وتفشي البيروقراطية، والجمود والتعقيد في مفاصل الجهاز الإداري، اتجهت غالبية الدول إلى تبني مدخل الحكومة الإلكترونية كأحد أهم المداخل الحديثة في الإصلاح الإداري؛ حيث يعتمد توظيف تقنيات المعلومات والاتصالات للتمكن من الإيصال الميسر والسريع للخدمة العمومية للمواطنين. وبالتالي فالحكومة الالكترونية هي فكر متطور يعيد صياغة المؤسسات بشكل جديد يتحول فيه المستفيد من متلق للخدمة إلى مشارك في صنع القرار.
جدير بالذكر أن تطور الحكومة الالكترونية بدأ على مستوى العالم في أواخر 1995 ، فقد طبقتها هيئة البريد الالكتروني على إدارتها في فلوريدا، كما تعد البرازيل أول دولة تعتمد نظام التصريح الضريبي عبر الإنترنت عام 1999 ، غير أن الميلاد الرسمي والسياسي لهذا المفهوم كان في مؤتمر نابولي بإيطاليا في مارس 2001 ، أما في الوطن العربي فقد ظهرت في 2001 في مصر، والأردن، ودبي، وسوريا، لتتبناها فيما بعد بقية الدول(1).
إن توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يجعل الخدمات الحكومية أكثر فعالية ويجعل الاستجابة لمطالب المواطنين أكثر يسرا، وسرعة، ومرونة، ويتم تقديم الخدمات عبر بوابة الحكومة الالكترونية باستبدال الأساليب التقليدية البيروقراطية في الأداء بأساليب أكثر ديناميكية وفعالية، فمدخل الحكومة الالكترونية
يشير إلى العمليات، والهياكل التي تتفق مع إمداد الخدمات الالكترونية للمواطنين، ومؤسسات الأعمال على حد سواء بشفافية، وبكفاءة.
كما أن مقتضيات الإصلاح الإداري يلزم المؤسسات الحكومية بنمط الشفافية والوضوح في منهج عملها، وان تتيح جدية وصول المعلومات عما تقوم به من أعمال للمواطنين وليس فقط استجابة لطلباتهم بل بمبادرات منها. ومن ثم تحقق التفاعل والتواصل بين أجهزة الحكومة ومتلقي الخدمة، وكذا بينها وبين مختلف المؤسسات، وبين المصالح الحكومية الداخلية نفسها عبر التواصل الكترونيا لأجل تيسير وتحسين الأداء الحكومي، مما يجعلها آلية فعالة تحدث تحولا جوهريا في ثقافة تنفيذ الخدمات والمعاملات الحكومية.
أولاً: المفهوم والأهداف.
تتعدد تعريفات الحكومة الإلكترونية، لتعدَد الأبعاد التقنية، والإدارية، والتجارية والاجتماعية التي تؤثر عليها. حيث توجد تعاريف وألفاظ كثيرة شائعة الاستخدام للحكومة الإلكترونية، مثل: الأعمال الإلكترونية، والإدارة الالكترونية، والحكومة الرقمية.
وتعرفها منظمة "التعاون والتنمية الاقتصادية"بأنها: " استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخصوصا الإنترنت للوصول إلى حكومات أفضل"(2). ومن ثم فهي إدارة بلا أوراق، وبلا مكان، وبلا زمان، وبلا تنظيمات جامدة.
إن مفهوم الحكومة الإلكترونية يشمل نموذجا جديدا من التعاملات الحكومية، وإعادة تعريف العلاقة بين الحكومة والمواطنين، ومساعدة الحكومة في تغيير طريقة عملها، وتوصيل خدماتها الحيوية للمواطنين، ويأتي التفكير في تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية E-government كخطوة جديدة للتفاعل مع معطيات القرن الجديد من حيث شمول كل مؤسسة من مؤسسات الدولة بنظام إلكتروني حديث، وربط هذه المؤسسات مع بعضها بشبكة إلكترونية موحدة.
وبالتالى لا يقتصر مفهوم الحكومة الإلكترونية علي إحداث تغييرات شكلية في أساليب تقديم المعاملات، والخدمات الحكومية، والمنافع العامة للمواطنين، بل في إعادة هندسة وهيكلة الأنشطة، والعمليات، والإجراءات الحكومية ذاتها تدعيما للتنمية والإصلاح الإداري والاقتصادي الذي تسعي لتحقيقه الحكومات المختلفة استناداً إلى مبادئ وأسس العدالة، والشفافية والمساءلة، والمشاركة في اتخاذ القرارات.
