بيروت - دخلت الحرب القائمة بين الإعلامية اللبنانية ماريا معلوف وحزب الله فصلا جديدا بعد تقديم معلوف دعوى قضائية هي الأولى من نوعها ضد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، تتهمه فيها بالقتل وارتكاب أعمال خطف وتعذيب واغتصاب وتهجير، أمام النيابة العامة التمييزية.
وجاء في نص الدعوى أن الجرم هو “القتل والتحريض والمشاركة في القتل وارتكاب أعمال خطف وتعذيب واغتصاب وتهجير وارتكاب جرائم حرب وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية في سوريا واليمن والبحرين والعراق والعمل على إحداث فتنة طائفية ومذهبية في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق وغيرها من الجرائم الأخرى”.
وتذكر الدعوى التي قدمها محاميا معلوف، طارق شندب وأنطوان نعمة بعض الوقائع مؤكدة “هذه الجرائم المرتكبة من قبل المخبر ضده ليست بخفية بل هو يعلنها ويُفاخر بها جهارا وعلى كافة وسائل الإعلام المقروءة والمرئية”.
ويُذكر أن معلوف (مسيحية مارونية) التي تعودت على تناول الملفات الشائكة في الإعلام اللبناني وكشف قضايا سياسية واقتصادية كبيرة وسبق لها قبل أعوام إعلان موقفها المعارض لسلوك حزب الله العسكري والسياسي في لبنان وقتاله في سوريا، كانت قد ظهرت في مقابلة أعلنت فيها عن عدم خشيتها من تهديدات حزب الله، مؤكدة عزمها الاستمرار في الدعوة لمحاسبة نصرالله على جرائمه، على حد تعبيرها.
وكانت معلوف تعرضت إلى سلسلة شكاوى قضائية قدمها عدد من المحامين اللبنانيين المحسوبين على حزب الله أمام النيابة العامة التمييزية، استنادا إلى تغريدتين على حسابها على تويتر.
ونشرت مقدمة برنامج “بلا رقيب” على فضائية “نيو تي في” يوم 19 مارس تغريدة تتساءل فيها عن سرّ امتناع إسرائيل عن ضرب قيادة حزب الله، إذا كانت فعلا تعتبره عدوا لها.
معلوف قالت إن ما كتبته لا يتضمن دعوة للقتل، بل أسئلة تتعلق بالهدنة تحت الطاولة بين حزب الله وإسرائيل
ويقول نص التغريدة “إذا كانت إسرائيل تعتبر حسن نصرالله عدوا لها فلماذا لا تنفذ غارة جوية تخلصنا منه فنصدقها وتحمي نفسها؟”، وتابعت قائلة “إذا كانت إسرائيل تطمح إلى صنع السلام حقا، فلا مفر أمامها من القضاء على نصرالله الذي يشن حربا ضدها”.
لكن ما بدا أنه تساؤل عن سر امتناع إسرائيل عن قتل نصرالله تحول فورا في العشرات من المواقع الإخبارية والمدونات إلى “دعوة إسرائيل لقتل نصرالله”، وهو الأمر الذي ذهب بالجدل إلى التراشق بمختلف أنواع التهم، وانتهى بتقديم شكاوى جنائية ضده تصل عقوبتها إلى الإعدام.
واستدعيت معلوف إلى التحقيق أمام المحامي العام التمييزي صبوح سليمان.
وقالت إن ما كتبته لا يتضمن دعوة للقتل، بل أسئلة تتعلق “بالهدنة” تحت الطاولة بين حزب الله وإسرائيل، تمنع الأخيرة من استهداف نصرالله وتجعلها تغض النظر عن اقتناص وجود الحزب في سوريا لاستنزافه، وفق ما جاء في مواقع إلكترونية لبنانية.
يذكر أن هذه الدعوة ليست الأولى التي يتقدم بها محامون محسوبون على حزب الله ضد إعلاميات لبنانيات، فقد سبق أن قاضى حزب الله الإعلامية اللبنانية ديما صادق في نوفمبر من عام 2015 بتهمة “القدح والذم” استنادا إلى أسئلة وجهتها إلى ضيفها فيصل عبدالساتر “تناولت ملف الكبتاغون”.
وكان حزب الله، قبل ذلك بأشهر، شن حربا ضد قناة “الجديد”، المحسوبة عليه، عندما أظهرت نشرة أخبارها نقد مبطّن إلى سياسة إيران في اليمن، منتقدة أداء الحوثيين الذين وصفتهم بأنهم لا يختلفون عن تنظيم داعش.
وسرعان ما خونت القناة من قبل أنصار الحزب واتهمت بـ”الانتماء إلى الصهيونية”.
ولم يتردد نجل حسن نصرالله جواد باستهداف القناة وابتكار هاشتاغ #دكان_الجديد على موقع تويتر لمهاجمة القناة، بل طالب مديرة أخبار القناة مريم البسّام بأن تكتب بـ”قيمة المعاشين اللذين تقبضهما”، في تهكم صريح لكونها تحصل على راتب ثابت من حزب الله إضافة إلى راتب من القناة التي تمولها إيران.
ويلاحق حزب الله باستمرار نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، حتى أن أمين عام الحزب حسن نصرالله قال مرة إن “الموساد هو من يوجه هؤلاء المغردين”.
وتقول مصادر لبنانية إن الحزب قام بإنشاء وحدة متخصصة تتعقب الصحافيين اللبنانيين وتشن هجمات سباب عليهم.
ويقول خبراء إن حزب الله يتمكن من تسويق تهمة العمالة لمعارضيه، ويستطيع أيضا الإيماء للقضاء اللبناني العسكري بالتعامل مع العمالة كتهمة حقيقية لهذا الشخص أو ذاك، ويوقن العديد من المراقبين اللبنانيين أن تهمة العمالة جاهزة لمن يتم تحويلهم إلى القضاء اللبناني دون أن يظهر حزب الله في الخلفية.
وتؤكد الكاتبة اللبنانية نسرين مرعب في تصريحات صحافية سابقة أن “حملات الترهيب والتهديد والتشهير والتلفيق والتخوين التي يتعرض لها اليوم معارضو حزب الله الشيعة، هي أكبر دليل على استعداد هذا الحزب للذهاب بعيدا في ممارساته الإلغائية”.
يذكر أن التقرير الصادر عن منظمة “فريدوم هاوس” في مايو 2016 أوضح أنّ حرية الصحافة في لبنان تراجعت كثيرا.