خريطة طريق لتوظيف التكنولوجيا في حفظ المناخ بأفريقيا

27-06-2022 12:46 PM - عدد القراءات : 1478
كتب موكي ماكورا البيان
تؤكد الدراسات المتخصصة أن أفريقيا نجحت في تكرار النجاح الذي حققته في قطاع المناخ، عبر توظيف تكنولوجيا الهاتف المحمول في أفريقيا.
خريطة طريق لتوظيف التكنولوجيا في حفظ المناخ بأفريقيا

ومن المؤكد أننا لسنا بحاجة إلى الانتظار حتى تحصل حكومات أفريقيا، التي تعاني من ضائقة مالية، وكذلك القطاع الخاص على التمويل، وبدلاً من ذلك، يجب أن ندفع بأجندة التعويضات المناخية قدماً، فهناك أموال متاحة، كما يجب أن تسدد الدول التي تخلت مراراً وتكراراً عن وعودها بتقديم المساعدة المالية، ديونها. وتتضمن هذه الدول الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، والمملكة المتحدة، ومعظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لذا، لن نتحدث عن الكوارث أو الأزمات المناخية بعد الآن، بل عن فرص المناخ في أشكال الوظائف، وريادة الأعمال، والتمويل. وعلى غرار بائع الأحذية الذي رأى فرصة هائلة بينما لم ير زميله أي شيء، دعونا نعيد النظر في النهج الذي نسوق به العمل المناخي للأفارقة.

هناك قصة معروفة تحكي عن بائعَيْ أحذية، سافرا إلى أفريقيا في أوائل القرن العشرين، ليبحثا عن أسواق جديدة، وفي غضون أيام من وصولهما إلى هناك، خلُص البائع الأول إلى أنه لا يمكن بيع الأحذية، لأن الجميع كانوا حفاة الأقدام؛ بينما رأى زميله سوقاً ضخمة لم تُستغل، ويمكن استكشافها.

وتذكرني تلك القصة بالطريقة، التي يناقش بها العالم الغني تغير المناخ خاصة في ما يتعلق بأفريقيا؛ ويمكن القول إنه يفعل ذلك عن حسن نية، إذ تتحدث المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة والحكومات في شمال الكرة الأرضية، عن تغير المناخ من وجهة نظر واحدة، وتُلخصه في الكوارث، ويمتد التشاؤم إلى اللغة المستخدمة في ذلك، مثل عبارات «الطوارئ المناخية» و«أزمة المناخ» و«لاجئي المناخ».

 

 

ونُذكر باستمرار بأن أفريقيا ستكون المنطقة الأكثر تضرراً من تغير المناخ، ويصور السرد الذي تعززه صور الجفاف والمجاعة والفيضانات، مزارعينا، وصيادي الأسماك، والقرويين على أنهم ضحايا.

ولكن وجهة النظر التي تصور تغير المناخ على أنه مصدر الكوارث لم تحفز العمل المناخي بأي شكل من الأشكال؛ لذلك نحن بحاجة إلى إعادة النظر في معالجة تغير المناخ، ويجب أن نبدأ بإدراكنا أن أزمة المناخ ليس فقط مصدر الكوارث والبؤس، على الرغم من المظاهر، التي تشير إلى عكس هذه النقطة، وعلى الرغم من تحذيرات ناشطين مثل غريتا ثونبرغ، فعلى غرار جائحة كوفيد 19، تعد أزمة المناخ فرصة لإعادة ضبط العالم، الذي يمكن أن يقدم الكثير لأفريقيا.

وستسمح إعادة النظر هذه بالتنمية المركزة، وتوسيع نطاق التكيف مع المناخ وابتكارات التخفيف، التي يمكن أن تحفز التنمية الاقتصادية لأفريقيا، إذ لدينا كل ما يلزم لبناء قطاع الطاقة المتجددة، بما في ذلك طاقة الرياح، والطاقة المائية، والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية. ولدينا أيضاً ما يلزم من الكوبالت، والغرافيت، والليثيوم، والمنغنيز لإنتاج البطاريات الكهربائية، وما يلزم من الصلب، والزنك، والألمنيوم لبناء توربينات الرياح، وغيرها من التقنيات منخفضة الكربون. ويمكن للصناعات الخضراء أن تخلق فرص عمل، وتعزز الأعمال التجارية، وتحفز الاقتصادات في أفريقيا وفي نفس الوقت إنقاذ الكوكب؛ ولكن القطاع لا يحظى بما يكفي من الاستثمارات، فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة «تويوتا» اليابانية لصناعة السيارات مؤخراً أنها ستستثمر 624 مليون دولار في الهند لتصنيع مكونات السيارات الكهربائية، ما سيخلق 3500 وظيفة، ويمكن، بل ينبغي، أن تنجز مثل هذه المشاريع في أفريقيا.

السعودية تتبنى مشروعاً رقمياً دولياً في مجال التجارة

وخلال العقدين الماضيين، جذبت أفريقيا 2% فقط من مليارات الدولارات من الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة، وأقل من 3% من الوظائف التي ولدت في هذا القطاع المتنامي. وسوف تتطلب زيادة هذه الأرقام أن تخلق الحكومات الأفريقية بيئة صديقة للاستثمار.

كذلك، يجب أن يرفع الشباب الأفارقة، الذين يتظاهرون من أجل التغيير لافتات تدعو حكوماتهم إلى توفير «وظائف مناخية» و«فرص مناخية»، بدلاً من أن يتوقعوا منها «إنقاذ الكوكب».

ويمكن للقطاع الأخضر القوي أن يمنح أفريقيا ما تحتاج إليه من روافع اقتصادية لمساعدة المزيد من الناس على العيش بصورة أفضل، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضاً من حيث الوصول إلى الطاقة. ولن نحتاج إلى الاعتماد على أنظمة توزيع الطاقة التي عفا عليها الزمن، والتي تملكها الحكومات التي تفتقر إلى الموارد المالية، أو الحافز للاستثمار في توسيع الشبكة الطاقية لتشمل الجميع، إذ توفر مصادر الطاقة المتجددة فرصة أمام القارة حتى تتخطى الأنظمة القديمة، وتبني طرقاً جديدة لا مركزية لتوفير طاقة منخفضة التكلفة وموثوقة للجميع.

وأحرزت أفريقيا تقدماً مماثلاً في مجال الاتصالات عبر الهاتف المتنقل، إذ أجريت أول مكالمة عبر الهاتف المحمول في القارة، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، عام 1987. واليوم، تملك أفريقيا سوق اتصالات عبر الهواتف المتنقلة الأسرع نمواً في العالم، وثاني أكبر سوق للهواتف المحمولة بعد آسيا. وفي غضون 35 عاماً فقط، تمكن القطاع من ربط أكثر من نصف مليار شخص، وخلق آلاف الوظائف، وأدى إلى ظهور شركات محلية ناجحة. وبفضل التكنولوجيا الجديدة، والبنية التحتية والهواتف المحمولة منخفضة السعر، والأسواق التنافسية، والبيئة التنظيمية التمكينية، ونماذج الأعمال المصممة للسوق الشامل، تفادت أفريقيا التحدي المتمثل في بناء البنية التحتية للخطوط الثابتة.

 

* النائب السابق لمدير الاتصالات لأفريقيا في مؤسسة «بيل وميليندا غيتس»، المدير التنفيذي لمنظمة Africa No Filter

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>