المقالات -
ذبح الرهائن المصريين ومواجهة داعش

: 2109
الاحد,15 فبراير 2015 - 10:04 ص
د.عادل عبد الصادق*

يهم الجماعه الارهابية في استخدامها للاعلام مدى انتشار حجم التاثير داخل الراي العام ، فهم يهتموا بمدى انتشار حجم التاثير ونشر الرعب والخوف اكثر من اهتمامهم باحداث اكبر عدد من القتل ، وكان اسامة بن لادن قد اقر استراتيجية القاعدة الاعلامية والمتمثلة بان 90% من المعركة المزعومة مع الغرب عبر الاعلام .

ذبح الرهائن المصريين ومواجهة داعش
اضغط للتكبير

وقد اهتم تنظيم داعش بعملية اخراج فيديوهاته واطلاق مؤسسات اعلامية تابعه له عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، وهو الامر الذي وصل بالتنظيم الى نشر اعلان  على مواقع جهادية تابعة له يطلب خبراء فى المونتاج والتصوير والإخراج بمرتب 7 آلاف دولار شهــرياً، وتشير التقديرات على ان عملية انتاج الفيديوهات التابعه لداعش يشرف عليها أكثر من 500  شخص أغلبهم من البرتغال وبريطانيا واليابان،و تابعيون للمؤسسات الإعلامية الرسمية لـتنظيم داعش وعبر منصاتها الاعلامية مثل مؤسسة الفرقان والحياة، والاعتصام بالاضافة الى جريدة دابق الناطقة بالانجليزية والتي تغطي نشاط التنظيم وتمجد اعمالة.

وفي هذا الاطار بثت قناه الحياة التابعه لتنظيم داعش فيديو ذبح الرهائن المصريين- 21 قبطيا -وهو ما يعد حادثا اجراميا بعد حادثة احراق الطيار الاردني حيا،وجاءت مقدمة الفيديوباسم القناه على النحو الذي يماثل بداية بث قناه الجزيرة في قطر "مياة يخرج منها الاسم"، حتى في شكل الخط المستخدم في كتابه قناه الحياة ، وقام شخص يتحدث الانجليزية بربط الفيديو بعدد من القضايا الاخرى مثل اسامة بن لادن وانتظارا وايذانا بالحرب الكبري والتي ينزل بها المسيح ، بالاضافة الى الادعاء في اخر الفيديو بانه انتقاما "لوفاء قطستنتين وكاميليا شحاته "، وهو ما يعكس اختلاط الرؤي وتداخل الدوافع ، وهو ما يشير الى عدم وجود رؤية واضحة لمنتجي الفيلم ، جاءت عملية تصوير الفيديو على نحو  فائق على نسق تصوير الافلام السينمائية والتي تعزز من استخدام الصورة والمؤثرات الصوتية ،والخلفية .وتم استخدام برامج للمونتاج والخدع البصرية وبخاصة في اللقطة التي يختفي المخطفين ثم يظهروا مرة اخرى ثم يتم استخدام حامل للكاميرا يتضح ذلك مع ابراز المشهد من اعلي .وظهر  في خلفية المتحدث
 بوضوح “نخلة” والتي ربما تؤدي الى معرفة مكان جريمة الذبح.
ويعكس طرق الاصطفاف والنزول المتدرج للضحايا جاثين بان هذا الفيديو كان قد تم اجراء "بروفة " للتنفيذ ، وبان الفيديو كان قد عد سلفا قبل بثة وبخاصة مع قيام بعض الحسابات المحسوبة على تنظيم داعش ببث صور للضحايا بلبساهم البرتقالي ،ويتضح من الصورة ان من تحدث باللغه الانجليزية كان قد شارك في عمليات للتنظيم في سوريا والعراق .وربما لبس المتحدث الساعه في يده اليسري امرا شاذا في فكر التنظيم وربما يعكس طريقة العجلة في تنفيذ حكم الاعدام بحق الضحايا او بكون المتحدث اعسرا اي يستخدم يده اليسري ،وبدا الخاطفين بزي موحد وبنية جسدية اكبر،وجاءت لغه المتحدث الانجليزية بطلاقة الا ان لكنته تكشف انه غير اوروبي او امريكي  يتجلى في نطقه لنهايات بعض الأصوات، التي لا ينطقها مواطنو "الغرب" بهذا الشكل، على سبيل المثال نطقه لبعض الكلمات التي كانت نهايتها "ING" وتكررت حوالي 3 مرات في الفيديو المذاع، فهو ينطقها كاملة في حين ينطقها الغرب بـ"غُنة" وليست كاملة، إلى جانب نطقه للكلمات التي تنهي بحرف الـ"R" والتي ينطقها واضحة أيضاً ولا ينطقها الأوربيون واضحة هكذا. وربما يكون من المقاتلين الاجانب الذين لهم اصول عربية والمنضمين للتنظيم ، وتشير هيئته بعدم وجود لحية له او حتى للخاطفين والذين اخفوا وجوهم بقناع ،ويلاحظ بالتركيز على شخص في نهاية الصف من قبل الكاميرا وهذا الشخص يحمل  حاجبين نامصتين وهو ما قد يشير الى حداثة الانتماء الى التنظيم او بكونه امراة ، 
وبدا الضحايا في الفيديو دون اي مقاومة الا انه من المتوقع ان من قاموا بانتاج الفيديو عملوا مونتاج له لحذف مشاهد المقاومة وبخاصة انه ظهر في الفيديو راسا يعلوها التراب بما يدل على مقاومته لمحاولة نحره ،ولكن الغالب ان التنظيم خدع الضحايا نتيجة تكرار مشهد الاعدام في اطار الاستعداد للتنفيذ النهائي.

