الدراسات -
هل العلاج النفسي عبر الإنترنت يجدي نفعا

: 3586
الخميس,25 يناير 2018 - 11:30 ص
العرب -لندن

يفضل الكثير ممن يعانون من اضطرابات نفسية أن يعرضوا حالاتهم عبر شبكة الإنترنت، إما عبر فيديو للتحادث مباشرة أو عبر الكتابة. ويشعر جلهم بنجاعة هذه الطريقة أكثر من الطريقة التقليدية لأنها توفر لهم حرية أكبر في التعبير عما ينتابهم دون تردد أو تحفظ مثل ما يحدث، أحيانا، خلال جلسات العلاج داخل العيادة النفسية.

هل العلاج النفسي عبر الإنترنت يجدي نفعا
اضغط للتكبير

برلين- يزدهر سوق العلاج النفسي عبر الإنترنت في السنوات الأخيرة، ولكن هل مثل هذه الوسائل تجدي نفعا؟ يقدم مستوصف شوين الخاص والذي له فروع في ألمانيا وبريطانيا برنامجا تجريبيا يسمى “مايند دوك” ويمكن العثور على هذه المنصة العلاجية الموجودة منذ أوائل ديسمبر الماضي عبر الإنترنت.

ويتطلب الانضمام إلى البرنامج مقابلة شخصية. يقول برنارد باكس، رئيس برنامج “مايند دوك” إنه بإمكان المرضى السعي للعلاج عن بعد من الاكتئاب واضطرابات الأكل أو الإنهاك النفسي والبدني من خلال الدردشة المصورة (فيديو تشات) والرسائل النصية من منازلهم. كما أنه يتم تكليفهم بتمارين العلاج السلوكي.

يشار إلى أن مخاطر التشخيص الخاطئ مشابهة للمخاطر في الجلسات العلاجية وجها لوجه، بحسب إيريس هاوت، العضو باللجنة التنفيذية في الجمعية الألمانية للطب النفسي والعلاج النفسي والعلم النفسي الجسدي وطب الأعصاب.

وتقول “أهم شيء للعلاج النفسي هو أن تكون مستندا إلى تشخيص دقيق وجها لوجه”. وتشير هاوت إلى أن سهولة الوصول تعد الميزة الرئيسية للبرامج الإلكترونية. وتقول إن فعالية مثل هذه العلاجات أثبتتها بالفعل عدة دراسات.

وتضيف هاوت “عندما يكون أقرب معالج بعيدا جدا، فهذا ببساطة لن يكون ممكنا لأغلب الأشخاص”. في المناطق الريفية، يمكن أن يكون العلاج عبر الإنترنت مكملا جيدا للغاية. وبإمكان المرضى الذين يقضون جزءا كبيرا من وقتهم في الخارج، الاستفادة من مثل هذه المرونة.

مجموعة من الأخصائيين أكدوا أن أسلوب المعالجة عن بعد حقق نتائج طيبة في مواجهة مشاكل التوتر والاكتئاب

جدير بالذكر أن “مايند دوك” ليس أول منصة علاج عبر الإنترنت، فقد جرى إطلاق “سيلفابي” قبل عامين. ولديها نحو 20 طبيبا نفسيا متاحين على منصتها ويسمح للمرضى بالتواصل مع معالجيهم من منازلهم عبر كاميرات الويب والدردشة الإلكترونية.

غير أن الاتحاد الألماني للمعالجين النفسيين متحفظ إزاء هذا العلاج عبر الإنترنت، لافتقاره إلى الإطار القانوني الملائم، بين أشياء أخرى. ويشدد الاتحاد على أنه أحيانا ما يكون العلاج عبر الإنترنت مكملا مفيدا ولكن لا يمكن أبدا أن يحل محل الجلسات وجها لوجه.

قيّم الباحث آزي باراك مدى فاعلية التدخل النفسي عبر الإنترنت (العلاج السلوكي المعرفي والعلاج النفسي التعليمي والعلاج السلوكي)، خلال دراسة صدرت سنة 2008. وقد تبين أن هذه الطريقة فعالة بنفس درجة جلسات العلاج التقليدية التي يلتقي فيها الطبيب والمريض وجها لوجه.

كما تبين أيضا أن الرابط القوي بين الطرفين، الذي يعد ضروريا لنجاح العلاج، يمكن تطويره سواء عندما يكون التواصل عبر الإنترنت أو بطريقة مباشرة، بالدرجة نفسها.