إن فلسفة الحكومة الإلكترونية ترتبط بالحكومة الفعلية الطبيعية كمصدر للمعلومات والخدمات، كما أن المواطنين، ومنشآت الأعمال، والمنظمات المختلفة المتواجدة في المجتمع تعامل كعملاء أو منتفعين يرغبون في الاستفادة من هذه المعلومات والخدمات الحكومية. ويمثل ذلك تغييرا جوهريا في ثقافة تنفيذ الخدمات، والمعاملات الحكومية، ونظرة المواطنين والأعمال تجاهها.
والهدف الاستراتيجي للحكومة الإلكترونية يتمثل في دعم وتبسيط الخدمات الحكومية لكل الأطراف المعنية: الحكومة، المواطنين، ومنشآت الأعمال. واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يساعد في ربط كل الأطراف الثلاثة معا وتدعيم الأنشطة والعمليات. أي أنه في الحكومة الإلكترونية تساند الوسائل الإلكترونية، وتسهم في تدعيم جودة الأعمال التي تقدمها للأطراف الثلاثة المعنية. وعلي ذلك، فإن أهداف الحكومة الإلكترونية تشبه إلي حد كبير أهداف الحكومة الجيدة.
وعلى الرغم من أن الحكومة الالكترونية ليست بديلا عن الحكومة التقليدية بيد أنها الأداة التي تكفل تحويل أنشطة الحكومة التقليدية بأساليبها البيروقراطية إلى خدمات تصل طالبيها دون الانتقال إلى الإدارات الحكومية، وبأسلوب يسير وسريع وفعال. وهي بهذا المعنى تساعد على توحيد المعلومات الحكومية، وترتيبها، وتنظيمها، مما يساهم في تحسين كفاءة المؤسسات والأجهزة الحكومية، واستغلال الموارد المتوفرة داخل الدولة بشكل أفضل.
وتتسم استراتيجيات الحكومة الإلكترونية بتحقيق عدة أهداف أهمها ما يلى(3): تقديم خدمات أفضل، وتحقيق كفاءة وعائد أكبر علي الاستثمار، وضمان النفاذ المريح لخدمات الحكومة ومعلوماتها، ، وتقديم بيانات دقيقة وفي الوقت المناسب حسب الحاجة تعمل على التوجه نحو تحقيق حاجات المجتمع وتوقعاته بطريقة مرضية عن طريق خفض التكلفة أو رفع الكفاءة والإنتاجية أو تحسين الخدمات المقدمة للمجتمع، والتكامل بين الخدمات ذات الصلة وبناء ثقة المستخدم، وزيادة اشتراك المواطنين في الخدمات.
مما يستوجب المسارعة إلى توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أداء الأجهزة الحكومية على غرار التجارب الناجحة في الدول المتقدمة، ولعل تسريع تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الإدارات، وتكريس التحول في الخدمات بتوفيرها بشكل تحولي لا وقتي، عبر بوابات مكرسة لذلك يحقق التفاعل الإيجابي، ويرفع مستوى تنافسية الإدارات ويحسن أداءها ، ويحقق التحول الإيجابي المأمول من خلال التوظيف الالكتروني في أداء الإدارة.
ومن ثم يؤدى التطبيق الالكتروني للخدمات إلى التفاعل والتواصل بين الحكومة والمواطنين، وهذا من شأنه القضاء التدريجي على الأمية الالكترونية، ومن ثم التضييق من سعة الفجوة الرقمية، إلى جانب تأهيل العاملين وتدريبهم ، وهذا من شأنه أن ينمي ملكة الإبداع والابتكار لديهم، أيضاً يرفع من مستوى دقة المعلومات لدى أجهزة الحكومة ويسهل تبادلها، ويضمن شفافيتها، ويتيح إمكانية المحاسبة، ويوفر الجهد والوقت والتكلفة، ويكفل تحسين جودة الخدمة، وبالتالي تعزيز ثقة المواطن وتحفيزه على الاشتراك في هذه الخدمات.
