الدوريات - قضايا استراتيجية
الفضاء الالكتروني في موجات التغيير في العالم العربي: دراسة في السياق المحلي والعالمي

: 1947
الاثنين,29 ديسمبر 2014 - 01:05 م
د.عادل عبد الصادق- خبير بمركز الاهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني

شهد العالم العربي في بداية 2011 موجة من الاحتجاجات والتي عصفت بنظم حكم عربية

الفضاء الالكتروني في موجات التغيير في العالم العربي: دراسة في  السياق المحلي والعالمي
اضغط للتكبير

شهد العالم العربي في بداية 2011 موجة  من الاحتجاجات والتي عصفت بنظم حكم عربية  منها من كان له طابعا سلميا واخرى تحولت الى موجة ممتدة من العنف تمكنت من اصابة طبيعة العلاقة بين المجتمع والدولة ثم تفكيك الدولة القومية الهشة،وجاء  ذلك على النحو الذي لم تشهده المنطقة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي،وموجة التغييرات التابعه لها في اروبا الشرقية، والتي لعبت بها الى درجة ما  القوة الناعمة لوسائل الاعلام الغربية.

 بينما جاءت الحالة العربية في سياق عالمي يتميز بانتشار الهائل لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وبالترويج للقيم الديموقراطية والغربية في ذات الوقت ،وترافق ذلك مع سياق داخلي عزز من  تحريك الأفكار ورفع الوعي وامتلاك القدرات على الحشد والتعبئة للمظاهرات وتعزيز دور الخارج في التدخل في الشئون الداخلية على مستوى العملية والفاعلين، واعطاء مزيد من  قوة الفاعلين ،وبلورة  ثورة التوقعات والطموحات لدى قطاع عريض من الشباب العربي الاكثر استخداما لتلك الادوات والاكثر حركية وناشطية سياسية، وفي محاولة لتفسير ذلك طرحت العديد من الرؤى ما بين اعطاء دور اكبر للفضاء الالكتروني في التغيير وما بين اعتبار انه ما كان له ان يلغب هذا الدور بدون ثقافة سياسية ووعي تجاه افكار التحرر والديموقراطية بينما ثار اتجاة اخر بان الفضاء الالكتروني عزز من دور العامل الخارجي في التدخل وفي الدفع نجو التغيير المضطرب.

 

أولاً:

 أثر الفضاء الإلكتروني في تغيير "السياق العالمي" المحيط بالتفاعلات الداخلية

 

 أثر الفضاء الإلكتروني في إحداث تغيرات في المجتمع العالمي عبر عدة مستويات يتعلق الأول بإحداث ثورة سياسية شملت النظم السياسية المعاصرة والعلاقات الدولية على حد سواء، وتعزيز عملية التحول من الشمولية إلى الليبرالية، واما المستوى الثاني، أحدث الفضاء الإلكتروني ثورة في القيم وتعزيز عملية التحول من القيم المادية إلى القيم المعنوية، والثالث ،أحدث الفضاء الإلكتروني ثورة معرفية تنطوي على الانتقال من الحداثة إلى ما بعد الحداثة.

   وأحدث الفضاء الإلكتروني ثورة في طبيعة العلاقة ونمط الاتصال بين الحاكم والمحكوم وأداء المؤسسات السياسية، وفي طبيعة القيم الديمقراطية وبين النخبة والجماهير، ولعب دورا مهما في تشكيل جميع التفاعلات السياسية بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية والرأي العام العالمي والإعلام، وبما يكون له من تأثير على قوة الدولة والاستقرار السياسي، وإعادة تشكيل القوة والثروة بين أطراف المجتمع المحلي وهو ما يساعد على إعادة تشكيل العلاقة بين المجتمع المحلي والمجتمعات الخارجية،

    وأتاح الفضاء الإلكتروني للنظام السياسي الدولي بعناصر جديدة عبر أدوات اتصاله والتعبير عن تفاعلاته ومخرجاته، وأصبحت العلاقة بين تلك المؤسسات بفعل تكنولوجيا الاتصال والمعلومات تتسم بالمرونة وتشابك العلاقات الاتصالية بينها، كما أدت لظهور فاعلين جدد في النظام السياسي الدولي.[1] وظهر فاعلون جدد في حركة التفاعل الدولي، وظهرت مؤسسات جديدة وسيطة ورأي عام دولي يتحرك من خلال وسيلة إعلام دولية كالفضاء الإلكتروني، والذي ساعد على زيادة المعرفة والوعي بما يجري في أنحاء العالم المختلفة، وإضفاء نوع من الديناميكية على النظام السياسي الدولي الجديد، ذلك النظام الذي لا يتقيد بالحكومات الرسمية أو الدول، بل إنه يتحرك بالتوافق مع الدول بشكلها الرسمي والمجتمع المدني العالمي والرأي العام العالمي الدولي، وذلك مع انتشار القوة السياسية كمجموع الأفعال في المجتمع التي تهدف إلى تنظيمه.([2])

   وأحدث الفضاء الإلكتروني انتشارا للقوة السياسية داخل المجتمع الدولي من قِبل فاعلين خارج نطاق النظام السياسي الرسمي والذي تسيطر علية الدول، وهو ما أدى إلى وجود نمط جديد من العلاقة بين المؤسسات داخل النظام السياسي والمؤسسات الخارجية، وأصبحت صناعة القرار السياسي الدولي يدخل فيها فاعلون آخرون غير القادة وزعماء الدول أو المؤسسات السياسية المحلية التقليدية، أو المؤسسات الدولية التي تسيطر عليها الحكومات في عضويتها، وجاء ذلك متزامنا مع تعرُّض الدولة القومية لتآكل سيادتها وفقدانها السيطرة على سياستها الإعلامية وقدرتها على تعبئة الرأي العام العالمي.

  وأصبحت هناك حالة انفتاح من الداخل على الخارج، وانتقال مجالات التأثير المتبادل بين دول العالم، كل هذا كان له تأثير على قوة النظام السياسي الدولي ووضعه أمام ضغوط من أصحاب مصالح غير تقليديين. كما أن قوة الدولة المركزية قد تضاءلت مع تزايد المطالب المحلية من قِبل جماعات عرقية أو دينية عابرة للحدود، بما أدى إلى تقاسم الثروة والسلطة على نحو أثر على قوة الدولة المركزية وطابعها القومي.

    وفي الوقت الذي ساعد ذلك على زيادة كفاءة الحكومات والقضاء على البيروقراطية وترشيد النفقات، وأصبح هناك تعددية سياسية على مستوى الفكر أو القوى السياسية، وعمل الفضاء الإلكتروني كما لو كان مؤسسة سياسية وسيطة وبرلمانا مفتوحا لجميع التيارات السياسية العالمية، وأصبح له دور في التأثير على درجة الانتماء الأيديولوجي، وتم استخدام الفضاء الإلكتروني في دعم اتجاه التعبئة خلف قضايا عامة محلية أو دولية تهم وتمس المصالح الخاصة بالمجتمع الدولي.

  وأثر الفضاء الإلكتروني في عمل النظام السياسي الدولي سواء ما يتعلق بتوافر المعلومات الدولية وتدفقها أو ما يتعلق بالاتصال السياسي والحشد وتكوين جماعات المصالح والضغط الدولي الجديدة، وعمل الفضاء الإلكتروني على تجاوز المؤسسات السياسية الوسيطة كوكالات الأنباء العالمية أو المنظمات الدولية أو وسائل الإعلام الدولية والحكومات الدولية، وعلى النحو الذي أثر على توزيع القوة وظهور فاعلين جدد في العملية السياسية، وأثر الفضاء الإلكتروني على هيكل القوة السياسية الدولية وإتاحة الفرص المتاحة للمشاركة في عملية صنع القرار الدولي.[3]

    وجعل الفضاء الإلكتروني من المؤسسات السياسية القديمة والجديدة تتحرك وتتفاعل إلكترونيا وتغيِر طبيعة الوظائف التي تقوم بها، وبروز فاعلين جدد في السياسة الدولية مثل تعاظم دور المواقع السياسية عبر الإنترنت في تعظيم نقل المعلومات والاتصال الفعال ودورها في فاعلية النظام السياسي الدولي وديناميكيته بما يؤثر على طبيعة تطور النظام الدولي بداخله.

  وبذلك أصبح النظام السياسي الدولي مرآة عاكسة للواقع الدولي الجديد، وفي الوقت نفسه عكس درجة التغير في سماته وخصائصه وطبيعة تفاعلاته وعلاقته بالمؤسسات الوسيطة كالمجتمع المدني والأحزاب السياسية وجماعات المصالح والحركات الاجتماعية الجديدة والإعلام الجديد وحركات المعارضة الجديدة، التي كان لها دور بارز في الكشف عن الكثير من الممارسات التي تعتبرها هذه الجماعات خاطئة.

   وتمت ممارسة الضغوط على السلطات الحاكمة من أجل الاستجابة للمطالب التي تعكس ارتفاع الوعي الإنساني بقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، واعتمدت تلك التيارات المعارضة والإصلاحية في نجاحها على الفضاء الإلكتروني وقوته الإعلامية الجديدة للوصول إلى المهمشين عبر أرجاء العالم المختلفة، والمساعدة في نقل الكثير من الأحداث وكشف التجاوزات من خلال وسائط إعلامية متعددة سواء فيها ما يتعلق بالحكومة أو المجتمع وبما يؤثر على الرأي العام العالمي المحلي والعالمي والذي تساقطت الحدود بينهما.

ومن ثم شكل ذلك تحديات للعديد من الحكومات الدولية إما في محاولة ضبط حركة التفاعلات الجديدة التي تحركها الكتلة الحرجة الشبابية مع فقدان السيطرة الإعلامية والثقافية للنظم السياسية عليها ومن ثم فرص تجنيدها لصالح قيم النظام السياسي وقيم الثقافة المحلية. ويظهر تأثير الفضاء الإلكتروني على هيكل النظام السياسي الدولي في توفير أدوات للتأثير على الرأي العام العالمي وما يتم توفيره من معلومات تدفع النظام السياسي للتغيير بما يتوافق مع هذه الضغوط، بالإضافة للتأثير على القيم المحلية التي تشكل وجهة نظر النظام السياسي تجاه الخارج وفرص قدرة الخارج على التدخل في الشئون الداخلية . ([4])

  وساعد الفضاء الإلكتروني على دعم قدرة المنظمات غير الحكومية على التفاعل بدرجة عالية مع المنظمات الأخرى، خاصة ذات الطبيعة الدولية التي يتكون أعضاؤها من الدول- وهو ما أظهر النظام السياسي الدولي يميل نحو التعددية في الهيكل والقوة والتأثير .

   وساعد الفضاء الإلكتروني على دعم لامركزية السياسة الدولية وانتشارها والقوة على التأثير فيها وصنعها، وانتقالها من الدور المركزي للدول القومية بمؤسساتها السيادية إلى فاعلين آخرين من غير الدول مثل المنظمات الدولية والشركات الدولية متعددة الجنسيات والمجتمع المدني العالمي والجماعات والأفراد.

 وأدى الفضاء الإلكتروني إلى تصاعد دور المجتمع المحلي في صنع السياسة المحلية ثم التأثير على طابعها الدولي، والقدرة على التواصل مع الخارج ثقافيا وسياسيا واجتماعيا دون المرور بالضرورة بمؤسسات الدولة الرسمية، والقدرة على تنوع وسائل الإعلام ومصادر المعلومات بعيدا عن احتكار الدولة التقليدي لها.

