المقالات -
تراجع الدور : شبكات التواصل الاجتماعي والمقاتلين الأجانب

: 2567
السبت,23 اغسطس 2014 - 05:43 ص
د. عادل عبد الصادق *

قامت اطراف الصراع في سوريا باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي بشكل متلازم مع تطور عملها الميداني، وتحولت من استخدام المنتديات الى المواقع الى الشبكات الاجتماعية والهواتف الذكية ، وتحولت الى حاضن اعلامي لكافة التنظيمات وانتقل الصراع على الارض الى الفضاء الالكتروني بين اطراف الصراع المختلفة ، وذلك على نحو غير مسبوق في تاريخ الصراعات الدولية

تراجع الدور : شبكات التواصل الاجتماعي والمقاتلين الأجانب
اضغط للتكبير


تأثير الفضاء الالكتروني في الازمة السورية

وساعد الفضاء الالكتروني في  التسريع من وتيرة  التدخل الدولي  في ادارة الازمة الدولية.مع تدفق المعلومات حول الضحايا والخسائر وبخاصة في ظل الكوارث الانسانية والطبيعية ،واتاح  الفضاء الالكتروني  ادوات جديدة للراي والتعبير والحشد والتعبئة والضغط على المؤسسات الدولية المعنية بالتدخل، ورفع الوعي لدى الراي العام العالمي والمجتمع المدني العالمي بخطورة الازمة وتداعايتها على الامن العالمي . على الرغم من المنافع التي جاءت بها ظاهرة الفضاء الالكتروني الا انها حملت تحديات امنية تمثلت في امكانية توظيفة من قبل جماعات ارهابية او تحولة الى ادارة للصراع بين الدول ، وذلك‏ بفضل السمات الرئيسية للفضاء الالكتروني  المتمثلة في سرعة تدفق المعلومات وسهولة الوصول اليها ‏,ونقل ونشر المحتوى سواء اكان صور او نصوص او فيديوهات ، وهو ما يكون له تاثير في جمهور عريض وواسععبر العالم‏,‏ والتدفق ، وهو ما يحولة الى وسيط إعلامي  عالمي ، وهو ما مثل عنصر جذب لاستخدامه اما كاداة في الصراع  او في اذكائة او في حلة وتسويته ، وبخاصة مع دور الفضاء الالكتروني في تصاعد الامن الانساني وقضايا حقوق الانسان والتحول الديموقراطى ، وهو ما كان له دور في نمو الافكار الجديدة ، وادى الفضاء الالكتروني الى اتاحة الفرصة لتحول الأزمات ذات الطابع الداخلي إلى أزمات استراتيجية تتعلق بالأمن القومى للدولة وضمانات وجودها وبقائها . وقد تتطور الأمور نحو مستوى أعلى ، وهو الأزمة الإستراتيجية الدولية ، وكان للفضاء الالكتروني دور في ادارة الازمة الدولية عبر الادوات السياسية والعسكرية ذات النمط غير التقليدي.

 وادى الفضاء الالكتروني الى تحول ازمة محلية قد تتعلق بالعلاقة بين النظام الحاكم والشعب الى سرعة التحول الى ازمة دولية عبر اتاحة الفرصة للتدخل العميق في الصراع عبر التاثير في اطراف الصراع وما ارتبط بذلك من حدوث احتجاجات عالمية على الاحداث والتحركات الدبلوماسية وبرزت ظاهرة المؤيدين عابري الحدود مثل دور "المقاتلين الاجانب" كطرف  في الدخول الى مناطق الصراعات الدولية،ومن ناحية اخرى تعزيز قدرة الاطراف الخارجية على التدخل في الصراع من خلال سهولة تقديم الدعم المعلوماتي والتقني عبر تصدير تكنولوجيا للتجسس ،وسهولة التواصل بين  الفرقاء في الصراع والخارج

 الفضاء الالكتروني و ظاهرة المقاتلين الاجانب

ولعل من ابرز ملامح واقع الازمة السورية هو حجم التدفق الهائل للصور والفيديوهات التي يتم بثها ام عبر موقع "يوتيوب" او عبر شبكات التواصل الاجتماعي الاخرى مثل تويتر والفيسبوك ، لا سيما أن كافة أطراف الصراع السوري تمتلك العديد من الحسابات الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. والتي تنقل المحتوى من صور ومعلومات وفيدوهات وخرائط ، وعملت على  تنامي ظاهرة المقاتلين الاجانب في سوريا .