وجاءت عملية تصوير الفيديو مشابه لعملية ذبح جنود سوريين على ايدي تنظيم داعش الارهابي ، واستخدام الاناشيد الدينية ، التي تعمل على بث الرعب والتهديد في نفوس من يشاهد تلك الفيديوهات ، وجاءت رسالة الفيديو تحت عنوان " رسالة موقعه بالدماء الى امة الصليب" ، ومترجمة باللغه الانجليزية والعربية ، وان عملية قتل الرهائن على البحر الغرض منها العمل على تضخيم الجريمة عبر تسريب دماء الضحايا الى مياة البحرالمتوسط ، وارسال رسالة الى الغرب مفادها بان الدماء تحاصر جنوب اوروبا.ومن جهة اخرى يأتي اختيار البحر كمحاولة من التنظيم على الانتقام من تغييب جسد اسامة بن لادن به بعد مقتلة ويردف قائلا"أقسمنا أن هذا البحر الذي غيبتم به جسد الشيخ أسامة بن لادن، أقسمنا بالله لنشوهه بدمائكم".
وقام تنظيم داعش عبر حساباته على توتير بالاعلان عن نشر الفيديو قبل اذاعته من اجل العمل على حشد وتمدد التاثير لرسالته ، وعبر موقع اليويتوب تم نشر اول فيديو للعملية على حساب "عمر الفاتحي "، وهو حساب يجمع عدد من المنتمين الى تنظيم داعش المتطرف ، وعلى اية حال فان تلك العملية تكشف حجم الانتقام والضعف ،ومحاولة تصدير الخطاب الطائفي الى مصر وجر مصر الى جبهات حربية مفتوحة .

 وكما هي العادة في استخدام المؤثرات الصوتية في اشرطة التنظمات المتطرفة ، بهدف التاثير الواسع على الجمهور ، وظهور الرسالة  العالمية للارهاب عبر استخدام اللغه الانجليزية وفي استخدام الكاميرات ومهارات التصوير الفائقة .‏وذلك من خلال العمل على توظيف الرسائل الاعلامية المتطرفة في تحقيق ثلاثة اهداف الاولى تتعلق بمرحلة التاثير الوجداني من خلال اثارة العاطفة والنعرة والغيرة الدينية وبحجة الدفاع عن القيم المقدسة ويتم استخدام نصوص دينية عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، المرحلة الثانية ، تتعلق بدور الشبكات الاجتماعية في نقل المعلومات والبيانات التي تعبر فقط عن  وجهة النظر للجماعات الجهادية وهو ما يؤثر في مرحلة لاحقة في تكوين وتشكيل الراي لدى الشباب المستخدم والتي تمهد له في اعتناق افكارها المتطرفة ، وتأتي المرحلة الثالثة وهي اخطر المراحل والتي تتعلق بالانتقال من مرحلة التاثير في الافكار الى المشاركة الفعلية والايجابية من جانبهم في التغيير بالقوة والعنف وهو ما يظهر في التغيير السلوكي.

