المقالات -
فيديو صولة الانصار .. وصناعه الصورة المزعومة ضد الجيش

: 1106
الاحد,16 نوفمبر 2014 - 12:26 م
د. عادل عبد الصادق *

تدرك الجماعات الارهابية على اختلاف اشكالها وتنظيماتها واختلاف قيادتها على اهمية عنصر الاعلام في حرب مقدسة مزعومة ضد من تقاتل ضدة تحت غطاء ديني مستخدمة تفسيرات مجتزئة من اقوال الفقهاء او تفسير مغلوط لبعض الايات القرانية ،

فيديو صولة الانصار .. وصناعه الصورة المزعومة ضد الجيش
اضغط للتكبير

ومن ثم فانها تستخدم سلاح الفكر بكافة انواعه سواء اعلامي او ديني ، وياتي ذلك الى جانب استخدام متقدم للاسلحة ، او التكتيكات التي تكشف خبرة تلك التنظيمات في مجال المعارك او التدريب التي تتلقاه او بمدى انضمام عناصر اجنبية الى صفوفها تمتلك الخبرة القتالية في مناطق اخرى للصراع ، او بتلقي تلك التنظيمات دعم لوجستي او معلومات من جهات خارجية كاجهزة استخبارتية توفر لها المعلومات والاحداثيات حول تمركز الجيش المصري في سيناء.