 واتاح الفضاء الالكتروني كذلك عدد من الفرص امام المشاركة في الصراع اما عبر المشاركة بتنظيم المظاهرات الاحتجاجية ضد احد اطراف الصراع او المشاركة عبر الانترنت في التعبير عن الغضب والراى حول الازمة ، او عبر القيام بشن هجمات الكترونية ضد مصالح ومواقع الخصوم ، او عبر القيام بالانتقال جغرافيا الى ارض الميدان للانضمام الى احد اطراف الصراع للقتال الى جانبه ،ومن هنا ظهرت قضية المقاتلين الاجانب في الصراع السوري ، والتي  تعاظم  دورها ، والتي وصلت  في خلال عامين فقط فاقت  حجم المقاتلين في افغانستان خلال 13 عاما ،لتصل الى 12 الف مقاتل، وكان من اهم مستقطبي هؤلاء التنظيمات الإسلامية الراديكالية مثل تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة ، وهو ما اثر بدوره في وتيرة الصراع وفي تعقدة وفي طبيعة الخلافات الداخلية بينها . وشمل ذلك مقاتلين من الدول الاوربية واخرين من الدول العربية والاسلامية . وهو ما اثر في ادارة الأزمة السورية وتحولها من الطابع المحلي الى الطابع العالمي واتاحة الفرصة امام المتعاطفين للمشاركة أما ميدانيا او عن بعد ،

والتي تعني  بانهم " هؤلاء المتدفقين من شتى أنحاء الأرض للمشاركة فى صراع لا يدور بالأساس فى بلدانهم، ويتم  تعبئتهم اما لتحقيق اهداف  مادية او معنوية ، وكان الغالب هو سيطرة البعد الايدلوجي على تشكيل وجذب المقاتلين والمتعاطفين من ارجاء الارض للمشاركة في الصراع المحلي ، وعابرين الحدود الدولية ، وكان لشبكات التواصل الاجتماعي دور في التنسيق والتعبئة والحشد.

وتطلق عادة الفصائل المقاتلة ضد النظام مصطلحا خاصا بالمقاتلين غير السوريين وهو "المهاجرون" وخاصة جبهة النصرة والفصائل التي تتبنى الفكر الجهادي.وتنفرد جبهة النصرة  من بين الجماعات المقاتلة بتخصيص كتائب خاصة بالـ"مهاجرين" توكل إليها عادة عمليات المؤازرة والدعم ويمتلكون مقرات خاصة بهم معروفة في شمال حلب

ومن ناحية اخري فقد استغلت الجماعات المتطرفة مزايا الشبكات الاجتماعية كعنصر حيوي لدعم وتحقيق أهدافها ومنفذ لوجستي داعم وحاضن للنشاط الإعلامي لها في مناطق مختلفة من العالم‏,‏ ليشكل مجتمعا افتراضيا يتحول من مجموعة قليلة من الناس متوزعة جغرافيا لتشكل مجتمعا خاصا بها يساعدها علي الالتحام والتواصل الدائم‏,‏ الأمر الذي يوهم البعض بأن هذا المجتمع غير محدد الأبعاد الكمية‏,‏ وهو ما كان له دور كبيرفي تضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك المجموعات‏.‏وذلك من خلال دورها عبر ثلاثة مراحل هامة ،
الاولى تتعلق بمرحلة التاثير الوجداني من خلال اثارة العاطفة والنعرة والغيرة الدينية وبحجة الدفاع عن القيم المقدسة ويتم استخدام نصوص دينية عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، المرحلة الثانية ، تتعلق بدور الشبكات الاجتماعية في نقل المعلومات والبيانات التي تعبر فقط عن  وجهة النظر للجماعات الجهادية وهو ما يؤثر في مرحلة لاحقة في تكوين وتشكيل الراي لدى الشباب المستخدم والتي تمهد له في اعتناق افكارها المتطرفة ، وتأتي المرحلة الثالثة وهي اخطر المراحل والتي تتعلق بالانتقال من مرحلة التاثير في الافكار الى المشاركة الفعلية والايجابية من جانبهم في التغيير بالقوة والعنف وهو ما يظهر في التغيير السلوكي.