 ويستهدف الفيديو ثلاثة أنماط من الجمهور‏:‏ الأول هو جمهور المؤيدين الحاليين والمحتملين وذلك عبر تقديم معلومات  وصور وفيدوهات حول انشطة التنظيم وسياساتها الداخلية وحلفائهاومنافسيها‏,‏ النمط الثاني ،من الجمهور هو الرأي العام خارج اطار الصراع  وهو الجمهور غير المتورط مباشرة فيا لصراع‏،ولكن لديه بعض المصالح في القضايا المطروحة‏.‏ من جانب آخر يضم هذا الجمهور المستهدف الصحفيين ووسائل الاعلام التي تستخدم مواقع هذه التنظيمات للحصول علي وجهات نظرها‏‏.‏ وأخيرا يتمثل النمط الثالث في الأعداء وتسعي مواقع هذه التنظيمات من استهدافهم الي إضعاف معنوياتهم من خلال توجيه التهديدات وتعزيز الشعور بالذنب ازاء تصرفات ودوافع العدو‏.

وتبقى اساليب المواجهة الاعلامية في العمل على التوعية بمخاطر نشر تلك الرسائل المتطرفة والتي تعمل على نشر التطرف بدلا من العمل على تحجيم قدرته على الانتشار والتاثير ، وذلك عبر قيام البعض بنشر تلك الفيدوهات على التواصل الاجتماعي ، وهو ما يكون له دور في نشر خطاب الكراهية وتحقيق اهداف المنظمات المتطرفة ، ومن جهة اخرى على الاعلام الرسمي وغير الرسمي التعمل بحيادية وشفافية مع الازمات  وان يعمل على نشر المعلومات التي يمتلكها بالفعل ، وان تعمل كافة مؤسسات الدولة على دعم فكر التسامح والتنمية الاقتصادية والثقافية للعمل على الحد من القدرة على نشر الفكر المتطرف فلاشك ان مواجهة التطرف على الارض جدير بعدم انتقالة الى التواصل الاجتماعي والانترنت ، ويعمل من ناحية على تعزيز الحصانة الذاتية لمنع نشر الفكر المتطرف ، ومن جهة اخرى ان  وعي المستخدم للتواصل الاجتماعي مهم بالحسابات سواء على الفيس بوك او توتير او اليويتوب التي تستخدم كمنصة لنشر الكراهية الدينية والارهاب من خلال ابلاغ ادارة الموقع بها من اجل العمل على حذفها ، وهناك دور كبير يقع على عاتق شركات التواصل الاجتماعي في العمل على عدم نشر فيديوهات الكراهية والعنف كما هو موجود في سياسة الخصوصية لتلك المواقع ، والتي تتحول الى شريك اعلامي استراتيجي للمنظمات الارهابية .  

 وبخاصة ان تاثيرات تلك الفيديوهات تمتد عبر الاجيال من خلال زيادة حجم تاثيرها على الاطفال والمراهقين والذين قد يكونوا صيدا ثمينا لتجنيدهم بافكار  تلك المنظمات المتطرفة.او بالتاثير نفسيا عليهم بما يحد من مشاركتهم الايجابية في الحياة .    

وتبقى اهمية العمل على الحد من تاثير شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت بشكل عام في تضخيم قوة تاثير تلك القوى المتطرفة لهو بداية العمل جديا لمنع انتشار افكارها وتمدد نفوذها ،بالاضافة الى اهمية الحل الامني والعسكري من خلال تفكيك القدرة على التعبئة وتدمير البنية التحتية للارهاب والعمل على تحميل الدول التي لا تقدم العون بانها تدعم بشكل مباشر للارهاب ،وتعزيز دور مجلس الامن الدولي وفق الفصل السابع من الميثاق وتشكيل قوة تدخل دولية لمحاربة تلك التنظيمات المتطرفة تكون نواتها من دول الجوار الليبي ، وعلى مصر نقل تلك المطالب في المؤتمر الدولي للارهاب المزمع عقدة في 19 من فبراير الجاري بالعاصمة الامريكية،والعمل على تركيز مصرعلى العمل العسكري النوعي الى جانب البعد المعلوماتي عبر تعزيز دور اجهزة جمع المعلومات والاستخبارات.والعمل من جهة اخرى على تعزيز التعاون بين مصر والقبائل الليبية ،وبخاصة ان مصر تدرك خطوره التدخل العسكري المباشر في ليبيا  كما حدث في عام 1977 وفتح جبهات خارجية وداخلية يكون هدفها في النهاية استنزاف قوة الدولة المصرية والعمل على افشالها اقتصاديا وسياسيا .وبخاصة ان اداء تلك التنظيمات المتطرفة العالي النوعية يكشف الدعم الذي تتلقاه من  قوى دولية معادية لمصر وللاستقرار الاقليمي .    

 * خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاسترتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