المقالات -
هجمات سوني و الحرب الالكترونية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة

: 1506
السبت,20 ديسمبر 2014 - 09:53 ص
د.عادل عبد الصادق

حلقة اخرى من حلقات الصراع الناعم بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة ، وبخاصة في محاولة لاستثمار القدرات التكنولوجية لديها ، وبخاصة بعد دورها في انتهاء عصر القوة المطلقة ، ولم تكن حادث اختراق شركة سوني هو الاول من نوعه ،ولكن مثلت القضية الاخيرة مجالا للتراشق الاعلامي بين البلدين في محاولة لتحريك المياة الراكدة بين البلدين ،واكتسبت قضية اختراق شركة سوني اهتماما امريكيا غير مسبوق والتي وصفتها بانها تمثل تهديد للامن القومي

  وجاء ذلك بعد تعرض شركة سوني للقرصنه ممن ينتمون بشكل مباشر او غير مباشر لكوريا الشمالية استمرت لمدة ثلاثة اسابيع منذ انطلاق الهجمات في 28 نوفمبر الماضي ،واطلق القراصنه على انفسهم ،
"حراس السلام"،وكانت النتيجة تمت سرقة ملايين الملفات والوثائق السرية ، افلام جديدة، مشاريع مستقبلية لم يكشف عنها، رسائل بريد إلكترونية، معلومات الموظفين والمدراء والنجوم الخاصة تضم عناوين سكن وأرقام حسابات بنوك. وتم الشروع في تسريبها على الانترنت، والكشف عن تسريبات فاضحة بين رئيسة الاستوديو "ايمي باسكال" وزملائها من المنتجين. وكانت بعض هذه الحوارات تحفل بالعنصرية، وتم تسريب معلومات موظفي "سوني" الشخصية وخاصة أرقام حسابات بنوكهم وهو ما أثار الهلع بينهم، مما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي للتدخل الفوري واتخاذ إجراءات للحماية. ولكن المخترقين استمروا بتهديدهم .

وهو الامر الذي دفع شركة سوني لالغاء عرض فيلم "المقابلة " تحت تلك الضغوط ،والذي اعتبر مسيئا لكوريا الشمالية وهو ما اقدمت علية ايضا شركة هيوليود الامريكية ،ومن جانبه اعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما،عن نيه  بلاده في الرد على الهجوم المعلوماتي الكوري الشمالي المتعلق بفيلم "المقابلة" الساخر الذي أنتجته شركة "سوني" ،وهو يتناول خطة لـ"سي آي إيه" لاغتيال رئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون. وقال الرئيس اوباما "سنرد بشكل مناسب وسنرد في الوقت والطريقة اللذين نختارهما"
.واعتبر الرئيس الامريكي ان ذلك يعبر عن تصرفات النظام الشمولي في كوريا الشمالية وتابع قائلا "لا يمكننا أن نسمح لديكتاتور في مكان ما أن يبدأ بفرض الرقابة هنا في الولايات المتحدة"، معتبرًا أن "سوني" ارتكبت خطأ بإلغاء عرض الفيلم في دور السينما بعد عملية القرصنة.
 وهو الامر الذي دفع  الولايات المتحدة الى اعتبار عملية القرصنة التي تعرضت لها شركة سوني بانها تمس الامن القومي ، الا انها لا تملك الدليل على اتهام مباشر لكوريا الشمالية وسبق أن وصفت كوريا الشمالية الفيلم بأنه بمثابة حركة عدائية "ورعاية مقنعة للإرهاب"، وطالبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بحظره،
ويأتي ذلك في ظل  حالة التوتر الاعلامي بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة والذي ظهر في السنة الاخيرة وبخاصة على ساحة الاعلام والسينما والانترنت حيث  لجوء كلا الدولتين الى الاعلام في محاولة للتاثير على اي منهما فقبل شهور  بثت كوريا الشمالية مقطع فيديو يصور قيام كوريا الشمالية باحتلال الولايات المتحدة .  و انتشر في الصحف في الفترة الاخيرة خبر  "زعيم كوريا الشمالية يأمر قواته بالاستعداد لتوجيه ضربة لأميركا".وهو ما يعكس سينايور ما حدث في احداث هجمات 11 سبتمبر كاول هجوم خارجي على ارض الولايات المتحدة ،فيلمين جديدين من هوليوود وهما Olympus has fallen (سقوط اوليمبوس- بدلالة على جبل اوليمبوس الذي تقطنه الآله الاغريقية في الميثولوجيا- تشبيه يدل على عظمة اميركا والبيت الابيض)Sony Pictures, hacked by Guardians of Peace (GOP) warning message
و الاخر
White house down (سقوط البيت الابيض) وقصة الفيلمين تدوران حول هجوم "ارهابي" كاسح يشن على البيت الابيض فيتم تدميره،وهناك فيلم باسم Red Dawn و يتحدث عن هجوم كوريا الشمالية على امريكا ويتحدث عن قيام كوريا الشمالية باحتلال أميركا و من ثم مجموعة من المراهقين السذج يقاومون جيشا كوريا بأكمله دون أي أثر للجيش الأميركي  ، وهو ما ياتي في اطار الحرب النفسية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في محاولة للتاثير على الرأي العام وهو ما قام برصدة
المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني تحت عنوان السينما تعلن الحرب بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة .من جهة أخرى تم توظيف الفيديوهات في الصراع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، فقد قامت الأولى بنشر شريط فيديو دعائيا جديدا يظهر فيه الكابيتول والبيت الأبيض في واشنطن يحترقان، وبُث الشريط الذي يستمر أربع دقائق بعنوان "عواصف نارية ستهبط على المقر العام للحزب"، على الموقع الرسمي على الإنترنت لنظام كوريا الشمالية الذي يبث الدعاية للإعلام الرسمي، وتظهر في المشهد الأول صور لمقاتلات وطائرات "بي 52" وحاملات طائرات أمريكية، ويُسمع صوت مقدمة وهي تقول: "ثانية بعد ثانية الحرب النووية تقترب".، ويُظهر الفيديو أيضا البيت الأبيض في مرمى النيران ثم مبنى الكابيتول وهو ينفجر، وأن هناك فرصا للتعرض اللامحدد للصواريخ الإستراتيجية.. وهددت كوريا الشمالية بشن ضربات وقائية ضد الولايات المتحدة بعد التصويت في الأمم المتحدة على عقوبات ضد نظام كوريا الشمالية الذي أجرى في فبراير 2013 ثالث تجربة نووية في تحد للقرارات الدولية، وبثت كوريا الشمالية مقطع فيديو يصور قيام كوريا الشمالية باحتلال الولايات المتحدة خاصة بعد إعلان "زعيم كوريا الشمالية استعداد قواته لتوجيه ضربة للولايات المتحدة" .وهناك العديد من الأفلام التي تنقل تصور كل طرف للآخر.