 مكونات الخطاب الإعلامي للجماعات الجهادية عبر شبكات التواصل الاجتماعي

 وتستهدف عملية استخدام الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي من قبل المقاتلين ثلاثة أنماط من

 الجمهور‏:‏ الأول هو جمهور المؤيدين الحاليين والمحتملين وذلك عبر تقديم معلومات  وصور وفيدوهات حول انشطة التنظيم وسياساتها الداخلية وحلفائهاومنافسيها‏,‏ النمط الثاني ،من الجمهور هو الرأي العام خارج اطار الصراع  وهو الجمهور غير المتورط مباشرة فيالصراع‏,‏ ولكن لديه بعض المصالح في القضايا المطروحة‏.‏ من جانب آخر يضمهذا الجمهور المستهدف الصحفيين ووسائل الاعلام التي تستخدم مواقع هذه التنظيمات للحصول علي وجهات نظرها‏,‏ ‏.‏ وأخيرا يتمثل النمط الثالث في الأعداء وتسعي مواقع هذه التنظيمات من استهدافهم الي إضعاف معنوياتهم من خلال توجيه التهديداتوتعزيز الشعور بالذنب ازاء تصرفات ودوافع العدو‏.‏ ويتم توظيف ذلك الخطاب في  مواجهة ثلاث جبهات للقتال جبهة الجيش السوري الحر ضد النظام السوري ، ذو الخلفية العلمانية ، وجبهة الاسلاميين ضد النظام السوري ، وجبهة الصراعات الداخلية ما بين الجبهات الإسلامية والعلمانية او داخل التنظيمات اسلامية ذاتها .، او جبهة التنظيمات اسلامية ضد غير المسلمين. وتستخدم التنظيمات المتطرفة علي اختلافها ثلاثة خطابات في الدعاية‏:‏

الأول‏:‏هو الادعاء بأنه ليس أمامهم خيار سوي التحول الي العنف‏.‏ فالعنف يقدمكضرورة أجبر عليها الضعيف باعتباره الوسيلة الوحيدة التي يرد بها علي العدوالظالم‏,‏ ويتم التأكيد علي اعمال القوة التي تستخدمها الحكومات والأنظمةضدهم ووقوفها ضد تنفيذ مطالبهم‏,‏ كما يتم استخدام مصطلحات كالذبح والقتلوالإبادة‏,‏ وتصف المنظمة نفسها كمضطهد تطاردها القوي الكبرى أو الدولةالقوية‏,‏ وهذا ما يحول التنظيم واتباعه الي ضحية‏.‏الخطاب الثاني‏,‏ والمرتبط بشرعية استخدام العنف‏,‏ هو هيمنة وعدم شرعية العدو‏,‏فأعضاء الحركة أو المنظمة يعتبرون أنفسهم مقاتلين من أجل الحرية‏,‏ ومجبرين بما يتنافي وإرادتهم علي استخدام العنف‏,‏ نظرا لكون العدو يسحق كرامة و حقوق شعبهم أو جماعتهم‏,‏ وأن عدو الحركة أو الجماعة هو الارهابي الحقيقي‏.‏

الخطاب الثالث هو الاستخدام الواسع لمبدأ اللاعنف في محاولة لمواجهة الصورة العنيفة عنها‏,‏ فعلي الرغم من كون تلك الجماعات هي جماعات عنيفة‏,‏ إلا أن العديد من موقع تلك الجماعات تدعي سعيها للحلول السلمية‏,‏والسلام واقامة مجتمع الخلافة الاسلامية