    وبذلك أصبح النظام السياسي الدولي متعدد المراكز والأطراف والفاعلين عبر شبكة تفاعلية متصلة عن طريق تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وظهر الدور القوي للمؤسسات المالية الدولية والشركات متعددة الجنسيات وجماعات المصالح والمنظمات الدولية، والتي أصبحت تستخدم تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في جمع المعلومات وممارسة المزيد من الضغط على الحكومات، وظهرت ديمقراطية جديدة ذات طابع إلكتروني، بما أثر على العملية السياسية برمتها.([5])

   ويتمثل أساس عمل المؤسسات الوسيطة الدولية الجديدة في قدرتها على توفير الرابط السياسي بين المواطن والحكومة والمجتمع الدولي، وهذا الرابط السياسي من شأنه أن يجعل هناك اتصالا مباشرا بين الداخل والعالم وهو ما يساعد على نقل المطالب المحلية إلى الخارج دون المرور عبر الحكومات الرسمية، وساعد على جمع المعلومات حول القضايا الدولية، التي تساعد في عملية صنع القرار عبر تسهيل عملية التفاعل حول عمليات صنع القرار في الشبكات التي تزيد على أهمية الأدوار التفاعلية للمؤسسات الوسيطة، ويكون له تأثير على عمليات التفاوض والوساطة.

  أصبح للفضاء الإلكتروني دور في تشكيل أنماط جديدة من السلوك الإنساني وتهميش أنماط أخرى من خلال لغة الصورة ورموزها؛ إذ بموجب ذلك أدركت الدول المتقدمة أهمية الأدوار التي يمكن أن يقوم بها الفضاء الإلكتروني في شأن تحوله إلى مجال الفعل السياسي والثقافي ورد الفعل الجماهيري في جميع أرجاء العالم، وتوفير آليات من شأنها تقوية وظائف المنظمات الوسيطة الدولية أو لإعادة تنشيط دورها في الساحة الدولية.

   ومن ناحية أخرى شجع الفضاء الإلكتروني على ظهور مؤسسات وسيطة جديدة ومتعددة عبر مواقع الإنترنت؛ حيث انخفاض تكلفة إنشاء الموقع وسهولة الانتشار وزيادة الفاعلية، وذلك إلى جانب أنه عمل في الوقت ذاته على تنشيط ما هو قائم من منظمات دولية حكومية أو غير حكومية، بالإضافة إلى المجتمع المدني، والقدرة على تعبئة الرأي العام العالمي الدولي خلف قضايا محددة؛ إن المجتمعات التي تتمتع بشبكات حديثة تكون عملية صنع القرار فيها منتشرة أو ترتبط بمستويات أفقية جماهيرية، ومستويات عدة من الحكومة واتساع حجم ودور الفاعلين في العملية السياسية أو منظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، وقد أدى ذلك إلى ظهور شكل جديد من الحكم يشارك فيه فاعلون كثر من أجل تحقيق غاية أو هدف معين، والذي يتم تحقيقه بالتوافق بين الأهداف المختلفة للمواطنين لتتم صياغتها بهدف التأثير على صانعي القرار، وظهور هذه الأشكال الجديدة من الحكم بما يمكن أن يسمى بمرحلة التحول إلى "دولة ما بعد البرلمان".([6])

 وأتاح الفضاء الإلكتروني آليات التفاعل الدولي غير الرسمي على التحولات والتفاعلات المحلية الطابع في شكل ردود فعل واستجابات بين الأطراف آنية الحدوث ومستمرة الحركة ([7]).   وأصبحت المجتمعات الدولية أكثر شبكية وإتاحة الفرصة لإيجاد أنواع جديدة من المؤسسات الوسيطة في العملية الديمقراطية وذلك بعيدا عن أشكالها التقليدية.([8])   وأتاح الفضاء الإلكتروني الخيارات المتعددة لتمثيل المصالح والتعبير عن المشكلات، وجذب الجمهور والمهتمين بالشأن العام أو فيما يُعرف بالمواطن العالمي، الذي يتحرك ويتفاعل مع القضايا العالمية مع اتساع وتمدد جمهور المستخدمين والقدرة على بناء قنوات اتصال متعددة([9]).

    وفتح الفضاء الإلكتروني -عبر مواقع الإنترنت ووسائل الاتصال والمعلومات من خلال ما تتيحه من نقاش عام حول القضايا السياسية- مجالا عاما للحوار داخل البيئة السياسية والتنظيمية الدولية، والقيام ليس فقط بدور المؤسسات السياسية الدولية الوسيطة، بل أيضا القيام بملء الفراغ الذي يوجد نتيجة عدم وجود مثل تلك المؤسسات أصلا داخل المجتمعات المحافظة التقليدية. وسيطرة جماعات المصالح والضغط على صناعة القرار الدولي .

    واستفادت حركات المعارضة الجديدة بشكلها الرسمي وغير الرسمي من الفضاء الإلكتروني كأداة إعلامية جديدة لا تخضع للرقابة الحكومية، مع قدرتها على الإنتشار والتأثير في الرأي العام العالمي. وهذا ما يُفسر درجة التأثير المرتفعة للإنترنت في النظم المنغلقة عنها في النظم الديمقراطية، والتي كانت تتسم باحتكار الدولة لوسائل الإعلام التقليدية وتقليل هامش حرية التعبير داخل المجتمع وعدم فاعلية الأحزاب السياسية وغيرها من سمات النظم الدكتاتورية.

    ولقد أدت عملية التدفق الحر للمعلومات عبر الفضاء الإلكتروني إلى إزالة الحواجز بين النظم السياسية وبعضها البعض بشكل أدى إلى تحول الإنترنت إلى سوق عالمية للأفكار الديمقراطية وما وفرته ثقافة الإنترنت ذاتها من حرية ونمط اللامركزية في الاختيار، وتم استخدام الفضاء الإلكتروني في الترويج للأجندة الدولية لحقوق الإنسان وأدى إلى انفتاح المجتمعات المُنغلقة على ثقافات أخرى وإلى درجة ما تتمتع به من الحرية والمستوى الاقتصادي والمعيشي بشكل أدى إلى مزيد من الضغط على النظم السياسية القائمة لتلبية مطالب مواطنيها والذي أصبح يتطلع نحو الأفضل والملائم لثقافته وقيمة مع التوجه نحو العالمية. وذلك لما أتاحته الإنترنت من حرية الحوار والتعبير عن الرأي والمناقشات من خلال منتديات الإنترنت والمدونات وإنشاء المواقع والمجموعات البريدية واستطلاعات الرأي الإلكترونية والتجمعات الإفتراضية ونشطاء الإنترنت، وعملية الاحتجاج والعصيان المدني الإلكتروني.

  وأصبح للفضاء الإلكتروني دور في صياغة تصورات المجتمع واتجاهات الرأي العام العالمي وفي التأثير على الظروف الإقليمية وانعكاساتها على الأوضاع الداخلية، وبرزت من ناحية أخرى عوامل تهديد خارجية جديدة للأمن القومي للدول وفي تصاعد دور ضغوط السياق الدولي على المجتمع المحلي. وتحول الفضاء الإلكتروني إلى وسيط للعديد من التفاعلات داخل المجتمع الدولي وفي تصاعد دور الفاعلين من غير الدول في السياسة الدولية، وبما نتج عنه مدخلات و مخرجات واستجابات وردود أفعال من كافة الفاعلين داخل المجتمع الدولي وأيضا في علاقات القوة والهيمنة ودورها في بزوغ القوى الكبرى في النظام الدولي.

   و في تصاعد دور الثقافة والدين والهوية والأفكار، والتأثير على السلم والأمن والصراع الدولي، وهو ما ينعكس بدوره على التغير في طبيعة العلاقات الدولية والتنظيم الدولي وبما تضمنه الأخير من منظمات دولية حكومية وغير حكومية أو بحجم التأثير على دور المجتمع المدني العالمي،

    وتم عبر الفضاء الإلكتروني تشكيل كيانات اجتماعية عابرة للحدود والقوميات ومتخطية للسيادة على نحو أفقي بين دولة وعلى نحو رأسي بين المجتمعات البشرية عبر الشبكات الإلكترونية، وهو ما أوجد نمطا جديدا من العلاقات غير الرسمية بين الدول مع زيادة كثافة نشاط الاتصالات الدولية، واتسع نشاط المعلوماتية على المستوى الدولي كجزء من عمليتين مرتبطتين معا بشكل عالي وهما عمليتا التخطي التجاري للحدود القومية وعملية التخطي المعلوماتي للحدود القومية،[10] وهو ما أدى إلى تنظيم الشعوب في مجموعات أفقية محل تنظيمهم رأسيا في مجموعات وطنية، وبربط الفضاء الإلكتروني بين الشعوب بديلا عن الربط الجغرافي وليس أيضا بالثقافة الوطنية[11].

   وهو ما أدى إلى مزيد من الضغط على النظم السياسية القائمة لتلبية مطالب مواطنيها والذين أصبحوا يتطلعوا  نحو الأفضل والملائم لثقافتهم وقيمهم مع التوجه نحو العالمية. ومع توافر الدعم الخارجي للحركات المعارضة الداخلية. فعلى الرغم من ان تكنولوجيا المعلومات والاتصال ساعدت النظم السياسية في إحكام قبضتها على مواطنيها، حيث الرقابة والتنصت وحجب المواقع على الإنترنت، إلا أنها في ذات الوقت قد زادت من حالة الانكشاف الأمني باعتمادها أولا على الارتباط المتزايد على التكنولوجيا كبرنامج الحكومات الإلكترونية والتي تصبح عرضة للاختراق والهجوم بالفيروسات وسرقة المعلومات أو إتلافها والتي أصبحت معطى جديدا للأمن القومي.وتعمل التكنولوجيا على الكشف المستمر عن مطالب واحتياجات المواطنين والتي تكون بشكل أكبر من قدرة النظم السياسية على تلبيتها مما قد يبدو على أنه عجز وفشل تلك النظم في تلبية مطالب جماهيرها، الأمر الذي قد يدفع إلى الشعور بالإحباط المولد للعنف،

 

ثانياً:

دور الفضاء الإلكتروني في تعزيز السياق الداخلي للتغير في العالم العربي

 

أ- دور الفضاء الإلكتروني في مرحلة تحريك الأفكار ورفع الوعي بالحقوق

   حدثت طفرة  هائلة في انتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وزيادة عدد المستخدمين من الشباب وتنوعت أنماط الاستخدام فتعلقت بالعمل على مرحلة تحريك الأفكار ثم مرحلة ردود الأفعال وشن الحملات الإلكترونية ثم مرحلة تحريك المجال العام وتنظيم الاحتجاجات والدعوة إليها وانتقل كذلك من مرحلة المطالبة بتعديل السياسات ثم اخيرا إلى إسقاط النظم السياسية برمتها.

   و لعبت الادوات التفاعلية للانترنت دورا كبيرا في ظهور فاعلين جدد في المجال العام وتم الكشف عن ممارسات النظم الحاكمة كـنشر الفيديوهات والتي أسهمت في تحريك الأفكار حول انتهاكات الشرطة أو الفساد داخل الدول العربية، ثم جاء جيل الشبكات الاجتماعية ليضفي المزيد من القوة في أدوات الرأي والتعبير ،

    وأصبح الفضاء الإلكتروني له دور في تعزيز وجود أنماط للتأثير على المجتمع مثل التأثير على الثقافة السياسية، والتأثير على طبيعة عمل النظام السياسي والتأثير على منظمات المجتمع المدني، و دور المعارضة السياسية لنظم الحكم، وتحسين أداء الحكومات عبر بروز الحكومات الإلكترونية .

