المقالات -
تحليل البيانات الضخمة وبيولوجيا الكم والسموم.. علوم الثورة الصناعية الرابعة -

: 541
الاربعاء,21 نوفمبر 2018 - 03:18 م
دبي: عبير حسين
جريدة الخليج

عند الحديث عن الثورة الصناعية الرابعة يعتقد الكثيرون خطأ أنها تعني عالم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وهندسة الروبوتات فقط، -

تحليل البيانات الضخمة وبيولوجيا الكم والسموم.. علوم الثورة الصناعية الرابعة -
اضغط للتكبير

عند الحديث عن الثورة الصناعية الرابعة يعتقد الكثيرون خطأ أنها تعني عالم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وهندسة الروبوتات فقط، بينما تشير الحقيقة إلى أن المجالات السابقة هي الأكثر شهرة في عالمنا اليوم نظراً لنتائجها المباشرة المذهلة على حياة الإنسان، وتبقى إلى جانب ذلك علوم أخرى متقدمة تشكل مستقبل البشرية في ظل الثورة الصناعية الرابعة، ومن أهمها تحليل البيانات الضخمة، والأحياء الكمية، وعلم السموم، وغيرها الكثير الذي لن يتوقف عند حدود استشراف مستقبل أفضل للحياة على الأرض، بل يمتد إلى ابتكار علوم متطورة تبحث في جزيئات التربة على الكواكب الأخرى، واستكشاف العوالم غير المحدودة للكون الواسع عبر مسبارات قادرة على السفر لمليارات السنوات الضوئية اعتماداً على أنواع من الطاقة مستخرجة من الأشعة الكونية. إضافة إلى ابتكار تقنيات ما بعد المستقبلية تحقق آمال الإنسان الحالية لتنفيذ عمليات استخراج المعادن والفلزات من الكويكبات السيارة (المناجم الطائرة في الفضاء)، إضافة إلى عشرات العلوم والتطبيقات التي ربما اعتبرت يوماً ما «خيالاً علمياً» لكنها ستصبح واقعاً في ظل الثورة الصناعية الرابعة 4.0.
خلال اليومين الماضيين استضافت دبي 700 من العلماء والباحثين ورواد الأعمال والأكاديميين من 70 دولة استشرفوا ضمن جلسات وورش عمل الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية التي تنظمها حكومة الإمارات بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، مستقبل البشرية في الثورة الصناعية الرابعة، مستعرضين طيفاً واسعاً من الأفكار والاقتراحات حول الوظائف، والتعليم، والأمن الغذائي، ومهام الإغاثة الإنسانية، والطاقة، والإنترنت والأمن السيبراني وغيرها الكثير. تباينت الآراء حول الآثار الإيجابية والسلبية المتوقعة للثورة الجديدة التي ربما تتسبب في الهوة الرقمية التي ستحدثها إلى مزيد من الأزمات، واتفق الجميع على أنها أصبحت أمراً واقعاً لا يمكن التخلف عنه، وعلى أنها ستكون نقلة هائلة للبشرية تتجاوز في آثارها الإيجابية على ما قدمته الثورة الأولى عند اختراع محرك البخار، مؤكدين على أن التفاوت في المنفعة بين مكان وآخر سيتوقف على درجة النجاح في «حوكمة التكنولوجيا».
توماس كوتشان أستاذ الإدارة في جورج ماف ريك والمدير المشارك لمركز«إم آي تي سلون» لأبحاث التوظيف في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT والمشارك في «حلقة المستقبل» التي نظمتها مجالس المستقبل العالمية، استعرض مستقبل الوظائف في ظل الثورة الصناعية الرابعة والذي استشرفه كتابه الأخير«تشكيل مستقبل العمل» وقال إن المخاوف المتزايدة من النتائج المتوقعة للأتمتة يجب ألا تشكل عائقاً أمام السعي إلى مزيد من ابتكار التكنولوجيات التي ستقدم بدورها عشرات الوظائف الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل. وكانت أحدث الدراسات الصادرة عن freelancer union في الولايات المتحدة والتي أشارت إلى حجم التغير الهائل الذي طرأ على سوق العمل هناك وجاء فيها أنه في العام 1860، كان 80% من القوى العاملة يعملون في أنشطتهم الخاصة التي تركزت على الزراعة والتجارة، وفي العام 1900 انخفضت النسبة بنحو 50%، وبحلول 1977 وصلت النسبة إلى 7%. واليوم ستعيد الثورة الرابعة تشكيل مجتمع الأعمال الذي يشهد طفرة اقتصادية، ستدفع الكثيرين إلى اختيار الاستقلال الوظيفي الذي يعرف ب «العمل الحر free lancer» الذي يوفر لهم دخولاً مرتفعة، وأوقات دوام مرنة.
