المقالات -
اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية.. بين الواقع والمأمول

: 224
السبت,23 مايو 2015 - 03:02 م
د.خاطر السيد حمد الشافعي .. كاتب و مفكر

اللغة هي وعاء المعرفة ، ولا أحد يستطيع إنكار حقيقة أننا – كعرب – نعيش حالة من الإغتراب اللغوي وسط حالة التدفق المعرفي الهائل في شتي مجالات المعرفة ، والذي تظهر من خلاله المحاولات المتعددة التي تهدف إلي تكريس النموذج اللغوي الأحادي إعتمادًا علي التقدم التقني والمعرفي للغرب .

اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية.. بين الواقع والمأمول
اضغط للتكبير

أهمية البحث :

– اللغة هي وعاء المعرفة ، ولا أحد يستطيع إنكار حقيقة أننا – كعرب – نعيش حالة من الإغتراب اللغوي وسط حالة التدفق المعرفي الهائل في شتي مجالات المعرفة ، والذي تظهر من خلاله المحاولات المتعددة التي  تهدف إلي  تكريس النموذج اللغوي الأحادي إعتمادًا علي التقدم التقني والمعرفي للغرب .

ومما لاشك فيه أن هناك أيادي ظاهرة وأخري خفية علي الشبكة تحاول تكريس أطروحة العولمة اللغوية التي تسعي لاقتحام مجتمعاتنا العربية من أجل تكريس نموذج أحادي يقتلع جذورنا و يذهب بكل الأصول !

– اليوم نحن أمام بوابة واسعة من المحفزات المعلوماتية التي أتاحتها لنا الشبكة العنكبوتية ، نحو المزيد من التفاعل المعرفي  الذي سيفتح أمامنا الآفاق نحو الانتشار ، ليس للغة فحسب ؛ بل للدين والثقافة والحضارة العربية ، فنحن في أمس الحاجة اليوم  لتقديمها بالشكل اللائق بعيداً عمّا علق بها من شوائب وقصور نتيجة وصولها إلى الآخرين عن طريق ممارسات خاطئة لا تمت إلى لغتنا وثقافتنا بأية صلة ؛ ومن ناحية أخري نفتح أبوابًا للأمل في الإجابة عن التساؤل عن التلازم بين الإفتقار اللغوي ، وافتقار الفكر العربي الحديث إلي روح المنظومة ؛ فهل إستعان هذا الفكر بلغة قديمة وعقيمة للتعبير عن قضايا حديثة ، وهو ما أدي إلي عجز اللغة الراهنة عن إثبات وجودها ؟!؛ أم أنَّ اللغة ذاتها عاجزة عن التكيف المعرفي الآني ؟!

– اللغة العربية لايمكن أبدًا أن تكون لغة عاجزة – وحاشا لله أن تكون ؛ فهي اللغة التي إصطفاها الله سبحانه وتعالي لتكون لغة كتابه ، فهي صالحة لكل زمان ومكان ، وصلاحيتها لكل زمان أمرٌ ضمنه لنا الحق سبحانه وتعالي ، فأين نحن من مسئوولية تكيفها مع المكان في ظل هذا العالم الذي أضحي قرية صغيرة جدًا ، و في ظل هرولتنا نحن لغات غيرنا من ناحية ، والهجمات التي تتعرض لها لغتنا من ناحية أخري ؟!

– العربية هي أكثر اللغات السامية إحتفاظًا بسمات السامية الأولى ؛ فقد إحتفظت بمعظم أصوات اللغة السامية وخصائصها النحوية والصرفية ؛ فقد إحتفظت بأصوات فقدتها بعض اللغات مثل: غ، ح، خ، ض، ظ، ث، ذ . ، كما إحتفظت العربية بعلامات الإعراب بينما فقدتها اللغات السامية الأخرى ، و احتفظت بمعظم الصيغ الإشتقاقية للسامية الأم – إسم الفاعل، المفعول، وتصريف الضمائر مع الأسماء والأفعال: بيتي، بيتك، بيته، رأيته، رآني إلخ … ،

واحتفظت بمعظم الصيغ الأصلية للضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة ،

ويضم معجم العربية الفصحى ثروة لفظية ضخمة لا يعادلها أي معجم سامي آخر؛ ولهذا أصبحت عونا لعلماء الساميات في إجراء المقارنات اللغوية أو قراءة النصوص السامية القديمة كنصوص الآثار الأكادية والفينيقية والأوغاريتية وحتى نصوص التوراة العبرية !

