في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، قال ألتمان "إن الشراكة مع ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت تعمل بشكل جيد فعلا"، وإنه يتوقع "جمع كثير من الأموال مع الوقت" من عملاق التكنولوجيا من بين مستثمرين آخرين، لمواكبة التكاليف الباهظة لبناء نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تطورا. واستثمرت مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام مبلغ عشرة مليارات دولار في "أوبن أيه آي" ضمن اتفاقية "متعددة الأعوام" قدرت قيمة الشركة ومقرها سان فرانسيسكو بمبلغ 29 مليار دولار، وفقا لأشخاص مطلعين على المحادثات. وعند سؤاله عما إذا كانت مايكروسوفت ستواصل الاستثمار بشكل أكبر؟ أجاب "آمل ذلك"، وأضاف "لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، وكثير من الحوسبة التي يجب بناؤها بين ما هي عليه الآن والذكاء الاصطناعي العام.. إن نفقات التدريب ضخمة". وأشار ألتمان إلى أن "نمو الإيرادات كان جيدا هذا العام" دون إعطاء تفاصيل مالية، وأن الشركة لا تزال غير مربحة بسبب تكاليف التدريب، موضحا أن الشراكة مع مايكروسوفت ستضمن "كسب المال بناء على نجاح بعضنا بعضا، وسيكون الجميع سعداء". وفي أحدث إشارة إلى الكيفية التي تعتزم بها "أوبن أيه آي" بناء نموذج أعمال فوق "شات جي بي تي"، أعلنت الشركة عن مجموعة من الأدوات الجديدة والتحسينات لنموذجها الحالي جي بي تي-4 للمطورين والشركات، في مناسبة أقيمت في السادس من نوفمبر بحضور ناديلا. وتتضمن الأدوات إصدارات مخصصة من "شات جي بي تي" يمكن تكييفها وتخصيصها لتطبيقات محددة، ومتجرا لـ"جي بي تي"، أو سوقا لأفضل التطبيقات. وسيكون الهدف النهائي من ذلك هو تقسيم الإيرادات مع أكثر منشئي "جي بي تي" شعبية، في نموذج أعمال مشابه لمتجر تطبيقات "أبل". وقال ألتمان "في الوقت الحالي يقول الناس (لديك مختبر الأبحاث هذا، ولديك برنامج واجهة برمجة التطبيقات، ولديك شراكة مع مايكروسوفت، ولديك شات جي بي تي، والآن يوجد متجر جي بي تي). لكن هذه ليست منتجاتنا حقا. هذه قنوات في منتجنا الوحيد، وهو الذكاء، الذكاء السحري فائق القدرات. أعتقد أن هذا ما نحن بصدده". ومن أجل بناء المشاريع التجارية، أوضح ألتمان أنه وظف مديرين تنفيذيين مثل براد لايتكاب كرئيس للعمليات لديه، الذي عمل سابقا في شركة دروبوكس وشركة واي كومبيناتور لتسريع الشركات الناشئة. وفي الوقت نفسه، يقسم ألتمان وقته بين مجالين، البحث في "كيفية بناء الذكاء الفائق" وطرق بناء قوة الحوسبة للقيام بذلك. وقال "تتمثل الرؤية في جعل الذكاء الاصطناعي العام يعرف كيفية جعله آمنا.. واكتشاف فوائده". وفي إشارة إلى إطلاق نماذج من "جي بي تي"، قال "إن شركة أوبن أيه آي تعمل على بناء مزيد من أنظمة الذكاء التي تعمل بشكل مستقل عن التدخل البشري، التي يمكنها أداء المهام والإجراءات، مثل تنفيذ التعليمات البرمجية أو إجراء المدفوعات أو إرسال رسائل البريد الإلكتروني أو تقديم المطالبات". وقال "سنجعل هذه الأنظمة أكثر وأكثر قوة.. وستصبح الإجراءات أكثر تعقيدا مما هي عليه. لكن حجم القيمة التجارية التي ستأتي من القدرة على القيام بذلك في كل فئة، ستكون جيدة جدا". وأكد ألتمان أن الشركة تعمل على "جي بي تي-5"، وهو الجيل التالي من نموذجها للذكاء الاصطناعي، على الرغم من أنه لم يلتزم بجدول زمني لإطلاقه. سيتطلب ذلك مزيدا من البيانات للتدريب عليها، التي قال ألتمان "إنها ستأتي من مزيج من مجموعات البيانات المتاحة للعامة على الإنترنت، إضافة إلى بيانات الملكية من الشركات". وأطلقت "أوبن أيه آي" أخيرا دعوة للحصول على مجموعات بيانات