التعاون الرقمي في المتوسط بين الفرص والتحديات وآفاق المستقبل

19-10-2024 09:06 AM - عدد القراءات : 440
كتب د. عادل عبد الصادق مدير المركز العربي لأبحاث الفضاء الالكتروني
أصبح للفضاء السيبراني تأثيرات مختلفة على السيادة الوطنية للدولة وفي صياغة مفاهيم جديدة للأمن والقوة والصراع والهيمنة، وهو ما كان من شأنه أن احدث تغيرات في التفكير الجيواستراتيجي في القرن الحادي والعشرين.وذلك من خلال التفاعل بين البعد الاستراتيجي والبعد الجغرافي وتأثيرها على السياسة الخارجية للدولة من جهة وعلى السياسة الدولية من جهة أخرى.والتي تدفع منطقة المتوسط لأهمية البحث عن سبل لتوفير المرونة والصمود في ظل بيئة إقليمية ودولية مضطربة سواء عبر بناء القدرات الوطنية أو بالتعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الجيواستراتيجية الجديدة للمجال السيبراني وخاصة في ظل تصاعد دور الذكاء الاصطناعي التوليدي ،وتعزيز دور الاقتصاد الرقمي في المنطقة لتقديم حلولا مبتكرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
التعاون الرقمي في المتوسط  بين الفرص والتحديات وآفاق المستقبل

وهو الأمر الذي يطرح التساؤلات حول ماهية تأثير الفضاء السيبراني على البعد الجيواستراتيجي لمنطقة المتوسط ؟ وماهية الفرص والتحديات التي أصبحت تواجهها ،وما هو مستقبل دور الفضاء السيبراني في تعزيز الأمن الإقليمي ؟ وما هي أفاق التعاون في مجال التنمية الرقمية المستدامة؟ وما هو مستقبل تأثير ذلك على التعاون الرقمي العالمي؟

