معاوية ولد الطايع غير راض في كتابه عن الربيع العربي فاختياره لكلمتي الفتن والاضطرابات لوصف ما يجري، لم يكن اختيارا عفويا أو عبثيا.
وتأتي فكرة الحوار بين خمس شخصيات، يعتمد عليها كتاب «نجاة العرب»، لتعويض الحوار الذي ظل غائبا خلال عشرين سنة من حكم الرئيس معاوية، خاصة مع فئة الشباب، التي أعطاها الكاتب مساحة واسعة في كتابه من حيث عدد الشخوص، وربما من حيث حجم الأفكار والآراء الواردة في الكتاب.
الكاتب لا يزال، رغم كل ما حدث، يثق في نفسه ثقة كاملة. فالرجل السياسي ذو الخبرة الطويلة، كما وصف نفسه في كتابه من خلال شخصية السياسي التي اختلقها ليقدم من خلاله وجهة نظره واقتراحاته للعرب، التي ستنجيهم من الفتن والاضطرابات التي يمرون بها.
الرئيس الذي فشل في أن يجنب بلاده الانقلابات، لا يزال يعتقد أنه لديه القدرة على أن ينجي العرب من شر مقبل إن هم استمعوا لاقتراحاته ونصائحه التي اختار أن يقدمها بشكل غير مباشر، من خلال شخصية سياسية تخيلية وصفها بأنها صاحبة خبرة طويلة.
يعطي الكاتب أهمية بالغة لتهميش اللغة العربية فيما يحدث من مشكلات، ويعتقد الكاتب أن الاهتمام باللغة قد يحل كثيرا من المشكلات التي يعاني منها العرب. وهذا الاهتمام الكبير من طرف المؤلف باللغة العربية يثير الاستغراب، خصوصا إذا ما علمنا أن معاوية الرئيس هو الذي عمل على زيادة الفجوة بين مكونات شعبه من خلال «الإصلاحات» التي قام بها في فترة حكمه، والتي انعكست سلبا على اللغة العربية، كما أنها زادت من حجم الحواجز، ومن اتساع الفجوة وغياب التواصل بين مكونات الشعب الموريتاني.
إن هذا الاهتمام الذي يعطيه معاوية الكاتب للغة العربية، لم يكن ظاهرا عند معاوية الحاكم، وإن كان ذلك لا يعني أننا لن نعترف للرجل بأنه قد بذل جهدا كبيرا في تعلم اللغة العربية أثناء حكمه، وهو ما مكنه من أن يخطب بها أثناء حكمه، وأن يؤلف بها بعد 6 سنوات من الانقلاب عليه كتابا سماه «نجاة العرب».
التركيز في هذا الكتاب على الشباب الذي خصص له المؤلف 4 شخصيات من بين شخصيات الكتاب الخمسة، قد يكون له ما يبرره، خاصة أن الكتاب قد جاء بعد الثورات التي قادها الشباب، ولكن ذلك لا يمنع من القول إن الاهتمام لدى المؤلف بالشباب، ربما يكون أيضا نتيجة لشعوره بالذنب لتهميشه للشباب خلال عقدين من حكمه، حتى وإن كان في حملته الرئاسية الأخيرة قد قدم وعودا مغرية للشباب فشل في تجسيدها على أرض الواقع.