التغييرات المناخية - الطاقة النظيفة لبنان الغارقة اقتصاديا تتحول إلى الطاقة الشمسية |
: 21245 | |
|
الثلاثاء,15 نوفمبر 2022 - 12:21 م ريا جلبي من بيروت FINANCIAL TIMES الزبائن الذين يشترون منتجات الألبان كانوا يجعلون صاحب المتجر اللبناني صباح هاشم متوترا.
خلال فصل الربيع، كانت الثلاجات في الميني ماركت الخاص به تتوقف عن العمل لأكثر من نصف اليوم في العادة، فقد كانت الكهرباء من الشركة، التي تديرها الدولة قد توقفت تقريبا، وكان مشغل المولد الاحتياطي الخاص به يعمل بنظام الترشيد مع ارتفاع تكاليف الديزل.
| اضغط للتكبير
|
قال هاشم البالغ من العمر 39 عاما في متجره في حاصبيا المتن، وهي قرية تبعد 20 كم شرق بيروت: "كنت أضطر إلى فتح الزبادي أمام زبائني قبل بيعه لهم للتأكد من أنه لم يفسد. كنت أسهر طوال الليل قلقا من أن أجعل زبائني يمرضون - لا يمكنك إدارة نشاط تجاري من هذا القبيل".
مع اقتراب صيف آخر دون كهرباء، سئم هاشم من هذا الوضع. فجمع مدخراته واقترض نقودا من صديق يعيش في الخارج لتركيب نظام طاقة شمسية بقدرة 2 كيلو واط على سطح متجره - وهو ما يكفي لتشغيل الأضواء وثلاجتين على مدار الساعة. كلفته هذه العملية 3700 دولار، لكن الإنفاق كان يستحق ذلك: "الآن أنام بهدوء".
إن لبنان غارقة في أزمة اقتصادية أدت إلى خسارة الليرة اللبنانية أكثر من 95 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2019. أسهم ارتفاع تكاليف واردات الوقود، التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، في عدم قدرة شركة الكهرباء التي تديرها الدولة اللبنانية على توفير الطاقة المنتظمة.
هاشم هو واحد من عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين لجأوا إلى الطاقة الشمسية في غياب إمدادات كهربائية موثوقة من شركة الكهرباء اللبنانية. انتشرت الألواح في كل مكان، من أسطح المنازل في المدن إلى الدور الريفية وعلى السكوتر الكهربائية، للاستفادة من 300 يوم من أشعة الشمس الساطعة في لبنان في العام.
قال وائل بيطار، الشريك الإداري لشركة إبكو بيطار للمقاولات، وهي شركة تنوعت أنشطتها لتشمل تركيب الطاقة الشمسية في 2020: "من المحزن أن نقول ذلك، لكن التحول إلى طاقة أنظف هو ميزة الانهيار الكامل للدولة".
إن انتشار الطاقة الشمسية هو نتيجة ثانوية لأزمة لبنان، إذ قال بيير الخوري، رئيس المركز اللبناني للحفاظ على الطاقة التابع للدولة، إن المنشآت الخاصة في الشركات والمنازل منذ 2020 ستضيف 350 ميجاواط من الطاقة المتجددة بحلول نهاية العام - نحو 5-7 في المائة من احتياجات الطاقة السنوية في لبنان. وأضاف أن المشاريع الصغيرة، التي نفذتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، أضافت 100 ميجاواط فقط من الطاقة الشمسية بين عامي 2010 و2020.
في مؤتمر المناخ كوب27 في مصر، أعادت لبنان تأكيد تعهداتها بالحصول على 30 في المائة من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030. لكن خبراء الصناعة يقولون إن التمويل الدولي لـ 11 مشروعا للطاقة الشمسية، الذي تمت الموافقة عليه في شهر أيار (مايو) يعتمد على استكمال حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي قيمتها ثلاثة مليارات دولار. والحزمة نفسها تتوقف على الإصلاحات، بما فيها شركة كهرباء لبنان، التي لم تعتمدها حكومة تصريف الأعمال بعد. منذ 1992، شكل الإنفاق على الكهرباء 40 في المائة من الدين الحكومي، وفقا لدراسة أجريت في 2021.
أعلنت شركة كهرباء لبنان الأسبوع الماضي زيادة أسعار الطاقة، وهي خطوة قال المسؤولون إنها ستساعد الدولة في نهاية المطاف على توفير الوقود لتشغيل محطات الكهرباء وزيادة الإمدادات.
