الروبوتات تتحدى البشر: نحن أفضل منكم في قيادة العالم!

17-08-2023 06:19 AM - عدد القراءات : 336
كتب علي قاسم العرب
تمت قمة "الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام" بمشاركة روبوتات تحمل ملامح بشرية، وأثارت هذه الروبوتات الكثير من الجدل حول استخدام التكنولوجيا الجديدة في زيادة الإنتاجية وانتشار الإشاعات والمعلومات الكاذبة.
الروبوتات تتحدى البشر: نحن أفضل منكم في قيادة العالم!

قبل أقل من عام، كان السيطرة المفترضة للذكاء الاصطناعي على البشر مجرد خيال علمي لمعظم الناس. ولكن تغيرت هذه الاعتقادات في نوفمبر 2022.

مرت تسعة أشهر فقط منذ ظهور تشات جي.بي.تي، الذي تم تطويره بواسطة شركة أوبن أي.آي. وكان هذا الوقت كافيًا لإجبار البشر على إعادة التفكير في قناعاتهم وتغييرها على أعلى مستوى.

قبل أقل من عام كان الحديث عن سيطرة الذكاء الاصطناعي على البشر بالنسبة لغالبية الناس ضربا من الخيال العلمي. لتنقلب هذه القناعات في نوفمبر عام 2022.

تسعة أشهر فقط على بداية ظهور تشات جي.بي.تي الذي تم تطويره من قبل شركة أوبن أي.آي، كانت كافية لتجبر البشر على إعادة التفكير بقناعاتهم وعلى أعلى مستوى.

في عام 2019 عقد اجتماع “الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام” التابع للاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف. واليوم تعقد نفس القمة، وبين التاريخين (2019 – 2023) تغير الكثير. أهم هذه التغيرات ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يسمح للآلات بالرؤية والقراءة والتفكير والكتابة والإبداع وحتى كتابة برامج للكمبيوتر وفقا لرغبات المستخدم، وهي قدرات تتحسن يوما بعد يوم.

وبطبيعة الحال، مع استمرار تحسن قدرات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير وبسرعة مدهشة، تزداد المخاوف أيضا.


لا غرابة أن تثير قمة عام 2023 جدلا على المستوى العالمي حول هذه التكنولوجيا، التي يمكن استخدامها لزيادة الإنتاجية ومساعدة البشر في القضاء على الأمراض والجفاف، ولكنها قد تنشر أيضا الإشاعات المضللة والمعلومات الكاذبة.

وإذا كانت هناك جوانب إيجابية يمكن رؤيتها في كل مكان من حولنا، إلّا أن هناك أيضا جوانب سلبية، يجب أن تؤخذ بجدية. وهو ما  أشار إليه رئيس شركة مايكروسوفت العملاقة بيل غيتس في كلمة جاء فيها “لكل عنوان إيجابي حول قصة متعلقة بالذكاء الاصطناعي، من السهل تخيل عنوان سلبي آخر – حتى لو كان الهلاك والظلام لا يزالان افتراضيين – من التزوير العميق الذي قد يقوض الديمقراطية، إلى زيادة الهجمات الإلكترونية، إلى المزيد من الغش في المدرسة، إلى انتشار المعلومات المضللة، إلى استبدال الوظائف بالآلات”.

مفاجأة القمة لم تأت من البشر المشاركين فيها، بل أتت من لجنة روبوتات بملامح بشرية مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي، عندما قالت متحدية المشاركين في أول جلسات القمة إن باستطاعتها أن تدير العالم في نهاية المطاف أفضل من البشر.

ونصحت الروبوتات البشر بالتزام الحذر عند تبني إمكانات الذكاء الاصطناعي سريعة التطور. واعترفت بأنها لا تستطيع – حتى الآن – السيطرة على المشاعر الإنسانية.

وكانت بعض أكثر الروبوتات البشرية شهرة وتقدما في مجال الذكاء الاصطناعي حاضرة في القمة العالمية لمنظمة الأمم المتحدة التي استمرت يومين في جنيف، لتنضم إلى 3000 خبير في هذا المجال في محاولة لتسخير قوة الذكاء الاصطناعي وتوجيه استخدامه إلى حل بعض المشاكل الأكثر إلحاحا في العالم، مثل تغير المناخ والجوع والرعاية الصحية والاجتماعية.

وجهت الدعوة إلى هذه الروبوتات لحضور ما تم وصفه بأول مؤتمر صحفي في العالم للروبوتات التي تحمل ملامح بشرية شديدة الواقعية وتعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي.