–  إنَّ واقع اللغة العربية على الشبكة العالمية  في ظل التحديات التي يواجهها العالم العربي علي كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ؛ وكذلك التحديات الخاصة بنشر اللغة العربية والنتاج اللغوي في عصر باتت فيه عملية السباق الثقافي والمعرفي أمرًا مثيرًا علي مدار الساعة الواحدة ؛ لأن ذلك ((سيحقق لثقافتنا ولغتنا نقلة نوعية هائلة ، من حيث وضعهما في موقع مع الثقافات العالمية السائدة الآن ، ويفتح أمامهما فرص التلاقي والتفاعل مع حاملي تلك الثقافات من جانب ، ومن جانب آخر يعيد ربط الملايين من المهاجرين والمغتربين العرب والمسلمين في العالم بثقافتهم العربية والإسلامية ، وينمّي من خلالهم حركة ثقافية وفكرية عربية في مواطنهم الجديدة ، ويؤسس لتلك الثقافة وجوداً جديداً في تلك الأصقاع من العالم البعيد عن ثقافتنا الحالية ، ويكسر حاجز الجهل المطبق الذي تعيشه شعوب وأمم الأرض حول ثقافتنا العربية قديمها وحديثها ، وربما يعيد لهذه الثقافة وحامليها الإعتبار لدى أمم الأرض المعاصرة)).[1]

 – إن ناقوس الخطر يدق و بشدة بضرورة الإنتباه إلي وضع لغتنا العربية الغير لائق بقيمتها من خلال الإحصائيات  علي الشبكة العنكبوتية ، إذ إنها ((تشير إلى أن المواقع التي تنشر على صفحات شبكة الإنترنت يمثل منها : 82% من المواد باللغة الإنجليزية ، و 4% باللغة الألمانية ، و 1.6% باللغة اليابانية ، و 1.3% باللغة الفرنسية ، و 1% باللغة الإسبانية ، والباقي موزع بين بقية لغات العالم ، وأغلبها لغات أوروبية))[2]!.

مشكلة البحث :

– منذ أمدٍ طويلٍ والمعارك تُشَنُّ بعد المعارك، واللغة العربية الفُصحى هي المستهدفة في تلك المعارك، وأمَّا أعداء اللغة العربية الفصحى فهم كالبعوض كثرة وأذىً، لا يكتفون بما لديهم من جراثيم، بل يستوردون وينقلون الجراثيم الخارجية ليزداد السوء سوءاً، واستيراد المؤذي والضار ليس أمراً جديداً لأن العدو الداخلي أخطر من العدو الخارجي لتمكنه من نسف البناء من الداخل .

 – ذهبت القرون تلو القرون، وانقرضت طبقات وطبقات، فخلَّف أنصار اللغة العربية الفصحى ميراثاً نزيهاً تفوح منه عطور الإخلاص والأمانة، و خلف أعداء اللغة عكس ذلك ، فحلَّ الهجينُ محلَّ الأصيل ؛ وباتت ضرورة الإلتفات إلي ماشاب اللغة من ضعف أمرًا حتميًا .

واشتدت الحروب على اللغة العربية الفصحى، فرُفِعت بيارق اللهجات العامية الضحلة في أكثر من قطر عربي، وذهب البعض بعيدًا جدًا عمَّا هو مُفترَض ؛ فدعوا إلى استخدام الحروف اللاتينية محل الحروف العربية، واتخذوا مما نفذه اليهود نبراساً يهتدون به ؛ وياله من عار من يستبدل الثمين بالغث ؛ والثري بالضحل !.

