التغييرات المناخية - التكنولوجيا الخضراء
التفكير المستنير والتكنولوجيا المتطورة لتشكيل مستقبل البناء والتشييد

: 434
الخميس,18 اغسطس 2022 - 12:31 م
جيف بينيت*
البيان

اليوم، يعيش 55% من سكان العالم، أي ما يقرب من 4.2 مليارات نسمة في المدن، ومن المتوقع أن تتضاعف سرعة التحضر وحجمه بحلول 2050، ما يعني أن 7 من كل 10 أشخاص سيقيمون في المدن، وبالتالي هناك طلب متسارع على تطوير مساكن ميسورة التكلفة، بالإضافة إلى البنية التحتية الأخرى التي تشمل أنظمة النقل المتصلة بشكل جيد وخدمات المرافق.

التفكير المستنير والتكنولوجيا المتطورة لتشكيل مستقبل البناء والتشييد
اضغط للتكبير


ووفقاً للتوقعات العالمية لقطاع البناء والتشييد، سيتم تنفيذ أكثر من 60% من أنشطة البناء حول العالم في الأسواق الناشئة بحلول 2025، وهو ارتفاع بنسبة 35% عن المعدل الحالي. كما سينمو حجم عمليات التشييد والإنشاء بأكثر من 70% ليصل إلى 15 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم بحلول العام نفسه، أي بمعدل توسع يبلغ 3.6% سنوياً بين عامي 2018 و2022. بالإضافة إلى ذلك، يجلب النمو السريع للتحضر مجموعة من التحديات الخاصة به، ولإنشاء مدن شاملة وصحية ومستدامة، يحتاج محترفو البناء إلى إيجاد منتجات وحلول مبتكرة للمساعدة في بناء مدن أفضل.

تلعب صناعة البناء والتشييد دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية للمنطقة. ففي عام 2018، تمّ منح مشاريع بقيمة 101.8 مليار دولار لشركات البناء والمقاولات في جميع أنحاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مقارنة بـ102.3 مليار دولار في 2019.

وقبل تفشي جائحة «كوفيد 19»، كان من المتوقع أن تشهد الصناعة نمواً مدفوعاً بالاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية وغيرها من المشاريع الكبرى في القطاعات الرئيسة، مثل: الضيافة والترفيه والتعليم والرعاية الصحية. يعكس النمو الضعيف الذي شهده القطاع الأثر الاقتصادي لعمليات الإغلاق الشاملة، إذ واجهت صناعة معدات البناء، التي تعتمد بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي والنشاط الاقتصادي، نفس العقبات والسلبيات الذي تعرضت لها غيرها من الصناعات أثناء فترة الجائحة.

ومن المتوقع أن يصل حجم سوق معدات البناء العالمي إلى 205.0 مليارات دولار بحلول 2025، وهو ارتفاع ملحوظ من حجم السوق في 2020 الذي بلغ 169.3 مليار دولار، أي بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 3.9%. كما من المتوقع أيضاً أن يؤدي عدد مشاريع البنية التحتية ومشاريع البناء الضخمة المتزايد إلى زيادة الطلب على معدات البناء خلال الفترة نفسها.

وتهدف التقنيات المتطورة الجديدة المستخدمة لتطوير آلات ومعدات البناء إلى بناء هياكل وآلات أكثر قوة وكفاءة إلى جانب جعل موقع البناء أكثر أماناً للمهنيين وزيادة الإنتاجية وتحسين التعاون وتنفيذ مشاريع أكثر تعقيداً.

وتُعتبر معدات وآليات البناء التي تعمل بالبطارية مثالاً على هذا التطور، فهي تساعد على تقليل الأضرار البيئية وتعمل على زيادة الكفاءة. ومن جهة أخرى، تُحدث حلول التحكم بالغبار والطين وكذلك الآلات التي يتم التحكم بها عن بُعد، التي تحافظ على سلامة وصحة الأفراد القائمين على تشغيلها ثورة في صناعة البناء وتقدم مزايا لا حصر لها للشركات ومتعامليها في جميع أنحاء العالم. ومع الواقع الجديد ما بعد «كوفيد 19»، بدأت الشركات تضع أولوية قصوى للبحث عن نماذج تقنية قوية تساعد في تخطيط وتنفيذ عمليات البناء مع مراعاة الحفاظ على صحة وسلامة موظفيها. من هذا المنظور، نرى أن معدات البناء تواجه واقعاً مختلفاً تماماً إذا حاولنا تصور الوضع الطبيعي التالي لهذه الصناعة.

