والشمول المالي الرقمي يعني استخدام الوسائل الرقمية الموفرة للتكاليف للوصول إلى الفئات السكانية المستبعدة مالياً والتي لا تحصل على خدمات كافية تناسب احتياجاتهم، والتي يتم تقديمها بتكلفة ميسورة للعملاء ومستدامة لمقدمي الخدمات، وتشير المؤشرات العالمية إلى أن الشمول المالي يشكل حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة، وأحد عوامل التمكين الرئيسية للقضاء على الفقر وتعزيز الرخاء الاجتماعي.
المهندسة فاديا سليمان مستشار التحول الرقمي لدى الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية أوضحت أن المؤتمر بنسخته الرابعة هو هدية الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية للجمهورية العربية السورية ليكون أهم منصة حوار تجمع بين أهم التجارب العربية والعالمية مع أصحاب المصلحة وأصحاب القرار لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في سورية.
وبينت لموقع "بتوقيت دمشق" أن الاتحاد اختار سورية هذا العام لقناعته بأن سورية التي خرجت من الحرب منتصرة بقيادتها الحكيمة، وهمة وسواعد أبنائها، تسعى جاهدة للخروج من الحرب الاقتصادية واستغلال كافة الفرص المتاحة والتي ربما يشكل الاقتصاد الرقمي أحد أهم هذه الفرص.
ونوهت إلى أن الاتحاد العربي للتجارة الالكترونية هو أحد الاتحادات النوعية التي تعمل تحت إشراف مجلس الوحدة الاقتصادية ويسعى بشكل دائم لتجسير الفجوة الرقمية في دول المنطقة العربية، لذلك يعمل على طرح مجموعة من المشاريع العربية المشتركة التي تساهم في ردم الفجوة الرقمية، أو من خلال المؤتمرات وورش العمل التي يقيمها في دول المنطقة ليكون منصة حوار عربي تساعد بتبادل الأفكار والتجارب والخبرات، لذلك تم طرح النسخة الثالثة من المؤتمر في سورية عام 2021 تحت عنوان "التحول الرقمي – الفرص والتحديات"، وللمرة الثانية طرحت النسخة الرابعة في سورية أيضاً تحت عنوان "أثر الشمول المالي الرقمي على النمو الاقتصادي".
المهندسة سليمان أكدت على أهمية المؤتمر لسورية، فقبل الحرب كانت سورية تعيش فترة ازدهار ونمو، على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وشهد القطاع المصرفي والخدمات المالية في تلك الفترة نمواً وازدهاراً، إلا أن العقوبات الاقتصادية التي طالت سورية خلال السنوات الأخيرة أثرت تأثيراً سلبياً، أدى لتراجع في كثير من الخدمات المالية سواء في القطاع العام أو الخاص، وفي نفس الوقت ونتيجة تطور التكنولوجيا وظهور خدمات الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة، ظهرت نماذج وخدمات جديدة في العالم وظهرت خدمات تقدم من خلال شركات الخدمات المالية ولم تعد حكراً على القطاع المصرفي، وبما أن سورية وبتوجيهات من السيد الرئيس بشار الأسد تولي اهتماماً بالغاً في المرحلة الحالية لخدمات التحول الرقمي متضمنة التحول الرقمي في القطاع المالي والمصرفي، فهذا المؤتمر الذي سيضم خبراء وأصحاب تجارب وصناع قرار من عدد من دول المنطقة العربية وبعض التجارب العالمية للاطلاع على أهم عوامل النجاح التي ساهمت في تحقيق قفزات في بلدانهم وفتح باب الحوار مع أصحاب القرار وأصحاب المصلحة في سورية للاستفادة وتحويل الفرص المتاحة إلى قصص نجاح حقيقية واللحاق بالثورة التكنولوجية الخامسة.
وبينت المهندسة سليمان أنه بالرغم من النجاح الكبير الذي حققه المؤتمر السابق في عام 2021 على المستوى الإعلامي والعلمي محلياً وعربياً، إلا ان المؤتمر الحالي يركز تركيزاً مباشراً على استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحقيق الشمول المالي كأحد عوامل النمو الاقتصادي، وبالتالي وبالرغم من التخصيص في الموضوع أي لجهة الرقمنة في الخدمات المالية، فالمؤتمر الحالي توسع أفقياً باتجاه التوجه نحو مشاركة أوسع عربياً ودولياً.