وقد تم تقييم مدى فاعلية هذه الطريقة الجديدة في عدة دراسات ركزت على مشاكل الصحة العقلية، منها دراسة بعنوان “إنسومنيا” (الأرق)، صدرت عن “ريتر بارد” سنة 2009 ودراسة أخرى بعنوان “الإدمان عن الكحول”، صدرت عن “ساند شتروم” سنة 2016 والتي توقعت نتائج واعدة لطرق العلاج الجديدة، تضاهي تلك التي تحققها طرق العلاج التقليدية.

كما صدرت دراسة أخرى شاملة في علم النفس سنة 2007 والتي أظهرت تحقيق أسلوب المعالجة عن بعد نتائج طيبة في مواجهة مشاكل التوتر والاكتئاب. كما أن دراسة أجراها الباحثان أندرسون وكويبرز سنة 2009 خلصت إلى أن علاجات الاكتئاب عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة تبدو واعدة جدا، وقد تثبت جدواها بشكل علمي في وقت قريب.

وأظهرت دراسة علمية أخرى أن العلاج النفسي عبر شبكة الإنترنت يمكن أن يكون فاعلا ومؤثرا في المريض أكثر من العلاج المباشر بين المريض والمعالج النفسي.

دراسة أجراها الباحثان أندرسون وكويبرز سنة 2009 خلصت إلى أن علاجات الاكتئاب عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة تبدو واعدة جدا، وقد تثبت جدواها بشكل علمي في وقت قريب

وأرجعت الدراسة التي نشرت في دورية “ذو لانست” الطبية هذه النتيجة، إلى الحرية التي يتمتع بها المريض في الحديث عما يدور في صدره، بشكل أكبر من تلك التي يملكها إذا ما واجه الطبيب وجها لوجه.

وتم في الدراسة تقسيم المشاركين إلى قسمين، الأول يتلقى العلاج عبر الإنترنت، فيما يتلقى القسم الآخر علاجه بالطريقة التقليدية المعروفة، بما فيها وضع المريض على قوائم الانتظار لرؤية الطبيب.

وخضع المشاركون لعشر جلسات علاجية، مدة كل واحدة 55 دقيقة، على مدى أربعة شهور، وبينت النتائج أن 38 في المئة من أصل 113 شخصا خضعوا للعلاج عبر الإنترنت قد شفوا تماما من الاكتئاب، مقابل 24 في المئة فقط ممن تلقوا علاجهم بشكل طبيعي.

وبعد تمديد فترة العلاج تمكن 48 في المئة ممن تلقوا العلاج عبر الإنترنت من الشفاء، فيما وصلت نسبة الذين شفوا من المجموعة الثانية إلى 26 في المئة فقط.

وبهذا تكون الدراسة قد بينت أن العلاج النفسي عبر الإنترنت يوصل المرضى إلى نتائج أفضل من تلك التي ينتجها العلاج التقليدي. ويقول الخبراء إن الإنترنت يمكن أن تلعب دورا مهما في علاج المرضى النفسيين، خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين لا يتمكنون من الذهاب إلى الطبيب.

ويقول الدكتور ديفيد كيسلر من جامعة بريستول البريطانية، وقائد فريق البحث، إن “هناك أدلة على أن الكتابة عن الأحداث الدامية في حياة الفرد، تساهم في تخلص العقل منها”.

وأضاف “نعتقد أن الكتابة تعطي الناس الوقت للتوقف والتأمل، وهذا قد يساعد في العملية العلاجية”. من جانبه يقول الدكتور غريغوري سايمون، وهو طبيب نفسي وباحث في الفريق الصحي التعاوني في سياتل، وهو أحد المشاركين في الدراسة، “يبدو الناس أكثر حرية في الحديث عن أشياء محرجة، إذا كان الحوار يتم عبر الإنترنت، وهذا ما قد يسرع العلاج”.

لكن الاعتماد على العلاج عبر الإنترنت وجد معارضة من عدد من الأطباء النفسيين، فالمعالجة النفسية مارلين ماهو تقول “ربما بينت هذه الدراسة الأثر الذي يمكن أن تحدثه الإنترنت في علاج المرضى.

لكن هذه الطريقة تفقد المعالج القدرة على سماع صوت المريض، ونظراته وإيماءاته أثناء الحديث وهي أشياء مهمة في العلاج النفسي، وقد يكون الحل هو الجمع بين الطريقتين، لا أن تحل واحدة بدل الأخرى”.


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • علم الأحياء الحاسوبي: خوارزمية تَعَلُّم آلة تتنبأ ببِنْية البروتينات
  • علوم اجتماعية: ديناميكيات خطاب الكراهية على الإنترنت
  • فيزياء تطبيقية: تحسين تجارب الواقع الافتراضي والواقع المعزز باللمس
  • إلكترونيات: استشعار المؤشرات الحيوية دون ملامسة الجسم
  • سلوك البشر: التكنولوجيا الرقمية تحت المجهر
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