إن سبب إعلان الحروب على اللغة العربية الفصحى هي كون تلك اللغة  لغة القرآن الكريم، ولغة السُّنة النبوية،التي لم نوصلها لغيرنا بالمفاهيم الصحيحة التي تُعلي قِيَم الحب والخير والجمال والسلام ؛ فربطوا بين الإسلام ولغته ، وبين الإرهاب ؛ والإسلام من ذلك براءٌ براء !

إنَّ اللغة العربية هي لغة التراث الإسلامي بشكل عام. فإذا ما هُزِمت تسهل هزيمة ما تحتويه من تراث مُشرِّف، فاللغة كالإناء إذا كسر ضاع محتواه وفقد قيمته .

لم تتوقف أنواع المعارك، كما لم تقتصر على الدعوات إلى العامية، واستبدال الحروف !

 لقد اتخذ الهجوم على اللغة العربية لتدميرها عدة محاور :

المحور الأول : الدعوة إلي العامية :

وقد تزامن مع هذه الدعوة إصدار جرائد ومجلات وكتب باللهجات العامية، فقد صدرت سبع عشرة جريدة ومجلة عامية بحلول عام 1900م [3]  ، كما تحول المسرح من الفصحى إلى العامية مما دعا المنفلوطي إلى تسميته بـ (الملاعب الهزلية)[4]  ، كما تسابق المستشرقون على إصدار دراسات عن اللهجات العامية مثل دراسة (نللينو) عن عامية مصر، و (سيانكو فسكي) عن عامية المغرب وتونس، و (إلياس برازين) عن عامية حلب، و (ليوريال) عن عامية الجزائر، وغيرها[5] . .

المحور الثاني: الدعوة إلى الكتابة بالحروف اللاتينية :

هذه الدعوة مرتبطةٌ بالدعوة السابقة؛ حيث أخذ الهجوم على الفصحى  [6] بالتدرج وتوحيد الجهود، وقد بدأ بذلك (سلدان ولمور) في كتابه: (العربية المحلية المصرية)[7]، وهدَّد بأن العرب إن لم يفعلوا ذلك فإن لغة الحديث والكتابة ستنقرض، وستحل محلَّها لغةٌ أجنبية !

– إذَا الحرب علي اللغة قديمة !

و يأتي عصر الإنترنت ليضيف مزيدًا من الملح إلي الجراح ؛ تارةً بأيادينا ، وتارةً بأيادي غيرنا !، فوصلنا إلي :

ظهور لغة جديدة بين الشباب !

تتميز هذه اللغة بأنها اشبه بمصطلحات خاصة لا يعرفها إلا من يعاشرهم بصفة مستمرة ويعرف هذه المصطلحات، وكما يقول علماء اللغة أن لكل طائفة وفئة مصطلحاتها الخاصة لا يعرفها إلا أهل الطائفة أو من يعاشرهم بصفة مستمرة ؛ فللتجار لغتهم ولأرباب الصناعات المختلفة  لغتهم وكذلك للصوص والمجرمين لغتهم الخاصة ، وقد حذرت دراسة مصرية من ظهور “لغة موازية” يستخدمها الشباب العربي في محادثاتهم عبر الإنترنت، تهدد مصير اللغة العربية في الحياة اليومية لهؤلاء الشباب وتلقي بظلال سلبية على ثقافة وسلوك الشباب العربي بشكل عام ،  واعتبرت الدراسة – التي أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة – أن اختيار الشباب ثقافة ولغة خاصة بهم هو تمرد على النظام الاجتماعي، لذلك ابتدعوا لونا جديدا من الثقافة لا يستطيع أحد فك رموزها غيرهم  ، لكن خبراء تربويين قالوا : إن استعمال الشباب لغة خاصة بهم ليس تمردا وإنما نوع من الهروب من المجتمع، وأن على الكبار إحترام لغتهم الجديدة وعدم الاستهزاء بها طالما أنها لا تتعارض مع الآداب العامة في المجتمع ! ؛ وفي هذا خطأ جسيم فعلينا علاج الأسباب بدلًا من تبرير هذه اللغة التي هي وعاء معرفتنا ؛ والتي عن طريقها نقدم ثقافتنا للآخر !