وأشار كوتشان إلى تقرير «معهد ما كينزي العالمي» الذي أشار إلى أنه بحلول 2025 ستضيف الإنترنت نحو 2.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إضافة إلى دورها في تسهيل الكشف عن مواهب الراغبين في العمل لحسابهم الخاص، وتحسين العديد من المشاكل القائمة في أسواق العمل في العالم.
ولفت كوتشان الانتباه إلى أن القلق العالمي من تغير سوق العمل بسبب 4.0 مبالغ فيه، ويجب أن يتحول التركيز على طبيعة العلوم المتقدمة التي تناسب مرحلة الثورة الصناعية الرابعة وقال: «يعد نظام التعليم في سويسرا الأفضل في عالم اليوم، إذ يقدم علوماً متطورة للصغار منذ مرحلة ما قبل المدرسة، ومن بعدها يربط الطالب بالعلوم التجريبية كما يتم تحديث المناهج بشكل مستمر يتسق مع المتغيرات العالمية فتتم إضافة مساقات خاصة بالبرمجة، وعلوم البيئة وغيرها، ويكمل التعليم الجامعي تلك المنظومة، فيصبح الخريج مؤهلاً لسوق العمل المتطور».
ينقلنا رأي كوتشان عن العلوم المتقدمة المناسبة لمرحلة الثورة الصناعية الرابعة إلى أحد أهم التقارير التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي بمناسبة انعقاد الدورة الأخيرة من مجالس المستقبل العالمية في دبي، والذي تناول بعض أهم العلوم التي تشكل أعمدة مهمة لعالم الثورة الصناعية الرابعة، ومن أهمها:
في مقال نشره موقع المنتدى الاقتصادي العالمي 2014 تحت عنوان «الثورة الصناعية الرابعة: ماذا تعني؟ وكيف نستجيب؟» تناول كلاوس شوب المؤسس والمدير التنفيذي للمنتدى معنى الثورة الجديدة قائلاً: «رغم بنائها على إنجازات الثورة الثالثة التي استخدمت الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات لتحويل حركة الإنتاج إلى الآلية، إلا أن الثورة الرابعة تتميز بكونها رقمية تمزج بين التكنولوجيات المتعددة، وتزيل الحدود بين المجالات الرقمية والحيوية».
ولفت شواب الانتباه مبكراً إلى أن «البيانات الضخمة» ستكون الثروة الأهم في عصر 4.0، مشيراً إلى الأهمية الكبيرة التي ستحظى بها أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على تحليل تلك البيانات، لكنه أكد في نفس الوقت على الدور الفريد الذي سيتميز به العقل البشري.
ومنذ العام 2012 انتشر وصف البيانات على أنها «نفط القرن الواحد والعشرين»، للدلالة على أهميتها في العصر الحديث. وكما في حالة النفط الخام، لا يمكننا استعماله والاستفادة منه إلا في حال تكريره. كذلك هي البيانات، لا يمكننا الاستفادة منها إلا في حال تنقيبها وتحليلها واستخراج ما ينفع منها. تنتج البيانات الضخمة من عمليات الأفراد الذين يتواصلون مع تكنولوجيا المعلومات من مصادر عديدة مثل سجلات المستخدمين من المواقع الإلكترونية والإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، وخوادم الويب، والبيانات الخاصة لمعدات التصنيع والتقارير الناتجة عنها، والأبحاث العملية بكافة المجالات. نتيجة لذلك أصبحت البيانات الكبيرة هي الجيل القادم من الحوسبة وتكنولوجيا المعلومات لخلق قيمة لها من خلال تحليلها. ومن الأمثلة على ذلك شركة IBM التي تنتج 2.5 «كوينتيليون بايت» من البيانات يومياً، مستخرجة من مصادر مختلفة مثل التعليقات التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، والصور الرقمية وأشرطة الفيديو ومعاملات البيع والشراء.
ويعد «ذكاء الأعمال» هو التعريف الأكثر انتشاراً لوظيفة «علماء تحليل البيانات» الذين تركز مهمتهم على توظيف مجموعة من التقنيات والأدوات المسؤولة عن تحويل البيانات بمختلف أشكالها ونسقها إلى معلومات ذات قيمة لأغراض تحليل بيانات الأعمال. وتوفر تقنيات استقصاء المعلومات القدرة على استخراج كميات كبيرة من البيانات غير المهيكلة والمنسقة لتحديد وتطوير وخلق فرص جديدة في السوق.