   وأثر الفضاء الإلكتروني على بروز دور الحركات الاجتماعية الجديدة، وعلى رأس المال الاجتماعي المساند للديمقراطية، و تحسين أداء الحراك السياسي عبر بروز فاعلين جدد في المجال العام، وإعادة تشكيل دور الرأي العام العالمي.

 وأثر الفضاء الإلكتروني على العلاقة بين الدولة والمجتمع، وعلى بروز دور الإعلام البديل عن الإعلام الرسمي الحكومي وبروز الصحافة الإلكترونيه وصحافة المواطن التي أدت إلى وجود ساحة إعلامية جديدة بعيدة عن الاحتكار التقليدي للدولة لوسائل الإعلام الرسمية، وأثر الفضاء الإلكتروني على بروز نمط جديد من الديمقراطية وانتشار القيم الليبرالية داخل المجتمع، وهو ما ساعد على إيجاد أشكال جديدة من الثقافة السياسية وعم على إعادة تشكيل المجال السياسي وعلاقته بعملية التداخل ما بين المجال العام والخاص وما بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني .[12]

  وأسهمت الشبكات الاجتماعية والإعلام الجديد في توفير المعلومات التي تمكن المواطن من تشكيل رأيه وإدارة دوره السياسي وبما يسهل من عملية تحريك التفاعل داخل المجتمع، وبرز دور "المواطن الناقد" الذي يحصل على المعلومات وببني رأيه ويتحرك للتعبير عنه بصورة إيجابية، وهو ما يتكامل مع بروز "المواطن الإعلامي" القادر على صياغة الرسالة الإعلامية الخاصه به.

    وبرز أيضا "المواطن المشارك" الذي يريد أن يشارك في صناعة الحدث سواء بتعلقياته أو ما يقوم به من حشد وتعبئة لما يقتنع به من آراء وأفكار تجاه إحدى القضايا وذلك في مقابل "المواطن المستهلك" الذي يتعامل مع ما يطرح عليه ويتقبله لعدم قدرته على إنتاج بديل أو رأي آخر، وهو ما يشكل بيئة خصبة لبروز "المواطن المتحالف" التي يتضامن مع القضية ويكون مهيئا للتعبئة من أجلها.

وتنتقل عملية التأثير والتأثر من وإلى الفضاء الإلكتروني عبر مسارات أو اتجاهات سيطرت على المجال العام العربي،

وأصبح المسار الأول يتعلق بعملية الانتقال للأحداث من أرض الواقع إلى الفضاء الإلكتروني إما لتعزيز النشاط السياسي للمعارضة او اتساع عملية نقد السياسات العامة او بهدف تصفية الصراعات أو استخدامه كوسيلة إعلام في التحريض أو العنف أو بث الكراهية، ،

أما المسار الثاني، فتعلق بانتقال وتصدير الفضاء الإلكتروني لعناصر تهديد إلى أرض الواقع او بالدعوة لشن حملات الكترونية عن طريق ما يتم الاستجابة له من نشر معلومات أو صور أو فيديو ، وهو ما يكون له تأثير في تكسير شبكة العلاقات القائمة أو ببث روح عدم الثقة في مؤسسات الدولة .

وفيما يتعلق بالمسار الثالث، يتعلق دور الفضاء الإلكتروني كوسيلة إعلام يتم استخدامها كنشاط مواز للحوادث على أرض الواقع مثل أحداث القتل أو التدمير أو اتخاذ قرارات حكومية تلقى العديد من ردود الأفعال عبر الفضاء الإلكتروني المؤيدة والمعارضة لها .

أما المسار الرابع ،فتعلق ما يتم نشره عبر الفضاء الإلكتروني ولا يتعدى تأثيره عن نطاق الفضاء الإلكتروني، ويعد هذا المسار من أضعف المسارات، ويرجع ذلك إلى اقتصار تأثيره على مستخدمي الإنترنت فقط وإلى أنه لا يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع العربي .

ب-  مرحلة التعبئة الثورية عبر الفضاء الإلكتروني

  كان للفضاء الإلكتروني دور سابق في التعبئة الثورية في دول سابقة عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر وكان لها دور مؤثر في ميناينمار 2007 ومولديفيا عام 2009 وفي إيران عام 2009 فيما عر ف بثورة "تويتر "، وهناك تأثيرات مختلفة في العديد من الدول التي تشهد مراحل انتقالية ومحدثة بذلك تغييرات اجتماعية وثقافية وسياسية، وشهد العالم العربي خلال العقد الأخير طفرة هائلة في نمو انتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وصلت إلى نسبة 1250% منذ عام 2000، وحتى عام 2011 ، وأسهم في ذلك التحول من جيل web 1.0 إلى جيل web 2.0 ، والذي أدى إلى حدوث ثورة في مجال الإعلام الاجتماعي والتي كان منها ظهور المدونات والشبكات اجتماعية ومواقع استضافة ومشاركة ملفات وبرمجيات الويكي، وخدمات تبادل الأخبار [13].

   وجاء ذلك في ظل بيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية تعاني من وجود مشكلات وتحديات، وكان الأكثر تأثرا بها فئة الشباب التي تشكل ما يزيد على 60% من المجتمع العربي، وهي تلك الفئة الأكثر نشاطا ودراية بها وبما انعكس في ظهور فاعلين كثيرين في تشكيل الرأي العام العالمي، وذلك بعد تفكك سيطرة الدولة لوسائل الإعلام والحد من قدرتها على التعبئة وحشد الجماهير.

   وكانت هناك إرهاصات لتأثيرات الفضاء الإلكتروني في العالم العربي في نمو الحركات الاحتجاجية وتصاعد دورها السياسي وبروز فاعلين جدد في الحياة السياسة مثل المدونين ونشطاء الإنترنت. وظهرت إرهاصات ذلك، ففي مصر على سبيل المثال تم استخدام الفيس بوك في شن حملات ضد الفساد وتصدير الغاز لإسرائيل وضد التحرش ثم الدعوة إلى إضراب 6 أبريل 2008 والذي نجح في التأثير على الشارع السياسي في مصر ، بينما فشلت الدعوة إلى إضراب 4 مايو [14].

  ووجدت عوامل مباشرة تتعلق بالانفجار السكانى فى الوطن العربى وانهيار الطبقة المتوسطة وانهيار قدرتها الشرائية وحرمان قطاعات كبيرة من الشباب من الفرص السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وهو ما مثل بدوره عوامل متراكمة للاحتقان الشعبي وضعف الثقة بين الدولة والمجتمع ليشكل فيما بعد بيئة حضانة لاستيعاب "الوضعية الثورية"، والتي تمثلت في سلسة كبيرة من المظاهرات والاحتجاجات السلمية ضد النظم قبل اندلاع الثورات في نهاية عام 2010 وبداية عام 2011، وكان من أبرز ذلك ظهور حركات احتجاجية مثل حركة 6 أبريل وحركة كفاية ومنظمات المجتمع المدني. وجاءت شرارة الموجة من تونس ثم حدث تمدد إقليمي لها في ظروف مشابهة وبعض الدول حدث التغيير نتيجة حراك سياسي داخلي مثل مصر وتونس والبعض الآخر كان لدور الخارج مساهمة في الصراع ومعجلا من سقوط النظام مثل حالة التدخل العسكري المباشر لحلف الناتو في ليبيا، والدعم غير المباشر للمعارضة المسلحة في سوريا، ومن جهة أخرى شهدت دول مثل البحرين احتواء المعارضة بدعم مجلس التعاون الخليجي، والبعض الآخر حدث تغيير في سياسات النظام بمبادرة من أعلى مثل المغرب والجزائر .

     وكانت الفئة الأخطر هو تحول الخلاف السياسي إلى مواجهات مسلحة كأحدث في ليبيا واليمن وسوريا، بينما اتجهت دول أخرى إلى الحل السياسي للأزمة مثل تنحي الرئيس مبارك في 11 فبراير 2011 وهروب بن علي من تونس، وكانت هناك عدة عوامل أثرت في تطور الأزمة أولها يتعلق براديكالية المعارضة الشعبية ومطالبتها برحيل النظام بدلا من إصلاحه، وثانيها: تفكك النخب الحاكمة وانقسامها على نفسها، وثالثها: حياد الجيش أو انحيازه للمطالب الشعبية، ودور الفضاء الإلكتروني في دعم الإصلاح السياسي ونمو الوعي العام لدى المواطن وفي عملية بروز فاعلين جدد في المجال العام في ظل تزايد انتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات [15].

  وتعاظم دورها في أحداث التغيير الاجتماعي والثقافي والسياسي داخل المجتمع عن طريق التعبير عن موقف أو رأي أو التأثير في أفكار الناس وآرائهم لجعلهم أكثر إيجابية وللعمل على تحريك الطاقات والقدرات الشعبية واستغلالها لتحقيق أهداف الثورة وهو ما كشف عن بروز قادة جدد للرأي، وتمت الدعوة إلى25يناير في شكل الدعوة إلى حملة لإقالة وزير الداخلية احتجاجا على التعذيب ومقتل "خالد سعيد"، وتحولت إلى توجيه الرأي العام مستهدفة إحداث التغيير الاجتماعي والثقافي والسياسي داخل المجتمع عن طريق التعبير عن موقف أو رأي أو التأثير في أفكار الناس وآرائهم لجعلهم أكثر إيجابية وللعمل على تحريك الطاقات والقدرات الشعبية واستغلالها لتحقيق أهداف الثورة، وهو ما كشف عن بروز قادة جدد للرأي.

  وسيطر على التغييرات في العالم العربي دور شبكات التواصل الاجتماعي في الدعوة للمظاهرات وتدشين صفحات باسم الثورة والدعوة إليها وطلب التفاعل والمشاركة، وبرز دور الشبكات الاجتماعية والإنترنت بصفة عامة في التغيير ، وعكس ذلك من ناحية أخرى التحول لنمط جديد من جماعات الضغط الإلكترونية التي انتقلت من مجرد التأثير على السياسات العامة إلى القدرة في إحداث انفجار شعبي نجح في إسقاط النظام السياسي برمته [16].

  وتم تدشين العديد من الصفحات على الفيسبوك التي تدعو إلى الثورات داخل الدول العربية مثل صفحة الثورة السورية والليبية واليمنية والجزائر والمغرب  بينما لم تنتشر صفحات عن الثورة القطرية او البحرينية او السعودية .

    واختلفت الصفحات عبر شبكات التواصل الاجتماعي  في حجم تأثيرها في الشارع باختلاف طبيعة تعامل النظام السياسي مع موجة الاحتجاجات ومواجهة عدوى الانتقال إلى الداخل ودرجة التعامل مع مطالب المعارضة الداخلية، في وجود نظام تسلطي لديه قنوات ديمقراطية مثل النظام المصري، ومن ثم فإن دور الفضاء الإلكتروني في التغييرات السياسية في العالم العربي كان تأثيرا تراكميا بدا مع انتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وفقدان سيطرة الدولة على الإعلام الجماهيري وشملت أهم ملامح التأثير،

1.    ،دور الفضاء الإلكتروني في التحول في أهمية الفرد وتحوله إلى مكانه مركزية في حركة التفاعلات مع تنامي الوعي الفردي بحقوق الإنسان والانفتاح على العالم الخارجي،

2.    ،عمل الفضاء الإلكتروني على تغيير العلاقات بين المجموعات المختلفة ذات التأثير وذات التنوع العرقي أو السياسي من خلال إتاحة القدرة على التكتل حول أهداف عامة والتنسيق في المواقف السياسية،

3.     أتاح الفضاء الإلكتروني عبر أدواته في مجال حرية الرأي والتعبير وسهولة استخدامها ورخص التكلفة في تسهيل عمليات ردود الأفعال الجماعية.

