المقالات -
المواطن يسبق الحكومة في قضية تيران وصنافير

زمة الجزيرتين بين مصر والسعودية وطريقة حلهما من الجانب المصري كشفت عن ازمة صناعه القرار في مصر وعن ازمة الرأسمالية الوطنية وعن ازمة الاعلام والنخبة وازمة التعاطي الامني مع المعارضة الوطنية وعبرت كذلك عن حالة من الاستقطابات المستندة على حالة التغير في حجم المعلومات والمعرفة وطرق الحصول عليها من جانب المواطن البسيط والذي تمكن بجدارة ان يسابق وينتصر على الحكومة في التوصل الى مصادر المعلومات التي تعبر عن موقفه على النحو الذي وجدت فيه الخارجية المصرية ان تنشر ما لديها من وثائق عبر الصفحة الرسمية ومجلس الوزراء المصري لتلحق بالركب ولكن بعد ان تمكن مواطن العصر الرقمي من الاستحواذ على المعلومات من مصادر متعددة ونقلها والتعليق عليها ..وتحول المواطن الى باحث وناقد ومراقبا للاجهزه التنفيذية ،وبغض النظر عن الاختلاف في خلفيته التعليمية ولكن فقط من خلال القراءة والتحليل مما يراه ويسمعه ودون الانتظار للتبريرات الرسمية.
الحكومات في عالمنا العربي ما زالت تعامل المواطن كما كانت تعاملة في عصر الستينات لا تدرك ان المواطن اصبح في عالم مفتوح من الافكار واصبح يتطلع نحو الافضل حقوقيا ومعيشيا وبالرغم من حالة الحراك الثوري يبدو ان لا احد تعلم الدرس فالواقع يشير الى حالة التغير في الراي العام وحجم التاثير للشبكات الاجتماعية والادوات التي اصبحت في يد المواطن للتعبير عن راية وموقفة متجاوزا المؤسسات الرسمية التي فقدت الصله بينها وبين المواطن نتيجة عدم الثقة في قدرات الاخير العقلية وربما الانسانية.ولا يبرء من ذلك النخبة الاعلامية والثقافية وعجزها عن التعبير عن اوليات المجتمع والدفاع عن مصلحته الوطنية بعد تآكل الراسمالية الوطنية لصالح راس المال الاجنبي الذي تدخل في تشكيل العقول وشراء الذمم.
وجود اعلام قوي ومهني هو الضمانه لعدم الاعتماد بشكل اساسي على
الشبكات الاجتماعية والتي تحولت إلى ساحة بديلة.ومتحرره من تحيزات المال والمصلحة
ومن ثم فان احترام عقلية وانسانية المواطن وتعزيز قيم المشاركة والمسئولية والشفافية في وضع السياسات العامة هي الاساس لان يكون المواطن شريك اصيل في صنع مستقبله ويكون بوابة للشرعية السياسية للنظام الحاكم ..

وبالتطبيق على القضية محل الجدل العام فان حتى تسويق القرار للراي العام كان اكثر استفزازا بالربط بين الجزر والمساعات المالية الموعودة اي وضع مقارنه بين طرف سياخذ ا?رض وطرف سياخذ مجرد وعود قد لا يشعر بها المواطن ومعرضة لاحتمال عدم التنفيذ
وكذلك مشكلة صياغه الاعلان عن القرار فان سلمنا جدلا بان الجزيرة محل تنازع بين مصر والسعودية .

وكان الاجدر بالادارة المصرية ان تعلن عن اهم مداخل حل الصراع وهي تحول منطقة الصراع الى مدخل للمشاركة والتعاون والتكامل بين الطرفين بدلا من الظهور بمظهر المتنازل والمنسحب من طرف واحد.
وذلك على الرغم من ان الواقع وفق ما اعلن هو تحول الجزيرتين الى مكان للتعاون والمشاركة لان ببساطة لو بني الجسر سيكون على ارض الجزيرتين ناهيك عن تحمل الطرف السعودي تكلفة البناء