ويقتضي التحول إلى الحكومة الالكترونية رفع مستوى تنافسية الإدارة، والتوجه إلى تطوير إمكانات هذا التحول وأدواته وأساليبه ، بتوفير الأجهزة المختلفة اللازمة لذلك ، وإعداد القيادة الإدارية الفاعلة والكفؤة، ومكافحة الأمية الإلكترونية بربط المؤسسات التعليمية بالانترنت وإعداد المتعلمين للتعامل الالكتروني، على أن يتم التركيز ابتداء على الإدارات التي تقدم الخدمات بصفة مباشرة للمواطنين، بخلق شبكات داخلية تربط مختلف القطاعات والمصالح المكونة للجهاز الإداري التنفيذي ، وتصميم بوابات إلكترونية لكل الدوائر الوزارية، وبما يحقق التفاعل بين الإدارة والمتعاملين معها ، مع الحرص على خلق التكامل بين كل هذه القطاعات أفقيا وعموديا.
ثانياً: مراحل تطوير الحكومة الالكترونية.
تهدف الحكومة الإلكترونية إلى استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق التنمية والإصلاح الإداري. وتوجد مداخل مختلفة فيما يتصل بتطوير الحكومة الإلكترونية، منها المداخل الشمولية بعيدة المدى، ومداخل أخري ترتبط بعدد محدد من المجالات الأساسية والتركيز عليها كمشروعات تمهيدية. وفي كثير من الحالات، فإن الدول الأكثر نجاحا هي التي بدأت بمجالات محددة ضمن مراحل التطوير لبناء هيكل أساسي شامل للحكومة الإلكترونية.
وتتألف عملية تطوير وبناء مشروع الحكومة الإلكترونية من ثلاث مراحل أساسية لاتعتمد بعضها علي بعض، ولا توجد ضرورة أو حاجة لإنجاز مرحلة قبل أخرى. وتتمثل هذه المراحل فيما يلي (4):
- التوسع في نشر المعلومات الحكومية والوصول إليها عبر الويب.
ترتبط هذه المرحلة بالنشر باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتوسيع قاعدة الوصول للمعلومات والخدمات الحكومية، حيث يتدفق من أداء المصالح والدوائر الحكومية المختلفة والمتنوعة قدرا ضخما من المعلومات التي لها فائدة كبيرة لجمهور المستخدمين من المواطنين، ومنشآت الأعمال، والمنظمات المدنية الأخرى. وتساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المرتبطة بشبكة الإنترنت العالمية في مساعدة المستخدمين وتمكينهم من الاستفادة من هذا الكم الهائل المتدفق من المعلومات من خلال توفيرها وإتاحتها بسرعة وسهولة وفي الوقت الحقيقي لحدوثها. مما يؤدى إلى زيادة شفافية الإدارة، وتقديم خدمة أكثر جودة وبتكلفة أقل، وبإجراءات يسيرة وسريعة ومبسطة، مع اعتماد معلومات أصح وأدق، وتوفير آليات اتصال أفضل وأسرع ، وضمان ثقة المتعاملين لقاء الاستجابة لحاجاتهم ومتطلباتهم.
- توسيع المشاركة المدنية في تطوير الحكومة الإلكترونية.
إن توسيع مبدأ المشاركة المدنية والتوسع فيها يؤدي إلي بناء الثقة بالحكومة ومشروعاتها. وتتضمن الحكومة الإلكترونية وجود اتصالات ذات اتجاهين بدءً بالوظائف الأساسية كالاتصال عبر البريد الإلكتروني للاستفسار عن معلومات، أو الحصول علي نماذج واستمارات من الموظفين العموميين للتغذية العكسية المرتدة لتقديم الخدمات المستفسر عنها.
- توفير الخدمات الحكومية علي الخط المباشر.
مع تطور المواقع الالكترونية للحكومة، تزداد قناعة الموظفين والمواطنين بأهمية قيمة الشبكة المعلوماتية كقناة خدمية، مما يشجع المواطنين على إجراء المعاملات على الخط المباشر online بدلا من الذهاب إلى أماكن محددة لإنجاز أعمال ورقيه موفرة ساعات طويلة من متاعب الانتظار في طوابير مملة. وهناك العديد من قنوات تقديم الخدمة والتي تتضمن البوابات الحكومية government portals ، ومراكز الاتصال centers call. وتستخدم الشبكة المعلوماتية لإنجاز العديد من الأنشطة الكترونيا والخدمات المباشرة للجمهور - طيلة الــ24 ساعة من أماكن إقامتهم أو حتى أثناء تنقلهم - مثل: استلام طلبات الرخص والشهادات، ودفع الضرائب، وتسجيل العقارات، ودفع المخالفات المرورية، والغرامات والفواتير البريدية والكهرباء، ونشر القوانين واللوائح التنفيذية.
ثالثاً: تحديات تطبيق الحكومة الالكترونية.