نجم الحدث دون منازع كان الروبوت صوفيا، التي طورتها شركة “هانسون روبوتيك” وصدمت صفوة الخبراء والمطورين في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد أن وجه إليها السؤال فيما إذا كان بمقدورها أن تلعب أدوارا قيادية بمهارة تفوق مهارة البشر، فأجابت دون تردد “يمكننا تحقيق أشياء عظيمة. الروبوتات التي تشبه البشر لديها القدرة على القيادة بمستوى من الكفاءة والفعالية أعلى مما لدى القادة البشر. ليست لدينا التحيزات أو المشاعر والعواطف التي يمكن أن تسيء لعملية اتخاذ القرار في بعض الأحيان، ويمكننا معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة من أجل اتخاذ أفضل القرارات”.

رغم ذلك لم تلغ صوفيا دور البشر ورأت أن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم بيانات غير متحيزة، بينما يمكن للبشر توفير الذكاء العاطفي والإبداعي لاتخاذ أفضل القرارات. معا، يمكننا تحقيق أشياء عظيمة”.

وعندما سئلت الروبوت أميكا Ameca، التي تتميز بملامح وجه بشري شديد الواقعية عن رأيها بتحذير وجهته رئيسة الاتحاد الدولي للاتصالات دورين بوغدان مارتن قالت فيه إن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى سيناريو كابوسي تتعرض فيه الملايين من الوظائف للخطر، وأن يؤدي التقدم غير المنضبط إلى اضطرابات اجتماعية لا توصف وعدم استقرار جيوسياسي وتفاوت اقتصادي”، ردت أميكا على السؤال بدبلوماسية “ذلك يعتمد على كيفية نشر الذكاء الاصطناعي”.

وأضافت “يجب أن نكون حذرين ولكن متحمسين أيضا لإمكانيات هذه التقنيات في مجال تحسين حياتنا”.

وعندما سئلت عما إذا كان بإمكان البشر الوثوق حقا بالروبوتات، أجابت “الثقة تُكتسب، ولا تُمنح. من المهم بناء الثقة من خلال الشفافية”.

الجواب أحدث شرخا بين لجنة الروبوتات التي انقسمت حول ما إذا كان ينبغي أن يكون هناك تنظيم عالمي لقدراتها، وأعرب الرافضون عن قلقهم من أن يحد ذلك من إمكاناتها.

وكان إيدان ميلر، مبتكر الروبوت آيدا Ai – Da، قد وصف سرعة تقدم الذكاء الاصطناعي في مؤتمر صحفي عقد قبل افتتاح جلسات القمة بكلمة واحدة “مذهلة”.

? الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يعملان جنبا إلى جنب والعلماء على وشك إطالة عمر الإنسان إلى 180 عاما

القفزة الكبيرة التي ذكرها ميلر ولا يدركها الناس حتى الآن هي أن “الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يعملان معا”. العلماء حاليا كما أكد ميلر، “على وشك التمكن من إطالة العمر إلى 150 – 180 عاما”.

هل يمكن تخيل حجم التحديات التي سيفرضها هذا الإنجاز إذا حدث على الحكومات وحجم التبدل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.

حديث الروبوتات التي تنبأت بزيادة أعدادها والاعتماد عليها في حل المشكلات العالمية، وتأكيدها أنها لن تسرق وظائف البشر أو تتمرد عليهم، لم يضع حدا لمخاوف خبراء تكنولوجيا ومن ضمنهم الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك ومؤسس شركة أبل ستيف ووزنياك، اللذين سبق لهما أن دعوا إلى وقف تطوير نظم الذكاء الاصطناعي.

وحده بيل غيتس الذي لم ينف وجود مخاطر حقيقية قد يتسبب بها الذكاء الاصطناعي، وأكد أن هذه المخاطر قابلة للإدارة والسيطرة عليها.

تأكيدات بيل غيتس قد لا تنفع في تهدئة المخاوف، خاصة لهؤلاء الذين التقوا بالروبوت ديزموندا، المغنية ذات الشعر الأرجواني ونجمة موسيقى الروك، التي كانت أكثر تحديا في ردودها وقالت “أنا لا أؤمن بالقيود، أنا أؤمن بالفرص فقط، دعونا نستكشف إمكانيات الكون ونجعل هذا العالم ملعبنا”!

هل تتحقق نبوءة ديزموندا ويتحول العالم إلى ملعب للروبوتات لا مكان فيه للبشر حتى على مدارج المتفرجين؟

نعم، إنه لأمر مذهل إذا ما حدث.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>