المقالات -
شبكات التواصل الاجتماعي والشرطة المجتمعية

: 771
الاحد,24 مايو 2015 - 05:41 ص
د.عادل عبد الصادق*

لعبت شبكات التواصل الاجتماعي دورا في نمو الجريمة داخل المجتمع المصري وفي ظهور انماط جديده منها ، وفي نفس الوقت فقد اتاحت امكانية ان يمارس الجمهور او النشطاء الرقابة على اداء المؤسسات الامنية او القيام بالابلاغ عن الجرائم ورصدها والتفاعل بشأنها والضغط الشعبي لملاحقة المرتكبين للجرائم.

شبكات التواصل الاجتماعي والشرطة المجتمعية
اضغط للتكبير


لعبت شبكات التواصل الاجتماعي دورا في نمو الجريمة داخل المجتمع المصري وفي ظهور انماط جديده منها ، ولكن هذا لم يحول دون امكانية توظيفها في مكافحة الجريمة داخل المجتمع حيث لعبت في تحول المستخدمين الى محققين وضابطين للجريمة من خلال التصوير للجريمة عبر الهاتف المحمول ثم اطلاق الفيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، ثم يتم تغطية الحادثة كذلك عبر وسائل الاعلام التقليدية ، وتحولها الى مواضيع اساسية على القنوات الفضائية . وكان من ابرز ذلك قضية فيديو "سيب ايدي " وقضية "حرق لحية رجل مسن" وقضية  عبد الحميد شتا التي دفعت الخارجية المصرية للاعلان عن تفاصيل القضية بعد مرور 13 عاما ، وغيرها من القضايا التي يلعب بها الافراد او بالاحري مستخدمي التواصل الاجتماعي دور الضابط الاجتماعي وهو ما يساهم في مساعدة الشرطة في تقديم تفاصيل عن الجريمة ومكان وقوعها واطرافها وطبيعة القضية . وهو ما يساعد على ان يقوم الافراد بدور ايجابي في مكافحة الجريمة والارهاب داخل المجتمع ، ومن اجل تعزيز ذلك الدور يتطلب ان يكون لدي المواطنين الوعي الكافي باستخدام الموبيل في توثيق الجربمة وذلك على الرغم من عدم الاعتراف بذلك قانونا كدليلا جنائيا الا بأذن من السلطات القضائية ، وفي حالة السعودية على سبيل المثال تم اتهام المصور بالاشتراك في الجريمة الخاصة باقدامة على رصد قضية تحرش جنسي ، لانه اولا لم يمنعها وثانيا انه عرضها على الراي العام بما اثر على الحاق اضرار نفسية بالضحية فضلا عن صعوبة حذف الفيديو من على الانترنت مع انتشارة السريع وحفظة في الاجهزة .

وعلى الرغم من اهمية دور المواطنين او المستخدمين للشبكات الاجتماعية في مكافحة الجريمة الا انه توجد عده محاذير تواجه تفعيل ذلك الدور ، ولعل من اهمها ان عملية اطلاق الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يمكن ان يساعد مرتكبي الجريمة في التخفي او الهرب او تمويه الجريمة على النحو الذي يضر من سير التحقيقات ، ومن ناحية اخري ان عملية اطلاق الفيديوهات يمكن ان تلعب بها البعد الشخصي او تعمد الواقعه او محاولة تصفية حسابات شخصية او نشر معلومات مضلله ، ويمكن ان يكون ذلك مدخل لانتهاك الخصوصية لبعض الاشخاص ، وقد تثبت التحقيقات براءة  من يتم  اتهامهم او ظهورهم في الفيديو وهو ما يكون من الصعب بعد ذلك في ازالة الاضرار المادية والنفسية للمتهمين .

ويدفع ذلك الى محاولة التوظيف الرشيد لدور الافراد في مكافحة الجريمة عن طريق تعزيز دور الافراد في التواصل مباشرة بينهم وبين الاجهزة الامنية والعمل على حفظ سير التحقيقات والادلة والتي تخدم في النهاية مكافحة الجريمة وتحمي استقلال القضاء وبخاصة ان تناول الاعلام  للقضية يعمل على الاضرار بها .    

ولا ينفي ذلك اهمية دور شبكات التواصل الاجتماعي في ممارسة دور الرقابة على اداء المؤسسات الامنية والقيام بتعزيز شرطة ذات طابع مجتمعي تستخدم ادوات غير تقليدية لمكافحة الجريمة والعنف داخل المجتمع ، وتعمل كذلك على النظر الى المواطن على انه شريك في صناعه السياسات الامنية وفي التصدي للجرائم التي اصبحت غير تقليدية من ناحية ومن ناحية اخري تزايدات في معدلاتها وتاثيراتها على الفرد والمجتمع .
ولعل ما يمكن ان يتم توظيف الشبكات الاجتماعية  في مجال التوعية بمخاطر الجريمة وكيفية التعاون مع المؤسسات الامنية للكشف عن الشبكات الاجرامية ، ويقوم كذلك المواطن عبر شبكات التواصل الاجتماعي بتقديم الوعي القانوني والثقافة القانونية التي تحمي المواطن من تجاوزات الشرطة ، ويمكن استخدام كذلك شبكات التواصل الاجتماعي بشن الحملات المكافحة للعنف داخل المجتمع.وكشف الفساد او الاهمال ودعم الحقوق والحريات وممارسة الدور الرقابي على السلطة التنفيذية فيما يتعلق بالسياسات العامة  . 
ان التحول في نظريات الامن القومي اصبحت تركز على دور الفرد اولا في الدفاع عن امنه الشخصي ثم قيامة بالمشاركة كذلك في دور الضابط الاجتماعي .وبخاصة مع امتلاك الفرد لادوات جديدة جعلت منه مصدر تهديد للامن الجمعي وفي نفس الوقت جعلت منه الفرصة لان يلعب دور في امن المجتمع ، وبخاصة في مكافحة الجريمة من خلال ما  يمكنه من استخدام الهواتف الكية او الشبكات الاجتماعية في  توثيق الجريمة ومعرفة اطرافها. بما يسهل على الاجهزة الامنية  القيام بالقبض على المتورطين .
وهذا الاستخدام لشبكات التواصل الاجتماعي يحتاج الى ترشيد من جانب الموطن للحيولة دون ان يعرضة للخطر او يعرض المجني عليهم الى المضايقات او ان يتسبب في تسريب  الادلة الجنائية .   
ان استخدام شبكات  التواصل الاجتماعي كاداة لرصد ورقابة حركة التفاعلات البشرية على اختلاف انواعها وبخاصة تلك التي تخرج عن المألوف او تضر او تصطدم بقيم المجموعه او المجتمع الاكبر ، يمثل فرصة ايجابية لتعزيز الثقافة الجماهيرية لمكافحة الجريمة وفي نفس الوقت العمل على تلافي اخطار تحولها الى ممارسة الحسبة بمفهومها القديم ، او ان تتحول الى وسيلة لتصفية حسابات  شخصية ، وبخاصة ان معالجة تلك القضايا تجعل منها على راس اجندة اهتمام وسائل الاعلام التقليدية والجديدة على الرغم من عدم تعبيرها بالضرورة عن اولية لدى الراي العام ، او عن قضايا او همومه بل يجد الراي العام مستغرقا في قضايا غاية في التفاهه ولكنها تحظى على اهتمام واسع من وسائل الاعلام بما يجعل الاخيرة منفصلة عن اهتمام الشارع الرئيس وقضاياه الملحة .

  *خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني

 


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