على الرغم أن الحكومة الالكترونية ليست البديل الأوحد لتحقيق الإصلاح الإداري، إلا أنها الآلية التي توفر شفافية أكثر في التخطيط والتنفيذ ، وتخلص المواطن من قبضة النظام البيروقراطي، وتسهم في مكافحة الفساد، وتضع حدا للمحاباة والوساطة.
هناك من يعتقد أن ثمة مخاطر عديدة ناجمة عن تطبيقات الحكومة الالكترونية على الأيدي العاملة. بيد أنه اتضح من خلال التجارب العالمية أن تطبيق الحكومة الالكترونية لا يشكل خطراً على الأيدي العاملة بقدر ما يعمل على إعادة توزيعها، وهيكلتها، لأنها ستؤدي إلى إحداث تغييرات جذرية وجوهرية في المفهوم الإداري والفني للموظف العام، وفي عملية اختيار الموظفين وتعيينهم.
جدير بالذكر أن هناك مجموعة من العقبات التي تواجه تطبيق الحكومة الالكترونية ومن أبرزها(5): عدم مواكبة التشريعات والنظم الإدارية للمستجدات، وضعف الوعي العام بأهمية ومزايا تطبيقات الحكومة الالكترونية، وتواضع النظام التعليمي، وغياب وسائل التواصل ومحدودية الموارد والخبرات والمعلومات، والنقص في المهارات الضرورية لتقنية المعلومات والاتصالات، وتدنى مستوى الخصوصية وسرية المعلومات، وعدم كفاءة البنية التحتية للاتصالات والمعلومات، وعدم اقتناع الإدارات والمتعاملين بجدوى العملية، وغياب إطار عمل للتفاعل بين المتعاملين والمؤسسات الحكومية.
الأمر الذى يتطلب العمل الجاد في محاور عديدة؛ ترتبط بالبنية التحتية، والكوادر البشرية، بالإضافة إلى تطوير القوانين والتشريعات لخلق مناخ ملائم للاستثمار والأعمال في مجال تقنية الاتصالات والمعلومات، كما يساعد التفاعل وتبادل الخبرات على المستوى العالمي على تطوير بنية مجتمع المعلومات ويساهم ذلك في إطلاق صناعة مدنية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات.
رابعاً: مقومات التحول الناجح للحكومة الإلكترونية.
يضطلع الجهاز الإداري بتنفيذ خطط وسياسات الحكومة ، وفي ظل مساعي التطوير وتيسير وتحسين الخدمة وتسريع وصولها إلى طالبيها ، يتم التسريع باستكمال البنى الأساسية وإحداث تغييرات جوهرية وتحويلية في الأنشطة والعمليات، والتوجه إلى تطوير الخدمة الالكترونية بما يلبي حاجات المواطنين والمؤسسات والمصالح الإدارية ذات العلاقة ، والمبادرة بتقديم الخدمات التي اعتاد المواطن تلقيها الكترونيا بدلا من الوسائل التقليدية ، فتضمن له الوصول الملائم والسريع للخدمة طوال الوقت ، فتكفل وفرة الوقت والجهد ، فيما تعمل الحكومة ومن خلال هذه المبادرات إلى إعادة ثقة المواطن في الأجهزة الإدارية بتحسين الخدمة ، وتلبية احتياجات المواطن ، وحل مشكلاته، وبما يؤكد الإرادة الحقيقية في التغيير والعزم على إحداث التحول المستمر لا الظرفي ، وبالشكل الذي يجعل التوظيف الإلكتروني آلية لترشيد الخدمة وتقليص تكاليفها وأعبائها.
ويتطلب ذلك، ضرورة إعداد إستراتيجية متماسكة تشكل نقطة الارتكاز التي من خلالها يمكن الانطلاق نحو التطبيق الشامل للحكومة الإلكترونية، وتتفاوت هذه المتطلبات من مكان لآخر، نظراً لاختلاف الدول والشعوب والمجتمعات عن بعضها البعض وكذلك أولوياتها فلا يوجد نموذج موحد للحكومة الالكترونية، هذا بخلاف الدول التي تعاني من تأخر في بعض المجالات، والتي يتعين عليها بذل مزيد من الجهد لإيجاد هذه المتطلبات، وتتمثل تلك المقومات فيما يلى(6):
- الرؤية الإستراتيجية: يتطلب التحول نحو حكومة إلكترونية فعالة وكفء وجود رؤية ورسالة واضحة المعالم تتطابق مع التطورات الحديثة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. حيث يتم اختيار مشروعات الحكومة الإلكترونية على أساس تحقيقها أقصى عائد ممكن من الاستثمار أو الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية.