4.     عمل الفضاء الإلكتروني على تحويل الشئون المحلية إلى طابع عالمي عبر نشر ممارسات السياسة القمعية ضد المعارضة أو ضد حقوق الإنسان عبر نشر الفيديوهات أو الوثائق،

5.     - أضاف الفضاء الالكتروني قدرة على الحشد الدولي سواء عبر الرأي العام العالمي أو المجتمع المدني أو منظمات حقوق الإنسان،

6.     -عمل الفضاء الإلكتروني على تشكيل منظمة وسيطة ضاغطة على النظام من خلال قدرة النشطاء والفاعلين على التوظيف الرسالة الإعلامية ونقل الحقائق للرأي العام بعيدا عن نمط الملكية لوسائل الإعلام،وبعيدا عن الرقابة الحكومية وهو ما عمل على استجابة النظم السياسية لتيارات الإصلاح الداخلية.

ج : التفسير النظري لموجة التغييرات في العالم العربي

1- نظرية التضخم الشبابي وعدم الاستقرار السياسي

تؤكد نظرية "التضخم الشبابي"  على أن الدول ذات البنيات العمرية الشبابية تواجه مخاطر متصاعدة باختبار صراع مسلح داخلي متبادل وأنواع أخرى من العنف السياسي، النظرية الأساسية الثانية، "نظرية المساومة السلطوية، لـ"توماس هوبز" والذي يرى إن الحياة السياسية تولد من المقايضة: عندما يشعر المواطنون والنخب بالتهديد، فإنهم يقايضون، طوعا، حرياتهم السياسية والمدنية في مقابل ضمانات أمنية.[17]

2- نظرية الحتمية التكنولوجية

تنطلق نظرية  "الحتمية التكنولوجية"، من قناعة بأن قوة التكنولوجيا هي وحدها المالكة لقوة التغيير في الواقع الاجتماعي، والنظرة التفاؤلية للتكنولوجيا تهلل لهذا التغيير، وتراه رمزا لتقدم البشرية، وعاملا لتجاوز إخفاقها في مجال الاتصال الديمقراطي والشامل الذي تتقاسمه البشرية. والنظرة التشاؤمية التي ترى التكنولوجيا وسيلة للهيمنة على الشعوب المستضعفة، والسيطرة على الفرد، فتقتحم حياته الشخصية وتفكك علاقاته الاجتماعية[18]

وفي خلال العقد الماضي شهد العالم العربي تطورا هائلا في وسائل الاتصال والإعلام والقنوات الفضائية[19]، والتي وصلت إلى ما يزيد على 700 قناه فضائية، والتى لعبت دورا وسطيا محفز ا لصياغة رغبة الشعوب العربية تجاه الديمقراطية، وجاء ذلك مع طفره هائلة انتشار وسائل الاتصال والمعلومات.

3- نظرية الحتمية الاجتماعية

ترتكز" الحتمية الاجتماعية"، على أن البنى الاجتماعية هي التي تتحكم في محتويات التكنولوجيا وأشكالها، أي أن القوى الاجتماعية المالكة لوسائل الإعلام هي التي تحدد محتواها. وإن البحوث النوعية التي تتعمق في دراسة الاستخدام الاجتماعي لتكنولوجيا الاتصال لا تنطلق من النموذجين، لأنها لا تؤمن بأن ما هو تقني يتمتع بديناميكية قوية.   ويأتي ذلك مع وجود شريحة شبابية عريضة وضعف الدولة العربية التي لم تسلم من وجود تهديدات داخلية ذات طبيعة صراعيه على المستوى الاجتماعي والعرقي والسياسي والاقتصادي وصعود الحركات الراديكالية المتطرفة، بالإضافة إلى حالات الاختراق الخارجي[20].

4- الفضاء الإلكتروني ونظرية الدينمو في العلاقات الدولية

    تنطلق ما يُعرف بـ “نظرية الدومينو” أو Dominos Theory، إنه في حال سقوط دولة مهمة إقليميا تحت المد الشيوعي فإن ما حولها من الدول يسقط بالتتابع تحت التأثير الشيوعي بنفس الوسيلة التي تسقط بها أحجار الدومينو المصفوفة، وقد انتشر المد الشيوعي من روسيا ثم تلتها الصين، ثم إلى العديد من دول العالم، وعلى النحو الذي جرى كذلك في حالة سقوط الاتحاد السوفييتي وانهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية، حيث سقطت النظم فيها تباعا، وتشترط "نظرية الدومينو" أن تتوافر عوامل مشتركة بين الدول التي تسري عليها النظرية مثل الظروف السياسية والاجتماعية والتقارب الثقافي والاقتصادي

    وهو ما من شأنه أن تؤدي عملية إحداث تغييرات في دولة إلى تغييرات أخرى مشابهة في دول أخرى، وفي موجة التغييرات في العالم العربي كانت البداية من تونس ثم تبعتها مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين وتغيرات في دول أخرى على مستوى السياسات الخاصة بالنظام لتأثير في شكل موجة منتشرة في ربوع العالم العربي تشترك في القيم وتتشابه في الأهداف وتختلف في أدوات التنفيذ.

5- الفضاء الإلكتروني ونموذج المحاكاة في التغيير الثوري  

   من أبرز الظواهر المرتبطة بموجة التغييرات في العالم العربي هو "نموذج المحاكاة " ليس فقط في الهدف، ولكن أيضا في طرق وآليات التنفيذ أما تقليد نماذج معاصرة مثل حالة تونس أو استحضار نماذج تاريخية ومحاولة تطبيقها أو من خلال استخدام نفس الآليات والمسميات للحراك الثوري[21]، ويأتي هذا في ظل توحد الدوافع السياسية والاقتصادية والمحددات الداخلية والخارجية، إلي عوامل نفسية وسيكولوجية عميقة الأغوار في الشخصية الإنسانية، تتمثل في نزعة الأفراد إلي "تقليد" و"محاكاة" سلوك الآخرين.

    وتبقى عملية انتهاج سلوك المحاكاة تلقائية وغير واعية وغريزية وراسخة في تكوين الإنسان البيولوجي، ويمكن تسمية ذلك بـ"المحاكاة العميقة" وقد كانت أبرز مثال على ذلك موجة التحول الديمقراطي في أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي إلى جانب الثورات الملونة وفيما عرف إعلاميا "الربيع العربي"،

    د-  أبعاد البيئة الداخلية لتعزيز دور الفضاء الإلكتروني  

أ-بُعد مؤسسي: يتمثل في ضعف دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ومُمثلي السُلطة التشريعية كمؤسسات وسيطة بين الحاكم والمحكوميين وعجزها عن حمل مطالب الرأي العام بما أدى إلى انفصال تلك المؤسسات عن الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيش به، بالإضافة إلى عدم التوافق بين التغييرات في الرأي العام وبين عملية وضع السياسات.

ب-  وبُعد تكنولوجي: يتمثل في الارتباط المُتزايد بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وتوفير فرص أمام لاعبين جُدد، خاصة مع ما وفرة الإنترنت من وسيلة سهلة ورخيصة وسريعه الانتشار، وكذلك اندماج الخدمات مع بعضها حيث يُتيح الإنترنت خدمة الاتصال والموبيل خدمة الإنترنت وإمكانية التراسل المجاني بينهما فضلا عن الحرية المتاحة وارتفاع سقفها عن وسائل الإعلام التقليدية 

ج- بُعد تنموي: أن المجتمعات التي تكون في طور التحول يكون لديها حالة متصاعدة من الحراك السياسي، وقد شهد العربي من السياسات التي تشكل دورا هاما في إيجاد حالة من الحراك السياسي بين المهتمين بالشأن العام، بالإضافة إلى أن انفتاح المواطن على الخارج جعل لديه طموحات وتطلعات أكبر قد تمثل ضغطا مستمرا على صانعي القرار في ظل قيود الواقع الاجتماعي والاقتصادي، والتي زادت بعد تنحي الرئيس التونسي.

د- بعد ثالث ذو طابع جيلي أو عمري: ينطلق من كون الشباب في العالم العربي يمثلون ما يقرُب من 60% لديهم .وهم الفئة الاكثر معاناة وناشطية وتمثل كتلة حرجة للتغير .

 

ثالثا :

الفضاء الالكتروني  في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم العربي .

    تستخدم الولايات المتحدة الفضاء الإلكتروني كأداة في سياستها الخارجية ،وللعمل على بقاء الفضاء الإلكتروني حرا ومفتوحا، وبأن تكون الحقوق الإلكترونية– الرقمية أحد أنماط حقوق الإنسان والتي عملت على حمايتها مواثيق الأمم المتحدة، وتقوم الولايات المتحدة بفرض ضغوط على الدول التي تعمل على التأثير على حرية الإنترنت مثل الصين وإيران وسورية وفيتنام وبدت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان ترصد مدى تقدم الدول في مجال حرية الرأي والتعبير عبر الإنترنت، وعلى الرغم من الطابع العالمي لحرية الفضاء الإلكتروني إلا أن الولايات المتحدة تحاول أن تستخدم الإنترنت كورقة ضغط سياسية واجتماعية واقتصادية على الدول التي تحمل توجهات غير موالية لها.

    وهو ما يأتي في إطار استخدام الدبلوماسية الإلكترونية والقوة الناعمة كأدوات جديدة في صنع السياسة الخارجية، وهو ما يعيد الاعتبار إلى فتر ة الثمانينيات التي شهدت موجة التغيير داخل الاتحاد السوفييتي السابق وإسقاط الشيوعية في دول أوروبا الشرقية، وعرفت تلك الموجة بـ"ربيع براج"[22]، ومثّل ذلك انتصارا للقيم الرأسمالية الغربية بدون استخدام القوة العسكرية كما تم في حالتي ألمانيا واليابان واللتين خضعتا للاحتلال العسكري المباشر بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية،.

    واستخدام آليات الخداع الإستراتيجي والتي تقدمت بشكل هائل بفضل التقدم في وسائل الإعلام وتزايد القدرة على التأثير في الجمهور الذي يتلقى منها الرسائل، ومثلت نظرية "الرصاصة السحرية MagicBulletTheory" أو نظرية "إبرة تحت الجلد"، التي تعتبر أن تأثير الإعلام والاتصال على الجماهير المتلقية هو كقوة تأثير الرصاصة او الإبرة التي توخز تحت الجلد، وظهرت "نظرية التسويق الاجتماعي "TheoryofSocial Marketing"، حيث تقوم هذه النظرية على مبدأ استخدام أدوات اتصالية مختلفة (حملات إعلامية-اتصالات شخصية-علاقات عامة-أحداث مفتعلة) لترويج فكرة اجتماعية، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الانتشار للموضوع، والتأثير على الجمهور، لتبني سلوك يتفق والفكرة المطروحة. [23]

  وكان الكاسيت له دور كبير في الثورة الإيرانية عام 1979 على النحو الذي أطلق عليها بـ"ثورة الكاسيت"، ولعبت الإذاعة في فترات سابقة مثل إذاعة صوت العرب والتي تم إطلاقها من مصر عام 1953 لتعزيز دور ثورة 23يوليو في نشر الدعوة إلى التحرر من القوى الاستعمارية في العالم الثالث ونمو الشعور القومي وتصدير النموذج الثورى إلى الخارج[24].