ويمثل الانترنت ساحة حاضنة للنشاط الارهابي فقد كان "اسامة بن لادن يقول ان 90 % من الحرب التي كان يخوضها تنظيم القاعدة هي في الاعلام وبخاصة الاعلام الجديد التي تكون ادواته عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ، وذلك بغية التجنيد والحشد والتنسيق والحرب النفسية ضد الخصم ، وجاء تنظيم بيت المقدس مستخدما نفس التكتيكات التي استخدمها تنظيم "داعش " وبخاصة مع اعلان التنظيم مبايعته له ، وعكست عمليات التنظيم في الفترة الاخيرة تقدما تكتكيا ضد الجيش المصري سواء على مستوى التنفيذ او التخطيط او التمويه على النحو الذي يكشف حجم الدعم الذي يتلقاه التنظيم ، وقام التنظيم باصدار نسخة مسجله من عملية "كرم القواديس" التي اسفرت عن مقتل ما يزيد على  23 جنديا ، وجاء الفيديو تحت عنوان "ولاية سيناء" ويوضح تفاصيل العملية ضد القوات المسلحة في سيناء.واظهر الفيديو الارهابي الانتحاري الذي نفذ العمليه وهو "أبوحمزة الأنصاري"
وعلى الرغم من اصدار تنظيم "بيت المقدس عدة بيانات ورقية او صوتية ضد  الجيش المصري او بالاعلان عن قيامة بعمليات ارهابية سابقة الا ان فيديو "صولة الانصار " ، يحمل عدة دلالات ، اهمها ، قيام التنظيم بالطبع بتبني عملية "كرم القواديس" ، ويأتي ذلك الى جانب تبعات مبايعة تنظيم بيت المقدس لتنظيم "داعش" في العراق وسوريا وربما يكشف عن تسلل عناصر مقاتله منه الى سيناء ، على النحو الذي جعل التنظيم يستحضر ويحاول اعادة انتاج عمليات تنظيم داعش في العراق وسوريا الى ارض سيناء عبر رفع راية التنظيم في العملية او باستخدام مقاطع لعمليات التنظيم في العراق وسوريا ، وكشف الفيديو على مدى التطور في اداء التنظيم على مستوى العمليات او طرق القتال او نوعية الاسلحة او تقليد عملية قتل الرهائن ، ويكشف ذلك الامر عن مدى وعى التنظيم باهمية استخدام الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في شن الحرب النفسية ضد الجيش المصري.
 وبخاصة مع قيام المتعاطفين معه بشن حملة الكترونية "هاشتاج" بعنوان "اخلع" ، للتحريض على هروب الجنود من الجيش المصري ، وعلى الرغم من ان عملية استخدام الانترنت من قبل الجماعات الارهابية ليس بجديد الا انه في هذا الوقت يمثل خطوره مع قدرة تلك الجماعات في توظيف الشبكات الاجتماعية في اختراق الكتلة الحرجة من الشباب او بالقدرة على تلقي دعم خارجي سواء من تنظيمات ارهابية اخرى او دول معادية لمصر ، وبخاصة مع التطور النوعي في العمليات وبخاصة مع التقدم النوعي الاخر المتمثل في قيام التنظيم بعملية  ضد القوات البحرية في دمياط.
وعلى اية حال فان تلك التنظيمات المتطرفة تواجه تحديات تتمثل في تغير البيئة الاقليمية مع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش وعن تغير طبيعة وقوة الجيش المصري عن الجيش العراق الذي انهار اساسا بعد غزو العراق 2003 ،ويأتي ذلك بعد الاثار الكارثية التي لحقت بالبشر والحجر في اكبر عملية تدمير ذاتي في التاريخ ،وهو ما عمل في ذات الوقت على نشر وعي بين قطاع كبير لدى الشباب بمخاطر الفكر المتطرف بعد ما تم نقلة من ممارسات تلك التنظيمات الارهابية من قتل وذبح واعمال لا تمت بصلة الى الاسلام او حتى تطبيق الشريعة ، بل تحول هذا التنظيم الى جماعه اجرامية متعدية الحدود تعتمد في مواردها على السرقة بحجة "الانفال "والتمويل الخارجي بحجة "المناصره" ،وعلى تنامي ظاهرة "بيزنس الجهاد"، دون ان يحمل اية اعتبارات دينية او حتى معنوية .
وهو ما يدفع لاهمية مواجهة هذه الظاهرة واجتثاثها وعزلها عن محيطها عبر العديد من السياسات لعل اهمها تبني
الدولة المصرية سياسة امنية واعلامية تاخذ في اعتبارها البعد الالكتروني وبخاصة مع وجود صفحة رسمية للمتحدث الرسمي باسم الجيش على الفيس بوك او عبر صفحات اخرى تابعه للوزرات المصرية للعمل على توظيف تلك الصفحات للكشف عن حقيقة ادعاءات تلك التنظيمات الارهابية وبخاصة استخدام الدين كمبرر للارهاب ضد الدولة ونشر عمليات مصورة للجيش ضد تلك التنظيمات الارهابية في شكل فيديوهات عالية الجودة ترافق العمليات العسكرية ، والعمل على كشف التناقض في اداء تلك التنظيمات الارهابية وبخاصة انه حتى "الانتحاري الذي قاد العملية بنفسة اشاد ضمنيا بالجيش المصري الذي يقاتله في عبارته " «سيناء أرض الأسود والأبطال أرض الملاحم ومقبرة الأعداء" ، ويكشف الفيديو عن مدى التقدم في الاسلحة التي يحملها الارهابيين مقارنه بما لدي الجنود المصريين وعن عدم توافر الحماية اللازمة للحملات الامنية في سيناء .
 وعلى المؤسسات الامنية ان تخاطب الراي العام بكل شفافية عن تلك العمليات حتى لا تكون هناك فجوة يلعب من خلالها تلك التنظيمات الارهابية ، وان تعمل الدولة على محاربة الاسس الاجتماعية والاقتصادية للجماعات الارهابية وبخاصة ان ادائها يشكف حجم التحالف على الارض بين تنظيم بيت المقدس ومهربي المخدرات والاسلحة والهجرة غير الشرعية او الناقمين على سياسة الجيش ، او على المستوى الخارجي وجود دعم سري من جانب تنظيم داعش الارهابي او من قبل بعض العناصر المنتمية لحركة حماس والتي تضررت من عملية هدم الانفاق اقتصاديا ، او من قبل تركيا التي ما زالت تدعم جماعة الاخوان رسميا وتحرضها على العنف او دعم تنظيم داعش سريا كزراع عسكرية لتنفيذ سياسة تركيا في شرق اوسط تحت الوصاية التركية ، ولا شك ان هذا الوضع يوفر بيئة خصبة لخدمة مصالح اسرائيل ويكفي انه على الرغم من اعلان التنظيم بانه يعمل تحت اسم "انصار بيت المقدس " الا انه لم يقم بعمليات جوهرية ضد اسرائيل حتى بعد حدوث الاعتداءات الاخيرة ضد المسجد الاقصي .

ويكشف ذلك ان المعركة ضد الارهاب  معركة طويلة تحتاج الى استراتيجية واضحة من الدولة والى تكاتف جهود الاعلام الرسمي والخاص والنشطاء الذين لديهم حس وطني والمجتمع المدني بمواجهة انتشار الافكار المتطرفة ، والى دور نشط وفعال من قبل المؤسسات الدينية  وذلك من قبيل ان الفكر المتطرف هو الذي يشعل الوقود ويحرك القوة ضد الدولة.       

ولا يتم ذلك بمعزل عن اهمية  مراجعه السياسة الامنية كل فترة بغية مواجهة عناصر القصور او دعهما بعناصر نجاح اخري ، وبخاصة ان الجيش المصري يواجه عدوا ذكيا ويلعب في محيط متسع عبر سيناء لتصدير نصر مزعوم يتم ترويجة ونقلة الى مناطق اخرى .

* خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