إنَّ ربط الشباب للتخلف باللغة هو عين الخطر ، في ظل ضعف المحتوي المعرفي العربي علي الشبكة العنكبوتية ؛ وهو مايؤثر علي هويتهم وانتمائهم ، و يوضح خطورة عدم الانتقال لعصر المعلومات لمواكبة الحاضر ، و خلق آفاق للأمل في مستقبل أفضل .

ومثلما تنقّلنا مع بقية العالم داخل العصور (عصر الحديد .. عصر البرونز .. عصر الكهرباء)؛ لابد أن ندخل عصر المعلومات الذي جعل العالم ” سوق كونية هائلة ، وسيجمع كل الطرق المختلفة التي يتم بها تبادل السلع والخدمات والأفكار الإنسانية”[8] .

يقول المفكر البريطاني (مول جونسون) ” لقد ضيّع العالم العربي فرصته الكبيرة التي سنحت له مع طفرة الازدهار النفطي ؛ لقد كان بوسع العرب أن يطوّروا أنفسهم وكان بمقدورهم أن ينتقلوا بفكرهم إلى العصر الحديث ، وكان بإمكانهم أن يستحدثوا نظاماً إقتصادياً وصناعياً خاصاً بهم ولكنهم لم ينجزوا هذه المهام ، وأنا أتوقع أن يدخل العالم العربي القرن الواحد والعشرين وهم أقل أهمية مما كانوا عليه في السابق”[9]

إنَّ مسئووليتنا جسيمة ، وينبغي علينا أن نثبت جدارتنا بالأفضل وأننا نستطيع مواكبة هذا التدفق المعرفي اللامحدود ، وأن نخيب توقعات ( مول جونسون ) ، ولن يتحقق ذلك بدون لغة تجمعنا وتقدمنا للعالم بطريقة صحيحة ، فإنَّ “نظم المعلومات هي حصان طروادة الذي يمكن أن يشعل جذوة التغيير في قلب المؤسسة العربية شريطة إدخالها بأسلوب منهجي فعّال ، بل ويمكن من خلالها إزالة الآثار السلبية لكثير من تراكمات الماضي ، حيث تحث نظم المعلومات على أن نفكر في المشاكل بنظرة جديدة ، ومن منظور مختلف “[10]

واللّغة العربيّة لا تحضنها مجامع فاعلة،و تعاني من ضعف الموازنات المالية من ناحية ، وعدم تطبيق قراراتها غالبا من ناحية أخري !

واللّغة العربيّة تُقصى غالبا عن الجامعات العربية  ، اللَّهم إلَّا كتب الـتّراث، كأنَّ اللغة لاترقي لأن تكون لغة علم ! ، فيُفتَح الباب علي مصراعيه  للّغات الأجنبيّة أن تكون هي لغة الـموادّ العلميّة ، والمحصلة النهائية محصلة علمية عربية ضعيفة !؛ وكأنَّ اللغة العربية مكتوب عليها الإنزواء تحت أقبية الماضي ، و موصومة بعدم القدرة علي مجاراة التدفق المعرفي الهائل ، و اللغة من ذلك براء !

اللغة والثقافة :