 انماط استخدام شبكات التواصل من قبل المقاتلين الاجانب

 تتباين الاطراف السورية في وجودها النشط والفعال سواء عبر تدشين حسابات او نشر فيديوهات او عدد الصفحات على الفيس بوك ، وتتفق فيما بينها في عولمة الخطاب الديني والسياسي الذي تعبر عنه بغية الحصول على الدعم الخارجي سواء اكان في شكل اموال او مقاتلين او معدات واسلحة ، وهو ما ناحية قد عمل على زيادة تدفق المماتلين الاجانب ومن جهة اخرى زيادة اهتمام الراي العام العالمي بما يحدث في سوريا وتهتم بعض تلك التنظيمات باصدار حساباات باللغه الانجليزية الى جانب العربية .
ويتم توظيف الشبكات الاجتماعية من قبل الحركات الارهابية عبر عدة طرق قد تتداخل معها بعضها.
وهي‏ تحقيق اهداف شن الحرب النفسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي عبرنشر المعلومات الملفقة وتوصيل التهديدات لنشرالرعب والصور المريعة لأعمالها الاخيرة‏,‏ وتعد شبكات التواصل الاجتماعي وسيط يحمل القصص والصور والتهديدات والرسائل بصرف النظر عن شرعيتها وأثرها المحتمل‏,‏وهو ما يكرس أهميتها والتهديد الذي تطرحه‏.‏

ويتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي عن طريق الدعاية والاعلان عن الانشطه فلم تكن وسائل الإعلام التقليدية لتتيح لها هذه الفرص بسبب عمليات اختيار الأخبار في اجهزة الاعلام والوسائل المطبوعة‏,‏ أما مع الانترنت فقد اضحي لتلك التنظيمات المواقع الخاصة بها‏,‏ والتي تسيطر عليها وتمكنها من اعادة صياغة تصورات انماط الجماهيرازاءها ومعالجة صورتها وصور اعدائها‏.‏ ويتم استخدام شبكات التواصل لاتصال المقاتلين باقرانهم  في ميدان القتال او في الموطن الاصلي لهم .
ومن ناحية اخرى يتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في التنقيب عن المعلومات وجمعها لتكون وسيلة مهمة ليس للجمع فقط بل ايضا للتنقيب عن المعلومات والتفصيلات حول الاهداف والانشطة المحتملة‏,‏ حيث يتم جمع معلومات صغيرة يتم الربط بينها لتشكل صورة اكبر لمعلومة مهمة‏,‏ وكذلك الخرائط والرسوم البيانية عن اهدافها كوسائل النقل والمباني العامة والمطارات والمواني التي تخضع لسيطرة الدولة الرسمية  .
ويتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في جمع التبرعات والتمويل من المناصرين والحصول علي تبرعات باستخدام ا لتحويلات المالية عبر الانترنت‏,‏ وتدخل هذه التبرعات في حسابات جماعة قيادة وهي منظمة تكون مؤيدة بشكل واسع النطاق لأهدافهم ولكنها تعمل بشكل علني وشرعي‏.‏ وعادة لا توجد بينها وبين هذا التنظيم روابط مباشرة‏,‏ وقد يتم استخدام منظمات عالمية ذات طابع إنساني أو خيري كمظلة لتوفير التمويل أو تعمل تحت غطائها‏.‏

ومن اهم وظائف شبكات التواصل الاجتماعي هو دورها في التجنيد والحشد من اجل دفع المؤيدين للقيام بدور أكثر فعالية‏,‏ من خلال الحصول علي معلومات عن المستخدمين الذين يدخلون علي مواقعهم‏,‏ وتتمكن بالتالي هذه التنظيمات من الاتصال بمن تراهم اكثر اهتماما بقضايا الجماعة والاكثر ملاءمة لتنفيذ اعمالها‏.‏ كما يقوم المسئولون عن عمليات التجديد بالبحث داخل غرف الحوارات والمقاهي الشبكية عن الأعضاء المناسبين من العامة‏,‏ خاصة ذوي المهارات التكنولوجية من الشباب

وتقوم الشبكات الاجتماعية بدور التربيط والتشبيك بين المقاتلين وبين المجاهدين في الميدان او بين التنظيمات والاولية القتالية المختلفة ،وبخاصة في ظل التحول من نمط  المنظمات الهرمية الصارمة التي تعمل بقيادات محددة‏,‏ إلي تنظيمات فرعية لخلايا شبه مستقلة ليس لها هيئة قيادية تنظيمية واحدة‏,‏ وتتمكن هذه الجماعات عبر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من الحفاظ عليالاتصالات مع بعضها البعض ومع أعضاء التنظيمات الاخري‏,‏ وهو ما يمكن تلك التنظيمات من ادارة أنشطتها بأسلوب لا مركزي عبر الانترنت والتنسيق بينها أفقيا‏.‏