فيما تعتمد مشاريع البناء التجارية والسكنية ومشاريع البنية التحتية بشكل كبير على المعدات، مثل القواطع والجرارات والحفارات والجرافات. لا زالت هذه الآلات تعمل حتى الآن وبصورة شبه حصرية على الديزل، مع إمكانية وصلها بتيار كهربائي، رغم المخاطر المترتبة على كابلات التمرير أو الكابلات المتنقلة، ناهيك عن الغبار والأتربة الناتج عن قطع وحفر وطحن وهدم الخرسانة والطوب ومواد البناء الصلبة الأخرى.

 

ويمكن أن يتسبب استنشاق غبار البناء وانبعاثات أو دخان الآلات بأضرار صحية جسيمة، بما في ذلك الأمراض الرئوية أو حتى الوفاة. علاوة على ذلك، للغبار أيضاً تأثير كبير على المعدات والأجهزة، ما يقلل بشكل كبير من عمرها التشغيلي. ولكن مع ظهور التكنولوجيا، ستعتمد المزيد من الشركات على المعدات الصديقة للبيئة التي تعمل بالبطاريات في مواقع البناء، مستفيدة من التطورات السريعة في تقنية بطاريات الـ«ليثيوم أيون» القوية وخفيفة الوزن. بينما تتميز الآلات التي تعمل بالبطاريات بأنها ليست أقل قوة أو إنتاجية مقارنةً بنموذج الديزل التقليدي، وبما أن استخدام هذه الآلات خالٍ من الانبعاثات المباشرة أو الدخان، فهي تمكّن الشركات من تحقيق ميزة تنافسية وتسليط الضوء على فاعلية ونجاح أساليب البناء المستدامة.

أما بالنسبة لجزيئات الغبار التي تظل عالقة في الهواء في مواقع البناء، فمن المهم دائماً استخدام طرق فعّالة وآمنة للتحكم بالغبار من المصدر ومنعه من الانتشار في الهواء. إذ تتجه صناعة البناء نحو استخدام معدات احترافية عالية الجودة للتحكم في الغبار، ومعدات الحماية القادرة على التقاط حتى أصغر جزيئات «السيليكا». وتم تجهيز هذه الآلات المدمجة وخفيفة الوزن إما بمحرك كهربائي واحد أو محرّكين أو ثلاث محركات كهربائية أحادية الطور قوية مع تبريد منفصل يمكّنها من العمل بشكل مستمر طوال يوم العمل، مما يجعلها مناسبة لجميع عمليات البناء والترميم، ومناسبة أيضاً للمعدات الكهربائية. فعلى سبيل المثال، يشتمل الخط (A) لمنتجات «هوسكفارنا» على أكثر أجهزة تنظيف الهواء المحمولة تقدماً وتنوعاً، بحيث تمتد من الآلة نفسها إلى أجهزة امتصاص الغبار، ما يساعد في تحقيق الامتثال الأفضل لقوانين السلامة العامة وضمان السلامة في مكان العمل بغض النظر عما إذا كان غبار الخرسانة أو غبار الصنفرة الناعم أو غبار الجبس.

كما تُشير الأبحاث إلى فوائد وميزات المعدات التي تعمل بالبطارية لصناعة البناء، بالإضافة إلى جدواها الاقتصادية. ففوائد استخدام معدات البناء التي تعمل على البطارية لا يمكن حصرها، ليس لأنها تعطي قدرة أفضل على المناورة ومرونة الاستخدام والأمان فحسب، بل لأن معدات البناء التي تعمل بالبطارية توفر الأدوات الذكية ذات الكفاءة والدقة والسرعة العالية للجميع في محيط العمل. ووفقاً لتقرير «منزل المستقبل» من «يوروسيل»، أفاد 49% من المستهلكين بأنهم أكثر ميلاً لشراء أو استئجار منزل صديق للبيئة، ما يضع الضغط على شركات البناء لتقليل الانبعاثات والتلوث، والعمل على بناء العالم الذي نريد العيش فيه بطريقة مستدامة.

وأخيراً، تعكس الابتكارات التي تتمتع بها هذه الصناعة قدراً كبيراً من التقدم والتطور. وفي المستقبل القريب، ستشهد الصناعة زيادة في الطلب على الآلات التي تعمل بالبطاريات لتعزيز مكانتها في السوق كحلٍ صديق للبيئة ومستدام اقتصادياً، خاصةً لمعدات البناء.

 

*مدير عام شركة «هوسكفارنا» للبناء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • هل ستسرع حرب الأسعار التحول إلى السيارات الكهربائية؟
  • أوروبا في حالة من الذعر من الاستثمار الأخضر .
  • النهوض بالزراعة الذكية مناخياً
  • قراءة في تحديات الطاقة الكهربائية العالمية
  • هل يمكن للبيانات ان تطلق استثمارات خضراء ضخمة جديدة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    التعاون الرقمى بين مصر وأوروبا
    عقدت فى 17 مارس الماضى القمة المصرية الأوروبية والتى خرجت بالإعلان عن حزمة من القروض والمساعدات والا

    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