مصادر الدواء

من العناكب إلى الضفادع والقواقع، اكتشفت البشرية أكثر من 220 ألف نوع من السموم التي تحتوي على بروتينات قوية معقدة التركيب، وإلى جانب تأثيرها المدمر والقاتل في الإنسان، إلا أنها تتكوّن من بروتينات يمكنها أن تكون أحد أهم مصادر الدواء في المستقبل. ولعل أهم أسباب عدم استغلالها في صناعات دوائية واسعة هو صعوبة فك تشفير كيميائها المعقدة لتحديد المكونات النشطة، لكن بالاعتماد على التكنولوجيات المتطورة يمكن لعلماء المستقبل من رسم خرائط «DNA»، الخاصة بها على نحو أسرع، وبشكل يمكنهم من فك وترميز بنية السموم الخاصة بالهياكل الخلوية لكل منها، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى ثورة في اكتشاف الأدوية لعلاج الأمراض البشرية.

طفرات بالحمض النووي

هل يمكن للفيزياء أن تفسر بعض الظواهر الحيوية مثل كيف تقرأ هذه الكلمات أو كيف تهضم طعامك؟ لا شك أنها تستطيع تفسير ظواهر طبيعية كثيرة، ولكن هل هذه هي الحالة عندما نتحدث عن الحياة؟
قد تبدو هذه الأسئلة غريبة إلى حد ما، لكنها الاهتمام الأول للعلم الناشئ حديثاً، علم الأحياء الكمي «Quantum biology»، والذي يحاول استخدام قوانين، نظريات وتفسيرات ميكانيكا وفيزياء الكم في تفسير الظواهر الحيوية. ويهتم بتوظيف نظريات «قوانين ميكانيكا الكم» التي تستطيع تفسير ظواهر حيوية كثيرة، مثل ظاهرة البناء الضوئي Photosynthesis process، الأنزيمات التي تسرّع العمليات الحيوية، الطفرات وهجرة الطيور. ويمكن أن تعطي البيولوجيا الكمية تفسير أيضاً لحدوث الطفرات Mutations في الحمض النووي DNA، والذي يحمل الجينات التي تحدد صفات أي كائن حي.
كما تستخدم الطيور «التشابك الكمي Quantum entanglement» التي تدرك عن طريقها مساراتها في الهجرة عبر استشعار الحقل المغناطيسي للأرض عن طريق إلكترونات في شبكة العين. وهذه الإلكترونات تكون في حالة التشابك هي علاقة بين إلكترونين أو أكثر يرتبط فيها كل إلكترون بالآخر، بالتالي أي تغيير يحدث لأحدهما فهو يحدث بشكل متزامن للآخر.

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الاقتصاد الكلي للذكاء الاصطناعي
  • المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
  • قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
  • رحلة الراحل محمد الشارخ حتى تأسيس كمبيوتر صخر
  • الأدلة الرقمية لجرائم الحرب فى غزة
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