اتجاهات تصاعد دور المجال السيبراني في التهديدات الجيواستراتجية

تشهد منطقة المتوسط حالة متصاعدة من انتشار خدمات الاتصالات والانترنت حيث وصل معدل الانتشار ما يصل إلى 90.2% في جنوب أوربا مقابل ما يصل إلى 70% في شمال إفريقيا ناهيك عن حجم السكان الضخم والذي يزيد عن 500 مليون نسمة في 24 دولة . وتمثل منطقة المتوسط رابط استراتيجي بين ثلاث قارات هي أوربا وإفريقيا واسيا في مجالات التبادل التجاري والثقافي والملاحة الدولية ،ووجود ممرات مائية إستراتيجية هي قناة السويس ومضيق البوسفور ومضيق جبل طارق .وتعمل  منطقة المتوسط كطريق سريع فائق للبيانات عبر الكابلات البحرية والتي تستحوذ على 95? من حركة الاتصالات عالميا، بما يجعلها تلعب  دورا حيويا في الاقتصاد الرقمي العالمي.
وخلال عام 2024 شهدت منطقة المتوسط اتجاهات متصاعدة لدور المجال السيبراني في التهديدات الجيواستراتيجية والتي من أهمها ، 
أولا ، إن جنوب المتوسط يشهد ضغطا متصاعدا على البنية التحتية مع زيادة الانتشار والاستخدام من جهة وغياب البعد الثقافي والاجتماعي لعملية التحول من جهة أخرى ، ومن ثم كان هناك انتشار في الخدمات الرقمية يفوق القدرة على استيعاب المخاطر المرتبطة بها والمرونة في مواجهتها ، وهو الأمر الذي ساعد في زيادة  التعرض للتهديدات السيبرانية خاصة  في دول جنوب وشرق المتوسط ،وانتقال تأثيرها إلى شمال المتوسط .
ثانيا، الاتجاه نحو توظيف الاقتصاد الرقمي في دفع جهود التنمية الرقمية والتحول الرقمي من أجل زيادة الإنتاجية ومستوى الدخل ودمج المهمشين وتوظيف البيانات الضخمة في التنمية ،والبحث عن حلول لمواجهة التضخم الاقتصادي، وارتفاع نسب البطالة والفقر وخاصة بين الشباب ،ومحاولة رفع القدرات في مجال الأمن السيبراني مع  تصاعد الهجمات السيبرانية وزيادة خسائرها الاقتصادية.
ثالثا  مواجهة تأثير الأزمات الجيوسياسية بعد أزمة كوفيد 19 و حرب أوكرانيا وحرب غزة على تامين سلاسل الإمداد من المنتجات الغذائية والتقنية وتأثير التوتر المتصاعد بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى على أنماط الصراع على الأمن السيبراني والأسواق والثروة والنفوذ في الأسواق الناشئة ،وتصاعد محاولات الاختراق للنظم الانتخابية الأوربية  سواء عبر تزييف إرادة الناخب أو من تقويض النظام الديمقراطية وتضليل الرأي العام بما يعزز من زعزعة الثقة بين المجتمع والدولة وفي العملية السياسية.
رابعا، تصاعد  دور الدبلوماسية السيبرانية النشطة من الاتحاد الأوربي للتعاون مع جنوب المتوسط لمواجهة تصاعد التهديدات السيبرانية وبناء القدرات الإقليمية وفي ظل تشابكها مع تهديدات أخرى مثل الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والاتجار في البشر  والتي تستفيد من المجال السيبراني في التعبئة والتنظيم والتخطيط والتمويل لنشاطها .
خامسا ،مخاطر صعود نشاط الحركات الإرهابية والمتطرفة في استقطاب الشباب عبر المنصات الرقمية والذين يعانون من الفقر والبطالة وضعف الثقافة العامة والمهارات بما يجعلهم فريسة للتجنيد في جنوب المتوسط إلى جانب تصاعد مخاطر توظيف الفاعلين من غير الدول للعملات المشفرة للتهرب من العقوبات وتمويل نشاطها أو بتوظيفها للمسيرات في الصراع  سواء عبر دعم دول خارجية أو عبر تطوير القدرات الذاتية أو عبر الحصول عليها من السوق السوداء.
سادسا، تصاعد دور المنصات الرقمية والشركات التقنية الكبرى في الصراع و تشكيل الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي ،بما يضيف أهمية كبري لعملية حوكمة البيانات ومواجهة الشائعات المضللة والتزييف العميق والحد من توظيف الشركات التقنية للخوارزميات في صناعة التحيز وانتهاك حرية الرأي والتعبير.
سابعا ، تصاعد خطورة نشاط جهات من غير الدول أو مدعومة من الدول في مجال بيع ونشر واستخدام برامج التجسس الشاملة المتقدمة على الملايين من المستخدمين بما يمثل تهديدا متصاعدا للحقوق الرقمية وسيادة الدولة وإنفاذ القانون مثل برنامج بيجاسوس"الإسرائيلي".
ثامنا، تأثير معاناة منطقة المتوسط من تصاعد التوترات العسكرية والأمنية على امن التعاملات الرقمية وتصاعد مخاطر تعرض كابلات الانترنت إلى القطع أو بضعف تأمين صيانتها وخاصة في منطقة البحر الأحمر بما يؤثر في امن حركة البيانات العالمية .
تاسعا ، تصاعد تأثيرات الشبكات الاجتماعية على الشباب في دول الجنوب و تشجيعهم على الهجرة إلى الشمال بطرق غير قانونية إلى جانب دورها في تامين مسارات الهجرة وفي التنسيق وفي التمويه ونقل الأموال واصطياد الضحايا الجدد خاصة من الداخل الإفريقي
عاشرا، تصاعد مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي في انتهاك حقوق الإنسان وحماية البيانات الشخصية  والخصوصية من قبل الشركات التقنية الكبرى والتهديد بفقدان الوظائف ما يحمل معه فرص إحداث اضطرابات اجتماعية خاصة في جنوب المتوسط  مع وجود البطالة بين الشباب واتساع الفجوة ما بين سوق العمل والمهارات المطلوبة.
أخيرا ، مخاطر تصاعد الفجوة الجيلية و اختلاف الرؤى والمواقف بين جيل زد والشباب والمراهقين من جهة  والأجيال الأكبر سنا من جهة أخرى  في ظل  التفاوت بينهم في المهارات الرقمية وهو ما يشكل ضغطا على المؤسسات الأمنية والسياسية والقانونية داخل منطقة المتوسط.