وهو ما يأتي في إطار الحرب النفسية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في محاولة للتأثير على الرأي العام العالمي ومحاولة لإقناعه بمشروعية هجوم أمريكي مرتقب على الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية، فطالما عكست السينما الأمريكية ما يحدث في دهاليس السياسة خاصة في هوليوود.السينما تعلن الحرب بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة   وعلى الرغم من عدم القدرة الفعلية على تحديد مصدر الهجوم فان الولايات المتحدة لا تملك القدرة على توجية اتهام مباشر لكوريا الشمالية ، وهو الامر الذي دفعها الى طلب مساعدة الصين وروسيا في الحد من تلك الهجمات ، وبخاصة مع معاناة الولايات المتحدة من هجمات الكترونية اخرى تتهم بها الصين بغرض التجسس .
وهو ما تنفية الصين من جانبها وبخاصة مع حالة الضعف التي تعاني منها الولايات المتحدة في مجال الدفاع الالكتروني وذلك على الرغم من انشائها في عام 2009 قيادة عسكرية للدفاع عبر الفضاء الالكتروني لحماية شبكاتها الداخلية من خطر الاختراق او التجسس ، الا ان حجم التهديدات على الرغم من انخفاضها الا انها اصبحت متصاعدة في حدتها ونوعيتها.

وهو الامر الذي يدفع الى ضرورة ايجاد تعاون دولي في مجال الامن الالكتروني ، وهو ما تحرص علية الولايات المتحدة لمواجهة القصور الامني لديها وبخاصة ان التفوق في مجال الاسلحة التقليدية وغير التقليدية اصبحت ليست كافية في الحرب الالكترونية ،وبخاصة مع انخفاض تكلفة شنها وسهولة تمكن دول اقل في القدرات العسكرية من احراز تقدم في امتلاك مقدرات الحرب الالكترونية وتأثيراتها على الاقتصاد وعلى الامن القومي للعديد من الدول، وقد اجرت الولايات المتحدة مباحثات مع الصين وروسيا حول امن الفضاء الالكتروني.Kim Jung-un, North Korea's supreme leader
،ويعكس تطور تلك القضية الى انتقال ساحة المواجهة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الى ساحة الانترنت مدشنة مرحلة اخرى من الصراع الالكتروني بين البلدين وذلك دون تورط ايا منهما بشكل رسمي وبخاصة ان انتشار المتعاطفيين مع كوريا الشمالية يمكن ان يكون لهم دور في تلك الهجمات دون ارتباط رسمي بالضرورة مع نظام كوريا الشمالية ،وهو الامر الذي يضعف امكانية السيطرة على تلك الهجمات ، ومن ناحية اخرى فان من قام بالهجوم كان بارعا في استخدام الانترنت والشبكات الاجتماعية وكوريا الشمالية ليست بارعه في استخدام مثل تلك الادوات ،وربما كانت المرة الاولى ان يكون هناك جهة تعلن مسئوليتها وهم "حراس السلام" وربما يكونوا يعملون بشكل منفصل عن كوريا الشمالية ،وربما كان ذلك دافعا الى طلب كوريا الشمالية فتح تحقيق مشترك حول شن تلك الهجمات،وذلك على الرغم من استخدام
  ادلة  ضد كوريا الشمالية من قبيل وجود اربع ملفات تحمل اللغه الكورية وان الهجمات جاءت على نحو اكثر عدوانية بعدم الاقتصار على اختراق شبكة ستوديو سوني بل بالعمل على محو البيانات ،وان مثل تلك الهجمات تم استخدامها من قبل في هجمات مماثله ضد كوريا الجنوبية والسعودية حيث تعرضت الاخيرة لهجمات مضاعفة عام 2012 بفيروس شومون ضد شركة ارامكو والذي تسبب في محو بيانات 30 الف كومبيوتر وتم توجية الاتهام الى ايران حيث محاولة الربط بينها وبين كوريا الشمالية،ومن ناحية اخرى فان  تلك الهجمات تأتي في ذكري اندلاع الحرب الكورية ، وعلى اية حالة فانه من المرجح ان تكون حركة "حراس السلام " لا ترتبط بشكل مباشر بالنظام الكوري الشمالي ،وانها تأتي مثل غيرها من حركات الاحتجاج الالكتروني ذات الطابع الدولي مثل حركة "انونموس او المجهولون ،ولكن تجدر الاشارة الى ان حالة التوتر في العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وجارتها الجنوبية توفر بيئة خصبة لمثل تلك الهجمات والتي تتطلب عملية وقفها معالجة اسباب التوتر على الارض .


* خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