بين اللُّغة والثقافة رِباط حميم، ذلك أنَّنا لا نتصوَّر لغةً ما لا تُنتج ثقافة، أيًّا كانت اللُّغة، وأيًّا كانت الثقافة، كما أنَّنا لا نتصوَّر ثقافة لا تعتمد في جانب أساس منها على وعاءٍ لُغويٍّ يحتويها، ويتفاعل معها وينقلها، هما إذًا دائرتان متداخلتانِ لا يُمكن أن نُخَلِّص إحداهما من الأخرى، نقول ذلك دونَ أن ندخل في تعريفاتِ الثقافة وتوجُّهاتها، فليس هذا موطنَه، إذ ما يهمنا أن نؤكِّد على نقطة مهمَّة؛ هي: أنَّه إذا كانت اللُّغة هي الفِكرَ الذي يتفاعل مع الأشياء، ويقف منها أو معها مواقفَ محدَّدة، فإنَّ الثقافة هي أيضًا ذلك الشيء، أو تلك الأشياء المتشابكة، وغير الملموسة التي تُملي عليه طرائقُه في التعامل مع الأشياء، وتحدِّد استجاباتِه تُجاهها، نحن إذًا أمام وجهين لشيءٍ واحد، قد تكون الثقافة أعمَّ، إذِ اللُّغة عنصر مهمٌّ للغاية في بنائها، وتوجيه مسارها، على أنَّ للثقافة دورَها الخطير في التأثير في اللُّغة باعتبارها فكرًا، واللغة والثقافة معًا ليستَا نابعتَين من داخل الإنسان، أو ليستَا فرديَّتين؛ لكنَّهما جزءٌ من حراك الوسط الذي يعيشانِ فيه، ومِن هنا تأتي التفرقة الضروريَّة بينهما، وبين العِلم “الثقافة نظرية في السُّلوك أكثر من أن تكون نظرية في المعرفة، وبهذا يمكن أن يُقاس الفرق الضروري بين الثقافة والعِلم “[11]

– إن أمر النهوض باللغة العربية مسئوولية أبنائها ، و لايمكن أن يتم إلَّا بالإيمان بلُغتهم، والثقة بأهليتها، والاعتزاز بها، والحِرص على إحيائها في مختلف المجالات .

– إنَّ لغةً أصحابُها مهزومون حضاريًّا، لا يمكن أن تصمد في وجه أيِّ تحدٍّ، على أيِّ صعيد، يُنتظر فيه أن تفعل اللُّغة فِعلَها، أو تقوم بوظيفتها التي تناسب قيمتها التي جعلتها وعاءًا لكلام الخالق جلَّ وعلا .

– بين غياب وعي الأنا ( الوعي العربي ) ،  ويقظة الآخر( الغرب ) ، تبدو الهُويَّة العربية الإسلامية، وفي القلْب منها “اللُّغة” مكشوفة، غير قادرة على المواجهة ، فيحدُث الاختراق – اختراقُ العقل العربي الإسلامي – والعبث في خلاياه بما تَعنيه هذه الخلايا من خصوصية وقِيَم، وتاريخ وحضارة، ومبادئ و صفات !

– إنَّ المنظرين الإستراتيجيين الغربيين ، الذين ينتمون إلى مؤسَّسات بحثيَّة رفيعة المستوى تُعدُّ مراكز للدِّراسات المستقبليَّة، وتحظى بدعم أصحاب القرار السياسي في بلادهم  في أعلى مستوياته، ويعتمد عليها أصحاب القرار السياسي في اتخاذ القرارات وبناء السياسات ؛ قد فطنوا إلي أن مصلحتهم تربط إرتباطًا وثيقًا بلغتهم وثقافتهم من ناحية ، و تقزيم لغة وثقافة غيرهم من ناحية أخري و قد أكد ( صمويل هنتنجتون ) – صاحب الكتاب الذائع “صراع الحضارات”، أنَّ اللُّغة والدين هما    العنصران المركزيان لأيِّ ثقافة أو حضارة[12] .

نتائج وتوصيات وحلول :

– إنَّ المحاولات التي بذلت لمنح اللغة العربية دوراً في نقل المعلومات الرقمية ،  لا تعتبر جهدًاً  مؤسسيًا منظماً يضمن لها الاستمرار والتطور ، بل هو جهد فردي أو شبه فردي يستحق أن نرفع له رايات التقدير ، وهو مايقودنا إلي ضرورة تنظيم الجهد بطريقة مؤسسية تتعاون فيها مجامع اللغة في شتي البلدان العربية ، والتعاون مع كافة المؤسسات العلمية لرقمنة المحتوي العلمي والمعرفي العربي ، إذ أنه النافذة التي من خلالها سيكون لنا دور في الحراك الثقافي والمعرفي العالمي .

– إنَّ الجهود المبذولة في تفعيل دور اللغة العربية في مجال نقل المعلومات الرقمية لا تتناسب و ملاءمة أنظمة اللغة العربية – الصوتية الصرفية والنحوية والمعجمية –  لنظم البرمجة الحاسوبية، والقدرة العالية التي تتمتع بها هذه الأنظمة على التكّيف مع معطيات التحول الرقمي .