   ولقد حدث إعجاب كبير بتجربة التغيير في أوروبا الشرقية إلى الحد الذي أعلنت فيه وزيرة الخارجية "كوندوليزا رايس" أن الولايات المتحدة مثلما نجحت في أوروبا الشرقية ستنجح في العالم العربي. واتجهت الولايات المتحدة الى تبني التغيير في الوطن العربي عبر دعم الثورات الناعمة من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، واطلقت "شركة" "جوجل في عام 2010  في بودابست "منتدى حرية الانترنت"، و أطلقت الخارجية الامريكية مؤسسة "شبكة مدوني المغرب والشرق الأوسط". سبق ذلك وتبعه سلسلة من المنتديات في قطر بعنوان "منتدى الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة"، في فبراير  2006  وتم الاتفاق على وثيقة سرية باسم "مشاريع للتغيير في العالم العربي"، وأسس المصري "هشام مرسي"، صهر الشيخ يوسف القرضاوي، "أكاديمية التغيير" تضم المؤسسة عددا من "الهاكرز والمدونين" أطلقت في يناير عام 2011 عملية "التونسية" التي كانت تدار مباشرة من الولايات المتحدة.

     وكان للكاتب"جيني شارب" صاحب فكرة «الثورة من دون عنف»، إسهام واضح عبر إتاحة الفرصة للتدريب على استخدام العصيان المدني ومواجهة النظم الاستبدادية والأجهزة الأمنية، ويتم اسخدام وسائل الإعلام في شحن الجماهير وشن الحرب النفسية على أجهزة تنظيم القوة داخل الدولة، وأسس "شارب""معهد أنشتاين" بإشراف الاستخبارات الأمريكية مع الزعيم القومي الصربي "سردجا بوبوفيتش" الذي عمل للثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا.

  وكانت عملية التدخل الأمريكي في الشئون الداخلية ترتكز على ما تمارسه من سياسات على صانعي القرار في الدول العربية أو النخبة الحاكمة ومن ثم كان التدخل فوقيا، بينما ساعد الفضاء الإلكتروني فى تجاوز قمة الدولة ومؤسساتها الرسمية إلى اتصال بشكل مباشر مع القواعد الجماهيرية وفي محاولة للتأثير في توجهاتهم على النحو الذي يخدم الأهداف السياسية الخارجية الأمريكية ومن ثمّ الضغط على صانع القرار ، وهو ما يعكس عملية التغيير في الدبلوماسية الأمريكية والتي تحمل شعار "تحت التنفيذ" وهو ما يعني أنها لم تعد تركز على قبول القادة والحكام إلى سياساتها أو تحالفها معها.

  ودفع النجاح الأمريكي في إسقاط الشيوعية في أوروبا الشرقية إلى أهمية استخدام القوة الناعمة مثلما تم بداية موجة التغيير في أوروبا الشرقية بحادث دموي يتعلق باعتقال الرئيس الروماني وشنقه، وهو ما كان له تأثير في دول أوروبا الشرقية والتي تحولت عبر القواعد الجماهيرية عبر دعم حركات الاحتجاج ضد النظم الحاكمة،[25]

    وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بدأت الولايات المتحدة تتجه إلى ما اسمته محاربة على الإرهاب والتي تضمنت محاولة إسقاط النظم عسكريا والتي تحمي الجماعات الإرهابية وأن على الولايات المتحدة أن تشن حربا استباقية قبل أن تصبح عرضة للهجمات الإرهابية، وتم شن الحرب على أفغانستان وغزو العراق عبر إسقاط النظم عسكريا من الخارج على النحو الذي تم في حالة اليابان، وفي ولاية الرئيس بوش الثانية وبعد تعرض صورة الولايات المتحدة إلى الضرر بفعل الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والعسكرية وعلى النحو الذي أدركت الولايات المتحدة أن حربها ضد النظم ليست كافية لأن النظام هو امتداد للشعب الذي يتكون منه

   ومن ثم فإن العلاج يكمن في تغيير الأفكار والقيم لتصبح الشعوب أكثر تقبلا للثقافة الأمريكية، وتم التركيز على ما تم إطلاقه من حرب الأفكار داخل العالم الإسلامي، وتم استخدام أدوات في دعم ذلك مثل تبني مشروع الشرق الأوسط الكبير وتمويل المنظمات غير الحكومية والنشطاء والضغط في سبيل تغيير التعليم والإعلام والمؤسسات الدينية.

       وقامت الخارجية الأمريكية بتطوير إستراتيجيها في مجال الدبلوماسية الإلكترونية وفي محاولة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد، وجاء ذلك مع نشاط مكثف للأجهزة الاستخبارتية الخارجية، ومحاولة تقويض الدول القومية وتحويل الأجهزة الأمنية الوطنية إلى منظمات أكثر عرضة للمساءلة والشفافية من قبل الخارج، وتحويلها إلى دول ديمقراطية أكثر شفافية وتعددية[26].

  وتم تفعيل دور المخابرات المركزية الأمريكية في دعم التدريب في حالة حرب اللاعنف[27] وظهرت الثورات الملونة مع التركيز بشكل خاص على صربيا عام (2000)، وجورجيا عام (2003)، وأوكرانيا عام (2004)، وقيرغزيا عام 2005 في كل حالة تم الإطاحة بالحكومات الموالية للاتحاد السوفييتي من خلال تعبئة الساخطين، والشباب الموالين للغرب بتمويل من وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية، ووزارة الدفاع مرتبط "الديمقراطية التلاعب" الأسس، وتشمل هذه الأخيرة الصندوق الوطني للديمقراطية (NED)، المعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية (NDI)، مؤسسة فريدوم هاوس (FH)، ومعهد ألبرت أينشتاين، ومركز العمل غير العنيف والإستراتيجيات CANVAS، ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية تنمية (USAID، ومعهد المجتمع المفتوح جورج سوروس "(OSI).،

   وتم استخدام وتوظيف مراكز الأبحاث والفكر الأمريكية، لدعم الأنشطة الأمركية الخارجية وتقديم التمويل للقيام بأنشطة تخريبية والتجسس، وتزوير الانتخابات، وتشجيع أنشطة شعبية في دعم عدم الاستقرار ، وتم استخدامها في دول مثل فنزويلا وبوليفيا وكوبا و إيران التي تعارض جدول الموالية للشركات الأمريكية.وقامت وزارة الخارجية ومؤسسات الفكر والرأي في تقديم التكنولوجيات الجديدة والتدريب على تفادي حجب ورقابة الحكومات للإنترنت، وقامت جوجل بتمويل مشروع التدريب لبرنامج ""TOR، الخاص بكسر الرقابة الحكومية على الإنترنت، ومختبر بحوث البحرية الأمريكية، وهيومن رايتس ووتش في عام 2004 وقامت منظمة هيومن رايتس ووتش المحسوبة على "جورج سورس" بعمل مشروع مشترك بين معهد المجتمع المفتوح سورس ووزارة الخارجية.

   وكان لمنظمة تحالف الحركات الشبابية عبر منصة Movements.org[28]دور في تشجيع استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية للناشطين الشباب على المستوى الدولي، وترتبط تلك المنظمة "جاريد كوهين" مدير  أفكار شركة جوجل والمستشار السابق لكل من"كوندوليزا رايس "ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وجيسون ليبمان، وهو موظف سابق في شركة جوجل وفي كل من وزارة الخارجية والبنتاجون وديفيد نصار المدير للمعهد الوطني الديمقراطي، والمعهد الجمهوري الدولي.

     وركزت وكالة المعونة الأمريكية USAID على تبني النشطاء الدوليين الذين شاركوا في قمة عام 2008، والذين تم تعليمهم على كيفية استخدام الفيسبوك وتويتر ، وبمشاركة كل من  شريف منصور من مؤسسة فريدوم هاوس، وجيمس جلاسمان من وزارة الخارجية، ولاري دايموند من NED، و شريف ظافر مستشار الأمن القومي، و "وائل غنيم" مسئول التسويق لشركة جوجل في الشرق الأوسط في مصر ، والذي شارك في مظاهرات ميدان التحرير وتدشين صفحة الفيسبوك "كلنا محمد البوعزيزي" التونسي الذي أشعل الثورة التونسية،

 و أنشأ وائل غنيم صفحة المدونة "كلنا طلّ الملوحي"[29] للضغط على سوريا لإطلاق سراحها بعد أن تم القبض عليها للقيام بأنشطة التجسس في السفارة السورية في القاهرة، وقام وائل غنيم بإنشاء صفحة "كلنا خالد سعيد"، وهو الشاب الذي لقى مصرعه بعد مواجهة مع الشرطة[30]، وكان وائل غنيم قد أنشأ في عام 2009، صفحة الفيسبوك للدكتور محمد البرادعي، وكانت زيارته للقاهرة في فبراير عام 2010 للاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية المصرية والتي تم تمويلها من السفارة الأمريكية وفق تسريبات ويكيليكس، وتم إنشاء حركة 6 أبريل، وهناك عدد من المنظمات التي تم تمويلها في الدول العربية من وزارة الخارجية الأمريكية.

وخلال الأربع سنوات السابقة على موجات التغيير عام2011 ، تبنت وزارة الخارجية الأمريكية أجندة "حرية الإنترنت العالمية"، وقدمت 70مليون دولار لتعزيز إمكانية الدخول إلى الإنترنت حول العالم. وموَّل هذا المبلغ أربعة مشاريع تنتج برمجيات التحايل والالتفاف والتي ساعدت ملايين الناس في الصين، وإيران، وبلدان أخرى على الدخول إلى مواقع إلكترونية مراقبة[31]، ووفرت مبادرات أخرى لناشطين ومدونين التدرب على أمن الإنترنت، وقد تبنت الولايات المتحدة في مؤتمر "حرية الإنترنت" الدعوة إلى "ائتلاف عالمي للحفاظ على إنترنت مفتوح"، وتبنت 34 دولة عضوا في OECD مبادئ تشدد على الحفاظ على الإنترنت مفتوحا ومترابطا ودعت الدول الأعضاء "لضمان الشفافية، والعملية العادلة والنزيهة والمحاسبة" ، وأبرزت الحاجة إلى" تشجيع التعاون وتعزيز  أمن الإنترنت"، وإعطاء الأولوية المناسبة لجهود التعزيز هذه، وساعد ذلك الحكومات للقيام بما تعتبره ضروريا ما دام أن الهدف يتم تصنيفه في خانتَي "الأمن" و"التفويض".

 ولعبت الولايات المتحدة دورا في إقدام الشركات التكنولوجية الكبرى على فرض عقوبات على كل من إيران وسوريا وإيران وكوريا الشمالية والسودان، وقامت وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية و مجلس حكام الإذاعة بتمويل عدد ضخم من المؤسسات التكنولوجية و التي تقدم المساعدة للنشطاء للدخول على شبكة الإنترنت بسرية دون رصد الحكومات لأماكنهم والدخول على مواقع تحجبها بعض الدول، ووضعت هذه التكنولوجيا الإدارة الأمريكية في وضع محرج تجاه دول مثل السعودية والصين ويعلى من اعتبار إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا من جانب الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية مع قدرتها على تجاوز القيود الحكومية على الإنترنت.

   واستخدمت هذه التكنولوجيا في أثناء اندلاع المظاهرات في مصر و تونس و ليبيا كتأمين لعملية التواصل بين الفاعلين في التظاهرات واستخدامها كوسائل للعصيان الإلكتروني، خاصة مع قدرة هذه البرامج على حجب المستخدم عن الأجهزة الأمنية وتصوره على أنه يعمل من بلد آخر ، بالإضافة أنها تمنحه الدخول إلى مواقع تحجبها الحكومات.

