البيانات الشخصية:الصراع على 'نفط' القرن الحادي والعشرين" |
24-09-2018 02:02 AM - عدد القراءات : 1765 كتب ACCR صدر ضمن سلسلة كراسات استراتيجية الصادرة عن مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بعنوان"البيانات الشخصية:الصراع على 'نفط' القرن الحادي والعشرين" ,عدد 287 ,أبريل 2018 .الدكتور عادل عبد الصادق ،الخبير بالمركز
|
|
دخل وبقوة العالم المعاصر في آتون الثورة الصناعية الرابعه ،وما مثلته من فرص واعدة لتكوين الثروة والمكانة ليفرض معطيات وقضايا متصاعدة في الاهتمام الدولي ،ومثلت قضية الحفاظ على الخصوصية كممارسة وكحق قانوني يكفله القانون الدولي لحقوق الانسان من اهم تحديات العصر الرقمي
،أضحت قضية "البيانات الشخصية" والتي تتراكم بشكل غير مسبوق عبر نشاط الملايين من المستخدمين عبر العالم للإنترنت والاتصالات، إحدى القضايا المهمة والمتزايدة في أهميتها الاستراتيجية، وذلك مع ارتفاع معدلات الانتشار والاستخدام وتصاعد مخاطر أمن البيانات الشخصية، والتي أصبحت كنزا مهما يحظى بتنافس شديد بين شركات الإنترنت التجارية والأجهزة الأمنية من ناحية، أو من خلال التعاون فيما بينهما على حساب حرية وخصوصية المستخدمين، من ناحية أخرى.
وبرزت قضية حماية البيانات الشخصية على أجندة الاهتمام الدولي لما تكشف عنه من صراع استراتيجي ذي أبعاد تجارية وأمنية واقتصادية، حيث باتت "البيانات الشخصية" من أهم الموارد الجديدة للاقتصاد الرقمي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المحرك لنمو الاقتصاد العالمي،
والذي أصبح يرتبط ارتباطا استراتيجيا بالبيانات الشخصية، وبعصر المعرفة والمعلومات، وهو ما أحدث تحولا في القوة في النظام الدولي من جهة، وقاد إلى تصاعد فاعلين من غير الدول، من جهة أخرى. وكان من أبرز ملامح هذه الظاهرة تصاعد دور الشركات التكنولوجية الكبرى، لتعكس الجيل الجديد من الشركات متعدية الجنسيات والعابرة للحدود، فإذا كان النفط هو محرك الثورة والقوة، فإن البيانات الشخصية باتت هي الأخرى محرك للتغيير الاقتصادي والاجتماعي، وموردا تتنافس عليه الدول والفاعلين من غير الدول.
وأدى تعرض الملايين من المواطنين "المستخدمين" للتجسس وانتهاك الخصوصية إلى تنامي الجهود الدولية في مجال الدفع بعملية "حوكمة الإنترنت"، وبما يضمن حماية الخصوصية والبيانات الشخصية، والتي هي إحدى ركائز حقوق الإنسان الرقمية في العصر الحديث، بل وباتت مؤشرا مهما على التقدم واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، باعتبارها حقا أصيلا تحميه كافة المواثيق والقوانين الدولية.
وقد زادت هذه الحاجة الدولية في ظل ما أفرزته حالة الانفتاح العالمي عبر الفضاء الإليكتروني من تحديات أمنية واقتصادية، وصلت إلى حد الإضرار بالأمن الشخصي وبالأمن القومي وبالاقتصاد القومي.
ومن ثم، اتجهت العديد من الدول إلى تبني تشريعات لحماية البيانات الشخصية،
ووضع حدود لعمليات المعالجة التي تخضع لها هذه البيانات، وحركة تدفقها إلى الخارج، وتأمين ملفاتها وأصولها من خطر الانتهاك والاستغلال. وقاد الاتحاد الأوروبي جهود حثيثة لمواجهة مخاطر حماية الخصوصية لمواطني الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفعه لاستبدال التوجيه الأوروبي لحماية اليبانات الشخصية باللائحة العامة لحماية البيانات General Data Protection Regulation (GDPR).التي أصبحت سارية في 25 مايو 2018،
ولتحل محل جميع القوانين الوطنية للاتحاد الأوروبي، وتنظم عملية معالجة البيانات الشخصية داخل الاتحاد الأوروبي، وقواعد انتقالها إلى الخارج.
ويعبر هذا الجهد عن سياسات جديدة يتوقع أن تمثل نموذجا لانتشارها في باقي دول العالم، ويتوقع أيضا أن يتعزز معها الانتقال من حالة الفوضى إلى حالة التنظيم، ومن حالة الانفتاح اللامحسوب إلى الانفتاح المنضبط. كما تعبرهذه اللائحة عن حالة دولية جديدة للتعامل مع العولمة، ومؤسساتها وفاعليها، في مواجهة المصالح الوطنية، وعن الانتقال من مرحلة تراجع دور الدولة في مجال الأمن والحماية إلى استعادة دورها مرة أخرى وفق بيئة جديدة. |