الكائنات الآلية تواجه جنود المارينز في 'أمر بالقتل'

27-05-2016 09:24 AM - عدد القراءات : 993
كتب العرب طاهر علوان
برمجة المحاربين الأشداء هي مهمة كونية لغرض التفوق والغزو والتسيّد، تلك هي مهمة جنود المارينز وهم يخطون باتجاه مناورات وتدريب لا تسمع سوى الأوامر وطاعتها، وهم يسيرون بحماسة لتنفيذ مهامهم، وتاليا قدرهم، تسبقهم امرأة نصف آلية مبرمجة تقرأ كل ما حولها إلكترونيا وبإمكانها أن تتعرف على الأشخاص، من هم؟ ومن أين جاؤوا؟ هي البداية المشوقة لفيلم “أمر بالقتل” للمخرج ستيفن غوميز.
الكائنات الآلية تواجه جنود المارينز في
في مهمة شاقة تقع مواجهة غير متوقعة بين الجنود الآليين ونظرائهم المارينز، عندما تتمرد الكائنات الروبوتية على صانعيها ومبرمجيها لتخوض حربا لا هوادة فيها ضد خصومها البشريين، حيث لا سبيل للخلاص إلاّ بهلاك أحد الفريقين، وهو صراع دام يقوده المخرج ستيفن غوميز في فيلمه الأخير “أمر بالقتل” (إنتاج 2016).

ليست هنالك سوى المواجهة منذ المشهد الأول من هذا الفيلم، الجنود المدججون بالسلاح متجهون إلى مهمة قتالية ما، مساحة الترقب في ما ستؤول إليه تلك المهمة هي نقطة البداية في ذلك السرد الفيلمي، الحوامات المتطورة تقل المزيد من الجنود لتنطلق المهمة، هو صراع دائم مع عدو يقع في دائرة المجهول، طابع الحيرة والترقب هو المتسيد، ننتقل مكانيا إلى حيث سيتم الانطلاق في المهمة.

الغابات الشاسعة ستتحول إلى المتسع المكاني الذي سيشهد الصراع مع انطلاق الكائنات الآلية، حيث هي عدو افتراضي، لكن لم يكن من المتوقع أن يكون ذلك العدو الافتراضي بتلك الشراسة في مقارعة المارينز، وهي رؤية المخرج ستيفن غوميز، حيث أن هذا الفيلم هو فيلمه الروائي الثالث الذي خرج إلى الصالات توا، وحظي بنجاح لا بأس به، إذ مازال يعرض في القاعات.

بني السرد الفيلمي على أساس ثيمة الصراع بين القوتين وبعد سلسلة من المواجهات الشرسة نكتشف أن ميليس، تلك المرأة نصف الآلية (الممثلة فانيسا كيربي) التي انضمت إلى المارينز لأداء المهمة، هي من صممت تلك الكائنات الروبوتية، وهي القادرة على السيطرة عليها. تلك هي الحبكة التي جرى توقيتها في لحظة كابوسية تمثلت في إجهاز الكائنات الروبوتية على العديد من جنود المارينز، تبدو تلك الفاصلة الزمنية في السرد الفيلمي هي الحاسمة التي قلبت الموازين، ودفعت قائد المجموعة الكابتن بوكس (الممثل تيود ليندهارت) إلى الواجهة لحسم الأحداث، وهو الذي سيكون طرفا في تغيير الموازين إلى حد ما، حتى ظهور قائد الفريق الروبوتي الذي يكاد أن يجهز على الجميع، بمن فيهم الكابتن وميليس، ولكن في اللحظة الأخيرة يبقى الاثنان على قيد الحياة ويتم إجلاؤهما.

لا تبدو ثمة إشكالية أكبر من حدود النزال الحربي بين الفريقين، وأحداث الفيلم لا تتعدى تلك المعارك الشرسة التي تشهدها الغابات والتي لن تفلح معها أسلحة المارينز المتطورة لحسم الموقف.

حبكة الفيلم جرى توقيتها في لحظة كابوسية تمثلت في إجهاز الكائنات الروبوتية على العديد من جنود المارينز

الصراع البشري/الروبوتي هو المتسيد إلى النهاية، لم نعثر على حبكات ثانوية قادرة على قلب الموازين، وتاليا على اجتذاب المشاهدين وتحفيزهم على المتابعة إلى درجة أن بدا الفيلم من نوع تلك الأفلام القائمة على عنصري الحركة والقتال لا غير.

وفي ما يخص الشخصيات وماعدا الثنائي؛ الكابتن والفتاة نصف الآلية ميليس لن نجد بصمة مميزة لأولئك المارينز، فهم أيضا يشبهون الكائنات الروبوتية في الأداء، فالمهمة هي إطلاق النار يمينا وشمالا ولا شيء غير ذلك في أغلب المشاهد الفيلمية.

هذا التمدد في الصراع بين القوتين أيضا قادنا إلى ثنائية الآلي/البشري، والتي طالما حضرت بقوة في أفلام الخيال العلمي، ومنها مثلا أفلام “إيكس ماشينا” و”الشرطي الروبوت” و”أوتوماتا” وغيرها، وكلها عنيت بالسرد الفيلمي القائم على تلك العلاقة الإشكالية بين النوعين من الشخصيات. التطور الخيالي الافتراضي سيقود إلى إنتاج كائنات روبوتية ستتحول إلى ند قوي للبشري في تطورها وقدرتها على التأثير في حياة الناس، وهو لوحده كاف لتحقيق متعة المشاهدة.

وفي موازاة ذلك، سنبحث عن تلك الثيمات المنتجة للصراع، حيث أن صراعا بين الروبوتي والبشري مفتوح على أفق متسع من الاحتمالات، ما الذي سيستخدمه البشري في مقابل الروبوتي من أدوات ووسائل لقهر الخصم؟

الحاصل هنا هو أن التفوق هامش يقودنا إلى تهشم فرضية المارينز الذي لا يقهر، هنا الكائن الروبوتي قادر على الكشف عن خصومه، معرفة نواياهم، تشخيصهم ومن ثم الإجهاز عليهم بالطريقة التي تتم برمجتها، بينما لا يملك جندي المارينز سوى مدفعه الرشاش، وهو غير مهيأ لكي يكون ندا لذلك الخصم المخيف.

قوة الصراع بين القوتين في هذا الفيلم وفي أفلام أخرى من ذات الفصيلة، أشرنا إلى بعضها في ما سبق، هي المحرك الأساسي للدراما الفيلمية والصراع، وتاليا تحقيق متعة لجمهور المشاهدين، لكن في أفلام أخرى كفيلم “إيكس ماشينا” و”الشرطي الروبوت” و”أوتوماتا” وغيرها، تم تحييد المهمة المجردة للروبوت وإسقاط مشاعر بشرية على بعض الأفعال، وكان ذلك كافيا لمنح الصراع بين القوتين أبعادا إضافية عززت من متعة المشاهدة، أما في هذا الفيلم فالكائنات الروبوتية كائنات مجردة لا أدوار لها خارج وجودها الآلي الجامد.

طاهر علوان


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>