عصر الإنفوميديا
يلفت هذا الكتاب إلى أهمية التوقّف أمام ظاهرة الأدب الرقمي الجديد، بعد أن «راجت التقنية الرقمية، وراج توظيفها على مستوى المؤسسات والأفراد في مختلف مناحي الحياة».
كان ظهور الكومبيوتر بداية عصر جديد، سمّاه بعضهم «عصر الإنفوميديا» INFOMEDIA. وبذا، أصبحت الثقافة علماً والعلم ثقافة. وباتت الثقافة محور التنمية الاجتماعية الشاملة، وأضحت التكنولوجيا محور التنمية العلمية.
وفي مجال الكتابة والإبداع، تجب الإشارة إلى أن مفهوم كتابة النصوص تتأتى عبر تحليل بنية النص ذاته، وهي مسؤولية مشتركة بين الكاتب والقارئ معاً.
وأصبح مستقبل الكتابة والكُتّاب مرتبطاً في شكل مباشر، بنوع الحياة التي يعيشها الإنسان، ومقدار المتغيرات التي تتدخل في حياته.
شاع أخيراً مصطلح «الثقافة الرقمية» Digital Culture، وهو يشير إلى معطيات ثقافية جديدة تتأتى عن استخدام التكنولوجيا الإلكترونية، والهوّة التي تفصل الدول المتقدمة عن الفقيرة في هذه التكنولوجيا. ويشار إلى هذه الهوّة أحياناً باسم «الفجوة الثقافية».
ورأى نجم أن العولمة «حاصرتنا، وغزت معالمها ومعطياتها جوانب الحياة كلها. وباتت علاقتها مع الثقافة محور ارتكازنا. وأصبح دور الثقافة الحقيقي الآن هو تحويل المعلومة أو المعلومات إلى معارف مشتركة».
يقع كتاب «النشر الإلكتروني والإبداع الرقمي» في خمسة فصول. يحمل الأول عنوان «الصورة والإبداع الرقمي- الأدب الافتراضي». ويؤكّد هذا الفصل أن تكنولوجيا الصورة المرئية بلغت ذروتها مع بداية القرن 21، وأصبحت تتصف بشموليتها وشيوعها. وبات مصطلح «ثقافة الصورة» من المصطلحات الشائعة.
وتميّزت الصورة بقدرات فائقة وميّزات خاصة. إذ تعتبر من أكثر الوسائل قدرة على الإقناع. وكما قال أرسطو، فإن «التفكير مستحيل من دون صور».
ويقدّم الفصل تعريفاً للصورة وعلاقتها بالثقافة البصرية، كما يناقش سلبيات الصورة وإيجابياتها.
يحمل الفصل الثاني عنوان «الإبداع الرقمي الجديد: مفاهيم وأنماط». ويتحدّث فيه الكاتب عن «النص الرقمي» و «الكاتب الرقمي»، وأشكال الإبداع الرقمي في الرواية والمسرحية والشعر والمقال، معتبراً الإبداع مصدراً للميزة التنافسية.
ويأتي الفصل الثالث تحت عنوان «المحتوى العربي على الإنترنت: تحديات اللغة والإبداع». ويعبر فيه الكاتب عن مخاوفه من تدني وجود اللغة العربية على الإنترنت، فلا يزيد حضورها عن 1 في المئة بالمقارنة مع تقدّم اللغات الأخرى. ويعتبر هذا الرقم تهديداً لهذه اللغة التي لم تعد تعتبر ضمن اللغات العالمية العشر الأكثر انتشاراً على الشبكة العنكبوتية. ويلفت إلى أن المواقع العربية تفتقر في مجملها إلى عناصر التطوّر تقنياً.
الأدب الافتراضي
ويؤكد نجم في الفصل الرابع المعنون بـ «الأدب الافتراضي: ميلاد النقد وواقع الإبداع»، أن الإبداع يسبق التنظير، والمنجز إنسانياً لا يأتي إلا عن حاجة، والبحث عن المصطلح العلمي على مستوى الوطن العربي هو مطلب ثقافي عام، تزداد حدّة الحاجة إليه في الأدب الافتراضي.
ويجيء الفصل الخامس حاملاً عنوان «أخلاقيات التعامل مع النشر الإلكتروني». ويشير إلى أن انتشار الشبكة المعلوماتية يفرض البحث في مجال أخلاقيات النشر الإلكتروني. ويرى أنها تنقسم إلى جزءين.
يتمثل الأول في أخلاقيات مستخدم الإنترنت نفسه. ويتّصل الثاني بأخلاقيات جمهور الشبكة. ويلفت إلى أن القوانين تتناول الجزء الثاني، على رغم أن المستخدم هو المحور الأساسي لتطبيق هذه القوانين. وتشمل الأخلاقيات المشار إليها الوازع الشخصي، واحترام الملكية الفكرية، والحفاظ على الخصوصية والأسرار، وحق المؤلف في بيئة النشر الإلكتروني.
ويختتم الكتاب برأي لنجم مفاده بأن التحدي الحقيقي يكمن في تقدم المثقف والمبدع والكاتب في العالم العربي، كي يقود صحوة إبداعية بالمعنى الشامل للإبداع في عصر الثقافة الرقمية.