نظام الوجه العميق : الصور الشخصية بين الانتهاك والخصوصية

12-04-2015 05:36 AM - عدد القراءات : 1350
كتب د.عادل عبد الصادق*
من اهم التحديات الراهنه امام الخصوصية ما تنوي استخدامة شركة الفيس بوك من التقنية الرقميّة في التعرّف إلى الوجوه. والتي من شانها القدرة على تقليد عين الإنسان في تمكّنها من ملاحظة هوية الوجه، حتى لو رأت جزءاً منه.وهو ما يطق علية "نظام الوجه العميق" DeepFaceSystem.
نظام الوجه العميق :  الصور الشخصية بين الانتهاك والخصوصية

يضخ مستخدمي الفيسبوك في اليوم ما يقارب 400 مليون صورة ثابتة ، والبالغ عددهم قرابة 1.3 بليون شخص، اي ما يعادل سدس البشرية .وليعبر ذلك عن حجم الصورة واستخدامها وكذلك كيفية توظيفها وطريقه تعامل الشركات مع ذلك الكنز الهائل من المعلومات المختزلة ، وما يزيد من تراكمها على مدار الثانية ،وذلك من قبيل ان  اكثر ما يشارك به المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي هي الصور الى الحد الذي وجدت شبكات متخصصة في نشر الصور مثل انستجرام.

وتتميز الصورة بطبيعتها بسرعه الاستجابة لانها تخاطب العين وتسيطر عليها عنصر الابهار والجاذبية ، وكذلك الاختزال لشخصية الفرد سواء اكان في شكل طبيعه الملابس او خلفية الصورة او طبيعه الحدث المشارك فيه الشخص ،واصبحت الصورة هي تعبير عن عصر السرعه مقارنه بمدى الاقبال على قراءة النصوص او الكتب او الجرائد والصحف ، وعلى الرغم من القدرة الهائلة للصورة في نقل الرسائل والمعلومات الا انها قد تحوي بلا شك عنصر الخداع البصري او المعلوماتي .

واهتمت شبكات التوصال الاجتماعي بالاستثمار في مجال الصورة والتي تلقى اقبالا كبيرا من قبل المستخدمين سواء عبر المشاركة او  التعليق  وهو ما يصب في زيادة التفاعلية عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومن ثم زيادة الجمهور المستهدف من قبل الشركات التجارية ، ومع استثمار الشركات التقنية في مجال الذكاء الاصطناعي والمرتكز على تطوير قدرات الكمبيوتر لتقوم بمهام الحواس البشرية والادراك بناء على حجم المعطيات التي تستقبلها وتكمن الدوافع وراء ذلك اما لاسباب تجارية اوتقنية تتعلق بتسهيل عملية التعرف على الوجوه او لاسباب امنية يتم توظيفها في رصد الانشطة الاجرامية والارهابية .

   وطورت شركة جوجل نظاره خاصة بها تقوم برصد الاشياء وتحليل المعلومات ، في اطاء ما يعرف بـ"انترنت الاشياء"، واهتمت شركة الفيسبوك بتحليل ورصد الاوجه على شبكاتها ، والدخول فيتطوير تقنات تتعلق بالقدرة على التعرف على هوية الشخص من خلال الصورة او حتى جزء منها ، بحيث تكون كل صورة تعبر عن بصمه صاحبها ، وهو ما يتيح امكانية التعرف على هويات الافراد من خلال الصور  .

والتي تحركها عده عوامل مرتبطة تضع التميير بينها مثل عمر الشخص ووضعية التصوير وتفاوت الاضاءه ،وملامح الوجه وربما خلفية الصورة وتاريخ نشرها .

وتمثل تلك العوامل ركائز اساسية في  تطوير التقنية الرقميّة في التعرّف إلى الوجوه. والتي من شانها القدرة على تقليد عين الإنسان في تمكّنها من ملاحظة هوية الوجه، حتى لو رأت جزءاً منه.وهو ما يطق علية "نظام الوجه العميق" DeepFaceSystem. والجدير بالذكر ان تلك التقنية عرفت منذ قرابه عقدين Face Recognition .

