المقالات - الترند .. «اقتصاد الانتباه» |
: 139 | |
|
السبت,19 اغسطس 2023 - 05:54 ص د. هيا إبراهيم الجوهر الاقتصادية قف في أول خط سير، احجب السيارات من خلفك، ثم انزل لتلتقط صورة
التصوير أمام سفارة بلدك في أي مكان تذهب إليه.
حول ألوان ملبسك ومشربك إلى اللون الوردي.
| اضغط للتكبير
|
طوابير تقف أمام بعض المحال لسيطرة نوع معين من الحلا الذي لم تكن تلقي له بالا في السابق.
وشاي لا يختلف عما تتناوله في البيت، وكوب قهوة يومي يقضي على رواتب الشباب، وكثير الذي لا حصر له من الترندات. رغم استنكار بعضنا له، إلا أن الفضول قد يدفعنا للسير مع القطيع، يشبه في ظاهره ما كنا نسميه في السابق "موضوع الساعة"، قبل أن يتحول إلى "ترند" أو "هبة" مع اجتياح وسائل التواصل الاجتماعي.
في السابق كان موضوع الساعة يمثل حدثا حقيقيا، أما اليوم فهو مجرد مهاترات وتصرفات مجنونة.
والسؤال البديهي هنا، ما سر قوة الترند وتأثيره في حياتنا؟ منذ ما يقارب الـ30 عاما، لاحظ جورج فرانك الفيلسوف والمعماري الألماني نوعا من التكافؤ بين علاقة المصارف بالمال وبين علاقة وسائل الإعلام بالانتباه، حيث يشكل تأثير الانتباه أحد أهم الانقلابات الاقتصادية في القرن الـ20، متصدرا جميع العوامل الأخرى المؤثرة اقتصاديا.
وكان أول من أثار الفكرة هو هربرت سيمون عالم النفس الاقتصادي قبل نحو نصف قرن، أي قبل وقت طويل من ظهور وسائل الإعلام، حيث يتنافس المعلنون على جذب انتباهنا، لقد أصبح "الانتباه أو جذب الانتباه" سلعة يتم تداولها في "السوق المعرفية" لوسائط التكنولوجيا الجديدة، ويرتبط بشكل وثيق مع الثورة الصناعية، التي أنتجت كميات كبيرة من السلع يجب بيعها، ما دفع إلى إعطاء أهمية كبرى لانتباه المستهلك، وهو ما ظهر بوضوح مع ازدهار مجال الإعلانات والتسويق في وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
وأسهم "الترند" في تعريف الخوارزميات بتفضيلاتنا وأحيانا اختلاقها، وبالتالي إدارة الإعلانات وتوجيهها بشكل شخصي يضمن إدامة استهلاكنا. رغم شعورنا بسلبيات ثقافة الترند وانتقادنا أحيانا للسيل الجارف الذي تمثله المشاركات المكثفة في موضوع أو قضية واحدة، إلا أننا في كثير من الأحيان نجد صعوبة في ثني أنفسنا عن التأثر بهذا التيار. فما السبب؟ يعزى ذلك إلى ما يعرف بـ"فومو"، وهو اختصار لعبارة "الخوف من تفويت شيء ما"، إنهم يثرون على حساب ثقافتنا ومبادئنا وجيوبنا، لذا كان لا بد من إثارة الانتباه لذلك المتسلل في وضح النهار ليقضي على ما تبقى لنا من سلطة للتحكم في أبنائنا وتوجيههم وإخبارهم أن السير عكس التيار ليس عيبا، بل قد يكون هو الطريق الصحيح.
|
|
|