،ويساعد على ذلك الدمج بين المنصات الرقمية و تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي،والتي تعالج البيانات واللغة والصور والفيديوهات و النصوص و الفنون ،وانتاج مفردات ثقافية لا تستند على ابداع وتخيلات وخبرات الانسان بقدر ما هي الا عملية توافق للخوارزميات .ومن ثم القيام بمهام اعتاد البشر عليها وميزتهم عن باقي الكائنات على سطح الارض ،
واصبحت تواجه حقوق الإنسان في ظل صعود الذكاء الاصطناعي تحديات جديدة سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي او الثقافي ،وتتميز بانها غير مسبوقة في تاثيرها السليي وذلك مع طابعها العابر للحدود ،واحتكار قلة لتلك القدرات من الشركات ومن خلفها الدول ، على النحو الذي يزيد من الفجوة والتهميش والسيطرة واللامساواة .
وبدأت تتأثر حقوق مثل الحق في المعرفة والحق في الاتصال ، والحق في المساواة وحرية الراي والتعبير والخصوصية ، والملكية الفكرية ، والحق في العمل وغيرها ،عبر البيئة الرقمية ،والتي يتفاعل من خلالها المعلومات والافكار والاشخاص والذين قد يكونوا اما فاعليين رقميين او ما بين فاعل بشري وفاعل رقمي ،وهو ما ينتج عنه تفاعلات ثقافية ستؤثر في تكوين الاتجاهات والميول و المشاعر والقيم والافكار ، .
وما يزيد من خطورة استخدام تلك التطبيقات دورها في نشر المعلومات والاخبار المضلله و التزييف العميق بما يحمل معه مخاطر على الوعي والادراك في معركة الاستحواذ على العقول والقلوب.وبخاصة بين الاجيال الجديدة من فئات الشباب والمراهقيين ،والذين هم الاكثر ارتباطا وتأثرا وتفاعلا عبر المنصات الرقمية
ويتم توظيف الذكاء الاصطناعي كاسلحة في ساحات شن الحروب النفسية اوساحات الحروب الحديثة بما يحمل خطورة عدم التمييز بين المدنيين وغيرهم او المنشأت العسكرية او المدنية .
وتوظف الخوارزميات في التوجية القسري وخلق دوائر مغلقة و يتم تشكيل الراي العام وفق اجندة مسبقة ،واستبدال الفكر والحكم المستقلين للانسان بالسيطرة "الآلية" علية ، بما يحد من حرية الراي والتعبير ويؤدي الى اضمحلال الحريات الفردية .
فعندما تحاول التسجيل عبر الانترنت يطلب منك "البوت" ان تثبت له انك انسان قبل ان يسمح لك بالدخول ،وعند ادخال الروبوتات الى العمل والقيام بالوظائف يؤدي ذلك الى شعور الانسان بفقدان ذاته لانه ببساطة اصبحت الاله افضل منه وتعمل دون كلل او شكوى او أجر شهري ، ويحبها صاحب العمل ، ويتعرض العمال بذلك لخطر البطالة وفقدانهم للحق في العمل ،وعندما لا يستطيع الانسان التأقلم مع تلك الصدمة الوجودية لة يكون لها تاثيرات سلبيه على صحته النفسية والعقلية .
وتساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز القدرات في مجال المراقبة الجماعية مع القدرات الفائقة في معالجة وتحليل البيانات وسرعة وتحليل كاميرات المراقبة واجهزة التعرف على الوجه والتي تتم على نحو قسري ، وهو ما يعد انتهاك الخصوصية مع القدرات الفائقة في معالجة وتحليل البيانات
وهناك تحيز الخوارزميات التي تؤدي الى التمييز العنصري والعرقي والمنع من الحصول على الوظيفة او الخدمة أو اعادة قراءة التاريخ او الاثار على نحو يخدم افكار من يقف ورائها .و يتم انتهاك الخصوصية للانسان باستخدام صوته اوشكله أوانتاجه الفكرية واعادة تركيبة ونشره عبر الذكاء الاصطناعي ،ويتم ذلك ليس فقط للاحياء بل كذلك يتم استغلال صور الاموات واعادة تحريكها وتحويلهم الى شخصيات رقمية تفاعلية .
و تدشين الحسابات الوهمية بما يساعد على الجريمة الالكترونية ، وشن هجمات سيبرانية لسرقة البيانات الشخصية .و تصاعد التوظيف السياسي للذكاء الاصطناعي في الانتخابات بما يكون له تاثير بالغ على تقويض النظام السياسية وافساد القيم الديموقراطية ، وتوظيفه في حالة الصراع كفبركة الصور والفيدوهات للقادة السياسيين او العسكريين .
ويتطلب الحفاظ على حقوق الإنسان في العصر الرقمي ليس فقط جهدا وطنيا وحسب بل الى جهد ا اقليميا ودوليا باعتبار ان تهديدات حقوق الانسان الرقمية عابرة للحدود وتتطلب تعاونا دولا لترسيخها وحمايتها ،واهمية التعاون بين كافة اصحاب المصلحة في تعزيز الاستجابة العالمية لمواجهة تهديدات الذكاء الاصطناعي وتنظيم استخدامة وحوكمته دوليا.وتوظيفه كحق للجميع سواء من الدول النامية او المتقدمة وتحقيق التنمية المستدامة .
وتتسارع العديد من المنظمات الدولية للتوصل الى اتفاقيات لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي مثل الاتحاد الاوربي وحلف الناتو ومجموعه السبع الصناعية ، وهناك جهود من قبل الصين والولايات المتحدة . وتتعاون أكثر من 40 دولة مع اليونسكو لتطوير السياسات الوطنية للذكاء الاصطناعي والمتوقع ان يصدر تقرر اليونسكو خلال انعقاد منتدى اليونسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في سلوفينيا في ديسمبر 2023.
وقد نصت معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان على اعتبار كل من الشركات المنتجة والدول المستعملة لهذه الأنظمة غير المشروعة متواطئة في انتهاك حقوق الإنسان وعليها أن تتحمّل مسؤولياتها كاملة خاصة في الحالات المستهدَفة غير المشروعة على وجه الخصوص”.
و شدّدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على ضرورة وقف بيع واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تشكل خطرًا جسيمًا يهدّد حقوق الإنسان، إلى أن يتم اعتماد الضمانات الملائمة. وحظر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن استخدامها بما يتماشى والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتقر مبادئ الأمم المتحدة الارشادية بشان الأعمال التجارية وحقوق الإنسان على ضرورة وجود معيار عالمي ملزِم ويمكن تطبيقه بكل حزم عند تطوير الأنظمة الرقمية وسائر معاملاتها.
ويبقى الاسثمار في الانسان وبناء وعية ومهاراته هي الابقي لان يقود الاله وينظم استخدامها بدلا من ان تنظمه وتأطره هي بشكل يفقد هويته وانسانيته ، وهو ما يساعد في تشكيل مرونه مجتمعية مستدامة ضد المخاطر في الداخل والخارج،و المحافظة على إرادة الإنسان الحرة في العصر الرقمي.