    وخصصت وزارة الخارجية الأمريكية 30 مليون دولار إضافية لتمويل شركات التكنولوجيا و جمعيات حقوق الإنسان لمساعدة النشطاء على الدخول للإنترنت واختراق جدران الحماية و تصفح الإنترنت دون تعقب الحكومات لهم، وقدمت منظمات أمريكية ووزاة الخارجية الأمريكية الدعم المالي لمنظمات المجتمع المدني، والقيام بدعم حرية الإنترنت وحقوق المتظاهرين في الشرق الأوسط وفي المناطق الأخرى التي تقوم الحكومات بتقييد أو مراقبة حركات المعارضة، ودعمت الإدارة الأمريكية ما يزيد على 12من الشركات المختصة بالتحايل للدخول سريا على الإنترنت، ومنها 3 شركات هي الأكثر استخداما في العالم وجذبت 2 مليون مستخدم شهريا.[32]

  و تشرف إذاعة "البي بي سي"على إذاعة صوت أمريكا، وتعمل بشكل وثيق مع بعض تلك الشركات التي تحجب النشطاء على الإنترنت، والعديد من هذه الشركات التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية رصدت زيادة كبيرة في أعداد مستخدميها بالعالم العربي في الدول التي تمر بها بعدد من التغيرات السياسية، ومولت وزارة الخارجية الأمريكية والدفاع مؤسسة "تور"، و هي مؤسسة غير ربحية لإتاحة تكنولوجيا الحجب في مصر وتونس وليبيا.

     ومن ناحية أخرى يتم استخدام هذه التكنولوجيا لجمع المعلومات الاستخباراتية ولصالح الجمعيات المتحدثة باسم حقوق الإنسان و حرية الصحافة ودعم حرية الوصول للمعلومات[33].ولعبت شركات الفيس بوك وتويتر وجوجل دورا في الاضطرابات وموجه التغييرات  في العالم العربي والتي تتحالف مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للدول الكبري، وذلك على غرار "الثورات الملونة"، والتي حدثت في صربيا وجورجيا وأوكرانيا وقرغيزستان ومنغوليا، والمحأولات الفاشلة الأخيرة في بورما وإيران وتايلاند .

    وتم استخدام حقوق الإنسان و"الديمقراطية"، والتي يعود تاريخها إلى الثورتين الفرنسية والروسية، من اجل دعم الدفاع عن المظالم وكغطاء للضغط على النظم السياسية [34]. ومثل ذلك تدخلا ناعما في الشئون الداخلية إلى جانب التدخل الأجنبي المباشر عبر قيام حلف "الناتو " بتوجيه ضربات عسكرية لقوات القذافي ومد المعارضة بالأسلحة فإن هناك صور أخرى للتدخل غير المباشر مثل القيام بتدريب المحتجّين في الثورات غير السلمية، وتوجيههم وإطْلاعهم على معلومات عن خطط النظام وتحرّكاته.

     والعمل على مد المعارضة بالقدرات التكنولوجية اللازمة للحفاظ على سرية مراسلاتها، وهو ما يطلق عليه "اليد الخفيّة " وفق "آدم سميث" والتي تؤسس للقوانين وتنسحب إلى الخلف، تاركة الفرصة للدينامية بأنْ تطوّر ذاتها بذاتها، وتفرز بعدَ ذلك ما ينسجم مع إمكاناتها الذاتية الاجتماعية. وكان هدف "النظام المصري" من قطع الاتصالات منع عملية التواصل بين النشطاء وتلقي المعلومات من الخارج ونقلها بين بعضهم البعض، ولكن جاءت النتيجة عكسية بسبب عدم توضيح حقيقة قطع الاتصالات بشفافية للشعب أمام تعرض البلاد وقت الأزمة ألى سلسلة هائلة من الاختراقات الداخلية والخارجية.

   وقدمت الولايات المتحدة مساعدات تكنولوجية متطورة إلى الناشطين في مجال الحرية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط والثائرين ضد أنظمة تراها أنظمة استبدادية، من أجل إيصال صوتهم وأوضاعهم بصورة مباشرة إلى العالم .وتدور تلك المساعدة التكنولوجية حول إنشاء شبكة إنترنت سرية مع شبكة محمول دولية لا تخضع إلى رقابة أي دولة حتى يتمكن هؤلاء الناشطون من التواصل مع العالم .

    وهناك مشروع لتصنيع جهاز يعمل على الربط بين الإنترنت والمستخدمين دون أن يكون للدولة وأجهزتها علم بهذا الارتباط الاتصالي، وهو جهاز صغير ويمكن تفكيكُه وتركيبه بسهولة وحمله في حقيبة سفر، ويتيح سرية المراسلة من الأفلام والصور والوثائق والمعلومات وإجراء اتصالات هاتفية دولية عن طريق شبكات هاتف دولية تخصص لهم اتصالات مجانية بعد تزويدهم برمز سري وكلمة مرور، هذا إضافة إلى قدرة المستخدم على استقبال المعلومات عبر الجهاز نفسه. وتسعى الولايات المتحدة لتطوير مشروع إنتاج هذا الجهاز ليتم تهريبه إلى إيران وسوريا والصين وكوريا الشمالية،

وقدمت الولايات المتحدة بالتعاون مع الشركات التكنولوجية مساعدات غير عسكرية للجماعات المسلحة والحركات المعارضة داخل الدول العربية سواء عبر دعم مباشر بتوريد تكنولوجيات الاتصال وأجهزة التجسس وإتاحة الفرصة للتدريب على استخدام التكنولوجيا.

    وبتقديم مساعدات لمحطات الإذاعة المحلية التي تقدم أخبارا ومعلومات للاجئين عن الخدمات المتاحة، والتدريب لشبكات من الصحفيين والمدونين والنشطاء على المواقع الإلكترونية من المواطنين العاديين، و توثيق ونشر المعلومات عن التطورات ،وتقديم مساعدات ومعدات فنية تعزيزا لأمن المعلومات واتصالات النشطاء ، من خلال شبكة الإنترنت ومحطات الإذاعة المحلية المستقلة،وقنوات التلفزيون الفضائية عبر الأقمار الصناعية[35].والتقدم الذي تعكف علية شركة الفيس بوك وجوجل في توفير الانترنت لكافة المناطق المحرومة في العالم من خلال الانترنت الفضائي.

 

رابعا -  الفضاء الإلكتروني وأدوات الدعم غير العسكري للتغيرات في العالم العربي  .

 

  وفر الفضاء الإلكتروني أدوات جديدة قادرة على اختراق الأمن القومي للدول الأخرى والتي يتم استخدامها بهدف توظيفها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا، ولما كانت القدرة على توظيف ذلك يتوقف على القوة التكنولوجية فإن الدول الكبرى هي التي تملك القدرة على توظيف ذلك بالتعاون أو بدون مع الشركات التكنولوجية الكبري، وتبقى الدول الأضعف هي الضحية في مواجهة الهيمنة التكنولوجية والمعلوماتية.

    وأصبحت الشركات التكنولوجية لاعبا دوليا مؤثرا في حركة التفاعلات الدولية [36] إلى جانب تحول العالم العربي إلى مسرح لعمل أجهزة الاستخبارات العالمية مثل الموساد الإسرائيلي أو وكالة الاستخبارات الأمريكية والتي توظف قدراتها في مجال التجسس والتكنولوجيا والفضاء في التجسس على الاتصالات في الدول العربية. فضلا عن قيام جهات خارجية بالتشويش على الاذاعات الوطنية والقنوات الفضائية التابعه للنظم العربية ،والعمل على توفير الانتشار الكاسح لباقات قناه الجزيرة القطرية بتوفير ترددات بديلة لها .    

  ودخلت الدول والشركات على خط الصراع بين الحكومة والمعارضة في دول الربيع العربي وباتت تعمل الشركات على توفير أدوات وأساليب لمواجهة السلطة الأمنية للدولة ومحاولة التأثير بدرجة أكبر في الرأي العام وتعزيز عملية التواصل بينها وبين الخارج وما بينها وبين الرأي العام الداخلي، وتعمل تلك الشركات بغطاء سياسي على الأقل من الدول وتم  توفير إمكانية الاتصال بالإنترنت في حال قيام السلطات الحكومية بقطعها.

   ووفرت شركة جوجل خدمة تسمح بنشر التويتات واستخدام التويتر عن طريق الاتصال الصوتي، ووفرت منظمة "موفمنتس" أرقاما دولية للدخول للإنترنت أثناء قطعه، وهو ما مكن النشطاء من استمرار عمل الصحفات الخاصة بالثورات وتبادل المعلومات والتنسيق بين الفاعلين في الأحداث، هذا بالإضافة لتوفير هواتف الثريا المتصلة بالقمر الصناعي.

  واستخدام برامج لتفادي عملية حجب المواقع والرقابة على الإنترنت مثل برنامج "TOR "من جانب السلطات الأمنية للدولة مثل استخدام برامج خاصة بإرسال الرسائل على الهواتف الجوالة بدون رصد من الدولة لها، والتدرب على كيفية إعاقة عملية رصد مكان الجهاز الخاص بالاتصال وتغيير IP الخاص بمكان الاتصال، وقامت عدد من الحركات بقرصنة المواقع الحكومية، فقد تعرضت مصر إلى 500 هجوم إلكتروني وقامت حركة "الأنونيمس" بتهكير غالبية مواقع الحكومة المصرية أو المساندة لها.  وتم استخدام الفضاء الإلكتروني في نشر المعرفة والمعلومات حول استخدامات حرب اللا عنف في مواجهة النظام الحاكم وكيفية تطبيق إستراتيجيات التعبئة الجماعية،وتم تهريب أجهزة للتجسس واختراق أجهزة اللاسلكي الخاصة بالشرطة والجيش والتصنت عليها[37]. والتشويش على الاتصالات بين أفراد الشرطة وبعضهم البعض.للتأثير على تحركات الأجهزة الأمنية و التأثير على عملية إدراكها نتيجة العزل عن مجريات الأحداث أو عبر توجيه تعليمات خاطئة تفضي إلى الهروب من الخدمة أو تلقي معلومات خاطئة.
    وقد تم استخدام هذا الأسلوب إبان الحرب الأمريكية على العراق عبر اختراق أنظمة الاتصالات ونشر معلومات مسبقة عن سقوط بغداد، وتم على هذا النحو اختراق الاتصالات الليبية وإرسال رسائل عن سقوط طرابلس بما أثر على القوات المحاربة إلى جانب "القذافي", والذي تم تحديد مكانه عبر رصد المكالمات من جانب أجهزة استخبارات أجنية تم تزويد المعارضة بتلك المعلومات.
  وقامت الولايات المتحدة وتركيا والدول المتحالفة ضد نظام بشار الأسد في سوريا بمد المعارضة بمعلومات إحداثية عبر الأقمار الصناعية عن تمركز القوات السورية، واختراق أنظمة الاتصالات داخل الجيش السوري والتي نتجت عن قيام المعارضة المسلحة باستخدامها على الأرض ضد النظام السوري مثل القيام بتفجير اجتماع خلية الأزمة السورية والذي أدى إلى مقتل كبار القادة في الجيش السوري.
  وهو ما يوفر معلومات يتم استخدامها في توجيه ضربات للنظام الحاكم وأجهزته الأمنية خاصة فيما يتعلق بخطة انتشار قوات الشرطة وخطط تأمين المقار المهمة، وأصبحت تحركات النشطاء تتغير وفقالما لديهم عن تحركات الأمن وأصبحوا يسبقون الأمن بخطوات لفتح السجون وحرق الأقسام ونشر الفوضى.