واسعة النطاق من المؤسسات "التي لا يمكن للعامة اليوم الوصول إليها بسهولة عبر الإنترنت"، خصوصا للكتابة الطويلة أو المحادثات بأي صيغة كانت. وفي حين إنه من المرجح أن يكون "جي بي تي-5" أكثر تطورا من سابقيه، قال ألتمان "إنه كان من الصعب من الناحية التقنية التنبؤ بالضبط بالقدرات والمهارات الجديدة التي قد يتمتع بها النموذج". وقال "إلى أن نبدأ في تدريب هذا النموذج، فإن الأمر يشبه لعبة تخمين ممتعة بالنسبة إلينا". وأكمل قائلا "نحن نحاول أن نحسن أنفسنا في ذلك، لأنني أعتقد أنه من المهم من منظور السلامة التنبؤ بالقدرات. لكن لا يمكنني أن أقول لكم هذا ما سيفعله بالتحديد، ولم يفعله جي بي تي-4". ولتدريب نماذجها، تستخدم "أوبن أيه آي"، مثل معظم أكبر شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى، رقائق إتش100 المتطورة من شركة إنفيديا، التي أصبحت أهم سلعة في وادي السيليكون خلال العام الماضي حيث تسابقت شركات التكنولوجيا المنافسة لتأمين أشباه الموصلات الضرورية واللازمة لبناء أنظمة الذكاء الاصطناعي. وقال ألتمان "إنه كانت هناك أزمة قاسية طوال العام بسبب نقص إمدادات رقائق إنفيديا التي تبلغ قيمتها 40 ألف دولار للقطعة الواحدة". وأضاف "إن شركته تلقت رقائق إتش100، وتتوقع مزيدا قريبا"، مضيفا أن "العام المقبل يبدو بالفعل أنه سيكون أفضل". لكن نظرا لأن اللاعبين الآخرين مثل جوجل ومايكروسوفت وأيه إم دي وإنتل يستعدون لإصدار رقائق ذكاء اصطناعي منافسة، فمن غير المرجح أن يستمر الاعتماد على شركة إنفيديا لفترة أطول. إذ قال ألتمان "أعتقد أن سحر الرأسمالية يقوم بعمله هنا. وكثير من الناس يرغبون في أن يكونوا مثل شركة إنفيديا الآن". لقد أخذت شركة أوبن أيه بالفعل زمام المبادرة في وقت مبكر في السباق لبناء ذكاء اصطناعي توليدي -وهو أنظمة يمكنها إنشاء النصوص والصور والرموز البرمجية وغيرها من الوسائط المتعددة في ثوان- مع إصدار "شات جي بي تي" منذ عام تقريبا. وقال ألتمان "إنه على الرغم من نجاحها على المستوى الاستهلاكي، تسعى شركة أوبن إيه آي إلى إحراز تقدم نحو بناء الذكاء الاصطناعي العام. وتعد النماذج اللغوية الكبيرة (إل إل إمز)، التي تدعم شات جي بي تي، أحد الأجزاء الأساسية لكيفية بناء الذكاء الاصطناعي العام، لكن سيكون هناك كثير من الأجزاء الأخرى فوقها". بينما ركزت "أوبن أيه آي" في المقام الأول على النماذج اللغوية الكبيرة، كان منافسوها يتبعون استراتيجيات بحثية بديلة لتطوير الذكاء الاصطناعي. وأفاد ألتمان بأن فريقه يعتقد أن اللغة "طريقة رائعة لضغط المعلومات" وبالتالي تطوير الذكاء، وهو عامل يعتقد أن أمثال شركة جوجل ديب مايند قد أغفلته. وقال "لدى الشركات الأخرى كثير من الأشخاص الأذكياء. لكنهم لم يفعلوا ذلك. لم يفعلوا ذلك حتى بعد أن اعتقدت أننا أثبتنا ذلك نوعا ما مع جي بي تي-3". وفي النهاية، قال ألتمان "إن "أكبر قطعة مفقودة في السباق لتطوير الذكاء الاصطناعي العام هي ما يعد مطلوبا لمثل هذه الأنظمة لتحقيق قفزات أساسية في الفهم". "كانت هناك فترة طويلة من الوقت، حيث كان الشيء الصحيح الذي وجب على إسحاق نيوتن فعله هو قراءة مزيد من كتب الرياضيات، والتحدث إلى الأساتذة والتمرس على المشكلات. هذا ما تفعله نماذجنا الحالية"، كما قال ألتمان، مستخدما مثالا سبق لأحد زملائه أن استخدمه. لكنه أشار إلى أن نيوتن لم يكن ليخترع حساب التفاضل والتكامل بمجرد القراءة عن الهندسة أو الجبر. وقال ألتمان "وكذلك الحال مع نماذجنا". وأضاف "وبالتالي فإن السؤال: ما الفكرة المفقودة لإنشاء معرفة جديدة تماما لفائدة البشرية؟ أعتقد أن هذا هو أهم شيء يجب العمل عليه".