المقالات -
التخلي الامريكي عن منظمة "الايانا"و فرص التحول الى التعددية في ادارة الانترنت |
 : 2142 | |
|
السبت,15 مارس 2014 - 12:54 م
عادل عبد الصادق *
في الذكرى الخامسة والعشرين لاطلاق شبكة الانترنت اعلنت وزارة التجارة الامريكية عن نيتها التخلي عن السيطرة على منظمة "الايانا "
| 
اضغط للتكبير
|
ويأتي ذلك في اطار اعلان الهيئة الوطنية للاتصالات وادارة المعلومات التابعه لوزارة التجارة الامريكية NTIA ، عن نيتها عن احداث تغير في سياستها في ادارة نطاقات الانترنت لصالح المجتمع العالمي،وفي خطوة اولى من جانبها دعت منظمة الايكان الى مشاركة اصحاب المصلحة في تطوير خريطة طريق للتخلي عن دورها الحالي بالتنسيق مع نظام وضع نطاقات واسماء الانترنت DNS ، وذلك للعمل على تحقيق عدة اهداف منها دعم نموذج المتعدد الاطراف في حوكمة الانرنت والعمل على الحافظ على الامن والاستقرار والمرونة في اسماء نطاقات الانترنت ،
وتاتي تلك الخطوة في سبيل الحفاظ على نفاذية الانترنت ومواجهة طلبات وتوقعات العملاء العالمين والشركاء لخدمات "IANA ، والتي من المقرر ان تتوقف عن اداء وظائفها بحلول 30 سبتمبر عام 2015وهي المنظمة المسئولة عن تنسيق بعض العناصر الأساسية التي تحافظ على الإنترنت بسلاسة. حين أن شبكة الإنترنت تشتهر بأنها شبكة عالمية خالية من التنسيق المركزي وبذلك كانت أيانا هي المسئولة على الصعيد العالمي عن الإشراف على تخصيص عناوين بروتوكولات الانترنيت ،وإدارة المنطقة الجذرية لنظام أسماء النطاقات، أنواع وسائل الإعلام، وغير ذلك من بروتوكولات الانترنيت ذات الصلة في العالم، وعلى وجه التحديد تختص أيانا بالحفاظ على رموز فريدة وأنظمة الترقيم المستخدمة في المعايير التقنية (“البروتوكولات”). وهي تدار بواسطة Internet Corporation for Assigned Names and Numbers (مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة) المعروفة باسم الأيكان.
، وهو ما كانت تعارضة الولايات المتحدة في السابق ، وتأتي تلك المبادرة قبل الإجتماع العالمي لأصحاب المصلحة حول مستقبل حوكمة الإنترنت والمقرر عقده في ساوپاولو في البرازيل في يومي 23 و24 ابريل 2014. وياتي ذلك في ظل اتهامات عالمية بسوء تعامل الولايات المتحدة مع الانترنت مع الكشف عن التورط الامريكي في التجسس على ملايين المستخدمين عبر العالم ، وعلى النحو الذي يسئ الى دور الولايات المتحدة في ادارة شبكة الانترنت.
وعلى الرغم من عدم وجود علاقة مباشرة بين الايكان وقضية التجسس الا ان الولايات المتحدة جاءت بتلك الخطوة في محاولة لترميم صورتها التي تدهورت عالميا بشأن انتهاك خصوصية ملايين المستخدمين عبر العالم ، وفي محاولة لاعطاء امل جديد امام المجتمع الدولي في ممارسة حقة في التعامل مع شبكة الانترنت، ولتعبر تلك الخطوة عن اقرار امريكي بعملية الانتقال من مشاركة صورية الى مشاركة فعلية من جانب المجتمع الدولي على مستوى صنع السياسات .ومن شأن القرار الامركي دعم النموذج متعدد الاطراف في عملية صنع القرار والحوكمة ،
وكانت منظمة الايكان قد نشأت عام 1998 بعد الخلاف الاوربي – الامريكي على اسماء النطاقات، وكانت الولايات المتحدة تحتكر بطريق غير مباشر أسماء نطاقات الإنترنت ويمكن لها القيام بحذف الأسماء التي تتعلق بدول معينة وذلك دون طلب تفويض من مجلس الأمن أو الاتحاد الدولي للاتصالات.وذلك لإمكانية تحقيقه فنيا بالإضافة إلى دور منظمة الإيكان التي تعمل وفق قانون كاليفورنيا. وتتبع إشراف وزارة التجارة الأمريكية.
وجاء القرار الامريكي ليعطي اهمية كبرى للجهود العالمية في سبيل الحوكمة العالمية للانترنت عبر ممارسة اصحاب المصلحة من “الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات المعنية بالإنترنت ، وتفتح المبادرة الامريكية الطريق الى تعزيز وتفعيل المنتديات العالمية لحوكمة الانترنت والتي اقرتها القمة العالمية لمجتمع المعلومات في تونس عام 2005 ، والتي كانت الاساس لتدشين نسخ اقليمية من المنتدى العالمي لحوكمة الانترنت ، والتي منها المنتدى العربي لحوكمة الانترنت والذي تم اطلاقة اولى فاعلياته بالكويت في عام 2012 .