ويتم تبادل المعلومات والافكار والمعلومات الميدانية عبر شبكات التواصل الاجتماعي  حول كيفية اصابة الهدف واختراقه‏,‏ وكيفية صنع المتفجراتواستخدامها، وفي التنسيق والتخطيط سواء على المستوى المعلوماتي او العملياتي من خلال تشفير الرسائل والتخطيط لشن الهجمات وفي جمع المعلومات حول المناطق المستهدفة ومعرفة القيادات التابعه للنظام السوري

ملامح تاثير الشبكات الاجتماعية في دور المقاتلين الاجانب

 اصبح يتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بدور سلبي  مع ضعف المواجهة وقلة الوعي وأصبحت تصيب  تلك الآثار طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع عبر نشر اتجاهات عدم الثقة والتأثير السلبي في بنية المجتمع،وأتاحت البيئة الالكترونية المفتوحة والعابرة للحدود الفرصة امام أطراف خارجية في التدخل في الشئون الداخلية.واستخدمت الجماعات الإرهابية الشبكات الاجتماعية كمنصة إعلامية جديدة لما توفره من سهولة في تدشين حسابات وصعوبة الحجب من قبل الدولة والعمل على اختراق للقاعدة الشبابية،

 ويتم استخدام الشبكات الاجتماعية في شن الحملات الالكترونية المغرضة،ويتم استخدام الصور والفيديوهات المتحيزة لوجهة نظر معينة لشحنالرأي العام والتي قد يتم تركيبها أو اختلاقها أو إعادة استخدامها بشكل يؤثر في تحريك الأحداث.وفي شن الحروب النفسية و نشر الشائعات التي قد تضر بالمصالح القومية بغية التأثير على الاستقرار الداخلي،وعبر شبكات التواصل الاجتماعي تم جذب المقاتلين من جميع أنحاء العالم  اما من داخل العالم اسلامي او من داخل الدول الغربية عبر الجاليات الإسلامية هناك ، او من مناطق الصراع  الاخرى مثل افغانستان او الشيشان او ليبيا ، الانتشار الواسع لمناطق سيطرة الجماعات الإسلامية وبخاصة بعد مرحلة دعمها من قبل دول عربية وغربية في المراحل الاولى من تفجر الأوضاع في سوريا ، وتم دعم المعارضة المسلحة ضد النظام  السوري بالمال والسلاح وذلك مع تتنوع  طرق الدخول الى سوريا اما عبر تركيا او الاردن او العراق او لبنان ،

 وتنوعت اهداف هؤلاء المقاتلين والذين منهم من جاء للقتال ضد بشار الاسد او ضد الشيعه او لمناصرة فصيل قتالي معين ، وساهمت الانتصارات المتلاحقة للاسلاميين عدد من العوامل لعل اهمها الدعم الغربي والعربي وتوجهات حكومة المالكي الطائفية ضد السنة في الفترات الاولى من الصراع، ونجاح تنظيم الدولة الاسلامية في الاستيلاء على ارض واسعه  على طول الحدود السورية الشمالية والشرقية عام 2012.وهو ما وفر ارضا لاقامة مشروع الخلافة الاسلامية .

ويقوم  المقاتلين الأجانب من جانبهم باستخدام شبكات  التواصل الاجتماعي لتوثيق دورهم في تطوراتالصراع وقت حدوثها الى جانب دعوة اخرين من اواطانهم للمشاركة ، ويتم استخدام حسابات لشخصيات دينية - قد تكون مزيفة-  لاقناع المتابعين بالجهاد والمشاركة في القتال في سوريا ، وهو ما يمثل دعم روحي وديني لتلك التنظيمات .  

 وساهمت عدة عوامل اخرى تمثلت في استمالة هذا العدد الكبير للصراع ، على رأسها سهولة السفر، وبخاصة ان دور الجوار السوري للديها فوضى امنية الى جانب التسهيلات في السفر وعدم الاشتراط الحصول على تاشيرة مسبقة مثل تركيا والاردن .والتطور في مجال وجود شبكات تجنيد تتولي تسهيل دخول المقاتلين الاجانب الى ارض القتال ، ومشاركة خبرات ممن شاركوا في   العراق وأفغانستان، وتعتبر وسائل التواصل الاجتماعي  الاكثر امانا في التجنيد  مقارنه بالاتصالات بالاضافة الى طابعها العالمي بما يعزز من فرص المتأثرين والمتعاطفين ، وبات من السهل الدخول إلى موقعي "تويتر" و"فيسبوك" للتواصل مع مجندين محتملين أو بث أفكار معينة.وتمكن الجماعات الجهادية من اكتساب مهارات في مجال تفادي الرقابة والحجب وتشفير الرسائل ، واستخدام الهواتف الذكية التي تعمل بالانرويد ،

