المقالات -
نظرية إستعادة الإنسان حضاريا !

: 4038
السبت,20 مايو 2017 - 11:21 ص
قميتي بدرالدين

لا أريد أن أكون مخطأ إن قلت إننا على أبواب تاريخ جديد من نمو وازدهار حضارات،و تلاشي أخرى ،إن كل الحضارات التي أقصت الإنسان بكل جوانبه هي حضارات زائلة حتما لأنها تفتقد إلى الروح الدينامكية التي تحفظ لها الاستمرار و الوجود و السيطرة

نظرية إستعادة الإنسان حضاريا !
اضغط للتكبير
لا أريد أن أكون مخطأ إن قلت إننا على أبواب تاريخ جديد من نمو وازدهار حضارات،و تلاشي أخرى ،إن كل الحضارات التي أقصت الإنسان بكل جوانبه هي حضارات زائلة حتما لأنها تفتقد إلى الروح الدينامكية التي تحفظ لها الاستمرار و الوجود و السيطرة ،
و هنا اقصد التي حولت الإنسان إلى وسيلة مادية شانه شأن الآلة و أرغمته على التعامل البيئة الجديدة بكل مساوئها و محاولة منها جعل الإنسان قيمة نسبية تتكيف مع ما تمليه حتميات تلك الحضارة جعلت من تلك الحضارة تتآكل من الداخل و تدخل في صراعات تقضي على كل شيء تم انجازه، إن كل تلك الإبادات في الحروب و التلوث البيئي و الإباحية و تآكل الأسرة و انتشار الجريمة والمخدرات و تساقط جميع تلك القيم الهيومانية و حلت مكانها مفاهيم مادية اقل ما يمكن أن توصف Anti Humanisme أو ضد الإنسانية و كما قال توماس هوبز "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"
و على مر التاريخ الإرث الحضاري الإنساني استمد وجوده من تلك التراكمات المعرفية المادية والإيديولوجية و حاول الإنسان أن يكون هو المركز الذي يحول كل حركة إنسانية إلى تغيير هادف إنها نظرية استعادة الإنسان حضاريا أو إعادة نموه المعرفي الداخلي كما قيل إن أردت التغيير إبدأ من الأعلى نحو الأسفل و إن أردت الإصلاح إبدأ من الأسفل إلى الأعلى
علينا من الآن التحضير أنفسنا لاستعادة ارثنا الحضاري الإنساني الذي نضمن من خلاله كل الروابط الإنسانية بعيدا عن أي عنصرية من أي جانب من الجوانب أنا أقف في مواجهة نظرية فوكوياما حول نهاية التاريخ أو ربما صمويل هنتنجتون حول رؤيته لصدام الحضارات حين تفاءلا بشان ما يتوقعانه من التقدم الحضاري و التكنولوجي و يحقق السعادة المنشودة و الكاملة ضمن النموذج العالمي الجديد و لكن مع حركة الوقت المتسارعة بدأت تظهر جليا جوانب سلبية و مع ذلك كانت تصنف إنها ظواهر هامشية
و ظلت في تزايد حتمي و ظلت تلك الظواهر بمصلحاتها خارج التفسير أو عملية التعريف و الصياغة و هكذا تم تفكيك جميع روابط الإنسان و تم استبعاد الإنسان من حركة الفعل الحضاري و سواء كان بالمفهوم الغربي الذي حول الإنسان إلى وسيلة و أداة أو في المفهوم دول العالم الثالث و الدول العربية ذات المرجعية الإسلامية
و التي تشدد على الإنسان كخليفة على الأرض تم اضطهاده و قمعه و كلا الحالتين نجد أن اتساع حدود الدولة القومية و سيطرتها المطلقة و أصبحت غاية
و ظل الإنسان تلك الوسيلة لتغولها و بسط سيطرتها ضمن المفاهيم الحديثة النتشاوية التي ترى أن كل شيء هو القوة و غير القوة لا يمكن أن نحصل على تقدم حضاري ،حتى أصحاب النظرية الفلسفية العقلانية من أنصار الفيلسوف سبينوزا الذي يرى الدول هي أنظمة مبتكرة، صنعها الإنسان من أجل تحقيق بعض الأهداف. ويرتبط عنده الدافع إلى تأسيسها بالطبيعة الإنسانية.، يقول بالحرف الواحد:
"لا، ليس القصد من إقامة الحكومة هو تحويل الناس من كونهم كائنات عاقلة إلى بهائم أو دمى متحركة، بل المقصود منها هو تمكينهم من تنمية قدراتهم العقلية والجسدية في أمن" تم انصهارهم في ثنائية الدولة والقوة ،
و بذلك ظهرت عدة مصطلحات توصف بالسلبية ،أزمة الحضارة الحديثة،التلوث البيئي،أزمة المعاني،تفتت المجتمع، سيطرة الدولة على الفرد،هيمنة المؤسسات الكبرى،تآكل الأسرة ،اختفاء ظاهرة الإنسان و التي هي الظاهرة المحورية ،تضخم العداء ضد الإنسان،ما بعد الإيديولوجية ، نهاية الإنسان و هكذا بدا الإنسان ضمن جميع المنظومات الحديثة بالسقوط إلى أن تساقط تماما
ونحن على أبواب لبداية حقبة جديدة من التاريخ الإنساني إنها الحضارة الإنسانية العالمية قادمة لأخذ مكانها الحضاري القديم في عالم جديد على معايير دولية ومتغيرات إقليمية ودولية.
إن الأجواء الآن باتت ملائمة لاستعادة النهضة الجديدة على منوال الكثير من النهضات العالمية و الإقليمية إن الثورات العربية والربيع العربي و ثورات في شرق أوروبا و حتى انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي يمكن فهمه ضمن إطار معرفي انه يقظة إنسانية جديدة تعني بالفرد والخصوصية الشخصية للدولة التي تؤول للفرد و الإنسان البريطاني.
لا احد يزايد على الثورات إنسانية التي تحدث هنا و هناك ولا نعزو نجاحها من أطراف خارجية أو داخلية لأنها ثورات حقيقة نابعة من مصدرها الحقيقي ألا و هو الإنسان أما باقي الأطراف فهي تحاول ركوب الأمواج فقط ،هذه الحركات الإنسانية التي أوجدت جوا أكثر تقاربا من ذي قبل بين بلدان عالم و سكانه وحان الآن إعادة بناء الحضارة الإنسانية تتركز حول حقيقة الإنسان و جوهره من جديد دون انتظار ولا تردد .
على الهيئات الدولية و الإقليمية التحرك السريع بهذا الاتجاه والبداية في البحوث والدراسات التي من شانها تعزيز الفكر الإنساني الوجودي و ترسيخ روح الوحدة و استعادة الإنسان حضاريا و مركزيا واخذ دوره الريادي في البناء والعمل ونشر الوعي والعدالة الاجتماعية في المجتمع والوصول إلى الجانب السياسي لتحقيق الرؤية السياسية لمفاهيم الدولة التي ظهرت بعد وجود الإنسان بزمن كبير وهي الدولة الإنسانية المدنية من جديد بثوبها الجديد.
ربما هي دعوة لمراكز البحث والباحثين الأكاديميين التركيز على هذه النظرية التي تستحق البحث واكبر تحدياتها مستقبلا.
قميتي بدرالدين – حرر في 28/03/2017 الجزائر

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • التهديدات السيبرانية المتزايدة تثير شواغل ملحة حول الاستقرار المالي
  • الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