فرص صاعدة للتعاون الرقمي في المتوسط لموجهة التحديات السيبرانية

توجد العديد من المبادرات للتعاون الإقليمي سواء داخل منطقة المتوسط أو في إطار أوسع مع الاتحاد الأوربي والتي من أهمها عملية برشلونة والاتحاد من اجل المتوسط وبرامج الدبلوماسية السيبرانية نحو جنوب المتوسط ،ومشروع "البوابة العالمية" الأوربي والذي تم إطلاقه في 2021، بهدف جمع 600 مليار دولار بحلول 2027، في مواجهة  مشروع طريق الحرير الرقمي المنبثق من  مبادرة الحزام والطريق الصينية ،والذي يهدف لزيادة الاستثمارات في البنية التحتية العالمية ،وتعزيز القيم الديمقراطية والحكومة والشفافية ،والتحول الأخضر والطاقة النظيفة وذلك من خلال التعاون الدولي. وشهد عام 2024 نشاط دبلوماسي اوربي مع عدد من الدول ،وكان منها القمة المصرية- الأوربية في 17 مارس 2024.
وتشهد منطقة المتوسط حالة من التنافس الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة في سبيل الاستحواذ على عائدات الاقتصاد الرقمي والأسواق الرقمية في ظل حالة الضعف الرقمي في مجال الخدمات الرقمية التي تعاني منه المنطقة لصالح الشركات التقنية العابرة للحدود وخاصة الامريكية والصينية.
وتعرض المنطقة خاصة أوربا لضغوط إستراتيجية للحد من الانفتاح على الصين او الشراكة مع طريق الحرير الرقمي في مقابل ممر التنمية الأمريكي.الى جانب الضغوط الامريكية على تصدير اشباه الموصلات الى الصين للحد من تقدمها في الذكاء الاصطناعي ،وهو ما يضيف أبعاد جديدة لأهمية إصلاح الخلل الاستراتيجي في سلاسل الإمداد منها وتقليل الاعتماد على تايوان التي تهمين علي صناعة الرقائق الرقمية ، ويدفع ذلك للتعاون داخل منطقة المتوسط وأوربا للتقدم في تلك الصناعة لضمان التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس والبطاريات والسيارات الكهربائية خاصة ان واقع الحال يشير الى هيمنة الدول الكبري او الشركات التقنية الكبري المرتبطة بها على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتتميز اوروبا عاما بتقدم في المنظومة التشريعية الرقمية بما يتواكب مع طبيعة التحديات والفرص التي يتيحها المجال الرقمي ،وهو ما يوفر فرص للتعاون مع جنوب المتوسط لمعالجة فجوة التشريعات السيبرانية بها ، وذلك مثل الحوكمة الرقمية للتقنيات الصاعدة مثل الذكاء الاصطناعي والأصول الرقمية ، وتبني اللائحة العامة لحماية البيانات الشخصية  وحماية الخصوصية ودفع الجهود الدولية لفرض الضرائب الرقمية ، وتنظيم الخدمات الرقمية والأسواق الرقمية.
وتهدف تلك السياسات الأوربية وبالتوافق في الأهداف مع منطقة المتوسط الى تنظيم عمل الشركات التقنية الكبرى وحماية حرية المنافسة ومنع الاحتكار وحوكمة  المحتوى على المنصات الرقمية.وإصلاح  الخلل في هيكل السوق الرقمي وهو ما يوفر بيئة عادلة لظهور شركات وطنية جديدة فاعلة سواء على المستوي الوطني او الإقليمي ،وخاصة مع افتقاد منطقة المتوسط لامتلاك منصات رقمية او شبكات اجتماعية،
وأهمية تبني العملات الرقمية لمواجهة مخاطر الاعتماد على تطبيقات دفع أجنبية والتي اما تكون أمريكية او أخرى صينية ، وهو ما يساهم في دعم المرونة السيبرانية في منطقة المتوسط وهو ما يفرض أهمية تطوير تطبيقات للسيادة السيبرانية والاستفادة من التجربة الأوربية.
والاستفادة من انخفاض تكلفة العمالة في جنوب المتوسط وكونها بوابة للسوق الإفريقي لتنفيذ مشروعات تنموية مشتركة لتوطين الصناعات التقنية على مستوى البرمجيات او الأجهزة ،و تطوير القدرات في مجال الاقمار الصناعية لمراقبة طرق الهجرة غير الشرعية وإقامة مراكز انذار مبكر بها ،ودور التوسع في خدمات الانترنت الفضائي في تخفيف الضغط علي كابلات الانترنت وتوفير مرونة في مواجهة الأزمات السيبرانية .
ويساهم التعاون في مجال التحول الرقمي في الخدمات الحكومية والمالية والصحية والتعليمية الى جانب الصناعة والزراعة حيث تساهم الأخيرة في الاستخدام الامثل للموارد المحدودة كالماء والتربة والغذاء ومواجهة التغير المناخي ودعم الصادرات الزراعية الى أوروبا. 
والتعاون بين منطقة المتوسط في  مواجهة التهديدات السيبرانية من خلال تبادل الخبرات والمعلومات بين المراكز الوطنية للأمن السيبراني،وعلى نحو يعزز من الثقة في البيئة الرقمية والتجارة الالكترونية وترسيخ السلوك المسئول للدول في الفضاء السيبراني على المستوى الإقليمي ثم الدولي.
ويساهم التعاون الرقمي لمنطقة المتوسط في توفير فرص عمل جديدة و بناء القدرات لدى الشباب في مجال المهارات الرقمية  خاصة مهارات الذكاء الاصطناعي، لدى جنوب وشرق المتوسط  وخاصة مع التحدي الديموغرافي في شمال المتوسط .
ويساهم التعاون الرقمي في منطقة المتوسط في تعزيز برامج مكافحة الفقر والبطالة والهجرة غير الشرعية والعنف والتطرف والجريمة، و مواجهة مخاطر  تصدير التطرف إلى الداخل الأوربي أو عبر تنامي قوة اليمين المتطرف وهو ما يتطلب تدشين برامج لدعم المشروعات الناشئة ومنصات للحوار والسلام السيبراني بين شباب المتوسط.
ويرتبط  ذلك بتطور العملية التعليمية وتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار ودعم دور المجتمع المدني في تنمية رأس المال البشري.وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى اقتصاديات دول جنوب وشرق المتوسط وخاصة مع موقعها الاستراتيجي مثل مصر والتي يمر من خلالها 90 % من الكابلات البحرية ،وفي فبراير الماضي تم تدشين أول كابل بحري يربط مصر بألبانيا ومنها إلى منطقة البلقان وشرق ووسط أوروبا، ويساهم البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية في إفريقيا في برنامج الدعم الفني والتحول الرقمي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
 
