دفق من الصور السورية على وسائل التواصل

26-08-2016 12:27 PM - عدد القراءات : 509
كتب علاء سرحال
يقال إن الصورة خير من ألف كلمة، ففيها تُختزل كل الحكاية. لكن المشاهد الصادمة التي خرجت من تحت ركام الحرب السورية خلال الأيام الماضية هزت ضمائر العالم، لتروي حكايات لم نكن نتخيل أن تحدث أو أن نكتب عنها.
دفق من الصور السورية على وسائل التواصل
منذ ما يقارب الخمسة أعوام، قدّر لأطفال سورية أن يكونوا في قلب عاصفة أخمدت وميض براءتهم وأبدلت ساحات اللعب فيها بساحات المعارك والحروب، لتتنوع معها وسائل الدمار، وتظل النتيجة واحدة: خراب يطاول البشر والحجر، وواقع أليم لمن قضوا، وذكريات أشد إيلاماً لمن بقي مسكوناً بمشاهد الرعب كحال الطفل عمران دقنيش. من بين الأنقاض، خرج هذا الطفل السوري والدماء تملأ وجهه وفي عينيه تساؤلات حائرة، لا تعدو كونها أسئلةً بريئةً من طفل باغتته طائراتٌ تلقي بقنابل الموت على المدنيين في حلب. الفيديو الذي بثه مركز حلب الإعلامي، التُقط في عربة إسعاف بعد إنقاذ الطفل من بين الأنقاض، أصبح حديث المغردين على شبكات التواصل الاجتماعي تحت وسم #عمران_من_تحت_الركام. عمران البالغ من العمر 5 سنوات أبكى كثيرين ممن شاهدوه، فالصدمة التي تبدو على وجهه من دون أن يبكي أو يصرخ، تلخص المشهد في حلب التي تشهد معارك مستمرةً ووضعاً إنسانياً دفع الأمم المتحدة للتحذير من كارثةٍ إنسانية لم يسبق لها مثيل قد تصيب المدينة إذا لم يتوقف القتال. الصورة حظيت بتفاعل كبير على الشبكات الاجتماعية، فقد تم تصوير الطفل وهو جالس على كرسي الإسعاف، كمن يجلس في قمة مجلس الأمن أو القمة العربية. مئات الصور المتدفقة من حلب تحكي لنا حجم التدمير والقصف، وبعبارة أكثر دقّة الإبادة التي تتم ضد كل شيء داخلها، فللمرة الأولى منذ قرابة شهر، امتلأت أسواق الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة بالخضار والدواجن والسجائر، بعدما حققت هذه الفصائل تقدماً مكنها من فتح الطريق أمام السيارات المحمّلة بالبضائع والوقود. فقد ظلت متاجر هذه الأحياء فارغة من البضائع أسابيع عدة، بعدما حاصرتها القوات الحكومية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص في الطعام والمؤن. حلب التي تتصدر عناونين أخبار المشهد الميداني، كانت حاضرةً بقوةٍ أيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي، بوسوم أطلقها ناشطون دعماً لمعركة فك الحصار عن المدينة، من بينها وسم #حلب_تنتصر، و#الغضب_لحلب، و#ملحمة_حلب_الكبرى. المشهد في مدينة مضايا بريف دمشق لا يختلف عن حلب. أطفالٌ يناشدون العالم لإخراجهم من بين سندان الحرب ومطرقة الجوع والحصار. غنى قويدر نظرت بعينين دامعتين إلى الكاميرا لتسال: «ما هو ذنبي؟ أرجوكم أخرجوني من هنا، أخرجوني من الحصار، أريد أن أعيش كبقية الأطفال، أريد أن أركض وألعب معهم». كلمات غنى أثّرت في رواد التواصل الاجتماعي، فأعادوا نشر التسجيل ووسموا تغريداتهم بعبارة #أنقذوا_غنى، وضمّوا أصواتهم إليها مناشدين المعنيين لإخراجها لمعالجة ساقها التي أصابتها رصاصة قناص، أثناء ذهابها لإحضار دواء من المستشفى الميداني لوالدتها المصابة بسوء التغذية. بفضل هذا التضامن، وصل صوت الطفلة ذات الأعوام التسعة إلى مسامع مكتب الأمم المتحدة في دمشق، فتوسّط لإخراجها عبر الهلال الأحمر. وأجريت لغنى جراحة في مستشفى «المواساة» في دمشق وباتت في حالة جيدة. وعلى رغم الحكاية المأسوية لغنى، فهي ربما أكثر حظاً من عشرات الأطفال الذين لم يتسنَّ لهم تلقي العلاج بسبب الحصار في مضايا، وهو ما دفع السوريين لرفع الصوت لإنقاذ البقية. يوجه ناشطون اتهاماتٍ للأطراف المؤثرة في الملف السوري، ويحملونها مسؤولية التباطؤ في وقف النزف. ووصف كثرٌ المشاهد التى تناقلها مستخدمو مواقع التواصل لما يحدث في سورية بنهاية العالم، فمعاناة الأطفال من الحروب لا تتوقف بتوقف المدافع، بل تصاحبهم إلى مراحل متقدمة من أعمارهم.


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>