تم ترخيص نحو 700 شركة الآن لتركيب الطاقة الشمسية، ارتفاعا من 130 شركة في 2020، وفقا لمركز توفير الطاقة اللبناني. تشكل المنشآت 20 في المائة من عائدات شركة بيطار. يقول وائل: "عندما كانت الدولة تقدم إعانات لمصادر الطاقة المتجددة قبل الأزمة، لم يكن معظم عملائي مهتمين. كانت الكهرباء رخيصة ولا أحد يهتم. ولكن الآن الجميع يعتمدون على الطاقة الشمسية".
يتكلف الإعداد المنزلي الأساسي الكافي لتشغيل عديد من الأجهزة مثل الثلاجات بين 2000 دولار و3500 دولار، بانخفاض 15-20 في المائة منذ 2020 بسبب وفرة الألواح وزيادة المنافسة، وفقا لعدة شركات تركيب. ويمكن أن تصل الأسعار إلى 15 ألف دولار، حسب حجم العقار وجودة النظام، بينما يمكن أن تصل تكلفة المشاريع التجارية إلى 200 ألف دولار.
لا تزال الأسعار باهظة بالنسبة إلى كثيرين، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع في المنشآت غير المرخصة وغير الآمنة. قال بيطار: "إن بائع الخضار الذي تتعامل معه وسائق سيارة الأجرة وابنك الشاب العاطل عن العمل - إنهم يشاهدون مقاطع فيديو على يوتيوب ويشترون الألواح ويقدمون خدمات أرخص".
في غضون ذلك، فإن مشغلي المولدات، وهم المزود الوحيد للطاقة البديلة في لبنان منذ فترة طويلة يعانون. قال جمال عامر، الذي يدير مولدات الأحياء في منطقة الزهراني الجنوبية، إنه بدأ العام مع 1000 عميل، بمن فيهم البلديات، لكنه فقد أكثر من 700 منذ الربيع - "90 في المائة منهم بسبب الطاقة الشمسية" مع ارتفاع تكاليف الوقود.
يتقاضى عامر مليون جنيه لبناني "نحو 25 دولارا بأسعار السوق الحالية" شهريا مقابل أربع إلى خمس ساعات من الطاقة يوميا – وهذا نصف الأجر الشهري لمعظم عملائه، الذين لا يستطيعون تحمل التكاليف المدفوعة مقدما للطاقة الشمسية.
يقول الخبراء إن عدم وجود إطار قانوني يعوق التبني الأوسع للطاقة المتجددة. وعلى الرغم من السماح باستخدامها على نطاق صغير، يحظر على منتجي الطاقة الشمسية من الاتصال بشبكة شركة كهرباء لبنان أو بيع الطاقة الاحتياطية للجيران. تعثر مشروع قانون لمعالجة هذا الأمر في البرلمان اللبناني.
قال لوري هايتيان، وهو خبير طاقة لبناني في معهد إدارة الموارد الطبيعية ومقره نيويورك: "إننا بحاجة إلى إصلاحات جادة من أجل تحول مناسب للطاقة، سيستغرق الأمر أعواما لدمج كل هذه الأنظمة الفردية في الشبكة". أضاف هايتيان أن التحول غير المخطط للمواطنين اللبنانيين إلى الطاقة الشمسية "يعني أننا نزيل الضغط عن حكومتنا للقيام بوظيفتها الأساسية".
يؤدي النقص في إمدادات الدولة إلى تفاقم عدم المساواة لأولئك الذين لا يستطيعون تحمل مصادر بديلة للطاقة. مريم حسن، خبيرة تجميل تعيش في حي فقير في جنوب بيروت، محرومة من الكهرباء منذ شهر أيار (مايو). لم يعد في إمكان أجرها الشهري، الذي يعادل 150 دولارا، أن يغطي رسوم تعليم أطفالها وتكاليف المولدات.
اشترى لها أشقاؤها بطارية صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية هذا الصيف حتى تتمكن من شحن هاتفها والحفاظ على نشاطها التجاري قائما. ولكن عندما انكسرت البطارية، لم تستطع تحمل 100 دولار لإصلاحها.
تقول: "كل ما يتحدث عنه أي شخص اليوم هو الطاقة الشمسية. ولكن بالنسبة لنا نحن لا يستطيعون تحمل تكاليفها، فإننا نعيش ونموت في الظلام".
|
|
|