المقالات -
غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير السياسة العالمية

: 335
الاربعاء,21 فبراير 2024 - 08:11 ص
د.عادل عبد الصادق
جريدة الاهرام 20 فبراير 2024

كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن طبيعة الفاعلين الجدد فى الرأى العام العالمى فى ظل البيئة الرقمية، وكان من أبرز ذلك صعود دور جيل زد فى حركة التفاعلات الدولية، وتعد حرب إسرائيل وغزة اول حرب حقيقية يتابعها، فلم يشهد حربا بتلك الكثافة النارية والتدميرية سوى فى الأفلام التاريخية أو الألعاب الإلكترونية.

 غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير السياسة العالمية
اضغط للتكبير
وشغلت قضية غزة الاهتمام العالمى، سواء فى المجال السيبرانى عبر نشر المحتوى وإطلاق الحملات ففى الشهر الأول للحرب حصد هاشتاج «الحرية لفلسطين» 31 مليار مشاركة، بينما حصل «دعم إسرائيل» 590 مليونا فقط
.وفى المجال المادى وصل عدد المظاهرات ما يقرب من 4200 فى 100 دولة، كان منها مؤيد للفلسطينيين 3700 بما يقارب 90% بينما وصلت المظاهرات المؤيدة لإسرائيل إلى520.
وكان جزء من محرك حالة التضامن العالمى تلك كان جيل زد الذى يشكل 26% من سكان العالم وبما يعادل 2,47 مليار نسمة، وعلاقته من جهة أخرى مع الذين يزيد أعمارهم على 15 عاما الذين يشكلون 38% وما بين 25 و44 عاما بما يمثل 29% من سكان العالم.
ويعد جيل زد اكبر مجموعة تمتلك خصائص متقاربة ويمتلك 98% منهم هاتفا ذكيا فيقضون يوميا أكثر من 8 ساعات عبر الإنترنت، وتحظى الشبكات الاجتماعية بشعبية كبيرة بينهم خاصة منصات الصورة والفيديو القصير مع توافر المؤثرات الرقمية التى تجعله أكثر جذبا للمتابعين، لذا فإن %60 منهم يستخدمون تطبيق تيك توك منهم 285,9 مليون فى أوروبا والولايات المتحدة والذى يحظى بشعبية بين عمر 16 و24 عاما.
وبدأوا بالانتقال إلى دائرة الضوء للتعبير عن موقفهم وقدرتهم على التأثير والوصول لمصادر المعرفة المتجددة، ومهارات التعبير عن الرأى والحشد والتعبئة واستخدام الصور والفيديوهات القصيرة سواء من قلب المعركة للكشف عن المعاناة أو بالتحليل لما يحدث أو عبر مشاركة الوثائق والصور التاريخية عن الصراع، وأسهمت تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى سهولة صياغة المحتوى والترجمة الآلية للفيديوهات والنصوص بما يوسع من دائرة الانتشار والتأثير.
وكما كشفت استطلاعات رأى مختلفة عن غلبة الاتجاهات الايجابية تجاه الفلسطينيين لدى جيل زد مقارنة بالأجيال التى تكبره أو بركائز السياسة الخارجية للدول الغربية. أو عن التوجه التقليدى للمواطن الأمريكى الذى لا يهتم كثيرا بقضايا السياسة الخارجية.
وكشفت «بيو» ان 46% من دون 30 عاما لا يوافقون على سياسة بايدن تجاه الصراع،بينما كانت أقل سلبية فى الفئات العمرية الأكبر. وكشفت دراسة لمركز هارفارد للسياسيين الأمريكيين عن تاييد 51% من المشاركين لنهاية إسرائيل، وإعطاء الأرض لحماس وللفلسطينيين، بينما وصلت إلى 31% فى الفئة ما بين 25-34 عاما.
وعلى الرغم من ان 70% من الشباب اعتبروا ان 7 أكتوبر كان هجوما إرهابيا فإن 60% منهم اعتقدوا أن الهجوم يمكن تبريره بمظالم الفلسطينيين، و57% من جيل زد عبر عن دعمهم إنهاء فوريا للعدوان الإسرائيلى، فى حين أظهرت الفئات العمرية الأخرى المزيد من الانقسام فى الرأى، وأيد 17% فقط عن جيل زد لخطة إجبار العرب على استيعاب الفلسطينيين وهى تأتى مع معارضة باقى الفئات الأخرى فوصلت إلى 20% بين 25 و34 عاما، و19% بين الفئة 25 و45 عاما.
وأيد %40 فقط من جيل زد المزاعم بان إسرائيل تدافع عن النفس. واعتبر 60% منهم ما تفعله إسرائيل فى غزة إبادة جماعية، بينما وصلت بين الفئة العمرية 25 و34 نسبة 56%، وبين الفئة 35 و44 عاما وصلت إلى 45%. وفيما يتعلق بالموقف من حل الدولتين كان هناك تأييد منخفض لدى جيل زد بنسبة 32%، بينما ارتفع التأييد فى الفئات العمرية الأكبر سنا فوصلت إلى 49% فى الفئة 25 و34 عاما و60% بين الفئة 45 و54 عاما.
ويكشف ذلك ان جيل زد أقل دعما من الفئات العمرية الأخرى لقيام الولايات المتحدة بتقديم المساعدات لإسرائيل خلال الحرب. ولم يكن مجتمع المؤيدين فقط من المسلمين أو السود بل كانوا من مختلف العرقيات، وشارك جيل زد من اليهود فى التظاهرات المؤيدة لفلسطين تحت شعار: ليس باسمنا.
وشكلت تلك التوجهات الجديدة لدى جيل زد صدمة لدى الأوساط الغربية واللوبى اليهودى النافذ، وبالرغم من محاولات القمع، سواء من قبل بعض منصات التواصل الاجتماعى، أو من قبل الحكومات، والتى تراجع جزء كبير منها مع تصاعد الضغط الشعبى، وفشل إسرائيل فى تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وحالة التغطية المباشرة لمجريات الإبادة فى قطاع غزة.
وشهد الغرب أكبر المظاهرات المساندة للفلسطينيين، ويرجع ذلك الحراك لتميز جيل زد بأنه ترعرع فى ظل الثورة الرقمية وشكلته ثقافيا وإنسانيا ومكنته من تحطيم الصور الذهنية النمطية ومشاركتها بين الأجيال الأكبر سنا، والتحرر من سيطرة جماعات الضغط والايديولوجيا على وسائل الإعلام الغربية، وتحول لمواطن رقمى يمتلك رؤية نقدية مختلفة للعالم، لأنه هو الأكثر اتصالا به مقارنة بالأجيال السابقة. والتى ترتكز على التعددية والإنسانية ومناهضة الامبريالية ودعم حركات التحرر، ومكافحة التطرف والعنصرية، والتفريق بين الصهيونية كحركة سياسية وبين معاداة السامية.
وتاريخيا لعبت الحركات الطلابية دورا فى مكافحة الاستعمار وإسقاط دول الفصل العنصرى، ولكنها أصبحت الآن تمتلك قوة إضافية فى العصر الرقمى تمكنها من إحداث تغيير فى مستقبل السياسة الدولية

Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • التعاون الرقمى بين مصر وأوروبا
  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • فيسبوك
    تعليقات


    التعاون الرقمى بين مصر وأوروبا
    عقدت فى 17 مارس الماضى القمة المصرية الأوروبية والتى خرجت بالإعلان عن حزمة من القروض والمساعدات والا

    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