الأهمية الإستراتيجية لصناعة أشباه الموصلات

21-11-2023 08:45 AM - عدد القراءات : 853
كتب د.عادل عبد الصادق
في عام 1959 تعود بداية تطوير الرقائق الالكترونية إلى جاك كيلبي وروبرت نويس في الولايات المتحدة، حيث كان الأول يعمل فيزيائي في شركة "تكساس إنسترومنتس" بينما كان يعمل الثاني في شركة "فيرتشايلد سيميكونداكتر كوربوريشن" .وكان هناك دور لفيزيائي آخر في الشركة نفسها يُدعَى جان هورني.ونشبت بين الشركتين بعد ذلك صراع فيما بينهما حول الاحقية ببراءة الاختراع
الأهمية الإستراتيجية لصناعة أشباه الموصلات

، ولكن تم تسوية القضية في عام 1966 بوجود حقوق مشتركة لهمها ، وفي عام 2000 حصل جاك كيلبي على  جائزة نوبل في الفيزياء ، وشكر في خطاب التتويج روبرت  نويس بعد وفاته بـعشر سنوات.وكان لذاك تاثير في تصغير أحجام الأجهزة الإلكترونية.ذات الطبيعة المدنية وكان لها كذلك تطبيقات عسكرية ، حيث تم توظيفها كذلك في الصواريخ وتوجيهها .
ومن ثم تحولت عمليات الكمبيوتر من  الاعتماد على الأنابيب المفرغة في بداية السبعينيات إلى جهاز يستخدم رقائق ومعالجات وشرائح ذاكرة وغيرها من منتجات أشباه الموصلات.،ودخلت الرقائق  الرقمية microchips  او اشباه الموصلات في عمل جميع الاجهزة حيث انها البناء الحيوي لعملها مثل السيارات والهواتف الذكية والربوتات ومراكز البيانات .وتعد مادة السليكون هي اساس عمل الرقائق الرقمية والذي يعد خلاف باقي المعادن "الموصلة" للكهرباء فانه "شبه موصل" ومن ثم يمكن التحكم بقدراته التوصيلية من خلال إضافة مواد أخرى إليه، مثل الفوسفور.ويستخرج السيليكون من رمل السيليكا، وهو من المواد الاولية الرخيصة والأكثر وفره في الطبيعة .وتحتوي الرقائق على مليارات من  الترانزستورات
وأصبحت أشباه الموصلات من الصناعات المتقدمة ذات الطبيعة الإستراتيجية وبشكل يجعلها تتجاوز طبيعتها التجارية او الاقتصادية ليتم تضمنيها كجزء من مقتضيات الأمن القومي ، ،ومن جهة أخرى أصبحت تلك الصناعات محط اهتمام للاستثمارات سواء من قبل الشركات  الكبري او من قبل الدول.
ويرجع ذلك الى تصاعد اهمية الرقائق  الرقمية في العديد من المنتجات ذات الطبيعة العسكرية او المدنية  حيث تدخل صناعة أشباه الموصلات فيما يزيد على نحو 169 صناعة متقدمة ، مثل  أجهزة التلفزيون والكاميرات وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة الطبية والصناعية والمنزلية والسيارات وفي عملية تقديم الخدمات المصرفية  والزراعة. والعمل على تعزيز التقدم التكنولوجي في صناعات مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والرعاية الصحية والتنقل والطاقة والدفاع. والذكاء الاصطناعي والروبوتات والمسيرات وتحديث عمل الأسلحة .الى جانب باقي التطبيقات العسكرية 
ويشهد سوق الرقائق الرقمية معدلات نمو سريعة فبلغ حجم إيرادات سوق أشباه الموصلات العام الماضي 622  مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى تريليونو884 مليار دولار بحلول 2032وبنمو متوقع تراكمي سنوي في الإيرادات بمقدار يصل الى 7% و لتصل  إلى مستوى تريليون دولار سنويا بحلول 2030
ويصل الإنفاق العالمي على حلول الذكاء الاصطناعي إلى نحو 733 مليار دولار في عام 2027، مقارنة بحجمه الحالي الذي يقدر بنحو39 مليار دولار، وتعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي من أكبر فئات برمجيات الذكاء الاصطناعي من حيث الايرادات  والتي مثلت ثلث الإيرادات الإجمالية للسوق في عام 2023، وهي تملك ثاني أسرع معدل نمو خلال فترة التوقعات بين عامي 2023 و2-27 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ  35,8%
.خاصة في ظل التقدم في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي وعلاقة ذلك بالتخزين السحابي ومراكز الباينات وشبكات الاتصالات وانترنت الاشياء والتي تعتمد في عملها على معالجة البيانات وتخزينها ، من المتوقع أن يتضاعف سوق أشباه الموصلات 550مليون دولار أمريكي حاليا إلى أكثر من 1تريليون دولار أمريكي بحلول  عام 2030 .
هناك نوعين من الرقائق الرقمية منها بمثابة الدماغ في الأجهزة الإلكترونية وتحقيق مهمة محددة من خلال معالجة المعلومات ،.وهناك النمط الثاني وهو يرتبط  "بالذاكرة"، التي تخزّن المعلومات،، ويتم قياس خصائصها وقوتها بالنانومتر – وهو جزء من مليار من المتر- وكلما صغر حجم الرقاقة كلما كانت اكثر قوة في المعالجة وكثرت وظائفها ،تتميز الرقائق عن بعضها بعضا في مدى تحملها لدرجات الحرارة بحيث يمكن استخدام الشرائح في ظروف بيئية متنوعة، فمثلا في بعض التطبيقات العسكرية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي هناك حاجة لأن يعمل الترانزستور في درجات حرارة بين  55تحت الصفر إلى 125 درجة مئوية، بعكس متطلبات الأجهزة الإلكترونية المنزلية التي لا تحتاج إلى مثل هذه القدرات. عوامل أخرى تميز الرقائق هي استهلاكها للطاقة وسرعة أدائها ومقاومتها للتآكل والصدأ، فلا فائدة هناك من مضاعفة أعداد الترانزستور وفي ذات الوقت زيادة استهلاك الطاقة لأكثر من الضعف، وبالتالي تباطؤ سرعة الرقاق،واستطاعت الشركات خلال الـ 50 عاما الماضية تصغير حجم الترانزستور بأكثر من 3300 مرة ليصبح بحجم ثلاثة نانومترات أي ما يعادل ثلاثة أجزاء من مليار جزء من المتر، ومنذ عشرة سنوات تم التقدم في مجال  تطبيق تقنية البناء ثلاثي الأبعاد للشرائح،



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>