وتنقل المبادرة الامريكية الجديدة الى التفكير المشترك من اجل ايجاد صيغة توافقية عبر مرحلة انتقالية تدفع بتحول ادارة الانترنت من ادارة امريكية بغطاء دولي الى ادارة دولية خالصة ولتعبر عن تحول الانترنت الى مرفق عالمي وملك عالمي مشترك .مع توافر إمكانيات أمام الملايين من البشر في الدخول إلى شبكات الاتصال والمعلومات في إطار تحول الانترنت الى خدمة كونية.
وكان مبرر تمسك الولايات المتحدة بالسيطرة على إدارة شبكة الإنترنت بأن ذلك لا يعادي انتشار الإنترنت أو حرية استخدامها من قِبل أي جهة كانت. وان الولايات المتحدة تدعم جهود الأمم المتحدة لكي تصبح كل الشعوب على خريطة المعلوماتية، وان مسارات المعلومات تعبر الولايات المتحدة دون أن تقوم واشنطن بأي سلطة على هذه المعلومات؛ لأن دورها هو جانب فني تنظيمي. وأن مسألة احتكار الولايات المتحدة للكود التقني المحدد لمسارات الإشارات الرقمية ترجع لكون الولايات المتحدة تاريخيًّا هي مخترعه الإنترنت، ومن ثم يصبح لها حق الملكية الفكرية، وأن منظمة الإيكان هي صاحبة الحق في إدارة الإنترنت وهي جهة غير هادفة للربح، ولها مجلس إدارة عالمي، وترى الولايات المتحدة أنه لا يمكنها أن تضحى بسيطرتها على عملية تنظيم أسماء المواقع على الشبكة لجهاز بيروقراطي مجهول، لاسيما وأن الدول النامية التي طرحت مطلبها بالمشاركة في إدارة الإنترنت لم تكن على أتمِّ الاستعداد سواء من الناحية الفنية أو السياسية.
وتاتي المبادرة الامريكية لتعزز الجهود الدولية لأن يصبح الإنترنت مرفقًا عالميًّا في اداراته وليس خاصًّا بالولايات المتحدة، وليعبر عن أهم الركائز الأساسية لإقامة مجتمع المعلومات على المستوى القطري أو الإقليمي أو العالمي، وبالتالي هناك أهمية قصوى لمناقشة وضبط الطريقة التي تدار بها الشبكة والجهة التي تسيطر عليها، وأن منظمة الإيكان لا تخضع لأي اتفاقيات دولية تتعلق بسياسة إدارة الإنترنت، مما يعني أن تكون عرضة لقرارات تعسفية أحادية الجانب بدون أن يكون لأي دولة حق الرفض، وأن ترك الوضع على ما هو عليه سيضع في يد الولايات المتحدة أوراق ضغط إضافية على العالم ربما تتطور إلى إجراءات قد تضرُّ بالآخرين، وأن كل من يسيطر على كل أو جزء من هذه النظم يمكنه استغلالها وسيلة للتربح المادي بلا حدود ويمارس نوعًا من الاحتكار والابتزاز.
ورأى الجهد الدولي الذي قادته الدول النامية أن سيطرة أي طرف على إدارة الإنترنت بدون ضوابط تجعلها عرضة للتلصص والتجسس، ومن ذلك: المحاولات التي تم اتخاذها للحدِّ من حرية التعبير على شبكة الإنترنت بدعوى مكافحة الإرهاب. وإن كان ذلك الانتهاك لا يأتي بمعزل عما أصاب الحريات المدنية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث أخذت شكل إجراءات رسمية حكومية علنية، بعد أن كانت مثل هذه الإجراءات محصورة في أعمال أجهزة الاستخبارات وحسب. ويتطلب عملية تفعيل المبادرة الامريكية العمل على ان تصبح منتدى حوكمة الإنترنت يمتلك بالفعل وسائل الضغط علي الحكومات، والاقرار الامريكي بتحول الانترنت الى مرفق عالمي يستوجب مشاركة المجتمع الدولي بفاعلية في ادارته وفي تحمل المسئولية ايضا في سبيل مواجهة تحديات امنة ، ويمثل إجتماع "البرازيل " خطوة هامة لصياغة مبادئ جديدة في إدارة الإنترنت وفق التطورات الجديدة ، ورسم خارطة طريق عالمية لكيفية التعامل مع التطورات والتحديات الجديدة بمشاركة كافة اصحاب المصلحة، ويتوقع ان تؤدي تلك الخطوة الى مشاركة المؤسسات الدولية المعنية بالانترنت في عملية حوكمة الانترنت ، وفتح الطريق الى نمو صناعات محلية في مجال اسماء النطاقات ، وهو ما ينعكس على نمو صناعه الانترنت ، واعطاء المنتديات الاقليمية الخاصة بحوكمة الانترنت دور هام في عملية صناعه القرار والسياسات المتعلقة بالانترنت الى جانب المؤسسات الاخرى ، وتعزيز الجهود للبحث في انشاء هيئة دولية متعددة الاطراف تحل محل منظمة الايانا تحظي بمشاركة كافة اصحاب المصلحة وهو التحدي الذي يجب ان يجتازه المجتمع العالمي للانترنت.
 . |
| |
|