المقالات -
الاقتصاد الرقمي والنظام الضريبي في عالم متغير .

: 816
الاثنين,24 سبتمبر 2018 - 01:56 ص
د.عادل عبد الصادق*

بات الاقتصاد الرقمي يشكل ابرز منصات دفع النمو الاقتصادي العالمي ، وأصبحت التجارة الالكترونية تنمو بشكل متسارع ،وتختلف طبيعة المعاملات التجارية في الاقتصاد الحقيقي عما بات يعرف بالاقتصاد الرقمي

الاقتصاد الرقمي والنظام الضريبي في عالم متغير .
اضغط للتكبير
وكانت ترتبط بقدرة الدولة على التدخل وفرض السيادة على الشركات والمؤسسات الاقتصادية ،ومن ضمنها القدرة على فرض "الضرائب" والرسوم "الجمركية "،والتي تعد من اهم الموارد المالية للموازنة العامة للدولة ،ومؤشرا لممارسة الدولة لسيادتها على حدودها ، وكانت تتطلب عملية فرض الضريبة ان يكون هناك قانون ينظمها ويحددها ،ولخطورة فرض "الضريبة "لما تمثله من عبئ على المواطن اشترطت العديد من الدساتير على إجراءات خاصة لفرضها ، حيث بات العرف بأنه "لا ضريبة الا بنص "، وتتطلب عملية فرض الضرائب سن تشريعات منظمة،ويرادفها كذلك القدرة على التحصيل ،وسبل فرض العقاب على المخالفين .
وجاءت ثورة المعلومات والاتصال لتفرض تحديات تجاه ممارسة الدولة لسيادتها التقليدية على أراضيهاأو "منافذها"، لصالح حرية الانتقال للأفكاروالأموال عبر الحدود ،وبروز ما بات يعرف بالثورة الصناعية الرابعة والتي ارتكزت على الاقتصاد الرقمي ،وأصبح له دور في النمو الاقتصادي معتمدا على إنتاج السلع والخدمات ذات الصلة مباشرة وغير مباشر بالثورة الرقمية ، ومكونا للثورة والمكانة بعيدا عن المؤشرات التقليدية للقوة الاقتصادية المعتمدة على الموارد الطبيعة او السلع المادية.
ومع اتساع نطاق الارتباط والانتشار بتطبيقات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وبروز البنية التحتية الحيوية ، تسارع في الوقت نفسه حجم الاعتماد والتعامل للحصول على الخدمات والسلع بما انعكس على زيادة حجم التجارة الالكترونية من ناحية والى زيادة ما ينفقه المواطنين والشركات على التجارة و الإعلانات من جهة أخري.
وأصبح من المهم الموائمة بين النشاط التجاري الرقمي ومستوى وضع السياسات او التطبيقات أو البنية التحتية اللازمة . وتميزت حركة التعاملات الالكترونية بان التحويل النقدي يتم عبر الانترنت وبدون سيطرة مباشرة على تلك التحويلات من البنوك المركزية في العديد من الدول،وكون حقيقة ان الشركات المشغلة للخدمة هي عابرة للحدود الدولية ،ومن ثم لا تخضع للولاية القضائية الوطنية ، وليس لأغلبها مكاتب داخل البلدان التي تعمل بها.
وهي بذلك تختلف عن باقي الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مجال النفط والغاز او غيرها والتي ترتكز على الوجود الفعلي كأساس لعملها وعلى خضوعها للقانون المحلي الخاص بالاستثمار الأجنبي.
ومن جهة أخري تتميز التعاملات التقليدية بوجود نقطة"دخول وخروج" للتحكم من قبل الدولة تتمثل في الجمارك والمنافذ الحدودية ،حيث يتم فرض رسوم جمركية علي السلع والخدمات،وتضمن سيطرة الدولة على التعاملات مع الدول الاخري سواء عن" التصدير" او "الاستيراد" للسلع المادية .
وذلك بالإضافة الى قدرة الدولة على إلزام"المتعاملين" او "التجار" بقيد كافة المعاملات التجارية التي يقومون بها سواء أكانت مؤسسات فردية او شركات ،وحق الإدارة الضريبية في المطالبة بمراجعه وفحص الدفاتر والسجلات ،ومراقبة وفحص عملية دفع المنشأة للمستحقات الضريبية والجمركية،وذلك بالاعتماد في عملية التبادل على عقود تجارية مكتوبة بين الأطراف المعنية.
وأما في التعاملات ذات الطبيعة الالكترونية ، فان سيطرة الدولة على دخول وخروج المعاملات على السلع المادية تبقي ولكنها تتقلص في حالة السلع غير المادية مثل الكتب والبرمجيات او الصحف وغيرها والتي تمر عبر الفضاء الالكتروني. وتتوفر السهولة في استخدام التطبيقات والبرامج الالكترونية لتسجيل التعاملات والاسترجاع والفحص
،وتواجه عملية التعاقد مدى الاعتراف بالتوقيع الالكتروني كوسيلة من وسائل الإثبات والتحقق لإتمام الصفقات التجارية .
ولاشك ان طبيعة وخصائص التجارة الالكترونية بشكل عام تفرض طرق واساليب جديدة للتعامل معها،وبخاصة فيما يتعلق بالتحديات ،والتي من اهمها ، اختفاء البعد المادي للشركات او الأشخاص الذي يقومون بتقديم الخدمة او السلعة عبر الانترنت ، والاعتماد بشكل اكبر على المستندات الالكترونية كبديل عن الورقية ، ويتم التعامل بين الإطراف في شكل آلي ومباشر وبدون وسطاء ، وتباين التشريعات والقوانين الضريبية من دولة الى اخري ، الى جانب تباين الطرق المحاسبية وشروط الإفصاح عن تلك الصفقات ، وعدم توافر المعلومات او النتائج عن الارباح المتحققة للشركة من الاقليم او الدولة ، الى جانب صعوبة تطبيق آليات للرقابة على المبيعات .
واثرت تلك المتغيرات في هيكل النظام الضريبي الذي يمكن ان تطبقه الدولة ،حيث اثرت في التشريعات الضريبية وفي طرق عمل الادارة الضريبية وفي المجتمع الضريبي ،واصبحت اية محاولة لوضع تشريعات منظمة ترتكز على ، وجود القوانين ،والعادات الاجتماعية والاسواق والتكنولوجيا ، الى جانب معالجة الفجوة التشريعية وعجز التشريعات القائمة على مواكبة التطور ،والفجوة الادارية والتي تعاني منها الادارة الضريبية ، والفجوة المعرفية والمفاهيمية والتي يعاني منها المجتمع الضريبي والمتكون من الافراد او الشركات والمؤسسات. وذلك في اطار العلاقة بين هيكل النظام الضريبي وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات
*خبير بمركز الاهرام للدراسات السيباسية والاستراتيجية -مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي
  • المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
  • قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
  • رحلة الراحل محمد الشارخ حتى تأسيس كمبيوتر صخر
  • الأدلة الرقمية لجرائم الحرب فى غزة
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