وبعيد تطوير شبكة الفيس بوك تم استخدام نظام التعرف على الاوجه من خلال رصد عناصر التشابه فيما يعرف "تاج" Tag في عام 2014 ، وهو ما أثار نقاش وجدل محتدم حول خصوصية الفرد وحريته في الحافظ على صورة الشخصية من التداول او الانتشار بين مستخدمين اخرين ، والاكثر اثارة امكانية تطبيق ذلك على اشرطة الفيديو بتطوير قدرات البحث بداخلها عن اشخاص بما يعرض خصوصيتهم للخطر ، وربما يعرضهم كذلك لخطر الاستهداف او القتل .

وهو ما حاولت شركة الفيس بوك الحد من المخاوف حول تقنيات "نظام الوجه العميق" حول انتهاكه لخصوصيه الافراد وحرياتهم ، من خلال اتاحة الفيسبوك القدرة للافراد على الحق في تغطية وجوههم في الصور التي تكتشف فيها وجوههم.

وذلك على الرغم من احتفاظ الشركة بقدرتها على التعرّف إلى الوجه أين ما ظهر، وتحتفظ بتلك المعلومات عن الصور وأصحابها في خوادمها الرئيسيّة، ثم ترسل إشعاراً إلى من جرى التعرّف إلى وجهه، كي تعطيه خيار التغطية من عدمه.

وبخاصة ان التعاون بين شركة الفيس بوك والشركات الامنية وبخاصة وكالة الامن القومي الامريكي قد زعزت الثقة بين الجمهور والشركة ، على الرغم من محاولة الشركة طمئنة المستخدمين .

وبخاصة في ظل حجم الارباح الطائله التي تجنيها الشركة وراء بيع تلك الصور او المعطيات الى شكرات اعلانات تجارية او الى اجهزة امنية واستخباراتية ، وبخاصة انه يصبح لديها القدرة على التعرف على الاشخاص من خلال وجوهم سواء كانوا مشاركين في مظاهرات او احتجاجات ليتم بيعها الى الاجهزه الامنية .

وتعد الصورة من الناحية القانونية هي ملك لصاحبها ولا يجوز استخدمها على نحو اولا يسئ الية او لا يرضى عن او دون موافقته او امكانية طرحها للعلن او انتهاك سريتها من خلال امكانية التوصل لها عبر محرك البحث الخاص بالفيسبوك او عبر محركات اخرى ، ويملك الفرد الحق في احتفاظه بالصور الشخصية دون ان يتم تعرضها للسرقة او الاختراق او الابتزاز ، ولعل حجة شركة الفيس بوك بانه خدمتها مجانية للمستخدمين ومن ثم يحق لها ان توظفها بشكل تجاري يروق لها قد اصبحت حجه واهية ، ولا يتم اخذها في الاعتبار لان المستخدم اصبح شريكا غير تجاري مع الشركة من خلال مساهمته في نمو الشبكة وزيادة محتواها ، وهو ما توظفه الشركة  بدورها في تحقيق مكاسب تجارية ، ومن ثم فانه الاجدر ان يصبح الفرد شريكا في ارباح الفيس بوك اذا ما اخذ ذلك بعين الاعتبار ، وهو ما يفرض التزام بان يكون الفرد يملك السيطرة على اصولة الرقمية ومعطياته الشخصية ،و تعبيراعن امتلاكة لحقوق الملكية الفكرية لاصولة الرقمية من صور وفيدوهات وغيرها ، وعلى الرغم من عدم تبلور ذلك الحق الا انه اصبح بمكان يدفع به بقوة الى التبلور لحماية الفرد من توغل الشركات واختراقها لخصوصيته وفي ذات الوقت منعه من تعرضة للاخطار التي تهدد سلامته الشخصية والجسدية .   
*خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>