- إصلاح العملية الإدارية: يمثل الخطوة الأولى في إطار عملية التحول الناجح نحو إقامة الحكومة الإلكترونية. مما يتطلب قيادة سياسية وإدارية واعية وإجراءات تؤدي إلى إحداث تغييرات جذرية في أساليب وطرق العمل الإداري وخاصة في علاقاتها بالمواطنين ومؤسسات الأعمال.
- البنية التحتية المعلوماتية: وتتضمن تجهيزات الحاسب الآلي، والعنصر البشرى من مشغلين ومبرمجين، ومحللي نظم، ومهندسين إلى غير ذلك من التخصصات اللازمة لعمل وحدات تقنيات المعلومات. ولا تكتمل البنية التقنية إلا بتوفير الروابط الإلكترونية، من خلال أجهزة الاتصالات، والخدمات المساندة المتمثلة في مواقع شبكة الانترنت، والاهتمام بتحديد المواقع الحكومية والتجارية والسكنية.
- سد الفجوة الرقمية: توجد فجوة رقمية بين دول العالم المتقدم ودول العالم النامى، بل وبين المناطق المختلفة الريفية أو الصحراوية والحضرية في الدولة الواحدة. وتتمثل الفجوة الرقمية بين من يمتلكون الوصول لتكنولوجيا المعلومات وبين غير القادرين علي ذلك. ولسد هذه الفجوة الرقمية، يجب توجيه برامج الحكومة الإلكترونية نحو الفئات المنعزلة والمحرومة من الخدمات الحكومية؛ من خلال: أن تكون مشروعات وبرامج الحكومة الإلكترونية في متناول كل المواطنين ، والتركيز علي استخدام اللغة العربية، والمحتوي المفصل لاحتياجات المجتمعات المختلفة كل حسب رغباته وتطلعاته وميوله.
- إتاحة الخدمات من خلال بوابات مكرسة لذلك: بمعنى استراتيجية توفير الخدمات من خلال بوابات الحكومة الإلكترونية وإيجاد حلول للمشكلات والأمور الخاصة بالخصوصية ومشاركة البيانات من خلال تكنولوجيا البوابة Portal حيث يتطلب ذلك ضمان أعلى مستويات الأمن والجودة، بالإضافة إلي حماية الملكية، وتوفير الخدمة الحكومية بسهولة وكفاءة وفعالية.
- المحافظة علي خصوصية المعلومات والمعاملات الشخصية: يتنامي حجم ونطاق الخدمات الإلكترونية العامة، وبالتالى تتزايد وتتضخم قواعد البيانات. ومن ثم فإن إساءة استخدام البيانات الشخصية قد يفقد ثقة الجمهور بالحكومة الإلكترونية. وعلي ذلك يجب أن تلتزم مواقع الويب للحكومة الإلكترونية بحفظ وصيانة خصوصية وسرية بيانات المواطنين، من خلال:تدريب وتوعية الموظف العام حول أهمية المسائل والقضايا المتعلقة بالخصوصية والسرية الشخصية وتصميم وتطوير التطبيقات الإدارية التي تضمن وسائل الحماية لبيانات المواطنين.
- تدعيم شفافية المعلومات: إن مرحلة الانتقال بالأجهزة الحكومية من الإجراءات التقليدية المتبعة حالياً إلى تطبيقات الحكومية الإلكترونية يحتاج إلى إعداد موظفين وعاملين متقبلين لفكرة الحكومة الإلكترونية.إلى جانب إعطاء المواطنين الفرصة لمتابعة سير معاملاتهم وتعريفهم علي الخط بالإجراءات المتخذة خطوة بعد أخرى وفي الوقت الحقيقي.
- تهيئة الأنظمة والتشريعات. لابد من تحقيق الإصلاح التشريعي، بهدف إعطاء المشروعية للأعمال الإلكترونية الخاصة بالحكومة الإلكترونية، وتحقيق مبدأ الشفافية، وخصوصية وسرية المعلومات.
