الأخبار -
مصر: ليلة لـ «هاشتاغ» الديموقراطية ... وليال للمقاهي والشواطئ

: 287
الاثنين,25 يوليو 2016 - 05:48 ص
القاهرة - أمينة خيري

تركوا مقاهيهم، وهجروا شواطئهم، ونفضوا عن أنفسهم غبار شهور من الانعزال السياسي والترفع النقاشي والتوحد الكنبوي.

مصر: ليلة لـ «هاشتاغ» الديموقراطية ... وليال للمقاهي والشواطئ
اضغط للتكبير
وبعد ما ظن آباؤهم وأمهاتهم وأقاربهم إنهم ابتعدوا عن الساحة وتنزهوا عن المعارضة وتوقفوا عن المشاغبة، عادوا بكل قوتهم وانخرطوا انخراطاً كذلك الذي كان سائداً قبل خمس سنـوات. لكن الانخراط لم يستمر والعودة إلى ساحة الاهتمام لم تمتـد لأكثر من 12 ساعة انتهت بردة عنيـفة وعودة كبيسة إلى المقاهي والشواطئ والكنبات. ما أن انتشرت أخبار الانقلاب العسكري في تركيا قبل أيام على شاشات التلفزيون ومنها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أبلغ الصاحي النائم، وأخبر المطلع المستتر، وقضى الشباب المصري ليلة من ألف ليلة وليلة. لكن ما أن جاء الصباح حتى انفض الانقلاب، وعادت الحكومة الشرعية في تركيا لحكم البلاد، بعد ما نزل أنصار الرئيس أردوغان إلى الشارع استجابة لدعوته. وما هي إلا دقائق معدودة نعم فيها الشباب بالإفراط في الإعجاب، والإغراق في الاستحسان، والانغماس في عقد المقارنات حيث الديموقراطية الجميلة هناك والقمعية الرهيبة هنا. وبين هنا وهناك، وبين ليلة وضحاها، سكتت الأصوات وخفتت الاستحسانات التي كاد بعضها يصل إلى درجة الغزل الصريح للديموقراطية كما ينبغي أن تكون، وعادوا أدراجهم من حيث أتوا. البعض عاد دون حس أو خبر مفضلاً استعادة الانزواء واسترجاع الانعزال رافعين راية «من خرج من داره قل مقداره». آخرون عادوا أيضاً ولكن بعد التعبير عن الصدمة والدخول في اكتئاب وإعلان كوكب الأرض منطقة موبوءة مليئة بعشق الهيمنة وإدمان السيطرة وبسط السلطنة. حفلت الليلة بنشاط عنكبوتي غير مسبوق. فالغالبية من الشباب المصري وجد نفسه مهتماً ومتابعاً لأحداث في تركيا تشابهت مع اهتمامهم السابق بالأحداث الثورية في مصر، لكنهم هذه المرة كانوا متابعين عن بعد. تفرغ الجميع لـ «فايسبوك» و»تويتر» ومتابعة المواقع الخبرية المختلفة من شتى أرجاء المعمورة، وذلك لمتابعة الحدث الجلل في تركيا، ومن بعده الحدث العظيم حيث استعاد النظام المنتخب ديموقراطياً سلطته، ثم ما لبث أن توالت أخبار الاعتقالات والتوقيفات وصور الإهانات والتعريات، واتضحت ملامح الانتقام «غير الديموقراطي» جلية. كتب مصطفى على «فايسبوك» «اعتقدت بأن ما يحدث في تركيا انتصار للديموقراطية التي حاول الانقلاب أن يجهضها، فإذ برد الفعل قتل وخنق ووضع كلمة النهاية أمامها. سأعود إلى نومي الذي قطعته ولا أريد أن يوقظني أحد». «استيقظت على الفاضي» كتبت أسماء وردة. «البيت كله سهر أمام شاشة التلفزيون يتابع الأحداث وكان هناك الكثير من الهرج والمرج. البعض كان سعيداً للانقلاب لشعور الكثيرين بأن تركيا تتدخل في شؤون مصر وتقحم نفسها في اختيارات المصريين المناهضة للإخوان، والبعض الآخر كان حزيناً لأن تركيا تمثل نموذجاً شرق أوسطياً غير معهود في الديموقراطية، وأنا منهم. وحين بدأت بوادر فشل الانقلاب تلوح في الأفق، سعدت وعاد إلي تفاؤلي وأملي لكنهما عادا وتبخرا بمتابعة الإجراءات القمعية التي تجري على الأرض. لا أريد أن أتابع سياسة بعد الآن. الكوكب كله موبوء». وبين وباء الكوكب ونقائه هوة عميقة وفجوة سحيقة ربما لا يزيد اتساعها عن بضعة ملليمترات تفصل بين تدوينة وأخرى، أو تغريدة والرد عليها. فالتغريدة التي كتبها أحدهم معبراً فيها عن فرحته الأولية بفشل الانقلاب ثم صدمته التالية لسطوة القمع نتج منها