– لا زلنا بمنأي عن الإستثمار الأمثل لقدرة أنظمة اللغة العربية علي التكيف والملاءمة لتقليل الفجوة المعرفية مع الغرب .

– إنَّ قضية رقمنة المحتوي المعرفي العربي أمر لابد منه في ظل الضرورات الإنسانية والحضارية الكونية ؛ إذ لابد من سد  الفجوة التواصلية بين ثقافتنا العربية والثقافات الأخرى، خصوصًا في التاريخ المعاصر الذي قطعت فيه الآلة الإعلامية الغربية شوطاً بعيداً في تشويه صورة الثقافة العربية الإسلامية، و هو ما يفرض المسئوولية علي النخبة وكل المؤسسات الثقافية العربية في تعميم روح الحضارة العربية الإسلامية من ناحية ، وتنقية الصورة مما لحق بها من شوائب و زيف من ناحيةٍ أخري .

– لاشك أن اللغة العربية تواجه حربًا إلغائية عاتية تدور رحاها في أروقة الصراع الحضاري والعولمة ، ومن هنا تأتي أهمية نشاء موقع على الشبكة العنكبوتية لخدمة اللغة العربية وتطوير تدريسها جلية، ويمكن الإشارة إلى بعضها في الآتي :

1 – مواكبة التطور التقني، وإثبات جدارة اللغة العربية ومرونتها في التعامل مع الحديث من التقنيات .

 2- تعزيز الجهود الفردية والمؤسسية التي تهدف إلى خدمة اللغة العربية ونشر تعلمها وتعليمها .

 3 – محاولة الوصول باللغة العربية إلى العالمية، وجعلها في مصاف اللغات الحية، الفاعلة والمؤثرة في التطور الإنساني .

 4 – نشر المزيد من المعارف والخبرات المتعلقة باللغة العربية، وإتاحتها للباحثين والدارسين والراغبين في معرفة المزيد عنها، من شتى أنحاء العالم .

  5 – تجاوز العزلة المهنية عن طريق الاتصال بالخبراء والمهتمين بتدريس اللغة العربية، من خلال التعرف على المعلومات الأساسية لهم وسبل الاتصال بهم  .

 6 – إزالة الحدود الجغرافية أمام الذين يسعون وراء هدف مشترك والراغبين في تبادل خبراتهم .

 7 – الاطلاع على ما تم إنجازه من بحوث ودراسات وتجارب ميدانية، والاستفادة من نتائجها، والبناء عليها، وتفادي الازدواجية الناتجة من الجهل بها .

.  8 – تبادل المعلومات المتلعقة بالتجارب الميدانية واستراتيجات التدريس الفعالة ونتائج البحوث

 9 – تيسير سبل التعاون المشترك في مجالات التطوير والعمل الجماعي واللجان المتخصصة في مجال تدريس اللغة العربية .

 10 – تيسير سبل الإعلان عن المؤتمرات والندوات وورش العمل، والدعوة إلى المشاركة الفاعلة فيها .

11 – العمل علي إصدار مجلات علمية متخصصة في مجال رقمنة المحتوي العربي ، وتعظيم دور اللغة العربية في نقل المعلومات عبر الشبكة الإلكترونية .

12- التوسع في الدراسات البحثية المتعلقة بمجالات حوسبة اللغة العربية .

13- تقوم مجامع اللغة العربية بمهمة توفير الأوعية الرقمية الخاصة باللغة العربية بالتعاون مع المختصين .

15- إستيفاء المعاجم العربية علي شبكة الإنترنت .

16- ضرورة إنشاء هيئة عربية عليا تتبع الجامعة العربية تكون مهمتها تعظيم دور العربية في نقل المعلومات الرقمية لتقلبل الفجوة الرقمية مع الغرب

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي
  • المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
  • قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
  • رحلة الراحل محمد الشارخ حتى تأسيس كمبيوتر صخر
  • الأدلة الرقمية لجرائم الحرب فى غزة
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