وتوقعت أن تكون حجم المشاركة الرسمية وغير الرسمية على نطاق واسع عربياً ودولياً، من ممثلين حكوميين ومؤسسات بحثية وأكاديمية وقطاع متخصص في هذا المجال، لفتح أكبر مجال للحوار والاستفادة من أهم التجارب. لافتةً إلى أن المؤتمر يحاول استقطاب الأبحاث العلمية بالإضافة إلى المشاريع الريادية في مجال التحول الرقمي والخدمات المالية الرقمية والدراسات الاجتماعية، وقد خصص جوائز نقدية بالإضافة إلى النشر في مجلة علمية محكمة فيما يتعلق بالأوراق البحثية، أما المشاريع الريادية، فقد تم تخصيص مبالغ نقدية بالإضافة إلى إمكانية التبني والتسويق عربياً للمشاريع التي لديها فكرة، ودراسة جدوى اقتصادية.
وأشارت المهندسة سليمان إلى أنه تم فتح باب المشاركة سواء بتقديم الأوراق البحثية أو المشاريع الريادية، أو المحاضرات أو حتى للمشاركة والحضور على كافة المستويات، أي تم نشر إعلانات الدعوة للمشاركة في المؤتمر بكافة القنوات المتاحة، والتسجيل يكون من خلال موقع المؤتمر المعلن عنه، بالإضافة لذلك تقوم اللجنة العلمية مباشرة بالتواصل مع بعض الخبراء والباحثين السوريين في المغترب بشكل مباشر للمشاركة في أعمال المؤتمر ولدينا عضو لجنة علمية شاب سوري يعمل لدى أحد أهم الشركات العالمية في هذا المجال.
وعن إمكانية تطبيق الشمول المالي في سورية في ظل الإمكانات المتوفرة بينت المهندسة سليمان أن المؤتمر سيناقش من خلال محاوره الأربعة المطروحة، الصعوبات والمعوقات والفرص المتاحة من خلال استخدام التكنولوجيا في الخدمات المالية للوصول إلى أكبر شريحة من المواطنين في سورية، وسوف يتم استعراض متطلبات التطبيق سواء كانت على مستوى البنى التحتية أو البيئة التنظيمية، وسيطرح حلول جديدة ومبتكرة مبنية على تجارب عربية أو دولية، وسيتم اقتراح منهجيات علمية لتوظيف التكنولوجيا المالية بهدف تحسين النمو الاقتصادي وتحسين المؤشرات المحلية في هذا المجال، والتي لا توجد حتى الأن مؤشرات واضحة للقياس.
ولفتت إلى أن المؤتمر سيخرج عنه مجموعة توصيات علمية وعملية، وستكون نتاج عصف ذهني للجنة العلمية للمؤتمر بناء على جلسات الحوار المطروحة، لذلك تمنت على أصحاب القرار اعتماد وتبني هذه النتائج في حينها، كون الانتقال أصبح ضرورة حتمية، ويتطلب من كافة أصحاب المصلحة التعاون لايجاد الحلول الجديدة والمبتكرة، بما يخدم كافة الأطراف مواطن وجهات حكومية وقطاع خاص.
وعن شروط الأبحاث والمشاريع الريادية في هذا المؤتمر أوضحت أن الإعلان تضمن مجموعة من الشروط المنشورة على موقع المؤتمر digitec-me.com، ويتعلق بعضها بمضمون الملخص وعدد الكلمات وطريقة صياغة الورقة العلمية كأقسام الملخص وغيرها، وتضمن الإعلان أيضاً مجموعة من معايير التقديم للأوراق البحثية كأن يتوافق مع أهداف وموضوع المؤتمر، أي يرتبط بأحد محاور المؤتمر، وفي هذه الحالة تقبل كافة الأوراق البحثية المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات كالتوقيع الرقمي والدفع الإلكتروني والهوية الرقمية والتجارة الإلكترونية ....وغيرها، كما يمكن أن يكون دراسة اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية لأثر التكنولوجيا في تحقيق الشمول المالي، أما المشاريع الريادة فتضمنت الشروط مجموعة من المعايير أهمها أن تكون الفكرة واضحة بآليات التطبيق وأن تتوفر لها دراسة جدوى اقتصادية لاحقاً.
الجدير بالذكر أن الدورة الأولى من المؤتمر عُقدت في الإمارات العربية المتحدة في عام 2017، والدورة الثانية كانت في جمهورية مصر العربية عام 2018، أما الدورة الثالثة أقيمت في سورية عام 2021، بعنوان سورية والتحول رقمياً – "الفرص والتحديات"، وهذا العام ستكون الدورة الرابعة في 11و 12 من شهر أيلول بعنوان "أثر الشمول المالي الرقمي على النمو الاقتصادي".