ودفعت الطبيعة الجغرافية الى جذب المقاتلين نظرا لسهولة العيش مقارنه بالطبيعة الجبلية والصحراوية في أفغانستان أو اليمن أو الصومال أو مالي، إضافة إلىتصاعد المشاعر الطائفية بسبب وحشية الصراع والاستفزاز الذي يشكله دخول مقاتلين مواليين للأسد من إيران وحزب الله والعراق ودول أخرى.

 وهو ما ظهر في ان معظم المقاتلون هم شباب في العشرين من العمر كبروا في بيئة تنتشر فيها وسائل التواصل الاجتماعي ويستخدمونها بشكل طبيعي كما كان استخدام الهواتف والرسائل سابقا،وبإنه أمر اعتيادي أن تكون لهم حسابات في "فيسبوك" و"تويتر" لنشر تجاربهم وهي طريقة أيضا لإبقاء اتصالهم مع الناس في بلدانهم"، ومن ناحية اخري كان لاتخاذ الحرب في سوريا طابعاً طائفياً، في ظل  تورّط ميليشيات حزب الله اللبناني ومقاتلين من العراق في القتال الى جانب الأسد. إلى توسّع نفوذ جماعات متشدّدة تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، على غرار جبهة النصرة ودولة العراقوالشام. وتتخذ السلطات البريطانية احتياطات واسعة لحماية أمن مواطنيها برصد ومراقبة عودة المقاتلين ،وقدرة شبكات التواصل الاجتماعي الى التحول من الخطاب النخبوي لقادة الحركات الى الافراد بما يعلى من البعد الفردي في عملية التجنيد وبخاصة وسط النساء والمراهقين ومعتقني الاسلام حديثا  والمهمشين داخل المجتمعات الغربية . حيث تم استخدام الشبكات الاجتماعية في اختراق المجتمعات الغربية ودعم الخلايا النائمة واستمالة المسلمين الجدد في البحث عن عالم افضل حيث الاسلام النقي ابان الخلافة الاسلامية . فضلا عن اجتذاب الشباب والنساء الذي يعانون من احباطات اجتماعية واقتصادية في البلدان الاسلامية او بداخل الدول الغربية.

 ومن ناحية اخرى فقد ساعدت شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز دور القادة والعلماء الدينين في توفير الدعم المعنوي والديني للقاتلين وتبرير تحركاتهم وجهادهم في مناطق القتال ، وبخاصة رجال الدين الذين يناصرون الدولة الاسلامية والذين ينتشرون عبر حسابات اما حقيقية او مزيفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي  .وادت حالة الضعف الامني لدول الجوار في تنامي الهجرة غير الشرعية والتسلل دون المرور عبر المنافذ الرسمية وهو ما يربط تلك الهجرة بتجارة السلاح والانشطة غير الشرعية وياتي الى جانب ذلك العبئ الكبير الذي  تواجهه ألاجهزة الامنية في ضبط الحدود و تنامي تجنيد الشباب وإرسالهم إلى سوريا والعراق.

وتختلف طبيعة المقاتلين الاجانب عن المرتزقة في الحروب الحديثة حيث ان الاولى لا يحركها فقط البعد المادي والحصول على المكاسب الدنيوية بل انها تراها  مترادفة مع مكاسب اخري روحية ودينية كالفوز بالجنة وبالحور العين ،في اطار الجهاد المقدس ، بينما المرتزقة يحركهم شركات امنية عابرة للحدود ولا يبغون الا المال او الحصول على جنسية الدولة التي يحاربون الى جانبها كما حدث في العراق ، بينما يرى المقاتلين الاجانب انهم لا يعترفون بالحدود السياسية بين الدول الاسلامية بل يرونها خليفة الاستعمار الغربي وانهم لا يحملون الا الجنسية والانتماء الى الدولة الاسلامية ومشروعها الديني .    