- التعاون مع المجتمع: تهدف الحكومة الإلكترونية إلى خدمة المواطنين ومؤسسات الأعمال وغيرها من منظمات المجتمع، لذلك يجب التعاون معها، ومشاركتها في بناء وإرساء علاقات متبادلة وتحالفات تعود بالنفع على المجتمع ككل. ولا يقتصر التعاون على العلاقة مع المواطنين ومؤسسات الأعمال ومنظمات المجتمع فحسب، وإنما يشمل أيضا علاقة المؤسسات الحكومية بإدارتها ووحداتها وتنظيماتها المتعددة، وعلاقة كل ذلك بمصالح والأجهزة الحكومية الأخرى على كافة المستويات المركزية والمحلية. كما يجب أن تتعاون مؤسسات القطاع الخاص مع الحكومة الإلكترونية بحيث لا يقتصر هذا التعاون على المعاملات الإلكترونية فحسب، بل يجب أن يتضمن أيضا تبادل الرؤى والأفكار والاستثمارات.
ويمكن بناء رؤية شاملة من خلال الاهتمامات العامة للمجتمع مثل:تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتحسين إنتاجية وكفاءة المؤسسات الحكومية، ودعم أولويات القطاعات الاقتصادية، وتقوية الجهاز الإداري، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية.
أن المفهوم العام للحكومة الإلكترونية يقتضي المزج الكامل بين إستراتيجية تنفيذ المهام والمسئوليات القائمة على الحكومة، وإستراتيجية تكنولوجيا المعلومات واتجاهاتها الحالية والمستقبلية عند وضع السياسات العامة للدولة، واتخاذ الأساليب الإلكترونية منهجا رئيسا لآليات تنفيذ تلك السياسات والإشراف عليها، وبهذا تتكون البنية الأساسية التي تتيح للمجتمع فرصة الانتقال إلى مزيد من التقدم بالاعتماد على الوسائل الرقمية الإلكترونية.
أيضاً يعتمد نجاح مدخل الحكومة الالكترونية على محورين؛ الأول: مدى جاهزية القطاعات الحكومية لتقديم الخدمات إلكترونياً، ويتأتى ذلك من خلال توفير البنية التحتية اللازمة لذلك من خلال تحديث قطاعات الدولة، وتدعيمها بأحدث ما توصلت إليه تقنيات الاتصالات والمعلومات للمساعدة في تقديم الخدمات الحكومية إلكترونياً، والثاني: نشر المعارف والخبرات في المجالات المرتبطة بتقديم الخدمات الحكومية إلكترونيا، وتعميق المفاهيم والخبرات التي تساعد مديري تقنية المعلومات في القطاعات الحكومية في تطبيق مفاهيم الحكومة الالكترونية وتطبيقاتها من جانب، والتوعية لتعريف المجتمع بمزايا التحول إلى المجتمع الرقمي وكيفية الاستفادة من الخدمات الالكترونية من جانب آخر.
وعلى الرغم من أن الحكومة الالكترونية هي إعادة صياغة طريقة عمل الحكومة وإدارة المعلومات وخدمة المواطنين غير أن النجاح في تطبيقها مرهوناً بتوافر الإرادة السياسية، ومن ثم توفير بيئة حاضنة تتشكل من مستلزماتها ، ومن الوعي بدورها في تحديث الإدارة ، كما أن للمناخ والثقافة السائدة في المجتمع دورا مهما في إنجاحها ، بالإضافة إلى قيم النزاهة والشفافية فإذا خلت الإدارة من هذه القيم فلا يكتب النجاح لأي من أساليب التحديث والإصلاح .
مصادر الدراسة.
(1) سعد غالب ياسين، الإدارة الالكترونية وافاق تطبيقاتها العربية، مركز البحوث، معهد الإدارة العامة ، المملكة العربية السعودية، 2005، ص 15.
(2) بدران عباس ، الحكومة الالكترونية من الإستراتيجية إلى التطبيق ، عمان: دار الفارس للنشر و التوزيع 2004، ص ص 10- 20.
(3)مهند بن ناصر العبود، الحكومة الالكترونية بين التخطيط و التنظيم، القاهرة: جامعة الدول العربية، 2003، ص ص 11- 13.
4) Bruno Lanvin,(2002). “The E_Government Hand Book for developing countries”. Center for democracy and Technology,p.p25-30.
5) Karen L., Jungwoo L.,(2001). “Developing fully functional E_Government: A four stage model”. Government information quarterly 18,122-136.
(6) محمد محمد الهادي، توجهات أمن وشفافية المعلومات في ظل الحكومة الإلكترونية، ورقة عمل مقدمة في المؤتمر العربي الثالث في تكنولوجيا المعلومات والتنمية الإدارية " شفافية وأمن المعلومات في ظل الحكومة الإلكترونية"، شرم الشيخ: 2-6 أكتوبر 2004.