في الواقع هناك أمور كثيرة مهمة على المحك؛ منها بالتأكيد ما هو على المستوى الفكري، لكن ربما أيضاً على المستويين المالي والسياسي. فمن الطبيعي -والصحي أيضاً- أن ينتابنا الفضول لكشف هوية الشخص الذي خلق قيمة سوقية تتخطى التريليون دولار.
هل لا يزال ساتوشي حياً؟
لنفترض أن ساتوشي قد فارق الحياة مما يفسر اختفاءه. أحد الذين يرشحهم الكثيرون لشخصية ساتوشي هو هال فيني وقد مات في 2014. وفقاً لهذا السيناريو، من المرجح أن تظل سمعة ساتوشي كما هي؛ فهو أو هي يظل غامضاً ولا يمكنه فعل شيء يشوّه بتكوين. أما بيع "الكتلة الأصلية" لبتكوين المملوكة لساتوشي، وهي كتلة كبيرة وعالية القيمة، فهو أمر أقل ترجيحاً. وربما يجري تجميدها للأبد، بقيمتها الحالية التي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات.
اقتربت "بتكوين" من 70 ألف دولار مع موجة تدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة في أكبر الأصول الرقمية، أضاف إليها التفاؤل بشأن آفاق اللوائح التنظيمية الأميركية
وفاة ساتوشي تعني أيضاً استحالة خروجه علينا بدعوة لتغيير قواعد بتكوين، كأن يدعو مثلاً لإتاحة إنشاء المزيد من العملة المشفرة. هذا الاحتمال من المرجح أيضاً أن يعزز قيمة بتكوين. في المقابل، ربما يكون لساتوشي (لو أنه لا يزال حياً) تأثير كبير على مستخدمي بتكوين والمؤسسات المرتبطة بها حال دعوته لتغيير بعض القواعد.
يتضح الأمر أكثر إذا قارناه مع الأديان. تستند معظم الأديان الرئيسية في العالم إلى تعاليم أشخاص غادروا دنيانا، وهو ما يجعل استمرارها أمراً أسهل مقارنة مع الأديان التي لها قادة أحياء يتمتعون بالكاريزما، ويحظون باهتمام إعلامي مستمر، وقد يقعون في أخطاء وزلات. وربما كان من الأفضل لعملة بتكوين لو أن ساتوشي قد فارق الحياة.
ساتوشي شخص واحد.. أم فريق صغير
من المهم أيضاً معرفة ما إن كان ساتوشي شخصاً منفرداً أم أنه اسم يرمز لفريق صغير. إن كان شخصاً منفرداً فقد يعني ذلك أن احتمال حدوث ابتكارات مستقبلية هو احتمال أكبر من الاعتقاد السائد؛ كون ساتوشي عمل بمفرده يعني أنه ربما يوجد حولنا المزيد من العباقرة المجهولين. على الجهة الأخرى فإن كان ساتوشي فريقاً فهذا يعني أن حفظ الأسرار أسهل مما يظن الناس. ولو أن الأمر كذلك فقد تكون نظريات المؤامرة حقيقية بدرجة أكبر مما نود تصديقه.
تخطط إيطاليا لرفع ضريبة الأرباح الرأسمالية الناجمة عن تداول عملة "بتكوين" إلى 42% مقارنة بـ26% حالياً، لتمويل تكلفة الخطط التي تم إطلاقها إبان الانتخابات.
تقول الكثير من التكهنات إن ساتوشي ينتمي إلى حركة مهووسة بآليات النقد الإلكتروني والذهب الإلكتروني التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. ومن بين أعضاء تلك الحركات الذين ظهرت أسماؤهم كمرشحين محتملين لشخصية ساتوشي كل من نيك سزابو وهال فيني ووي داي وديفيد تشاوم ودوجلاس جاكسون، بالإضافة إلى آخرين. اعتُبرت تلك الحركات فاشلة في ذلك الوقت لأن منتجاتها لم تستطع الاستمرار. لكن الدرس المستفاد هنا هو أن الحركات لا تفشل بصورة كاملة ودائمة. وتجدر المحاولة في اتجاهات غير مطروقة لربما تثمر تلك الجهود.
لو أن بيتر تود هو ساتوشي فربما من المناسب أن نرفع مستوى تقديراتنا لقدرة الشبان اليافعين على الإنجاز إذ سيعني ذلك أن تود عمل على مشروع بتكوين ووثيقتها المسماة "الورقة البيضاء" وهو في أوائل العشرينيات من العمر. في الوقت نفسه، لو كان آدم باك، الذي ينتمي أكثر إلى الاتجاه التقليدي، فالدرس المستفاد من مشاركته في إنشاء بتكوين هو أن على الشبان في مرحلة التمرد أن يبحثوا عمن يكبرونهم سناً حتى يرشدونهم إلى طريقة سير الأمور.
تدرس شركة "تيثر هولدينغز" تقديم قروض لشركات تجارة السلع الأساسية، في إطار سعيها لاستثمار مليارات الدولارات من أرباحها.
أياً كانت هوية ساتوشي الحقيقية فإن عدم تحرك الكتلة الأصلية يثير تساؤلات كبيرة حول الدوافع الإنسانية. هل بيننا من لا يريد أن يمتلك عدة مليارات؟ ما الأسباب الممكنة لعدم بيعه الكتلة؟ ربما توفي ساتوشي بشكل مفاجئ – لكن حتى أثناء احتضاره ربما يُتوقع منه أن يتصرف في الأموال بطريقة أو بأخرى، ولو بتخصيصها لأحد أقربائه أو الأمور الخيرية. أم أن ساتوشي أعدم كلمة المرور الخاصة به في نوبة غضب أو في مسعى للسيطرة على النفس؟
المخابرات الأميركية وساتوشي
إحدى النظريات الأكثر شططاً (والأقل قبولاً لدي) هي أن المخابرات المركزية الأميركية هي ساتوشي، أو على الأقل هي الجهة التي تقف وراءه. ولو صح ذلك فستكون المخابرات الأميركية أكثر ابتكاراً بكثير مما ظننت! وهي معروفة على نطاق واسع بموهبتها في التشفير لكنها لا يكاد يعرف عنها الابتكار.
وأياً كانت القصة فهي مثيرة للاهتمام. وربما لا يزال ساتوشي على قيد الحياة، ويرى أنه من الضروري تجنب الشهرة الطاغية والثراء الفاحش، وسيكون على حق في ذلك.
أثق أننا سنعرف يوماً ما من هو ساتوشي أو من كان، وسيتعين علينا تغيير وجهات نظرنا عن العالم وفقاً لذلك.