 

مستقبل تاثير الشبكات الاجتماعيه في تعبئة المقاتلين

 شهدت المراحل الاولى للصراع تراخي شركات شبكات التواصل الاجتماعي في إغلاق الحسابات المتطرفة ،في حين قامت بحذف حساب الجيش السوري الالكتروين ما يزيد على 300 مرة، وكان الدعم الفني الذي يتم تقديمه الى المقاتلين من خلال المساعدات الخارجية على تلافي الحجب الحكومي على الانترنت ، الى جانب الخلفية العلمية للمقاتلين في مجال الانترنت ،

وكانت ابرز الرسائل الجاذبة والكذابة في ذات الوقت هو الدعوة الى الهجرة الى ارض الخلافة والمبايعة والجهاد واستخدام الكنى في الاسماء في اشارة الى العودة الى التاريخ الاول للخلافة الإسلامية،وتم تعزيز ذلك بشن حروب مذهبية ضد الشيعه ،

ومن ناحية اخرى تم الكشف عن الممارسات اللاانسانية للحركات الجهادية في سوريا مضامين سياسية او دينية او عسكرية ميدانية  ، وهو ما يحمل خطور في هجرة معاكسة من دول الخلافة الى الموطن الاصلي اما بسبب تحطم حلم الخلافة او عدم الرضاء عن الخلافات الداخلية داخل التيارات السنية ، او اما بسبب التدخل الدولي في محاربة التنظيمات المسلحة الجهادية .

ويبقى الامر المتعلق بقدرة الشبكات الاجتماعية على الحشد مرتبطا بالصورة الذهنية عن دول الخلافة والتي تضررت نتيجة حجم المذابح ضد المدنيين وافتقادهم لرؤية واضحة للدولة ، الى جانب ان الشبكات الاجتماعية لعبت دور في الكشف عن حقيقة مواقف الاطراف بما عمل على وجود قوة طرد اما من ميدان الصراع او بعدم جاذبية النموذج لمقاتليين جدد .

وبخاصة ان عملية حجب حسابات التنظيمات المتطرفة على قدر ما انها مفيدة في الحد من التعبئة والجنيد للمقاتين الا انها تخفي معلومات مهمة للاجهزة الامنية حول خطط التنظيم وتحركاته فضلا عن تقدم تنظيم داعش على سبيل المثال في التشفير لرسائلة وانضمام عدد من المهندسين والمتطوعين الى جهود التنظيم في مواجهة عمليات الحجب او في نشر افكاره ، وبخاصة ان هناك عدد من المقاتين قد تلقوا بالفعل تدريبات من قبل شركات ومنظمات عالمية على كيفية تفادي الحجب فيما عرف اعلاميا بالمساعدات غير العسكرية للمعارضة السورية في مراحل الصراع الاولى .فضلا عن تراخي الشركات التكنولوجية في غلق حسابات تلك التنظيمات والتي تغيرت لاحقا مع تغسر سياسات الدول الكبري مع تنظيم "داعش " والتنظيمات الاخرى الموالية لفكرها ، وهو ما يعكس الى اي مدى خضعت الشركات الكبري العاملة في مجال التواصل الاجتماعي الى التسيس والاستخدام الامني لها من قبل اجهزة استخبارات دولية .

وهو ما يدفع الى قيام الدول بحجب مواقع شبكات التواصل الاجتماعي ،او بالعمل على تشديد الرقابة عليها من خلال وحدات الكترونية متخصصة ، او بالعمل على سن قوانين لمكافحة الجريمة الالكترونية .وبتطوير برمجيات الرقابة والتجسس وهو ما يحتاج الى اهمية الموزانة بين الامن والحرية .وان عملية حل مسببات الصراع على ارض الواقع هي الاساس في المواجهة الناجحة لاستخدام التنظيمات اسلامية المتطرفة لشبكات التواصل الاجتماعي.

 
* خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • التعاون الرقمى بين مصر وأوروبا
  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • فيسبوك
    تعليقات


    التعاون الرقمى بين مصر وأوروبا
    عقدت فى 17 مارس الماضى القمة المصرية الأوروبية والتى خرجت بالإعلان عن حزمة من القروض والمساعدات والا

    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