقريبا). حسب القانون الأميركي، يملك محامي الولاية (وزير العدل) حق مقاضاة أي شركة يرى أنها تسبب ضررا للمستهلكين في ولايته. وقبل عام، اضطرت «غوغل» أن تدفع غرامة 17 مليار دولار إلى 30 ولاية، بسبب «انتهاكات خصوصية مستخدمي الإنترنت» في هذه الولايات.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» قول جيم هود، وزير العدل في ولاية مسيسبي: «ربحت (غوغل) من نشاطات غير قانونية في محركات البحث لسنوات. صار واضحا وجود عادة قوية في (غوغل) بإمكانية بيع أي شيء إلى أي شخص». لماذا تحالفت شركة «مايكروسوفت» مع وزراء العدل في هذه الولايات؟ لسببين: أولا: تريد «الانتقام»، لأن «غوغل»، وكانت في بدايتها، ساندت تفكيك برنامج التصفح من برنامج التشغيل في «مايكروسوفت».
ثانيا: تريد إنجاح برنامج البحث الخاص بها («بنغ») لمواجهة ماكينة بحث «غوغل» العملاقة.
لماذا تحالف اتحاد منتجي واستوديوهات الأفلام السينمائية؟
لسببين: أولا: منذ سنوات، كما قال: «لا تفعل (غوغل) ما يكفي للتخلص من أفلام القراصنة، وسرقة حقوق إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية على الإنترنت».
ثانيا: أكثر من يخرق هذه الحقوق هو موقع «يوتيوب» الذي اشترته «غوغل».
من جانبها، تشن «غوغل» ما يقال إنها أكبر عملية «لوبي» في أميركا. ليس فقط في واشنطن، في الكونغرس والإدارة، ولكن، أيضا، في كل كونغرس في كل ولاية، وفي مكتب حاكم كل ولاية.
وفي خطاب وزعه كينيت ووكر، مستشار عام مجموعة «غوغل»، قال إنها «تعاونت عن طريق إزالة بعض المحتويات غير المرغوب فيها من جانب بعض المستخدمين». وقال إن الشركة صرف أكثر من 250 مليون دولار، خلال الأعوام الـ3 الأخيرة، لإزالة «محتويات غير قانونية من فهرس البحث». لكنه قال إن «غوغل» «لا تعتقد أنه من المناسب إزالة تامة من نتائج البحث في كل المواقع التي تعترض عليها الولايات».
واعتمد على حرية الرأي (بعض هذه المواقع عن الجنس واغتصاب الأطفال).
لهذا، إذا وصلت قضية «غوغل» إلى المحكمة العليا، ستركز «غوغل» على حرية الرأي. لكن، ستركز الولايات على عرقلة منافسات الشركات الأخرى. وعن هذا: «قانون شيرمان» واضح.

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