   وقد قامت شركات التواصل الاجتماعي بتقديم المساعدة للمعارضة عبر تسويق الصفحات الخاصة بالدعوة للثورات في الدول العربية، حيث تم تدشين العديد من الصفحات والحسابات في حين قامت الشركات نفسها بحذف متكرر لصفحات مؤيدة للنظام مثل قيام الفيس بوك بحذف صفحة الجيش السوري الإلكتروني ما يزيد على 250 مرة وقيام شركة تويتر بنفس الأمر . ووصلت عملية الدعم عبر شبكات التواصل الاجتماعي عبر  تقديم وسائل فنية و تسويقية مثل القيام بتزويد القائمين على إدارة الصفحات "الأدمن" بتطبيقات زيادة عدد المعجبين بالصفحات على الفيس بوك وتويتر .

والقيام بشن حملات إعلانية للدعوة للانضمام إلى الصفحات، إلى جانب تطبيقات نشر المحتوى من الصور والفيديوهات تلقائيا على صفحات متعددة بما يعطي الإحساس بضخامة المؤيدين ويشجع على انضمام المزيد من المعجبين، وأتاح ذلك استخدام لعبة الأرقام كمؤشر على حجم التأييد السياسي للأفكار التي تدعو لها الصفحات، مع العلم بأن عددا ليس بقليل يقومون بالإعجاب بالصفحات المطالبة بالتغيير المحلي داخل الدولة من خارج الدولة،وقد يكونون أقل من السن القانونية للتصويت أو عمل إعجابات أكثر من مرة عبر حسابات متعددة،وهو ما يعطي أن أرقام المعجبين غير حقيقي ويوظف في الدعاية السياسية، كصفحة "كلنا خالد سعيد"، أو "الثورة السورية".

    ويتم تقديم الدعم الفني لتلك الصفحات أيضا عبر ربطها بمحركات البحث عبر الإنترنت مثل جوجل، ولعل خبرة "وائل غنيم" كمسئول تسويق في جوجل قد ساعدت في زيادة عدد المعجبين لصفحة كلنا خالد سعيد لتصل في غضون أيام منذ الدعوة إلى يوم 25 يناير إلى 400 ألف معجب، وهي الشارة التي أدخلها الفيس بوك عام 2009، وتوجد أدوات أخرى محفزة وهناك خدمة الدعوة إلى فاعليات والمجموعات السرية التي تكون غير ظاهرة للمستخدمين والتي تتيح فرصة التواصل السري بين النشطاء بعيدا عن الأجهزة الأمنية.

   وتقديم خدمات الاتصال غير المباشر في حالة قطع الإنترنت، وإتاحة تطبيقات لنشر الصور والفيديوهات على نحو أكثر سرعة وانتشارا، وأخرى لكسر حجب المواقع الإلكترونية على الإنترنت، والعمل على نشر المعلومات حول تنظيم المظاهرات ومواجهة قوات الأمن بما يعمل على اتساع نطاق التأثير في الرأي العام العالمي وتشكيله وعرض النماذج الدولية المشابهة في أعمال التغييرات والثورات الملونة، والعمل على تقديم معلومات وصور تجسسية حول المواقع الإستراتيجية والعسكرية للدولة،

 وتعزيز عملية نشر شبكة إنترنت سريّة في منطقة معيّنة تتمّ وفق إحدى الطرق الأربع التالية: عبر وضع أجهزة إرسال لاسلكي على السفارات الأمريكية وقنصلياتها وتوابعها الأخرى أو بالتعاون مع سفارات أجنبية أخرى لتغطي الدولة المعنية بالإنترنت الخفيّ، تماما مثلما تغطي الأبراج العالية خدمة المحمول، عبر ترددات غير مسجلة في شركات الاتصالات،.

وتتولى أقمار صناعية خاصة توفير خدمة الإنترنت الخفي، مثل طريقة عمل أجهزة تحديد المواقع الجغرافية (GPS) .ويمكن أن تغطي سفن عسكرية بحرية أجواء الدولة المعنية بخدمة الإنترنت الخفي من جهة الخليج العربي بالنسبة إلى إيران، ومن البحر الأبيض المتوسط بالنسبة إلى سوريا وهي طريقة آمنة.

 وقد تتولى طائرات كبيرة مثل"الأواكس" بتوفير خدمة الإنترنت الخفي  والتي تمكن من اجراء الاتصالات الدولية دون المرور بالشبكات الارضية من خلال تحليق يومي فوق الدولة المعنية ساعات طويلة، على أن يتم الاتفاق على هذه الساعات مع مستخدمي الإنترنت الخفي، وهذه الطريقة مكلفة هي الأخرى.وهو ما يعد  نواة للتطور في استخدامات الانترنت الفضائي عبر قيام الاقمار الصناعية بتلك المهمة .

 

خامسا : مستقبل دور الفضاء الالكتروني في التحول الديموقراطي  في حدود التفاعل بين الداخل والخارج  .

اختلفت الدول العربية في طريقة توظيف البعد الإلكتروني في الصراع مع معارضيها أو مع الخارج فهناك دول لم تكن على درجة كبيرة من التقدم في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ومن ثم كان البعد الإلكتروني في الصراع بين المعارضة والنظام أقل أهمية، وبينما جاءت دول أخرى أكثر تقدما تكنولوجيا عمل على تحول الصراع إلى نمط الصراع الإلكتروني .

    وكانت الدول المتوسطة في القدرات  تستخدم البعد الإلكتروني في صراعها مع المعارضة ولكن بدرجات أقل من دول أخرى، ففي الحالة الأولى التي قلّ فيها الاعتماد على الفضاء الإلكتروني ودرجة تقدمه داخل البلاد مثل حالة ليبيا واليمن كان الصراع أكثر دموية بتحوله على نحو سريع إلى الصراع المسلح، ولعبت قدرة النظم على التعامل مع الفضاء الإلكتروني في إدارة الصراع مع المعارضة من ناحية والتعامل مع الضغوط الخارجية من ناحية أخرى، و لعبت السعودية دورا كبيرا في حذف فيديوهات من اليويتوب تتعلق بمظاهرات للشيعة في شرق السعودية، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع شبكات التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات الشخصية للنشطاء ومن ثم تعرضهم إلى الملاحقات الأمنية.

 ومن ناحية أخرى فقد اختلفت الدول العربية في دور الفضاء الإلكتروني في التعبئة والحشد للمظاهرات وفقا لطبيعة النظام السياسي وسيطرة الأجهزة الأمنية، ففي سوريا كان دور الفضاء الإلكتروني أقل في دعم عمليات التعبئة والمظاهرات بسبب وجود تخوفات أمنية حالت دون التفاعل الكبير في الدعوة إلى المظاهرات أو الاحتجاجات ضد النظام السوري، بينما كان الحال مختلفا في مصر حيث أدت ضعف قبضة النظام الأمنية إلى سهولة الحشد والتعبئة وتزايدت إلى درجة كبيرة الثقة في تحقيق الأهداف.

   ومن ناحية أخرى فقد اختلف أداء الدول العربية في دور الفضاء الإلكتروني في مرحلة ما بعد سقوط النظام، حيث كان له دور كبير في تجميع الشباب حول هدف إسقاط النظام بينما كان له دور آخر فيما بعد حيث أدى إلى زيادة درجات التفتت والتحزب حول طرق التعامل مع الحراك السياسي[38].  

   وكان النظام السوري من أشد النظم العربية إدراكا لأهمية دور الإعلام الإلكتروني في إدارة أزمته نتيجة للخلفية الأمنية القوية للنظام السوري، وتم استخدام الفضاء الإلكتروني كوسيلة في شن حرب إعلامية مضادة، وعلى خلاف النموذج المصري الذي أقدم على قطع الاتصالات والإنترنت في أثناء المظاهرات بغية السيطرة على عمليات الحشد والتعبئة وقطع التواصل بين النشطاء في الداخل والخارج، بينما استخدم النظام السوري نفس الأداة "الإنترنت"، و التي تستخدمها المعارضة في مواجهة ادعاءاتها وشن حرب إعلامية مضادة، والكشف عن تحركات المعارضة المسلحة ورموزها واختراقها.

   وتم استخدام الفضاء الإلكتروني في محاولة لنشر وجهات نظر النظام وكسب التأييد لدى الشعب السوري، وتعقب نشطاء المعارضة ومعرفة فصائلهم وتساعد ذلك في تمكن السلطات الأمنية من معرفة تشكيلات وزعماء الكتائب المعارضة عبر ما يتم نشره على شبكات التواصل الاجتماعي، أو بالعمل على اختراق أجهزة النشطاء أو عن طريق بث برامج التجسس.

   وكان لظهور ويكيليكس التي تم تسريبها دور في فقدان الثقة بين المجتمع والدولة وفي التأثير على الدبلوماسية الدولية، وعمل في ذات الوقت على غلبة التسريبات على وسائل الإعلام العربية، وهو ما عمل على التمهيد لموجة التغييرات في العالم العربي. 

   ومنحت القدرات المتاحة أمام جموع الأفراد في مجال تطبيقات الفضاء الإلكتروني المزيد من القوة في مواجهة النظم الحاكمة، ومكنها من تحويل القوة على نحو فعلي لتصبح في يد الشعب أو الرأي العام، وهو ما يوفر فرصة إلى نمو ضغط على مؤسسات الدولة عبر تعزيز الضغط الخارجي، وهو ما يمكن توظيفه لخدمة أهداف خارجية،وهو ما يمكن أن يطلق عليى حرب اللاعنف، وهو تكتيك جديد متبع لغزو الدول المستهدفة بدون حرب عسكرية وبدون تكلفة بشرية وبتعزيز التقدم السريع نحو تحقيق الأهداف الحقيقية، وكان "جين شارب" من رواد عملية وضع التكتيكات لسقوط أنظمة عن طريق التحكم في مقدرات الأمور بواسطة الشعب و يلزم ذلك الضغط على كل مؤسسات الدولة بل بمعنى أصح تغيير كل أعمدة الدولة بما فيهم الجيش وإعادة بناء ذلك من جديد.

  وتجدر الاشارة الى ان موجات التغيير مثل حالة موجه التغيير في أوربا الشرقية في اوائل التسعينات وموجة الثورات الملونة وموجة ما يسمى "الربيع العربي" فشلت في تحقيق اهدافها فور اسقاط النظم   بسبب الطابع الفجائي للتغير والضغط الخارجي المتزايد التي أدى إلى نمو المؤسسات الأمنية في الداخل وإلى عدم نضج تيار سياسي قوي يدفع في اتجاه الليبرالية، إلى جانب فشل الإسلاميين في إدارة صراعهم السياسي مع التيار المدني إلى جانب ما حدث في مصر في 30 يونيو  وقد شكل موجة ارتدادية عملت على التأثير في قوة النظام القديم في الدول الأخرى. ومقاومة مدنية محلية ذات طابع وطني في مواجهة مشروعات خارجية .

   ويبقى القول ان موجات التحول الديمقراطي اذا كانت مدعومة بدعم خارجي فانها تضر بالمسيرة الديموقراطية فضلا ان حالة الضغط الاقليمي وتصاعد التهديدات الامنية تؤثر بالسلب على العملية الديموقراطية ، ويضاف الى ذلك ان  موجات التغيير كانت موجات تأثرية وليست برامجية وكانت تسيطر عليها عمليات الشحن الاعلامي وردود الأفعال بدلا من المؤسسية ولم تعبر عن تيار سياسي قوي يحرك اهدافها. وهو ما جعل الطموحات تزيد عن مقتضيات الواقع ، وعند قدرات الفاعلين السياسين.