نحو مستقبل مستدام للتعاون الرقمي في منطقة المتوسط
دفع اندماج المجال السيبراني في المجالات الدولية الأربع الأخرى – البر والبحر والجو والفضاء الخارجي - إلى بروز مفهوم القوة الشاملة للدولة ،وعلى مستوى  القوة الصلبة أو القوة الناعمة.و جاءت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتضيف فرصا وتحديات جديدة والتي باتت العديد من الدول تدرك إن من يحكم سيطرته عليها سيكون له الغلبة والثروة والهيمنة في المستقبل.
وبرزت حقيقة أن المدخل التنموي هو السبيل لمواجهة مستدامة للتهديدات الأمنية سواء المادية أو السيبرانية أو كلايهما ومن ثم برزت توجهات للتعاون الرقمي في منطقة المتوسط خاصة في ظل التقدم الذي احرزته دول الجنوب في مجال التحول الرقمي.
ويتطلب التعاون الرقمي المستدام داخل منطقة المتوسط العمل في مجالات التنمية الرقمية ،وبناء الاقتصاد الرقمي، والمهارات الرقمية ،وحماية حقوق الإنسان والتشريعات السيبرانية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ودمج الفئات المهشمة ، والحد من الفجوة الرقمية سواء بين شمال وجنوب المتوسط أو ما بين المدن الكبرى والقرى داخل الدولة ، أو الحد من الفجوة بين الجنسين وسد الفجوة في المهارات الرقمية بين شباب المتوسط ، ومواجهة تحديات البنية التحتية المعلوماتية كالكابلات البحرية ورفع الوعي بالتهديدات السيبرانية ، وجذب الاستثمارات  لدعم الاقتصاد الرقمي في جنوب المتوسط وتخفيض تكلفة استهلاك البيانات أو الاتصال بالانترنت ونمو الصناعات التقنية .
وتعزيز الثقة والأمن والاستقرار في المجال السيبراني باعتباره حجز الزاوية في الأمن الإقليمي وتامين سلاسل الإمداد العالمي ،وتأتي تلك الجهود الإقليمية في إطار التوجه العالمي التي تقوده الأمم المتحدة نحو التعاون الرقمي بالتوصل إلى اتفاق رقمي عالمي في خلال انعقاد  قمة المستقبل بنيويورك في سبتمبر 2024 .
ولا ينفصل ذلك عن أهمية احلال السلام  سواء بين روسيا وأوكرانيا أو في تطبيق حل الدولتين في الشرق الأوسط ودعم التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الدولة والاقتصاد في منطقة المتوسط ،ودعم الجهود الإقليمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي وجعله للنفع العام الدولي ،والتوصل إلى اتفاق دولي ملزم حول الأسلحة ذاتية التشغيل، إصلاح نظام الحوكمة العالمية بما يتواكب مع المتغيرات الجديدة في عناصر التهديد في العصر الرقمي وإصلاح المؤسسات الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين  .
 
الدراسة متاحة عبر الرابط التالي 
The European Institute of the Mediterranean (IEMed)،Year Book 2024
https://www.iemed.org/med-yearbook/iemed-mediterranean-yearbook-2024/

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>