رد ناري من صديق له أعاد أصابع «رابعة» الأردوغانية الأربعة لصورة الـ «بروفايل» بعد ما يزيد على عام من تغييرها. «تسحق وتعتقل وتقتل وأنت خائن ومنقلب، تبقى صاحبي وحبيبي وكفاية. لكن تعاقب الخونة وتحمي نفسك وشعبك وأرضك وإسلامك، تبقى سفاح وفالت وديكتاتور». وتتوالى الـ «ريتويت» والـ «لايك» من جانب شباب وشابات ينتمون أو يتعاطفون أو يتفقون وفكر الإسلام السياسي بدرجاته، كما يتضح من تغريداتهم السابقة. لكن أيضاً توالت التعليقات المعارضة والمنددة بقبول فكرة القمع والاعتقال والإقصاء سواء هنا أو هناك، وأخرى رافضة لمجرد فكرة المقارنة بين مصر وتركيا، حيث «مشاهد إذلال الجيش التركي تسعد قلوب الإخوان سواء هنا أو هناك أو في أي مكان، لكن في مصر مشهد كذلك من شأنه أن يقلب الدنيا رأساً على عقب». «العاقبة عندنا في الانقلابات» كتبت إحداهن على متن «فايسبوك» مع صورة من صور التنكيل بأفراد من الجيش التركي، وهي التدوينة التي أدت إلى موجة امتعاض وانتقاد ورفض من جانب أصدقاء لها، لكن أيضاً جذبت «لايك» وتمنيات بعودة الشرعية المتمثلة في الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي. وعلى رغم إعادة ظهور الأيدويولجيات المتناحرة والانتماءات المتفاوتة بين شباب مصريين بفعل الأحداث في تركيا، حيث الثوريون والإخوان يجدون أنفسهم في مسار واحد في البداية رافض للانقلاب متوجس من الآثار، إلا أن الفئة الأولى توجست لأنها تدعم الحكم المدني وتحترم الخيار الديموقراطي، أما الثانية فتوجست لأنها تدعم الحكم المدني في ظاهره الديني في باطنه وتحترم الخيار الديموقراطي إن كان مطابقاً لانتماءاتها. ووقع الفراق بينهما في المشهد التركي - مثلما وقع بينهما في المشهد المصري المحلي - حين مال الإخوان للقمع الصادر منهم والانتهاك المرتكب من جانبهم باعتباره دفاعاً شرعياً وحماية لا بد منها للديموقراطية. وبعد يومين من الصخب والجدل والصدمة واللطمة والفرحة والخيبة حفلت بها منصات التواصل الاجتماعي بين شباب مصريين من شتى الانتماءات، هدأت الأجواء، وانصرفت الغالبية عائدة من حيث أتت، حيث فريق كبير يرى في تقويم السياسة وإعلاء الحرية وترجيح كفة الديموقراطية مضيعة للوقت وخيالاً في الجو، وآخر يرى في ما يجري نصراً مبيناً وفتحاً عظيماً يعطي الأمل في عودة الشرعية والشريعة. البيان الأحدث لـ «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» (أحد الأذرع الإعلامية لجماعة الإخوان والميتة سريرياً منذ أشهر) دعا قواعد الجماعة من الشباب إلى «التحرك الآن، فالأجواء مهئية. ولسنا أقل من الشعب التركي. تجاوزوا يا كل الأحرار الخلافات، وأعيدوا الحشد للقاهرة مرة أخرى، وليتابع العالم حراككم المؤثر من جديـد من أجل اسـتـعادة ثورة يناير ووقتها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقبلون» وتم تذييل البيان بـ «حمى الله مصر وتركيا»، لكن الجانب الأكبر من التلعيقات دعا التحالف والقواعد إلى العودة للفراش والتغطية جداً. ولولا قرار جماعي بالانسحاب الشبابي لتأججت الصفحة خلافاً وشتماً، لكن الغالبية عادت من حيث أتت، وإن تراوحت أسباب العودة.

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • مكافحة الاحتكار اليابانية تأمر «غوغل» بإصلاح «قواعد الإعلانات»
  • السعودية ضمن أوائل دول العالم في تطوير استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي
  • مشروع تايواني يفتح فصلا جديدا في صناعة الرقائق الأميركية
  • شركة تينسيت الصينية تجني 2.6 مليار دولار
  • الذكاء الاصطناعي يساعد شركات التأمين على رصد عمليات الاحتيال
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