وانه على الرغم من دور الفضاء الإلكتروني في الحراك الثوري الا انه لم ينجح دوره بدون البيئة الحاضنة والمحفزة للتغيير ، والتي تمثلت في عدد من العوامل مثل نقص في الفرص الإقتصادية وفي المشاركة الديمقراطية، والغضب الشعبي من الأسر  والنظم الحاكمة، والاحتجاج على الفساد وارتفاع الأسعار، فما كان من الفضاء الالكتروني بخاصة جيلة التفاعلي المتمثل في الشبكات الاجتماعية الا ان يلعب دور في  تسريع  وتيرة الحركة السياسية والتغير بدون القدرة على استيعاب تداعيات ذلك محليا، وسيطرة عملية التدفق الهائل للمعلومات وضعف الاستجابة من مؤسسات الدولة،

ونافة القول  ان حركة التغيير في العالم العربي جاءت محصلة تفاعل  عناصر اساسية هي البية الداخلية والسياق العالمي وموقف القوى الكبري من المنطقة.وطبيعة التطور في اليات التفاعل الالكتروني .ويتوقف نجاح دور الفضاء الالكتروني في تعزيز الديموقراطية على مدى وجود ثقافة ديموقراطية والطابع المؤسسي لها بالاضافة الى احترام الاجرءات والاليات الدبموقراطية،وبمدى القدرة على تعزيز دور الفضاء الالكتروني في ادارة مشكلات التحول في المراحل الانتقالية داخل الدول العربية.

ويتوقع ان يستمر هذا الزخم حول دور الفضاء الالكتروني وبخاصة الشبكات الاجتماعية حالة قائمة حتى بناء المؤسسات السياسية الا ان ذلك لا يعني بالضرورة انتهاء دورها في الحياة السياسيه مستقبلا بل ستظل بوقا للمهمشين وساحة للمعارضة البديلة.



ترجمة: زكي الجابر، ثريا متولي (مراجعة وإشراف)، إيثيل دوسو لابول (مؤلف)، "التكنولوجيا والسياسة في عصر المعلومات" المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس،1983.ص ص 40-43

([2]) Jan A.G.M. van Dijk, Models Of Democracy And Concepts Of Communication, Digital Democracy, Issues Of Theory And Practice, Sage Publications Copyright, 2000, pp 1-23.

[3] عادل عبد الصادق ،"الديموقراطية الرقمية "، مفاهيم إستراتيجية ، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية ، أكتوبر 2009  ص ص 7-11

([4]) Christophe Engel Kenneth H. Keller (eds.): Understanding the Impact of Global Networks on Local Social, Political and Cultural Values", Lorenz Muller,"Global Networks and Local Values", Law and Economics of International Telecommunications [42]), Baden-Baden (Nomos) 2000, pp: 284-316.

([5]) A.M.Chircu and R.J. Kauffman, Strategies for Internet middlemen in the intermediation/disintermediation/reintermediation cycle, Electronic Markets 9(1/2) (1999), pp: 109-117.

([6])  S. Coleman, J. Taylor and W. van de Donk, (eds), Parliament in the Age of the Internet, Oxford University Press, Oxford,1999.pp10-12

([7])  Ph. E. Agre, Real-Time Politics: The Internet and the political process, The Information Society 18 (2002), pp: 311-331.

([8])  U. Josefsson and A. Ranerup, Consumerism revisited: the emergent roles of new electronic intermediaries between citizens and the public sector, Information Polity 8 (2003), pp:167-180.

([9])  K.L. Hacker and J. van Dijk, What is digital democracy?, in: Digital Democracy. Issues of Theory and Practice, K.L.Hacker and J. van Dijk, eds, Sage Publications, London, 2000, pp: 1-10.

[10] د. محمود علم الدين ،مرجع سابق ذكره، ص 105

[11] د. ألفت حسن أغا ، " النظام الإعلامي الأوروبي في عالم متغير " ، مجلة السياسة الدولية ، عدد 109 ، يوليو 1993 ، ص 318

[12] Heidi Lane, "The Arab Spring's Three Foundations" Wave of Change Issue, per Concordiam, volume 2, issue 4, March 2012, pp8-9

[13] Jan Hanrath ,Claus Leggewie ,Revolution 2.0? The Role of Digital Media in Political Mobilisation and Protest", global trends 2013 , development and peace foundation,bonn,germany,2013 , pp 37-49

[14] عادل عبد الصادق ، الاحتجاج الإلكتروني والفاعلون الجدد فى الحياة السياسيةملف الأهرام الإستراتيجي ، مؤسسة الأهرام ، يونيو 2008 ،ص ص 14-15

[15] عادل عبد الصادق ،" الفضاء الإلكتروني والرأي العام :تغير المجتمع والأدوات والتأثير،مرجع سابق ذكره، ص ص 3-5

[16]Charles G Cogan,. "Exponentially Yours: How Face book Has Destabilized Arab Potentates." The Huffington Post, March 24, 2011.

[17] ريتشارد سينكوتا، الحياة تبدأ بعد سن الـ 25: الديمغرافية والتوقيت المجتمعي للربيع العربي، http://accronline.com/article_detail.aspx?id=11444))اخرزياره 9-1-2014

[18] د. نصر الدين العياضي، "الرهانات الأبستمولوجية والفلسفية للمنهج الكيفي/ نحو آفاق جديدة لبحوث الإعلام والاتصال في المنطقة العربية"، أبحاث المؤتمر الدولي، "الإعلام الجديد: تكنولوجيا جديدة... لعالم جديد"، جامعة البحرين، من 7-9 ابريل 2009م، ص18.

[19] عدد القنوات التليفزيونية الفضائية المجانية ازداد في العالم العربي ليصل إلى 716 قناة في مايو 2013 في حين بلغ مجموع القنوات العاملة كليا 658 قناة في مايو 2013 (لا يشمل العدد القنوات تحت البث التجريبي) مقارنة بـ 565 قناة في مارس 2012 ،

[20] رفع علم الانتداب الفرنسي في الثورة السورية وعلم الملكية في ليبيا

[21] يمكن ملاحظة انتقال الشعارات ذاتها عبر الدول مثل استخدام شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، وانتقاله من تونس إلى غيره من الدول العربية، فضلا عن توظيف يوم الجمعة في الحراك الثوري وإطلاق أسماء على الجمع "مثل جمعه الغضب" أو جمعة "المصير" أو جمعة "الزحف"، وغيرها فضلا عن استخدام نفس المشاهد والتعبيرات الثورية في مكان التظاهرات واستخدام نفس تكتيكات مواجهة قوات الأمن والشرطة، وربما لعب في ذلك الفضاء الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي والتي وفرت أدوات التعبير عن الرأي وحشد الجماهير، مثل صفحات للثورة مختلفة، ولعل ما يثير الانتباه إلى وجود أبطال أو محاور للثورات العربية مثل حالة "محمد بو عزيزي" في تونس، وخالد سعيد في مصر، والطفل "حمزة الخطيب "في سوريا ، وفتحي تربل واغتصاب إيمان العبيدي في ليبيا، وحالة توكل كرمان في اليمن.

[22] عاصمة التشيك في شرق أوروبا.

[23]عبدالكريم صالح المحسن ، الاستعمار الإعلامي والخداع الإستراتيجي ، الحوار المتمدن ، العدد: 3382 – 31 مايو 2011
 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261249

[24] عادل عبد الصادق ،" إعلام الثورة من صوت العرب إلى «الفيس بوك""، جريدة الأهرام ، 23 يوليو 2012

[25]عادل عبد الصادق ، الرؤية الأمريكية لدمقرطة العالم العربي ما بين نموذج أوروبا الشرقية ونموذجي ألمانيا واليابان "،المؤتمر السنوي السادس للباحثين الشبان : سيناريوهات القرن الحادي والعشرين فرص وتحديات العالم والإقليم، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ؛جامعه القاهرة ، 18-21 ابريل 2004

[27]Stuart Jeanne Bramhall, Why the CIA Funds Nonviolence Training, March 13th, 20 13 http://dissidentvoice.org/2012/03/why-the-cia-funds-nonviolence-training/12

[28] http://www.movements.org/

[29] وجّهت لها أصابع الاتهام بالت نسيق مع الأمريكيين بغية اغتيال شخصية قيادية عسكرية في الجيش السوري، أو بالتجسّس لصالح دول أجنبية. ولم يقدّم أيّ دليل من المحكمة السورية المختصة التي حكمت على المدونة الشابة في شباط 2011 (فبراير) بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة «إفشاء معلومات لدولة أجنبية». وقد صدر بيان عن وزارة الخارجية السورية حينها، أكّد أن الملوحي كانت تعمل لحساب «وكالة الاستخبارات الأمريكية" وقد صدر أمر بالإفراج عنها في 24 أكتوبر 2013

[30] كان لعملية تسريب صورة خالد سعيد بعد التشريح وانتشارها عبر شبكات التواصل الاجتماعي أثر كبير في شحن الغضب من الشرطة المصرية وممارساتها فضلا عن امكانية استخدام صور من مناطق اخرى على انها تخص موضع الحادثة  

[31] ـ على سبيل المثال، برامج Tor,Psiphon, Ultrasurf, Freegateـ

[32] Ian Shapira , U.S. funding tech firms that help Mideast dissidents evade government censors, Washington Post, Thursday, March 10, 2011(http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2011/03/09/AR2011030905716.html?sid=ST2011031000072)accessed 2-8-2011

[33] يقول رافايل روزينسكي المدير التنفيذي بسيفون: "يوجد حوالي 8,000 مستخدم من مصر برغم أن الشركة لم تقدم دعايا لها في مصر بالمقارنة مع إيران التي يبلغ عدد المستخدمين فيها 40,000 إلى 50,000 شخص" و قال إنه من الصعب معرفة عدد المستخدمين قطعاً كما أشار إلى أن هذه التكنولوجيا ليست آمنة 100%.

[34] Henry Makow, Egypt is Another Soros "Color" Revolution,henry makow, January 29, 2011http://www.henrymakow.com/egypt.html) accessed 20-30-2013

[35] بيان حقائق لوزارة الخارجية حول الدعم الأمريكي للعملية الانتقالية في سوريا، موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 21 يناير 2014

[36] فقد بلغت قوتها إبان ما حدث في الدول العربية إلى جانب دعم حركة الاحتجاجات في بريطانيا والولايات المتحدة وعلى النحو الذي دفع رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" إلى عقد اجتماع عاجل مع كبري الشركات التكنولوجية مثل الفيس بوك وتويتر واليوتوب بهدف التأثير على حركة نشاطها وإدخال تعديلات في تطبيقاتها بحيث لا تشجع على الحشد والتعبئة والتظاهرات . 

[37] كان من ضمن المقرات التي تم حرقها وتدميرها مقر جهاز اتصالات الشرطة في العباسية ،في القاهرة في جمهورية مصر العربية.

[38] عادل عبد الصادق ،"هل أصبح الــ«فيس بوك» أداة للرقـابـة الشعبيـة؟" جريدة الأهرام ، 12 يونيو 2012

 

 

 

 




Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
  • أكاديميات ألهمت نهضة أوروبا الحديثة ...المعارف الفلكية الإسلامية
  • الفضاء الإلكتروني وأثره على الأمن القومي للدول: الحروب الإلكترونية نموذجاً
  • كيف يتم صناعة الفقاعات داخل المجتمع في العصر الرقمي ؟
  • الصراع المسلح في الفضاء الخارجي بين التطبيقات والسياسات والمستقبل
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